عرض مشاركة واحدة
قديم 19-01-2009, 02:28 PM   رقم المشاركة : 21
!!! الرومـ ^_* ـانسي !!!
Band
 
الصورة الرمزية !!! الرومـ ^_* ـانسي !!!
 






!!! الرومـ ^_* ـانسي !!! غير متصل

تابع الحلقه الرابعه

--------------------------------------------------------------------------------

في عصر اليوم ذاته ، قرر والدي أخذنا لنزهة قصيرة إلى إحدى الملاهي ، حسب طلب و إلحاح دانة !


أنا لم أشأ الذهاب ، فأنا لم أعد طفلا و لا تثير الملاهي أي اهتمام لدي ، ألا أن والدتي أقنعتني بالذهاب من باب الترويح عن النفس لاستئناف الدراسة !


قضينا وقتا جيدا ...


وقفت رغد أمام إحدى الألعاب المخيفة و أصرت على تجربتها !

طبعا لم يوافق أحد على تركها تركب هذا القطار السريع المرعب ، و كما أخبرتكم

فإنها حين ترغب في شيء فإنها لن تهدأ حتى تحصل عليه !

و حين تبكي ، فإنها تتحول من رغد إلى رعد !


والدي زجرها من باب التأديب ، إذ أن عليها أن تطيع أمره حين يأمرها بشيء


توقفت رغد عن البكاء ، و سارت معنا على مضض ...


كانت تمشي و رأسها للأسفل و دموعها تسقط إلى الأرض !


أنا وليد لا أتحمّل رؤيتها هكذا مطلقا ... لا شيء يزلزلني كرؤيتها حزينة وسط الدموع !


" حسنا يا رغد ! فقط للمرة الأولى و الأخيرة سأركب معك هذا القطار ، لتري كم هو مخيف و مرعب ! "


أعترض والداي ، ألا أنني قلت :

" سأمسك بها جيدا فلا تقلقا "


اعتراضهما كان في الواقع على سماحي لرغد بنيل كل ما تريد


أنا أدرك أنني ادللها كثيرا جدا


لكن ...

ألا تستحق طفلة يتيمة الأبوين شيئا يعوضها و لو عن جزء من المائة مما فقدت ؟

تجاهلت اعتراض والدي ّ ، و انطلقت بها نحو القطار


ركبنا سوية ذلك القطار و لم تكن خائفة بل غاية في السعادة !

و عندما توقف و هممت بالنزول ، احزروا من صادفت !؟؟


عمّار اللئيم !


" من وليد ! مدهش جدا ! تتغيب عن المدرسة لتلهو مع الأطفال ! عظيم ! "


تجاهلته ، و انصرفت و الصغيرة مبتعدين ، ألا أنه عاد يلاحقني بكلام مستفز خبيث
لم أستطع تجاهله ، و بدأنا عراكا جديدا !


تدخل مجموعة من الناس و من بينهم والدي لفض نزاعنا بعد دقائق ...


عمار و بسبب لكمتي القوية إلى وجه سالت الدماء من أنفه

كان يردد :


" ستندم على هذا يا وليد ! ستدفع الثمن "


أما رغد ، و التي كانت تراني و لأول مرة في حياتها أتعارك مع أحدهم ، و أؤذيه ، فقد بدت مرعوبة و التصقت بوالدتي بذعر !


عندما عدنا للبيت وبخني أبي بشدة على تصرفي في الملاهي و عراكي ...
و قال :


( كنت أظنك أصبحت رجلا ! )


و هي كلمة آلمتني أكثر بكثير من لكمات عمّار

استأت كثيرا جدا ، و عندما دخلت غرفتي بعثرت الكتب و الدفاتر التي كانت فوق مكتبي بغضب


لا أدري لماذا أنا عصبي و متوتر هذا اليوم ...


بل و منذ فترة ليست بالقصيرة


أهذا بسبب الامتحانات المقبلة ؟؟

بعد قليل ، طرق الباب ، ثم فتح بهدوء ...

كانت رغد

" وليد ... "

ما أن نطقت باسمي حتى قاطعتها بحدة :

" عودي إلى غرفتك يا رغد فورا "

نظرت إلي و هي لا تزال واقفة عند الباب ، فرمقتها بنظرة غضب حادة و صرخت :

" قلت اذهبي ... ألا تسمعين ؟؟ ! "

أغلقت الصغيرة الباب بسرعة من الذعر !


لقد كانت المرة الأولى التي أقسو فيها على رغد ...

و كم ندمت بعدها


ألقيت نظرة على ( صندوق الأماني ) ثم أمسكت به و هممت بتمزيقه !

ثم أبعدته في آخر لحظة !

كنت أريد أن أفرغ غضبي في أي شيء أصادفه

إنني أعرف أنني يوم السبت المقبل سأقابل بتعليقات ساخرة من قبل عمّار و مجموعته


و كل هذا بسبب أنت أيتها الرغد المتدللة ...


لأجلك أنت أنا أفعل الكثير من الأشياء السخيفة التي لا معنى لها !

و الأشياء المهولة ... التي تعني أكثر من شيء ... و كل شيء ...

و التي يترتب عليها مصائر و مستقبل ...


كما سترون ...







و الصندوق في يدها ...



لم استطع النوم تلك الليلة

جعلت أتقلب على فراشي و الأمور الثلاثة : الدراسة ، الحرب ، و رغد تآمرت علي و سببت لي أرقا و صداعا شديدا


أوه يا إلهي ... أنا متعب ... متعب !


فلتذهب الدراسة للجحيم !

ولتذهب الحرب كذلك للجحيم !

و رغد ...

رغد ...

فلأذهب أنا إلى رغد !


قفزت من سريري في رغبة ملحة جدا لرؤية الصغيرة ...

لابد أنها غارقة في النوم الآن ... كم كنت قاسيا معها ! كم أنا نادم !




سرت ببطء حتى دخلت غرفة رغد ، و تعجبت إذ رأيت الظلام مخيما عليها !

صغيرتي تخاف النوم في الظلام الشديد و تصر على إضاءة النور الخافت




اقتربت من السرير و أنا أدقق النظر بحثا عن وجه الصغيرة ، ألا أنني لم أره


أشعلت المصباح الخافت المجاور لسريرها ، و أصبت بالفزع حين رأيت السرير خاليا ...



نهضت مذعورا ... و تلفت من حولي ... ثم أنرت المصباح القوي و دققت النظر في كل شيء ... لم تكن رغد في الغرفة ...



خرجت من الغرفة كالمجنون و ذهبت رأسا إلى غرفة دانة ، ثم سامر ، ثم جميع غرف المنزل و أنحائه و لم أبق منه مترا واحدا دون تفتيش ... عدا غرفة والديّ


سرت و أنا أترنح و متشبث بأملي الأخير بأن تكون رغد هناك ...



توقفت عند الباب ، و رفعت يدي استعدادا لطرقه فخانتني قواي


ماذا إن لم تكن رغد هنا ؟

أين يمكن أن تكون ؟


القلق بل الفزع و الخوف على رغد تملكاني و ألقيا جانبا أي تفكير سليم من رأسي

طرقت الباب طرقات متوالية تشعر أيا كان بالذعر !



ثوان ، و إذا بأمي تقف أمامي في فزع :


" وليد ؟ خير يا بني ؟ "


التقطت عدة أنفاس متلاحقة ثم قلت :


" هل رغد هنا ؟ "



كنت أحدق بعين والدتي و كأنني أريد أن أخترقها إلى دماغها لأعرف الجواب قبل أن تنطق به ...

قولي نعم أمي ... أرجوك !


" نعم ! نامت هنا "


كأن جبلا جليديا قد وقع فوق رأسي لدى سماعي إجابتها

ارتخت عضلاتي كلها فجأة ، فترنحت و أنا أعود خطا للوراء حتى جلست على أحد المقاعد



والدتي أقبلت نحوي ، و ألقت نظرة سريعة على ساعة الحائط ، ثم عادت تنظر إلي بقلق ...


" وليد ؟ ما بك عزيزي ؟ "


أغمضت عيني لثوان ، و أنا عاجز عن تحريك أي عضلة من جسمي ...

ثم نظرت إليها و قلت بصعوبة :

" قلقت حين لم أجدها في غرفتها ... بل كدت أموت قلقا ... "

اقتربت مني والدتي ، و مسحت على رأسي و قالت :

" هوّ ن عليك يا بني ...
جاءتني تبكي البارحة و تقول أنك غاضب منها و أخرجتها من غرفتك !
كانت حزينة جدا ! "




ربما تريد أمي معاتبتي لتصرفي مع رغد

أرجوك أمي يكفي فأنا قد نلت من تأنيب الضمير ما يكفي و يزيد ...

ألا ترين أنني لم أنم حتى هذه الساعة بسبب ذلك ...؟؟


" آسف لإزعاجك أماه ، تصبحين على خير "

رغد !

ما الذي تفعلينه بي !؟



نهضت متأخرا في الصباح التالي ، و حينما ذهبت إلى المطبخ وجدت أمي مشغولة في إعداد الطعام فيما تلعب رغد ببعض الدمى إلى جوارها



عندما رأتني رغد ، ابتسمت لها ، ألا أنها قامت و التصقت بأمي ، كأنها تطلب الحماية !


تضايقت كثيرا من هذا ... هل أصبحت طفلتي الحبيبة تخاف مني ؟؟



" رغد ! تعالي إلي ... "


لم تتحرك بل تشبثت بوالدتي أكثر ، الأمر الذي أشعرني بضيق شديد جدا فغادرت المطبخ فورا



ستنسى بعد قليل ... إنها مجرد طفلة و الأطفال ينسون بسرعة !

بل من الأفضل ألا تنسى حتى تبقى بعيدة عني و أتخلص من أحد همومي !


في المساء ، حضرت أم حسام بطفليها حسام و نهلة لزيارتنا

أم حسام هي خالة رغد الوحيدة و التي كانت ترعاها في السابق ، بعد وفاة والديها


حسام هو ابنها الأكبر و البالغ من العمر سبع سنوات على ما أظن ، أما نهلة فتصغر رغد ببضعة أشهر


و يبدو أن ( أخا جديدا ) على وشك الانضمام لهذه العائلة !


رغد تحب خالتها هذه كثيرا ، و الخالة تتردد علينا من حين لآخر للاطمئنان على رغد



تحوّل بيتنا إلى ملعب أطفال ... لعب ، ضحك، بكاء ، شجار ، عراك ، هتاف ، صراخ !



كانوا جميعا سعداء ، أما أنا فقد لزمت غرفتي عكفت على الدراسة .


اختفت الأصوات تماما فيما بعد ، فاستنتجت أن الضيوف قد رحلوا .


في وقت العشاء ، كنت أول الجالسين حول المائدة فقد كنت جائعا ، و لم أكن قد تناولت أي وجبة رئيسية لهذا اليوم .


الكرسي المجاور لي هو الكرسي الذي تجلس عليه صغيرتي رغد عادة
و كنت أساعدها في تناول الطعام دائما



اجتمع أفراد أسرتي حول المائدة ، ألا أن الكرسي المجاور ظل شاغرا !



" أين رغد ؟؟ "

وجهت سؤالي إلى والدتي ، فأجابت :


" أصرت على الذهاب مع خالتها و بما أن الغد هو يوم جمة تركتها تذهب لتبات عندهم ! "

اندهشت ، فهي المرة الأولى التي يحدث فيها شيء كهذا ... لطالما كانت الخالة تزورنا فلماذا تصر على الذهاب معها اليوم و اليوم فقط ؟؟




لقد فقد شهيتي للطعام ، و لم أتناول منه إلا اليسير ...

مساء الجمعة ذهبت مع أبي لإحضار رغد من بيت خالتها

دخلت أنا للمنزل فيما ظل والدي ينتظر في السيارة

لقد كان الأطفال ، رغد و نهلة و حسام ، يلعبون ببعض الألعاب في إحدى الغرف


عندما رأوني توقفوا عن اللعب ، و اخذوا يحدقون بي !

هل أبدو مرعبا ؟؟

ربما لأنني طويل و ضخم البنية نوعا ما !


ابتسمت لهذه المخلوقات الصغيرة ثم قلت :


" مرحبا أعزائي ! ألم تكتفوا من اللعب ! "


لم يبتسم أي منهم أو يحرك ساكنا !

وجهت نظري إلى صغيرتي رغد ، و قلت أخاطبها :


" صغيرتي الحلوة ! حان وقت العودة إلى البيت "

" لا أريد "


كانت أول جملة تنطق بها رغد ! إنها لا تريد العودة للبيت !


" ماذا رغد ؟ يجب أن نعود الآن فغدا ستذهبين إلى المدرسة ! "


" سأبقى هنا "



" رغد ! سوف نأتي بك إلى هنا لتلعبي كل يوم إن أردت ! هيا فوالدنا ينتظر في السيارة "


لم يبد أنها عازمة على النهوض .



و الآن ؟؟ ماذا افعل مع هذه الصغيرة ؟؟



كيف يجب ان يكون التصرف السليم ؟؟



تدخلت أم حسام قائلة :


" بنيتي رغد ، غدا سيحضرك وليد إلى هنا من جديد . و كل يوم إذا أردت اللعب مع نهلة فتعالي و أحضري ألعابك أيضا "



" لا أريد "


ثم بدأت بالبكاء ...


ربما تظن خالتها أننا نسيء إليها بشكل ما !




ماذا جرى لهذه الصغيرة ؟ لماذا أصبحت لا تريد الاقتراب مني ؟ أكل هذا لأنني
أخرجتها من غرفتي بقسوة تلك الليلة ؟



أم حسام أخذت تمسح على رأس الصغيرة و تهدئها و تكرر


" غدا سيحضرك وليد إلى هنا عزيزتي "


قلت ، محاولا إغراءها بالحضور بأي طريقة :


" سنمر بمحل البوضا و نشتري لك النوع الذي تحبين ! "



يبدو أن الفكرة أعجبتها ، فتوقفت عن البكاء و آخذت تنظر إلي ...


قالت خالتها مشجعة :

" هيا بنيتي ، و عندما تأتين غدا سنشتري لك و لنهلة و حسام المزيد من البوضا و الألعاب "


و أخذت تقربها نحوي حتى صارت أمامي مباشرة



رفعت رغد رأسها الصغير و نظرت إلي



إنها نظرة لا أستطيع نسيانها ما حييت ...

كأنها تعاتبني على قسوتي معها ... و تقول ... خذلتني !


مددت يدي و رفعت الصغيرة عن الأرض و ضممتها إلى صدري و قبلت جبينها


كيف لي أن أعتذر ؟


إنها اليتيمة التي و لو بذلت الدنيا كلها لأجلها ، ما عوضتها عن لحظة واحدة تقضيها في حضن أمها أو أبيها ...


قلت :

" ماذا تودين بعد ؟ لعبة جديدة أم دفتر تلوين جديد ؟ "

قالت :

" أريد لعبة و أريد دفترا "

قلت :

" يا لك من سيدة طماعة ! حاضر ! كما تأمرين سيدتي ! "

فابتسمت لي أخيرا ...


شعرت بشيء ما يحرك بنطالي ...

نظرت إلى الأسفل فإذا بها نهلة تمسك ببنطالي و تهزه ، ثم تقول :


" احملني ! "


نظرت إليها بدهشة و استغراب !


" رغد تقول أنك قوي جدا و كنت تحملها مع دانة سوية "


ربّاه !!

في تلك الليلة ، جعلت رغد تنام على سريري للمرة الأخيرة ... و لونت معها كثيرا و قرأت لها أكثر من قصة ، و طبعا اشتريت لها أكثر من لعبة و أكثر من دفتر تلوين إضافة إلى البوضا !

ربما كانت هذه طريقتي في الاعتذار !



إن كنت أدلل صغيرتي كثيرا فهذا لأنني أحبها كثيرا ...

و هي نائمة على سريري بسلام ، أخذت أتأملها بعطف و محبة ...



كم هي رائعة !


و كم أنا متعلق بها !

كم يبدو هذا جنونا !



ذهبت إلى حيث وضعت صندوق الأماني ، فأخذته و جعلت أنظر إليه بحدة

كم تمنيت لو أن بصري يخترق الصندوق إلى ما بداخله !


ليتني أعرف ... الاسم الذي تلا هذه الجملة


( عندما أكبر سوف أتزوج .... ؟ )




عندما تكبرين يا رغد ...



فقط عندما تكبرين ....



فإنني ...




تاااااااااااااااااااابع