عرض مشاركة واحدة
قديم 24-04-2008, 11:58 PM   رقم المشاركة : 42
أسيرة الود
( وِد ماسي )
 
الصورة الرمزية أسيرة الود




لحظة شقاوة كنت سأدفع ثمنها غاليا




كنت مابين العاشرة والحادية عشر من عمري وكانت الوالدة تستعين بمقيمة في أعمال المنزل تأتي بعد ذهابنا إلى مدارسنا وتستمر في العمل إلى قبل قدومنا من مدارسنا بقليل وأحيانا بعد قدومنا فتبقيها الوالدة لإعطائها وجبة غداء ومن ثم تسمح لها بالرحيل .في ذلك اليوم البائس لم تأتِ المقيمة خدمة والدتي لظروف خاصة بها أمرتنا الوالدة بأن نبقى هادئين لأنها متعبة ومن ثم نتغدى وننام لكي نذهب إلى التحفيظ نشيطات بعد صلاة العصر.

تناولنا الغداء وبينما الوالدة تعمل في المطبخ نادتني وكنت أقلب أحد مجلات الأطفال الدورية .تركت المجلة ولبيت ندائها .طلبت مني حمل كيس النفاية ووضعه عند باب المنزل ليأتي عامل النظافة وأخذه, استأذنتها برفع المجلة والإتيان لأخذ الكيس سمحت لي وذهبت حيث المجلة لرفعها أغرتني فأخذت أقرئها ونسيت تماما طلب والدتي .أطلت الوالدة علينا وأمرتنا بالنوم ودخلت لتنام .

انتهيت من قراءة المجلة وأردت النوم وبينما أنا ممددة تذكرت طلب والدتي .فأسرعت وأخذت كيس القمامة لوضعه عند باب الخروج ليأخذه عامل النظافة وكان الوقت آنذاك فترة الظهيرة الشوارع خالية كأنما قطع من الليل باستثناء ضوء وحرارة الشمس

وضعت كيس القمامة عند الباب وهممت بالدخول فإذا بصوت عال ينادي بلكنة عربية مكسرة ( بنت جيب كيس هنا) فإذا هو عامل النظافة ويشير إلى حاوية القمامة التي بجانبه .لم أعره انتباها وأردت الصعود إلى المنزل .أعاد النداء بصوت أعلى وأقوى أخذتني العزة كيف لهذا العامل الهندي أن يصرخ بي ويأمرني .

تناولت الكيس وحملته موهمة إياه بتوجهي نحو حاوية القمامة هدأت تقاسيم وجهه من الغضب وأخذت نظراته تراقب تحركاتي

سرتُ مسافة قليلة مبتعدة عن باب المنزل ووضعت الكيس على الأرض ثم ركلته بقدمي والتفتُ عائدة إلى المنزل فإذا بالعامل يركض نحوي بكل قوته خفت وارتعبت ومن شدة الخوف خانني ذكائي وارتبكت فبدل أن أتوجه إلى المنزل ركضت نحو الشارع الفرعي الذي يقع يمين منزلنا - فقد كان منزلنا يقع على شارعين متفرعين أحدهما عن يمين المنزل والآخر عن يساره يمتدان على طول الحي قاسم له ويرتفع الطريق إلى أن يصل إلى جبل يلتف حول الحي وقد كان الحي محتوي على عدة أزقة ضيقة - أخذت في الركض بكل قوتي وعامل النظافة يركض ورائي إلى أن وصلت إلى أعلى الجبل وأنا لاأشعر بتعب ولا أسمع إلا دقات قلبي المتسارعة من الخوف والركض .كنت أعرف مداخل أزقة الحي ومخارجه لأن معظم من يسكن الحي هم أقاربنا وجيراننا- وعيتُ على الدنيا وأنا أراهم وكنا نزور الأقارب ونعايد عليهم وعلى الجيران أنا وبنات الحي من قريبات وجارات ولا نترك بيتاً الا وطرقنا بابه ونعايد أهله ونطلب العيدية ,حتى أن الساكن الجديد يعرفه الكل فلا يجهلون ساكن كماهو الحال في أيامنا هذه فهم يتعرفون عليه في الشارع والمسجد – وبحكم معرفتي بأزقة الحي اتخذت طريقا من شارع آخر يختلف عن السابق بهدف الوصول إلى المنزل,وعند اقترابي من نهاية الطريق وجدت العامل ينتظرني عند مدخل الطريق الآخر فعدت راكضة مرة أخرى إلى الطريق السابق علني أستطيع الرجوع إلى منزلي ولكنني وجدته عند مدخل الشارع .أعتقدتُ أنه لايعرف مخارج ومداخل الحي كمعرفتي بها

ولكنه بحكم عمله كان حافظا لمخارج الحي ومداخله .خفتُ كثيرا تمنيت أن يخرج أحد الجيران لاستنجد به ويعيدني إلى المنزل ولكن لاأحد فكلا في منزله وهذا مترقبا لي لم يكل أويمل وأنا أتنقل بين أزقة الحي خائفة مرتعبة هاربة , قرب وقت صلاة العصر وأنا قد أنهكت قواي من الركض والخوف وحرارة الشمس رأيت باب أحد المنازل قد فُتح وخرج منها رجلا كبيرا يهلل ويستغفر ويسبح .لاأعرف اسمه لكنه أحد سكان الحي وكنت أراه عند عودتي من التحفيظ متوجها إلى المسجد قبل صلاة المغرب وهاهو الآن يتوجه إلى المسجد استعدادا لصلاة العصر..ركضت خلفه حتى اقتربت منه وناديته : ياعم !التفت إلي وقال : بنت ....

(ذكر اسم والدي )؟!!

سألني عن سبب تواجدي خارج المنزل في هذه الساعة من الظهيرة

ذكرتُ له سبب تواجدي وترصد عامل النظافة لي والذي منعني من الوصول إلى المنزل وخوفي وهروبي واستنجدتُ به لمعاونتي في الرجوع إلى المنزل.تغيرت ملامح الرجل وبان الغضب على وجهه وطلب مني أن آتي معه لإيصالي لمنزلي تحرك الرجل وسرتُ خلفه خائفة أترقب حتى قربنا من منزلي ورأى عامل النظافة حارس الطريق الموصل لمنزلي ذكرت له أنه عامل النظافة الذي كان يطاردني طوال فترة الظهيرة .توجه الرجل إلى العامل الهندي وسأله عم يريده مني ..الهندي المستأسد طوال الظهيرة أصبح خائفا مرتبكا يتلعثم تارة ويتحجج برمي كيس الزبالة تارة وبينما الرجل يتوعد العامل الهندي بإخبار والدي عن مطاردته لي وبالعقاب له إن رآه في الحي مرة أخرى أسرعتُ في الصعود إلى المنزل .

دخلت البيت وقابلت والدتي وهي متوجهة إلى غرفتنا لإيقاظنا استعدادا للصلاة والذهاب إلى التحفيظ .

أعتلى الخوف وجه والدتي لمنظري فقد احمر وجهي وأطرافي من شدة الحرارة والركض إلى جانب أثر الدموع على وجهي .

سألتني : أين كنتِ؟ ومالذي حصل لك ؟ ومتى وكيف خرجتِ ؟

سردت لوالدتي القصة بالكامل .وبختني لخروجي في ذلك الوقت ومنعتني من رمي كيس القمامة بعد ذلك وأنها ستكلف العاملة وإن لم تأت العاملة يقوم والدي برميها .وبعد ذلك حمدت ربها أن حفظني وستر علي ودعت لجارنا الذي أعانني وأنجدني من شر ذلك العامل

ومنذ ذلك اليوم لم تطلب الوالدة مني أو من أحد أخواتي رمي كيس القمامة .فقد تولت العاملة رميه تارة ووالدي تارة وشقيقي الصغير آنذاك تارة أخرى

.

.

.

وقفة

في السابق

لقد كانت الاحياء رغم عيوبها مساعدة في التقليل من جرائم الأجانب , لاجتماعيتها ومعرفة بعضهم البعض فالجار عرفني بنت من أكون .وغضب وأسرع لحمايتي مسارعته لحماية ابنته لأنني ابنة جاره . واعتبر عرض جاره هو عرضه .

الآن

تباعد الناس وجهل بعضهم البعض سمح للأجانب وغير الأجانب أن تكون لهم صولات وجولات في الجرائم فأصبحنا نسمع بالاعتداءات والعياذ بالله

ولاحول ولاقوة الا بالله











رد مع اقتباس