عرض مشاركة واحدة
قديم 25-04-2014, 03:26 AM   رقم المشاركة : 11
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏42 ‏:‏ 43‏)‏
‏{‏ ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون ‏.‏ وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين ‏}

يقول تعالى ناهياً لليهود عما كانوا يتعمدونه من تلبيس الحق بالباطل وتمويهه به، وكتمانهم الحق وإظهارهم الباطل ‏{‏ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون‏}‏ فنهاهم عن الشيئين معاً، وأمرهم بإظهار الحق والتصريح به‏.‏ ولهذا قال ابن عباس ‏{‏ولا تلبسوا الحق بالباطل‏}‏‏:‏ لا تخلطوا الحق بالباطل والصدق بالكذب، وقال أبو العالية‏:‏ ولا تخلطوا الحق بالباطل، وأدوا النصيحة لعباد اللّه من أُمة محمد صلى اللَه عليه وسلم، وقال قتادة ‏{‏ولا تلبسوا الحق بالباطل‏}‏‏:‏ ولا تلبسوا اليهودية والنصرانية بالإسلام وأنتم تعلمون أن دين اللّه الإسلام، وأن اليهودية والنصرانية بدعة ليست من اللّه‏.‏ عن ابن عباس‏:‏ ‏{‏وتكتموا الحق وأنتم تعلمون‏}‏ أي لا تكتموا ما عندكم من المعرفة برسولي وبما جاء به وأنتم تجدونه مكتوباً عندكم فيما تعلمون من الكتب التي بأيديكم وقال مجاهد والسدي‏:‏ ‏{‏وتكتموا الحق‏}‏ يعني محمداً صلى اللَه عليه وسلم ‏.‏ قلت وتكتموا يحتمل أن يكون مجزوماً ويحتمل أن يكون منصوباً أي لا تجمعوا بين هذا وهذا، كما يقال‏:‏ لا تأكل السمك وتشرب اللبن‏.‏ قال الزمخشري‏:‏ وفي مصحف ابن مسعود ‏{‏وتكتموا الحق‏}‏ أي في حال كتمانكم الحق، ‏{‏وأنتم تعلمون‏}‏ حال أيضاً، ومعناه وأنتم تعلمون الحق ويجوز أن يكون المعنى وأنتم تعلمون ما في ذلك من الضرر العظيم على الناس، من إضلالهم عن الهدى المفضي بهم إلى النار، إن سلكوا ما تبدونه لهم من الباطل المشوب بنوع من الحق لتروّجوه عليهم، والبيانُ‏:‏ الإيضاح، وعكسه الكتمان وخلط الحق بالباطل ‏{‏وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين‏}‏ قال مقاتل‏:‏ أمرهم أن يصلوا مع النبي صلى اللَه عليه وسلم ‏{‏وآتوا الزكاة‏}‏ أمرهم أن يؤتوا الزكاة أي يدفعونها إلى النبي صلى اللَه عليه وسلم ‏{‏واركعوا مع الراكعين‏}
أمرهم أن يركعوا مع الراكعين من أمة محمد صلى اللَه عليه وسلم يقول‏:‏ كونوا معهم ومنهم‏.‏

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏44‏)‏
‏{‏ أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون ‏}‏
معناه‏:‏ كيف يليق بكم يا معشر أهل الكتاب وأنتم تأمرون الناس بالبر - وهو جماع الخير - أن تنسوا أنفسكم فلا تأتمرون بما تأمرون الناس به، وأنتم مع ذلك تتلون الكتاب وتعلمون ما فيه على من قصَّر في أوامر اللّه‏؟‏ ‏{‏أفلا تعقلون‏}‏ ما أنتم صانعون بأنفسكم، فتنتبهوا من رقدتكم، وتتبصروا من عمايتكم‏؟‏ وهذا كما قال قتادة في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم‏}‏ قال‏:‏ كان بنوا إسرائيل يأمرون الناس بطاعة اللّه، وبتقواه ويخالفون، فعيَّرهم اللّه عزّ وجلّ‏.‏ وقال ابن عباس‏:‏ ‏{‏وتنسون أنفسكم‏}‏ أي تتركون أنفسكم ‏{‏وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون‏}
أي تنهون الناس عن الكفر بما عندكم من النبوة والعهد من التوراة وتتركون أنفسكم، أي وأنتم تكفرون بما فيه من عهدي إليكم في تصديق رسولي، وتنقضون ميثاقي وتجحدون ما تعلمون من كتابي‏.‏ وقال الضحّاك عن ابن عباس في هذه الآية‏:‏ يقول أتأمرون الناس بالدخول في دين محمد صلى اللَه عليه وسلم وغير ذلك مما أمرتم به من إقام الصلاة وتنسون أنفسكم‏.‏
قال أبو الدرداء رضي اللّه عنه‏:‏ لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يمقت الناس في ذات اللّه ثم يرجع إلى نفسه فيكون لها أشدّ مقتاً، وقال عبد الرحمن بن أسلم في هذه الآية‏:‏ هؤلاء اليهود إذا جاء الرجل سألهم عن الشيء ليس فيه حق ولا رشوة أمروه بالحق، فقال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون‏}‏‏؟‏ والغرضُ أن اللّه تعالى ذمَّهم على هذا الصنيع، ونبَّههم على خطئهم في حق أنفسهم حيث كانوا يأمرون بالخير ولا يفعلونه، وليس المراد ذمهم على أمرهم بالبر مع تركهم له، بل على تركهم له، فإن الأمر بالمعروف معروف وهو واجب على العالم، ولكن الواجب والأولى بالعالم أن يفعله مع من أمرهم به، ولا يتخلف عنهم كما قال شعيب عليه السلام‏:‏ ‏{‏وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه ‏.‏ إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت‏}
‏‏.
فكلٌّ من الأمر بالمعروف وفعله واجبٌ، لا يسقط أحدهما بترك الآخر، على أصح قولي العلماء من السلف والخلف‏.‏ وذهب بعضهم إلى أن مرتكب المعاصي لا ينهى غيره عنها، وهذا ضعيف‏.‏ والصحيح أن العالم يأمر بالمعروف وإن لم يفعله، وينهى عن المنكر وإن ارتكبه، قال سعيد بن جبير‏:‏ لو كان المرء لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر حتى لا يكون فيه شيء ما أمر أحدٌ بمعروف ولا نهى عن منكر‏.‏
قلت لكنه والحالة هذه مذموم على ترك الطاعة وفعله المعصية، لعلمه بها مخالفته على بصيرة، فإنه ليس من يعلم كمن لا يعلم، ولهذا جاءت الأحاديث في الوعيد على ذلك كما قال رسول اللّه صلى اللَه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏ مَثَل العالم الذي يعلِّمُ الناس الخير ولا يعمل به كمثل السراج يضيء للناس ويحرق نفسه ‏"(3)‏رواه الطبراني في الكبير، قال ابن كثير؛ وهو غريب من هذا الوجه‏ "‏رواه الطبراني في الكبير، قال ابن كثير؛ وهو غريب من هذا الوجه‏ "‏رواه الطبراني في الكبير، قال ابن كثير؛ وهو غريب من هذا الوجه‏ "‏رواه الطبراني في الكبير، قال ابن كثير؛ وهو غريب من هذا الوجه‏ "‏رواه الطبراني في الكبير، قال ابن كثير؛ وهو غريب من هذا الوجه‏ "‏رواه الطبراني في الكبير، قال ابن كثير؛ وهو غريب من هذا الوجه‏"‏‏(‏ وقال رسول اللّه صلى اللَه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏مررت ليلة أسرى بي على قوم تُقْرض شفاههم بمقاريض من نار، قلت‏:‏ من هؤلاء‏؟‏ قالوا‏:‏ خطباء أمتك من أهل الدنيا، ممن كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون‏)‏ ‏"(4)‏رواه الإمام أحمد في مسنده عن أنَس بن مالك‏ ‏، "‏رواه الإمام أحمد في مسنده عن أنَس بن مالك‏ ‏، "‏رواه الإمام أحمد في مسنده عن أنَس بن مالك‏ ‏، "‏رواه الإمام أحمد في مسنده عن أنَس بن مالك‏ ‏، "‏رواه الإمام أحمد في مسنده عن أنَس بن مالك‏ ‏، "‏رواه الإمام أحمد في مسنده عن أنَس بن مالك‏"‏، وقال صلى اللَه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق به أقتابه فيدور بها في النار كما يدور الحمار برحاه فيطيف به أهل النار فيقولون يا فلان ما أصابك‏؟‏ ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر‏؟‏ فيقول كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه‏)‏ ‏"(5)‏رواه الإمام أحمد ورواه البخاري ومسلم بنحوه‏ "‏رواه الإمام أحمد ورواه البخاري ومسلم بنحوه‏ "‏رواه الإمام أحمد ورواه البخاري ومسلم بنحوه‏ "‏رواه الإمام أحمد ورواه البخاري ومسلم بنحوه‏ "‏رواه الإمام أحمد ورواه البخاري ومسلم بنحوه‏ "‏رواه الإمام أحمد ورواه البخاري ومسلم بنحوه‏"‏، وقد ورد في بعض الآثار أنه يغفر للجاهل سبعين مرة، حتى يغفر للعالم مرة واحدة، ليس من يعلم كمن لا يعلم‏.‏ وقال تعالى‏:‏{‏قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب‏}‏، وروي عن النبي صلى اللَه عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏إن أناساً من أهل الجنة يطّلعون على أناس من أهل النار، فيقولون بم دخلتم النار‏؟‏ فواللّه ما دخلنا الجنة إلا بما تعلَّمنا منكم، فيقولون‏:‏ إنّا كنا نقول ولا نفعل‏)‏ ‏"(6)
‏رواه ابن عساكر في ترجمة الوليد بن عقبة‏ ‏ "‏رواه ابن عساكر في ترجمة الوليد بن عقبة‏ ‏ "‏رواه ابن عساكر في ترجمة الوليد بن عقبة‏ ‏ "‏رواه ابن عساكر في ترجمة الوليد بن عقبة‏ ‏ "‏رواه ابن عساكر في ترجمة الوليد بن عقبة‏ ‏ "‏رواه ابن عساكر في ترجمة الوليد بن عقبة‏"‏
وجاء رجل إلى ابن عباس فقال يا ابن عباس‏:‏ إني أُريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، قال‏:‏ أبلغْتَ ذلك‏؟‏ قال‏:‏ أرجو، قال‏:‏ إن لم تخش أن تفتضح بثلاث آيات من كتاب اللّه فافعل، قال‏:‏ وما هن‏؟‏ قال‏:‏ قوله تعالى‏:
‏{‏أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم‏}‏ أحكمت هذه‏؟‏ قال‏:‏ لا، قال‏:‏ فالحرف الثاني، قال‏:‏ قوله تعالى‏:‏{‏لم تقولون ما لا تفعلون‏؟‏ كبر مقتا عن الله أن تقولوا ما لا تفعلون‏}‏ أحكمت هذه‏؟‏ قال‏:‏ لا، قال‏:‏ فالحرف الثالث، قال‏:‏ قول العبد الصالح شعيب عليه السلام‏:‏ ‏{‏وما أُريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح‏}‏ أحمكت هذه الآية‏؟‏ قال‏:‏ لا، قال‏:‏ فابدأ بنفسك ‏(7) ‏رواه الضحّاك عن ابن عباس‏ " ‏رواه الضحّاك عن ابن عباس‏ " ‏رواه الضحّاك عن ابن عباس‏ " ‏رواه الضحّاك عن ابن عباس‏ ""(8)"‏وقال ابراهيم النخعي‏:‏ إني لأكره القصص لثلاث آيات قوله تعالى‏:‏ ‏{‏أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون‏}‏، وقوله إخباراً عن شعيب‏:‏ ‏{‏وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه‏}‏‏.‏

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏45 ‏:‏ 46‏)‏
‏{‏ واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين ‏.‏ الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون ‏}

يأمر تعالى عبيده فيما يؤملون من خير الدنيا والآخرة بالاستعانة بالصبر والصلاة كما قال مقاتل في تفسير هذه الآية‏:‏ استعينوا على طلب الآخرة بالصبر على الفرائض والصلاة‏.‏ فأما الصبر فقيل‏:‏ إنه الصيام‏.‏
قال القرطبي‏:‏ ولهذه يسمى رمضان شهر الصبر كما نطق به الحديث‏:‏ ‏(‏الصوم نصف الصبر‏)‏ وقيل‏:‏ المراد بالصبر الكف عن المعاصي ولهذا قرنه بأداء العبادات، وأعلاها فعل الصلاة‏.‏ قال عمر بن الخطّاب‏:‏ الصبر صبران‏:‏ صبر عند المصيبة حسن، وأحسن منه الصبر عن محارم اللّه‏.‏ وقال أبو العالية‏:‏ ‏{‏واستعينوا بالصبر والصلاة‏}‏ على مرضاة اللّه، واعلموا أنها من طاعة اللّه‏.‏ وأما قوله‏:‏ ‏{‏والصلاة‏}‏ فإن الصلاة من أكبر العون على الثبات في الأمر كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر‏}
الآية‏.‏
وكان رسول اللّه صلى اللَه عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة ‏"(9)‏رواه أحمد وأبو داود‏ "‏رواه أحمد وأبو داود‏ "‏رواه أحمد وأبو داود‏ "‏رواه أحمد وأبو داود‏ "‏رواه أحمد وأبو داود‏ "‏رواه أحمد وأبو داود‏"‏وعن علي رضي اللّه عنه قال‏:‏ لقد رأيتنا ليلة بدر وما فينا إلا نائم غير رسول اللّه صلى اللَه عليه وسلم يصلّي ويدعو حتى أصبح‏.‏ وروي أن ابن عباس نعي إليه أخوة قثم وهو في سفر، فاسترجع ثم تنحَّى عن الطريق، فأناخ فصلّى ركعتين أطال فيهما الجلوس، ثم قام يمشي إلى راحلته وهو يقول‏:‏ ‏{‏واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين‏}‏، والضمير في قوله‏:‏ ‏{‏وإنها لكبيرة‏}‏ عائد إلى الصلاة، ويحتمل أن يكون عائداً على ما يدل عليه الكلام وهو الوصية بذلك كقوله تعالى في قصة قارون‏:‏ ‏{‏ولا يلقاها إلا الصابرون‏}‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم‏}‏ أي وما يلقَّى هذه الوصية إلا الذين صبروا، وما يلقاها أي يؤتاها ويلهمها إلا ذو حظ عظيم‏.‏ وعلى كل تقدير فقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وإنها لكبيرة‏}‏ أي مشقة ثقيلة إلا على الخاشعين، قال ابن عباس‏:‏ يعني المصدقين بما أنزل اللّه، وقال مجاهد‏:‏ المؤمنين حقاً، وقال أبو العالية‏:‏ الخائفين، وقال مقاتل‏:‏ المتواضعين، وقال الضحّاك ‏{‏وإنها لكبيرة‏}‏ قال‏:‏ إنها لثقيلة إا على الخاضعين لطاعته، الخائفين سطوته، المصدقين بوعده ووعيده‏.‏ وقال ابن جرير معنى الآية‏:‏ واستعينوا أيها الأحبار من أهل الكتاب بحبس أنفسكم على طاعة اللّه وبإقامة الصلاة المانعة من الفحشاء والمنكر، المقربة من رضا اللّه، العظيمة إقامتها ‏{‏إلا على الخاشعين‏}
‏ أي المتواضعين المستكينين لطاعته المتذللين من مخافته‏.‏ هكذا قال، والظاهر أن الآية وإن كانت خطاباً في سياق إنذار بني إسرائيل فإنهم لم يقصدوا بها على سبيل التخصيص، وإنما هي عامة لهم ولغيرهم، واللّه أعلم‏.‏
وقوله تعالى ‏{‏الذي يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون‏}‏ هذا من تمام الكلام الذي قبله، أي أن الصلاة لثقيلة إلا على الخاشعين الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم، أي يعلمون أنهم محشورون إليه يوم القيامة، معروضون عليه وأنهم إليه راجعون أي أمورهم راجعة إلى مشيئته، يحكم فيها ما يشاء بعدله، فلهذا لما أيقنوا بالمعاد والجزاء، سهل عليهم فعل الطاعات وترك المنكرات‏.‏ فأما قوله ‏{‏يظنون أنهم ملاقوا ربهم‏}‏ فالمراد يعتقدون، والعرب قد تسمي اليقين ظناً والشك ظناً، نظير تسميتهم الظلمة سدفة والضياء سدفه‏.‏ ومنه قول اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها‏}‏، قال مجاهد‏:‏ كلُّ ظنٍ في القرآن يقين‏.‏ وعن أبي العالية في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم‏}‏ قال‏:‏ الظن ههنا يقين، وعن ابن جريج‏:‏ علموا أنهم ملاقوا ربهم كقوله‏:‏ ‏{‏إني ظننت أني ملاق حسابيه‏}‏ يقول علمت‏.‏ قلت وفي الصحيح‏:‏ إن اللّه تعالى يقول للعبد يوم القيامة‏:‏ ‏(‏ألم أزوجك ألم أكرمك ألم أسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وتربع‏؟‏‏)‏ فيقول بلى، فيقول اللّه تعالى‏:‏ ‏(‏أظننت أنك ملاقيَّ‏)‏، فيقول‏:‏ لا، فيقول اللّه اليوم أنساك كما نسيتني وسيأتي مبسوطاً عند قوله تعالى‏:‏ ‏{‏نسو اللّه فنسيهم‏}‏، إن شاء اللّه تعالى‏.‏






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس