عرض مشاركة واحدة
قديم 01-06-2014, 03:18 AM   رقم المشاركة : 2
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

وهذا - يا رعاكم الله - يدعُو العبدَ إلى توقِّي دخول النار بالأخذ بالأسباب الشرعيَّة،
وقد عدَّها أهلُ العلم، ومنهم:
العلامةُ ابن أبي العزِّ الحنفيِّ شارِحُ العقيدة الطحاوية عشرةَ أسبابٍ،
عُرِفَت بالاستِقراء من الكتاب والسنَّة، وهي:
الإيمان، والتوبة، والاستِغفار، والحسنات، والمصائبُ الدنيوية، وعذابُ القبر،
ودعاءُ المؤمنين، واستِغفارُهم في الحياة وبعد الممات،
وما يُهدَى إليهم بعد الموت من ثوابِ صدقةٍ أو حجٍّ أو دعاءٍ ونحوِه،
وأهوالُ يوم القيامة وشدائدُه، وشفاعةُ الشافِعين، وعفوُ أرحم الراحمين.
معشر المسلمين:
فصلُ الصَّيف يحمِلُ في أندائِه إجازةً صيفيَّة، وهدأةً نفسيَّة، إثرَ شواغِلِ الحياة،
والانتِهاء من الاختِبارات، وكَلالِ المسؤوليَّات والمهمات؛
حيث يستريحُ في مجارِيها اللاغِبُ والمحرورُ،
ويمتَحُ المكدودُ من فُسحَتها بردَ الهدأَة والسُّرور، وروح الراحَة الموفور.
فيا بُشرى لمن عمَرَها وعمَرَ أوقاتَه بالبُرور والطاعات ووشَّاها،
ويا سُعدَى لمن دبَّجَها بخير الخيرِ وغشَّاها.
تـفـيـضُ الـعـيـونُ بـالـدمـوعِ الـسـواكِــبِ
ومــا لــيَ لا أبـكِــي عـلــى خـيــرِ ذاهِـــبِ
عـلـى أنـفَـسِ الـسـاعـاتِ لـمـا أضـعـتُـهـا
وقـضَّـيـتُــهــا فـــي غـفــلــةٍ ومــعــاطِــبِ
قال الإمام ابن الجوزيِّ - رحمه الله -:
[ ينبغي للإنسان أن يعرِفَ شرفَ زمانِه وقدرَ وقتِه، فلا يُضيِّع منه لحظةً في غير قُربةٍ ]
أمة الإسلام:
ومن القضايا الموسمِيَّة المحوريَّة والجوهريَّة في فصل الصيف اللافِح،
ومع موسِم الإجازَة النافِح: قضيةُ السَّفَر والارتِحال، والسياحة والانتِقال؛
حيث ينزِعُ الناسُ إلى الأفيَاءِ النديَّة، دفعًا للنَّمطيَّة والرَّتابَة،
ونُشدانًا لمواطِن السُّكون والمسارِّ، ومرابِع الاعتِبار والدِّكار،
يقول - سبحانه -:
{ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ }
[ العنكبوت: 20 ].
والمرادُ: الاعتِبارُ والادِّكار، وإجمامُ الفؤاد بين النُّجود والوِهاد.
قال أهلُ التفسير:
[ وذاك مُباحٌ في جميع الشرائِع ما لم يكُن دأبًا ]
وقال شيخُ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -:
[ ومن استعانَ بالمُباح الجَميل على الحقِّ فهذا من الأعمال الصالِحة ]
عـادَ لـلأرضِ مـع الـصـيـفِ سَـنـاهـا
فـهـي كـالـخُـودِ الـتـي تـمَّـت حُـلاهـا
صُــورٌ مــن خُــضــرةٍ فـــي نُــضــرةٍ
مــــا رآهــــا أحـــــدٌ إلا اشــتَــهــاهــا
هــذه الـحُـلَّــةُ فـاســرَح فــي رُبـاهــا
واشـهَـد الـسِّـحـرَ زُهــورًا ومِـيـاهًــا
ولكن ثم لكن مع غِيابِ التأصيلِ الشرعيِّ لفقهِ السياحة وأحكامِها وآدابِها،
أزَّ جمًّا من المُسلمين للأسفار الوَبيئة، والسياحة القَميئة،
وسوَّغ لهم الفهمَ المُنعكِس لمدلولِ السياحة البريئة والاصطِياف،
والتنصُّل من المُثُل والأخلاق والأعراف، وأهضَعوا للاغتِرافِ من المساخِط،
والخِزيِ والإسفافِ، إلى جانِبِ الابتِزازِ والاستِنزاف.
عـادَ لـلأرضِ مــع الـصـيــفِ سَـنـاهــا
فـهـي كـالـخُـودِ الـتــي تـمَّــت حُـلاهــا
فـسـافِـر فـي الـسـبـيـلِ إلـى الـمـعـالِـي
بــجِــدٍّ واســتــمِــع قــــولَ الـنَّــصــيــحِ
وجــانِـــب كــــلَّ ســفــســـافٍ ونُـــكـــرٍ
مـــن الأخــــلاقِ والــعــمــلِ الـقَــبــيــحِ
فكان لِزامًا لِزامًا على الأُسر والآباء والأمهات،
ورِجال التربية والإعلام أن يتوارَدوا على مُقتضَى السَّفر البرِيء الوَريف،
والاصطِياف النَّزيهِ العَفيف، وما مُقتضاه إلا تثبيتُ دعائِم الحقِّ والخيرِ في نفوسِ الجِيل،
مع الاعتِزازِ بالإسلام منهَجَ حياةٍ، رسالةً وعقيدةً وشريعةً وأخلاقًا وقِيَمًا،
وشعائِر ومشاعِر وحضارةً، وأن يُوجِّهوا اغتِنام الإجازة والاصطِياف،
والترفيه البرِيء، والسياحة الإسلامية صوبَ المنهَج المُنضبِط بالقواعِد
والمقاصِد الشرعيَّة، والآداب السنِيَّة عبرَ برامِج عمليَّة،
ومشروعاتٍ إيجابيَّة أصالةً ومُعاصَرةً.
في توازُن وتواؤُم مع التكاليفِ الربَّانيَّة، وسَوسِ الأنشِطةِ والخُطَط والبرامِج
نحو تهذيبِ النفسِ، وإرهافِ الذِّهن والحِسِّ، وإلهابِ الذكاءِ واللُّبِّ،
تصعُّدًا بطلائِع النشءِ الصالِح في مدارات العُلا والنُّبل، ومدارِج العزائِم والفضلِ.
حــاوِل جـسـيـمَــاتِ الأمــور ولا تــقُــل
إن الـــمـــحـــامِــــدَ والـــــعُــــــلا أرزاقُ
وارغَـب بـنـفـسِـك أن تـكـون مُـقـصِّـرًا
عــن غـايــةٍ فـيـهــا الــطِّــلابُ سِــبــاقُ
واللهَ نسألُ التوفيقَ لصادِقِ القول وصالِح العمل، وبلُوغَ الرَّجاءِ والأمَل،
إن ربي لطيفٌ لما يشاء، إنه هو العليمُ الحكيم.
أعوذُ بالله من الشيطان الرجيم:
{ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ }
[ آل عمران: 137 ].
اللهم بارِك لنا في القرآن العظيم، وانفَعنا وارفَعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم،
أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ الله العظيمَ الجليلَ لي ولكم،
ولسائر المسلمين من كل خطيئةٍ وإثمٍ، فاستغفِرُوه وتوبُوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس