عرض مشاركة واحدة
قديم 27-01-2009, 02:04 PM   رقم المشاركة : 87
!!! الرومـ ^_* ـانسي !!!
Band
 
الصورة الرمزية !!! الرومـ ^_* ـانسي !!!
 






!!! الرومـ ^_* ـانسي !!! غير متصل

ربما كان سؤاله عاديا

أو ربما استهانة بي ! فهل أنا طفلة صغيرة لا أعر ف الطرق ؟؟


قلت :

" نعم ! طبعا "

ثم نظرت إلى أمي أحاول قراءة رأيها من عينيها ...


أمي بدت مترددة ... لكنها قالت بعد ذلك موجهة كلامها لي أنا:


" ما رأيك رغد ؟؟ "


أنا أقرر قبل أن أفكر في أحيان ليست بالقليلة ! قلت :


" حسنا "


و وقفت و سحبت حقيبتي ...

التفتت أمي نحو وليد و قالت :


" انتبه لها "


وليد دخل على غرفة المعيشة و أحضر مفتاح سيارته ، و الذي كان قد تركه على المنضدة ...


تقدمت نحو باب المنزل و وقفت في انتظاره ، حتى إذا ما أقبل فتحت الباب و خرجت قبله !


خطواتي أنا قصيرة و بسيطة ، كيف لها أن تضاهي خطواته الواسعة الشاسعة !؟

سبقني و خرج من البوابة الخارجية لفناء المنزل ... و سمعت صوت باب سيارة ينفتح ...


ما أن خرجت من البوابة ، حتى وقعت عيناي على سيارة وليد ... نفس السيارة التي كان يقودها منذ سنين ...


المرة الأخيرة التي ركبت فيها هذه السيارة كانت في أسوأ أيام حياتي ...


شعرت بقشعريرة شديدة تجتاحني و ثبت في مكاني و لم أجرؤ على المضي خطوة للأمام ...


وليد شغل السيارة و انتظرني ... و طال انتظاره !


التفت نحو الباب فوجدي واقفة هناك بلا حراك


ضغط على جرس السيارة لاستدعائي لكنني لم أتحرك


الشيء الذي تحرك هو شريط الذكريات القديمة البالية ... الموحشة البائسة ... التي طردتها من خيالي عنوة ...


وليد فتح الباب و خرج من السيارة و نظر باتجاهي و قال :

" ألن تذهبي ؟؟ "


تحركت قدماي دون إدراك مني و اقتربت من السيارة


مددت يدي فإذا بها تلقائيا تتوجه إلى الباب الأمامي ، فأجبرتها على الانحراف نحو الباب الخلفي ، فتحته و جلست على المقعد الخلفي
فيما وليد يجلس في المقدمة و إلى اليسار مني ... يكاد شعره الكثيف يلامس سقف السيارة !


عندما كنا صغارا ، أنا و دانة ... كنا نتشاجر من أجل الجلوس على المقعد الذي أجلس خلفه مباشرة الآن !


وليد انطلق بالسيارة نحو الشارع الرئيسي ثم سألني و هو يراقب الطريق :

" أين نتجه ؟ "


سار وليد ببطء نسبيا يسألني عن الطرق و المنعطفات ، و أرشده إليها حتى بلغنا المكان المطلوب .


كان سوقا صغيرا مليئا بالناس ...


أوقف وليد السيارة ، ففتحت الباب و خرجت و تقدمت للأمام


وليد لم يخرج ، و سمعت صوته عبر نافذة الباب الأمامي المفتوحة يقول :


" كم ستبقين ؟؟ "


تعجبت ، فقلت و أنا أقرب وجهي من النافذة بعض الشيء :

" ألن تأتي معي ؟؟ "



وليد صمت قليلا ، و ربما ارتبك ، ثم قال :

" و هل يجب أن آتي معك ؟؟ "

قلت :

" نعم ! "

قال :

" سأنتظرك هنا ... هذا أفضل "


بقيت واقفة في مكاني لحظة ، فعاد يقول :


" هل يجب أن أرافقك ؟؟ "

قلت :

" أو تعيدني للبيت "

و تراجعت للوراء و مددت يدي قاصدة فتح الباب الخلفي ...


وليد فتح بابه و نزل و دار حول السيارة نصف دورة حتى صار إلى جانبي


قلت :


" من هنا "


و سرنا نحو بوابة المجمع الصغير ، هو مجمع اعتدنا أنا و دانة و أمي شراء حاجياتنا منه
حينما بلغنا المتجر المقصود ، و هو متجر للملابس ، و كان يعج بالكثيرين، دخلته و توجهت نحو زاوية معينة ...


التفت إلى الخلف فوجدت وليد واقفا في الخارج ينظر من خلال زجاج المتجر ...


عدت أدراجي إليه بسرعة ... ثم قلت :

" ألن تدخل معي ؟؟ "

وليد بدا مترددا حائرا ... ربما هو غير معتاد على ارتياد الأسواق !

لذا تحرك ببطء ...


لأنني قمت بزيارة المتجر يوم أمس فأنا أعرف ما يوجد و ما يناسب ، لذا لم استغرق سوى دقائق حتى اشتريت فستانا مختلفا عن فستاني المحروق !


إنه أجمل و أغلى !


حينما هممت بالمحاسبة أخرج وليد محفظته ، و دفع الثمن !


كم أنا خجلة منه ! آمل ألا يفعل ذلك في متجر المجوهرات !

لم يكن وليد يتحدث ، بل كان يسر على مقربة مني بصمت و اضطراب ...


أنا أيضا كنت خرساء جدا !


أقبلنا نحو متجر المجوهرات ، و كان الآخر مزدحما بالناس ، و معظمهم سيدات


دخلناه و أخذت عيناي تفتشان عن الطقم الجميل الذي أغرمت به يوم أمس ... لم يكن موجودا في مكانه فخشيت أن تكون سيدة ما قد سبقتني بشرائه !


جلت ببصري في المتجر حتى وجدت ضالتي ، التفت للوراء فلم أجد وليد ...


تلفت يمنة و يسرة و لم أجده ...


أقبل صاحب المتجر يسألني :


" ماذا أعجبك سيدتي ؟ "


أسرعت مهرولة نحو الباب و نظرت من حولي فوجدت وليد واقفا يتأمل بعض التحف المعروضة في متجر مجاور ...


" وليد "


نادينه و أنا مقبلة إليه أحث الخطى ...


التفت إلي :


" هل انتهيت ؟ "

" لا "

تعجب ! و قال :

" إذن ؟؟ "

قلت :

" لا تبتعد عني "


بقى متعجبا برهة ثم أقبل معي و عدنا لذلك المتجر ...


اشتريت الطقم الباهظ الثمن و حين سمع وليد بالسعر اضطرب قليلا

فتح محفظته ليلقي بنظرة على ما بداخلها ألا أنني أسرعت بإخراج النقود من حقيبتي و دفعتها إليه


قبل أن نغادر المتجر قال وليد :


" أي شيء يصلح هدية صغيرة لدانة ؟ فأنا لا أعرف ماذا تحب ! "


أما أنا فاعرف ماذا تحب !

اعتقد أن الرجال لا يحتارون كثيرا في اختيار هدية لامرأة ! لأن المجوهرات موجودة دائما ... و تتجدد دائما ... و غالية دائمة ... و نعشقها دائما !


اخترت شيئا جميلا و بسيطا ، و معتدل السعر ، فاشتراه وليد دون تردد


خرجنا بعد ذلك من المتجر متجهين نحو البوابة ، و أثناء ذلك عبرنا على أحد محلات الأحذية الرجالية فقال وليد :


" سألقي نظرة "


و سار خطى سريعة نحو المدخل ...

كان في المتجر عدد من الرجال و الأطفال ...

و أنا أرى وليد يبتعد ... و يهم بدخول المتجر ... و المسافة بيننا تزداد خطوة بعد خطوة ... و الناس يتحركون من حولي ... ذهابا و إيابا ...
و رجال يدخلون ... و رجال يخرجون ... و وليد يكاد يختفي بينهم ، ناديت بصوت عال :

" وليد "

و رغم الازدحام و الضوضاء الصادرة من حركة الناس و كلامهم ، سمعني وليد فالتفت إلي ...


أنا أسرعت الخطى المضطربة باتجاهه ... و هو اقترب خطوتين ... و حين أصبحت أمامه قلت :


" لا تتركني وحدي "


وليد يعلوه الاستغراب ، قال مبررا :

" سألقي نظرة سريعة فحسب ... لدقيقة لا أكثر "

عدت أقول :

" لا تتركني وحدي "


عدل وليد عن فكرة إلقاء تلك النظرة ، و قال :

" هل تريدين شيئا آخر ؟؟ "

قلت :

" كلا "

قال :

" إذن ... هيا بنا "


عندما عدنا إلى المنزل ، و قبل أن يفتح لنا الباب بعد قرع الجرس ، التفت إليه و قلت :

" شكرا ... وليد "



لكن أذهلني الوجوم المرسوم على وجهه !

كأنه مستاء أو أن مرافقتي قد أزعجته

إنني لم أطلب منه ذلك بل هو من عرض المساعدة !


دخلنا إلى الداخل ، فتوجه هو تلقائيا نحو المطبخ ، فسرت خلفه ...

والدتنا كانت لا تزال منهمكة في العمل ، حين رأتنا بادرت بسؤالي :

" هل وجدت ما أردت ؟؟ "

و أخذت تنظر إلى الكيس الذي أحمله ...


" نعم

و فتحت الكيس ، و أخرجت منه كيسا آخر صغير يحتوي على علبة المجوهرات ...

ما أن رأتها أمي حتى هزت رأسها اعتراضا و استنكارا ... فهي لم تكن تشجعني على شراء المزيد ، فقلت بسرعة مبررة :


" إنه طقم رائع جدا ! انظري ... "


و قربته منها فتأملته و قالت :

" نعم رائع و لكن ... "


لم تتم الجملة ، بل قالت :


" و لكنك اشتريته على أية حال ! "


ابتسمت ابتسامة النصر !

و التفت نحو وليد الذي كان يتابع حديثنا و قلت :

" أليس رائعا ؟ ما رأيك ؟؟ "


وليد بدا مضطربا بعض الشيء ، ثم قال :

" لا أفهم في هذه الأمور ، لكن ... نعم رائع "


و توجه نحو أحد المقاعد و جلس باسترخاء ...


أمي قالت :


" بني ... اذهب و استرخ في غرفة سامر لبعض الوقت ! إنك مجهد "


الآن وليد ينظر باتجاه والدتي ، و لا أقع أنا في مجال الرؤية لديه ... باستطاعتي أن ادقق النظر في أنفه المعقوف دون أن يلاحظ !


ما حكاية هذا الأنف يا ترى !؟


أخذت أتخيل شكل وليد قبل أن يسافر ... كم يبدو مختلفا الآن !


" رغد ألن تستعدي ؟؟ "


انتبهت على صوت والدتي تكلمني ، أجبت باضطراب و كلي خشية من أن تكون شاهدتني و أنا أتأمل ذلك الأنف !


" حاضر ، نعم سأذهب "

و انطلقت نحو غرفتي ...






~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~







بعد أن غادرت رغد ، هممت بالذهاب إلى غرفة أخي سامر و تأدية الصلاة ثم الاسترخاء لبعض الوقت ...

إنني متعب بعد مشوار الحضور الطويل



نظرت إلى فتحة الباب لأتأكد من أن رغد قد ابتعدت ، ثم قلت :


" أمي ... لم كانت رغد تبكي ؟؟ "


أمي كانت تزين قالب الكعك بطبقة من الشيكولا ، و كانت الكعكة شهية المنظر !


قالت أمي :


" لأنها حرقت فستانها كما رأيت ! تصور ! لقد اشترته يوم الأمس بمبلغ محترم ... ! "



صمت برهة ثم قلت :

" و الآخر أيضا غال الثمن ، و حتى هذا الطقم "


ابتسمت والدتي و قالت :

" إنها تبذر النقود ، هذا أحد عيوبها ! "

أوه هكذا ؟ جيد ... !
لقد عرفت شيئا جديدا عن طفلتي ... أصبحت مبذرة للمال أيضا ؟؟ و ماذا بعد ...؟؟



قلت بتردد :

" هل ... هل ... تحسنون معاملتها ؟؟ "


رفعت أمي بصرها عن الكعكة و نظرت نحوي باستغراب ... ثم قالت :


" طبعا ! بالتأكيد ! بل إننا ... ندللها كثيرا ! "


تنهدت بارتياح نسبي ، و عدت أقول :


" إذن ... لماذا كانت تبكي ؟؟ "



أمي تعجبت أكثر ، و قالت :

" قلت لك ... بسبب الفستان ! "


قلت :

" لا أمي ... أعني قبل ذلك "

" قبل ذلك ؟؟ "

" عندما خرجت لاستقبالي فور وصولي ... "


في غرفة أخي سامر ، و الذي سيصل بعد قليل قادما من المدينة الأخرى حيث يعمل ، اضطجعت على السرير و سبحت في محيط لا نهائي من الأفكار ...



الشيء الذي أثار قلقي هو الطريقة التي وبخت فيها والدتي رغد بعد وصولي بقليل ...

فهل حقا يحسن الجميع معاملتها و يدللها ؟؟


لم أتحمل رؤيتها تبكي ...


عندما كنا في منزلنا القديم ، لم أكن لأسمح لأحد بأن يحزنها بأي شكل من الأشكال ، مهما فعلت

كانت دانه دائما تتشاجر معها أو تضربها ، و كنت دائما أقف في صف صغيرتي ضد أي كان ...
ترى ... هل تذكر هي ذلك ؟؟ أم أنني أصبحت من الماضي المنسي ... و الأحلام الوهمية ... و الذكريات المهجورة ؟؟


حاولت النوم و لم استطع ، لذا عدت إلى غرفة المعيشة فوجدت والديّ و رغد هناك ...


تبادلنا بعض الأحاديث عن عريس دانة ، و هو لاعب كرة ذاع صيته و اشتهر في الآونة الأخيرة ...


قلت :


" و لكن ألا تفكر في متابعة دراستها ؟ إنها لا تزال صغيرة على الزواج ! "


قال أبي :

" لا تريد الدراسة ، و هو عريس جيد ! كما و أنها في سن مناسب ! فليوفقهما الله ! "


لحظات و إذا بسامر يحضر ، و يحظى بترحيب لا يقل حرارة عن ترحيبهم بي ...


بدأ سامر بأكبرنا ، ثم حين جاء دوري ، صافحني بحرارة و شوق كبيرين جدا ... و أطال عناقي الأخوي ...


أشعرني هذا بقربه مني ، بعدما فرقت السنين بيننا ... و بأنني لازلت أملك عائلة تحبني و ترغب في وجودي في أحضانها ...


شيء رفع من معنوياتي المتدهورة


لكن ...


سرعان ما انحطت هذه المعنويات و اندفنت في لب الأرض تحت آلاف الطبقات من الحجر و الحديد و الفولاذ ، حين أقبل إلى رغد يصافحها و يضمها إلى صدره و يقبل جبينها بكل بساطة ...



لو كنت بركانا ... أو قنبلة ... أو قذيفة نارية ، لكنت انفجرت لحظتها و دمرت كوكب الأرض بأسره و نسفته نسفا و حولته إلى مسحوق غبار


لكنني كنت وليد

أو بالأصح ...

شبح وليد ...


ما الذي دعاني لتمالك نفسي ؟؟ لا أعرف ...

لقد كان باستطاعتي أن أحطم رأس أي مخلوق يقف أمامي شر تحطيم

و لو ضربت الجدار بقبضتي هذه لسببت زلزالا مدمرا و لهوى السقف و قضى علينا جميعا ...

لكنني اكتفيت بان أحفر أسناني من شدة الضغط ، و أمزق أوتار يدي من قوة القبض ...



ليت أمي لم تلدك يا سامر

ليتك تتحول إلى أي رجل آخر في العالم ، لكنت استأصلت روحك من جسدك و مزقتك خلية خلية ...



" أين العروس ؟؟ "


سأل أخى و هو لا يزال ممسكا بيد رغد ...


" في غرفتها ! تتزين ! "


قالت رغد ، فقال :

" سأذهب لرؤيتها "

و شد رغد يحثها على السير معه ... و ذهب الاثنان و غابا عن ناظري ...



ليتني لم أعد

أي جنون هذا الذي جعلني أعود فاحترق ؟؟ إنني أكاد انفجر

هل يحس أحد بي ؟؟


سمعت أمي تقول :


" ما بك وليد ؟ أ أنت متعب بني ؟؟ "


متعب ؟؟

فقط متعب ؟؟

ابتعدوا عني و إلا فأنني سأحرقكم جميعا !


رميت بجسدي المشتعل على المقعد و أخذت أتنفس بعمق أنفاس متلاحقة عل الهواء يبرد شيئا مما في داخلي


مرت لحظة صامته إلا عن تيار الهواء المتلاعب في صدري


أمي و أبي لا يزالان واقفين كما هما ... و أنا أشعر بحر شديد و أكاد أختنق ....



رفعت رأسي فإذا بهما يراقبانني ... أظن أن وجهي كان شديد الاحمرار و يتصبب عرقا ...


القلق كان باد على وجهيهما


قلت :


" الجو حار ... "


أمي سارت نحو المكيف و زادت من قوة دفعه للهواء ...


التفت إلى أبي و قلت :


" و هذان ؟؟ متى ارتبطا ؟؟ "


لم يجب أبي مباشرة ، ثم قال :


" عقدنا قرانهما قبل ما يزيد عن السنوات الثلاث "


مزيد من الاختناق و الضيق ... كأن الهواء قد سحب من الغرفة تماما ...


قلت :


" ألا ترى يا والدي أنهما لا يزالان صغيرين ؟ على الأقل رغد ... صغيرة جدا "



أبي قال :


" إننا لن نزوجهما قريبا على أية حال ، فرغد تود الالتحاق بالجامعة أولا و لا أدري إن كان سامر سيفلح في إقناعها بغير ذلك "



أثارت الجملة اهتمامي ، قلت :


" غير ذلك ؟؟ "


قالت أمي :


" قد نزوج الثلاثة في ليلة واحدة قريبا ! "


و ابتسمت ، ثم قالت :


" و يأتي دورك ! "




وقفت مستاء ، و يممت وجهي شطر المطبخ فأنا أحس بعطش شديد و بحاجة لنهر كامل ليرويني و يخمد نيراني ... و تركت والدي ّ في حيرة من أمرهما ...


~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~







تم عقد القران و انتهت الليلة بسلام أخيرا !


لقد بذلت جهودا مضاعفة في تنظيف المنزل بعد مغادرة الضيوف !

أما دانه فكان القلم مرفوعا عنها هذا اليوم !


طلبت من أمي أن تذهب للراحة و توليت أنا ، مع سامر تنظيف الأطباق ...


أما الرجل الناري فلا علم لي بأي أرض يحرق هذه الساعة !


كنت واقفة أمام صنبور الماء البارد أغسل الأطباق ، و سامر إلى جانبي ...

سألته :


" كيف بدا العريس ؟؟ "


أجاب :

" مهذبا و خلوقا و بشوشا ! "

قلت :

" لا يعجبني ! "

ابتسم سامر و قال :

" و لكن لم ؟؟ "

أجبت :

" لا أعرف ! لكنني أجده ثقيل الظل ! إنه مغرور و يتحدث عن نفسه بزهو و خيلاء أمام الكاميرات ! كيف تتحمل دانه زوجا كهذا ؟؟ "



سامر ضحك ، فضحكت معه ...

قال :

" ليس المهم رأيك أنت به ! المهم رأي العروس به ! "


ثم غير نبرة صوته حتى غدت أكثر لطفا و رقة ، و قال :


" و رأيك بي أنا ... "



ارتبكت .. و اضطربت تعبيرات وجهي ، و أخفيت نظراتي في حوض الغسيل !



وصلنا هذه اللحظة صوت حركة عند الباب ، فالتفتنا للخلف فإذا به وليد ...


و صدقوني ، شعرت بماء الصنبور يحرقني !


تبادلنا النظرات ...


قال وليد :


" هل لي بلحاف ؟ سأنام في غرفة الضيوف "


نظف سامر يده و استدار نحو وليد قائلا :


" أوه كلا يا أخي ، بل ستنام في غرفتي و على سريري ، سأنام أنا على الأرض أو في غرفة الضيوف أو أي مكان ! "



لم يظهر على وليد أنه يرحب بالفكرة أو حتى سمعها !

قال :

" أريد لحافا لو سمحت "


كان وجهه جامدا صارما ، و رغم أن سامر كان يبتسم ، ألا أن وليد كان عابسا ...


قال سامر :

" أرجوك استخدم غرفتي ! أنا سأسافر بعد الغد على أية حال "


قال وليد :

" و أنا كذلك . هل لا أحضرت لحافا الآن ؟؟ "


وليد شخص غريب ... نعم غريب !

نحن لا نعرفه ! و لا نعرف كيف هي طباعه و لا كيف كانت حياته في الخارج ... ربما كان صارما جدا ... قلما رأيته يبتسم مذ عودته !


انتهى الأمر بأن نام وليد في غرفة الضيوف ، على المقعد الكبير ، الذي نمت عليه ذلك اليوم ! أتذكرون ؟؟


توقعت أن أجد صعوبة في النوم ... طالما تفكيري مستعمر من قبل وليد ... ألا أنني نمت بسرعة مدهشة !


في اليوم التالي ، اجتمعت العائلة في غرفة الطعام لتناول الفطور الصباحي ، في ساعة متأخرة من الصباح !


أعددنا الأطباق في غرفة المائدة ، و جاء الجميع ليتخذوا مقاعدهم ...


كالعادة جلس والداي على طرفي المائدة ، و دانة إلى يمين أبي ، و سامر إلى يساره ، و هممت بالجلوس على مقعدي المعتاد يمين أمي ، لكنني انتظرت وليد ...


وليد حرك ذات المقعد و قال :


" مقعدك ... "


و تركه و ذهب للجهة المقابلة و جلس إلى يسار أمي ...


جلست أنا على مقعدي المعتاد ، و صار وليد مواجها لي ... وضع يسمح للأشعة المنبعثة من ناحيتة لاختراقي مباشرة !


فجأة ، وقف وليد ... و خاطب دانة قائلا :


" هل لا تبادلنا ؟؟ "


و تبادلا المعقدين ...



ربما رأى الجميع هذا التصرف عاديا ... و فسروه بأن وليد يرغب بالجلوس قرب والده .... أو أي تفسير آخر ... ألا أنني فسرته بأن وليد لا يرغب في الجلوس مقابلا لي ...



صار هذا الوضع هو الوضع الذي نجلس عليه خلال الأيام التي قضاها وليد معنا ...



وليد كان يلتزم الصمت ، و أنا أريد أن أسمع منه أخباره ، و لا أجرؤ على طرح الأسئلة عليه ...



بين لحظة و أخرى ، ألقي نظره باتجاهه ، لكن أعيننا لم تلتق مطلقا ...



بعد الفطور ، ذهب الجميع إلى غرفة المعيشة ، والدي يطالع الصحف و سامر يقلب قنوات التلفاز ، و دانه شاردة الذهن ... فيما وليد و أمي يتبادلان الحديث ، يشاركهما البقية بتعليق أو آخر من حين لآخر


تركت الجميع كما هم ، و ذهبت إلى غرفة الضيوف لرفع اللحاف و ترتيب ما قد يكون مضطربا ...


دخلت الغرفة ، فوجدت اللحاف مطويا و موضوعا على المقعد الكبير ، و على المنضدة المجاورة وجدت سلسة مفاتيح وليد ، و محفظته ...

مشيت بخفة حتى صرت أمام المنضدة و جعلت أحدق في المحفظة بفضول !


و انتقل فضولي من عيني إلى يدي ، فمددتها و نظرت من حولي لأتأكد من أن أحدا لا يراقبني !


انفتحت المحفظة المثنية ، فظهرت بطاقة وليد الشخصية و فيها صورة حديثة له !
بأنفه المعقوف !


و الآن ... ما هي الفكرة المجنونة التي قفزت إلى رأسي ؟

سأرسمه !


لم أدع أي فرصة لعقلي ليفكر ، و أخذت المحفظة و طرت مسرعة إلى غرفتي


و بدأت أرسم رسمة سريعة خفيفة لمعالم وجهه و أنظر للساعة في وجس و خوف ...


ما أن انتهيت ، حتى أسرعت الخطى عائدة بالمحفظة إلى غرفة الضيوف ... و توقفت فجأة و اصفر وجهي و ارتجفت أطرافي ... حين رأيت وليد في الغرفة مقبلا نحو الباب ، يحمل في يده سلسلة المفاتيح ...


أول شيء وقعت عينا وليد عليه هو محفظته التي تتربع بين أصابع يدي !


رفع وليد بصره عن المحفظة و نظر إلي ، فأسرعت بدفن أنظاري تحت قدمي قال باستنكار :


" أظن أنها ... تشبه محفظتي المفقودة تماما ! "


ازدردت ريقي و تلعثمت الكلمات على لساني من شدة الحرج و الخجل ...


قال وليد :

" خائنة ... مبذرة ... و ماذا بعد ؟ هل تسرقين أيضا ؟؟ "


رفعت نظري إليه و فغرت فاهي بذهول ... من هول ما سمعت !




...يتبع...