عرض مشاركة واحدة
قديم 02-02-2014, 02:46 AM   رقم المشاركة : 1
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور
۩ خطبتي الجمعة من المسجد النبوي بعنوان : صفات العقلاء و الحمقى‎


اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

خُطَبّتي الجمعة من المسجد النبوى
ألقى فضيلة الشيخ الدكتور صلاح البدير - حفظه الله -
خطبتي الجمعة من المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة بعنوان:
صفات العقلاء و الحمقى
والتي تحدَّث فيها عن العقل وأنه موطن التفكير ومحل التدبير،
مُذكِّرًا بصفات العُقلاء، ومُحذِّرًا من صفات الحمقَى والجهلاء.

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الحمد لله منَّ على من شاءَ بنعمة العقلِ وأكرَم، أحمدُه على ما أسبغَ وأجزلَ وأنعمَ،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً تهدِي إلى الطريقِ الأقوَم،
وأشهد أن نبيَّنا وسيِّدنا محمدًا عبدُه ورسولُه المخصوصُ بجوامِع الكلِم وبدائِع الحِكَم،
وودائِع العلمِ والحِلمِ والكرَم، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبِهِ وسلَّم.
أمابعد
فيا أيها المسلمون:
اتقوا الله؛ فإن تقواه أفضلُ مُكتسَب، وطاعتَه أعلى نسَب
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }
[ آل عمران: 102 ]
أيها المسلمون:
العقلُ موطنُ التفكير، ومحلُّ التدبير، ومناطُ التكليف، وعلامةُ التشريف،
وسُمِّي العقلُ عقلاً؛ لأنه يمنعُ صاحِبَه عن التورُّط في المهالِك،
ويحبِسُه عن ذَميمِ القولِ والفعلِ، ويحجُرُه من التهافُتِ فيما لا ينبَغي.
وما اكتسَبَ المرءُ مثلَ عقلٍ يهدِيه إلى هُدى، أو يرُدُّه عن ردَى.
وأصلُ الرجُلِ عقلُه، وحسَبُه دينُه، ومروءَتُه خُلُقُه،
وقيل: العقلُ أفضلُ مرجُوٍّ، والجهلُ أنكَى عدوٍّ.
وقيل: خيرُ المواهِبِ العقلُ، وشرِّ المصائِبِ الحُمقُ والجهلُ.
وآيةُ العقلِ سُرعة الفهم، وقُوتُه العلم، ومِدادُه طولُ التجارب،
ومِلاكُه الشرع، ونورُه الدين. والعقلُ لا يهتدِي إلا بالشرع،
والشرعُ لا يُدرَك وتُفهَم مقاصِدُه إلا بالعقل.
لا يـســتــقِــلُّ الــعــقــلُ دون هـــدايـــةٍ بـالــوحــيِ تــأصــيــلاً ولا تـفــصــيــلاً
وإذا الـنـبــوَّةُ لـــم يـنَــلْــكَ ضـيــاؤُهــا فـالـعــقــلُ لا يـهــدِيــك قــــطُّ ســبــيــلاً
نــورُ الـنــبــوةِ مــثــلُ الـشــمــسِ لـــل عــيــنِ الـبـصــيــرة فـاتــخِــذْه دلــيــلاً
طــرقُ الــهُــدى مــســدودةٌ إلا عــلــى مـــن أمَّ هـــذا الــوحـــيَ والـتــنــزيــلاً
فـإذا عـدلــتَ عــن الـطـريــقِ تـعـمُّــدًا فـاعــلَــم بــأنــك مــــا أردتَّ وُصــــولاً
يـا طـالِـبًــا دركَ الـهُــدى بـالـعـقــلِ دو ن الـنـقــلِ لــن تـلــقَــى بـــذاك دلــيــلاً
كــــم رامَ قــبــلَــك ذاك مــــن مُــتــلــذِّذٍ حـيـرانَ عـاشَ مـدَى الـزمـانِ جَـهـولاً
مــا زالَــت الـشُّـبُـهــاتُ تـغــزُو قـلـبَــه حــتـــى تــشــحَّــط بـيــنــهــنَّ قــتــيــلاً
وقال سُفيانُ بن عُيينة - رحمه الله تعالى -:
[ ليس العاقلُ الذي يعرِفُ الخيرَ والشرَّ،
ولكنَّ العاقلَ الذي يعرفُ الخيرَ فيتَّبِعه، ويعرفُ الشرَّ فيجتنِبُه ]
وقِيلَ لرجُلٍ بلغ عشرين ومائة سنة: ما العقل؟
فقال: أن يغلِبَ حلمُك جهلَك وهواك .
وسُئِل أعرابيٌّ: أيُّ منافع العقل أعظم؟
قال: اجتِنابُ الذنوب .
وقال أبو حاتم:
[ أفضلُ ذوِي العقول منزلةً أدوَمُهم لنفسِه مُحاسبةً .
ومن كمُلَ عقلُه، وتناهَى فهمُه، وقوِيَ تمييزُه، كان لربِّه مُطيعًا، وإليه مُنيبًا،
وبقدرِ عقلِه تكون طاعتُه وعبادتُه،
قال - جلَّ في عُلاه -:
{ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ }
[آل عمران: 7]]
فأخبرَ - جلَّ ثناؤُه - أن المواعِظ والذِّكرى لا تنفعُ إلا أُولِي الحِجَى والحُلوم،
وأهلَ النُّهى والعقول.
والكفرةُ والمُشرِكون أقلُّ الناس عقلاً وسمعًا ونظرًا؛
لأنهم طرَحوا ما فيه حياتُهم وتعالَوا على ما فيه نجاتُهم،
قال الفَوجُ الذي أُلقِيَ في النار لخزَنَة جهنَّم تحسُّرًا وتندُّمًا:
{ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10)
فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ }
[ الملك: 10، 11 ]
قال ابن عباس - رضي الله عنهما - في معنى الآية:
[ لو كنا نسمعُ الهُدى أو نعقِلُه، أو لو كنا نسمعُ سماعَ من يعِي ويُفكِّر،
أو نعقِلُ عقلَ من يُميِّز وينظُر ما كنا في أصحابِ السعير ]
ودلَّ هذا على أن الكافِر لم يُعطَ من العقلِ شيئًا.
وقيل لرجُلٍ وصفَ نصرانيًّا بالعقلِ: مَهْ؛ إنما العاقلُ من وحَّد اللهَ وعمِلَ بطاعتِه.
قال تعالى:
{ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ
يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا
فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ }
[ الحج: 46 ].
قال ابن كثيرٍ - رحمه الله تعالى -:
[ فليس العَمى عمَى البصر، وإنما العمَى عمَى البصيرة،
وإن كانت القوةُ الباصِرةُ سليمةً فإنها لا تنفُذُ إلى العِبَر، ولا تدرِي ما الخبرُ ]
وقال ابن القيِّم - رحمه الله تعالى -:
[ والناسُ كلُّهم صِبيانُ العقول إلا من بلغَ مبلغَ الرِّجال العُقلاء الألِبَّاء،
وأدركَ الحقَّ علمًا وعملاً ومعرفةً ]
فلا عاقِلَ على الحقيقةِ إلا من عبَدَ اللهَ ودَه لم يُشرِك به شيئًا،
وفطَمَ نفسَه عن الشهواتِ، ورفعَها عن حَضيض أهل الفِسقِ والسَّفَه والطَّيشِ،
ونزَّهَها عن دنَسِ أهل الجهل والمآثِم والمُحرَّمات، وأقبلَ على مولاه،
واستغفرَ مما جنَاه، وتابَ وأناب،
{ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ }
[ الزمر: 18 ].
اللهم ألهِمنا رُشدَنا، اللهم ألهِمنا رُشدَنا، وقِنا شرَّ نفوسِنا،
وشرَّ الشيطان الرجيم، يا كريم يا عظيم يا رحيم.






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس