عرض مشاركة واحدة
قديم 06-05-2014, 05:24 AM   رقم المشاركة : 28
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
‏ الآية رقم ‏(‏142 ‏:‏ 143‏)‏
‏{‏ إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا ‏.‏ مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا ‏}‏
قد تقدم في أول سورة البقرة قوله تعالى‏:‏{‏يخادعون اللّه والذين آمنوا‏}‏، وقال ههنا‏:‏ ‏{‏إن المنافقين يخادعون اللّه وهو خادعهم‏}‏ ولا شك أن اللّه لا يخادع، فإنه العالم بالسرائر والضمائر، ولكن المنافقين لجهلهم وقلة علمهم وعقلهم، يعتقدون أن أمرهم - كما راج عند الناس وجرت عليهم أحكام الشريعة ظاهراً - فكذلك يكون حكمهم عند اللّه يوم القيامة، وأن أمرهم يروج عنده، كما أخبر تعالى عنهم أنهم يوم القيامة يحلفون له أنهم كانوا على الاستقامة والسداد، ويعتقدون أن ذلك نافع لهم عنده، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏يوم يبعثهم اللّه جميعاً فيحلفون له كما يحلفون لكم‏}‏ الآية، وقوله‏:‏ ‏{‏وهو خادعهم‏}‏ أي هو الذي يستدرجهم في طغيانهم وضلالهم ويخذلهم عن الحق والوصول إليه في الدنيا، وكذلك يوم القيامة، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم - إلى قوله - وبئس المصير‏}‏، وقد ورد في الحديث‏:‏ ‏(‏من سمَّع سمع اللّه به، ومن رايا رايا اللّه به‏)‏، وفي الحديث الآخر‏:‏ ‏(‏إن اللّه يأمر بالعبد إلى الجنة فيما يبدو للناس ويعدل به إلى النار‏)‏ عياذاً باللّه من ذلك‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى‏}‏ الآية، هذه صفة المنافقين في أشرف الأعمال وأفضلها وخيرها، وهي الصلاة إذا قاموا إليها قاموا وهم كسالى عنها، لأنهم لا نية لهم فيها ولا إيمان لهم بها ولا خشية، ولا يعقلون معناها كما روى ابن مردويه عن ابن عباس قال‏:‏ يكره أن يقوم الرجل إلى الصلاة وهو كسلان ولكن يقوم إليها طلق الوجه، عظيم الرغبة شديد الفرح، فإنه يناجي اللّه، وإن اللّه تجاهه يغفر له ويجيبه إذا دعاه، ثم يتلو هذه الآية‏:‏ ‏{‏وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى‏}‏، فقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى‏}‏ هذه صفة ظواهرهم كما قال‏:‏ ‏{‏ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى‏}‏، ثم ذكر تعالى صفة بواطنهم الفاسدة، فقال‏:‏ ‏{‏يراءون الناس‏}‏ أي لا إخلاص لهم ولا معاملة مع اللّه، بل إنما يشهدون الناس تقيَّة لهم ومصانعة، ولهذا يتخلفون كثيراً عن الصلاة التي لا يرون فيها غالباً ك صلاة العشاء في وقت العتمة وصلاة الصبح في وقت الغلس‏.‏ كما ثبت في الصحيحين أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً، ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم انطلق معي برجال ومعهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار‏)‏ وفي رواية‏:‏ ‏(‏والذي نفسي بيده لو علم أحدهم أنه يجد عِرْقاً سميناً أو مرماتين حسنتين لشهد الصلاة، ولولا ما في البيوت من النساء والذرية لحرقت عليهم بيوتهم بالنار‏)‏ وقال الحافظ أبو يعلى عن عبد اللّه قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏من أحسن الصلاة حيث يراه الناس، واساءها حيث يخلو، فتلك استهانة استهان بها ربه عزَّ وجلَّ‏)‏؛ وقوله‏:‏ ‏{‏ولا يذكرون اللّه إلا قليلاً‏}‏ أي في صلاتهم لا يخشعون ولا يدرون ما يقولون، بل هم في صلاتهم ساهون لاهون، وعما يراد بهم من الخير معرضون‏.‏ وقد روى الإمام مالك عن أنس بن مالك عن أنس بن مالك قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏تلكَ صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق‏:‏ يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقر أربعاً لا يذكر اللّه فيها إلا قليلاً‏)‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء‏}‏ يعني المنافقين محيرين بين الإيمان والكفر فلا هم مع المؤمنين ظاهراً وباطناً ولا مع الكافرين ظاهراً وباطناً، بل ظواهرهم مع المؤمنين وبواطنهم مع الكافرين، ومنهم من يعتريه الشك فتارة يميل إلى هؤلاء وتارة يميل إلى أولئك، ‏{‏كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا‏}‏، وقال مجاهد ‏{‏مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء‏}‏ يعني أصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم، ‏{‏ولا إلى هؤلاء‏}‏ يعني اليهود، وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏
‏(‏مثل المنافق كمثل الشاة العاثرة بين الغنمين‏)‏
‏"‏رواه أحمد عن ابن عمر مرفوعاً‏"‏ وقال ابن جرير عن قتادة
‏{‏مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء‏}‏ يقول‏:‏ ليسوا بمؤمنين مخلصين، ولا مشركين مصرحين بالشرك قال‏:‏ وذكر لنا أن نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يضرب مثلاً للمؤمن وللمنافق وللكافر كمثل رهط ثلاثة دفعوا إلى نهر فوقع المؤمن فقطع، ثم وقع المنافق حتى إذا كاد يصل إلى المؤمن ناداه الكافر‏:‏ أن هلم إليّ فإني أخشى عليك، وناداه المؤمنين‏:‏ أن هلم إلي فإن عندي وعندي يحصي له ما عنده، فما زال المنافق يتردد بينهما حتى أتى عليه الماء فغرقه، وإن المنافق لم يزل في شك وشبهة حتى أتى عليه الموت وهو كذلك، قال‏:‏ وذكر لنا أن نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يقول‏:‏ ‏(‏مثل المنافق كمثل ثاغية بين غنمين رأت غنماً على نشز فأتتها وشامتها فلم تعرف، ثم رأت غنماً على نشز فأتتها فشامتها فلم تعرف‏)‏، ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏ومن يضلل اللّه فلن تجد له سبيلاً‏}‏ أي ومن صرفه عن طريق الهدى ‏{‏فلن تجد له ولياً مرشداً‏}‏، فإنه ‏{‏من يضلل اللّه فلا هادي له‏}‏، والمنافقون الذين أضلهم عن سبيل النجاة فلا هادي لهم، ولا منقذ لهم مما هم فيه، فإنه تعالى لا معقب لحكمه ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون‏.‏






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس