عرض مشاركة واحدة
قديم 05-05-2014, 05:19 AM   رقم المشاركة : 12
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏36‏)‏
{‏ واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا ‏}‏
يأمر تبارك وتعالى بعبادته وحده لا شريك له، فإنه هو الخالق الرازق المنعم المتفضل على خلقه في جميع الحالات، فهو المستحق منهم أن يوحدوه ولا يشركوا به شيئاً من مخلوقاته، كما قال النبي صلى اللّه عليه وسلم لمعاذ بن جبل‏:‏ ‏(‏أتدري ما حق اللّه على العباد‏؟‏‏)‏ قال اللّه ورسوله أعلم، قال‏:‏ ‏(‏أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً‏)‏، ثم قال‏:‏ ‏(‏أتدري ما حق العباد على اللّه إذا فعلوا ذلك‏؟‏ أن لا يعذبهم‏)‏ ثم أوصى بالإحسان إلى الوالدين، فإن اللّه سبحانه جعلهما سبباً لخروجك من العدم إلى الوجود، وكثيرا ما يقرن اللّه سبحانه بين عبادته والإحسان إلى الوالدين، كقوله‏:‏{‏أن اشكر لي ولوالديك‏}‏، وكقوله‏:{‏وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا‏}
‏، ثم عطف على الإحسان إليهما بالإحسان إلى القرابات من الرجال والنساء كما جاء في الحديث‏:‏ ‏(‏الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم صدقة وصلة‏)‏ ‏"‏أخرجه النسائي حديث سلمان بن عامر‏"‏‏.‏
ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏واليتامى‏}‏ وذلك لأنهم فقدوا من يقوم بمصالحهم ومن ينفق عليهم، فأمر اللّه بالإحسان إليهم والحنو عليهم، ثم قال‏:‏ ‏{‏والمساكين‏}‏ وهم المحاويج من ذوي الحاجات الذين لا يجدون من يقوم بكفايتهم، فأمر اللّه سبحانه بمساعدتهم بما تتم به كفايتهم وتزول به ضرورتهم، وسيأتي الكلام على الفقير والمسكين في سورة براءة، وقوله‏:‏ ‏{‏والجار ذي القربى والجار الجنب‏}‏ قال ابن عباس‏:‏ ‏{‏والجار ذي القربى‏}‏ يعني الذي بينك وبينه قرابة ‏{‏والجار الجنب‏}‏ الذي ليس بينك وبينه قرابة، وكذا روي عن عكرمة ومجاهد، وقال نوف البكالي في قوله‏:‏ ‏{‏والجار ذي القربى‏}‏ يعني الجار المسلم ‏{‏والجار الجنب‏}‏ يعني اليهودي والنصراني ‏"‏رواه ابن جرير وابن أبي حاتم‏"‏وقال مجاهد أيضاً في قوله ‏{‏والجار الجنب‏}‏ يعني ‏:‏ الرفيق في السفر، وقد وردت

الأحاديث بالوصايا بالجار فلنذكر منها ما تيسر وباللّه المستعان‏.
الحديث الأول قال الإمام أحمد عن عبد اللّه بن عمر أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه‏)‏ أخرجاه في الصحيحين‏.‏
الحدث الثاني ‏:‏ عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏خير الأصحاب عند اللّه خيرهم لصاحبه وخير الجيران عند اللّه خيرهم لجاره‏)‏ ‏"‏رواه أحمد والترمذي‏"‏
الحدث الثالث‏"‏‏:‏ قال الإمام أحمد عن المقداد بن الأسود قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لأصحابه‏:‏ ‏(‏ما تقولون في الزنا‏)‏‏؟‏ قالوا‏:‏ حرام حرمه اللّه ورسوله وهو حرام إلى يوم القيامة، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏‏(‏لأن يزني الرجل بعشر نسوة أيسر عليه من أن يزني بحليلة جاره‏)‏، قال‏:‏ ‏(‏ما تقولون في السرقة‏)‏‏؟‏ قالو‏:‏ حرمها اللّه ورسوله فهي حرام إلى يوم القيامة، قال‏:‏ ‏(‏لأن يسرق الرجل من عشرة أبيات أيسر عليه من أن يسرق من جاره‏)‏ ‏"‏تفرد به أحمد وله شاهد في الصحيحين‏"‏
الحديث الرابع ‏:‏ قال أبو بكر البزار عن جابر بن عبد اللّه قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏الجيران ثلاثة، جار له حق واحد، وهو أدنى الجيران حقاً‏.‏ جار له حقان، وجار له ثلاثة حقوق وهو أفضل الجيران حقاً، فأما الجار الذي له حق واحد فجار مشرك لا رحم له، له حق الجوار، وأما الجار الذي له حقان فجار مسلم له حق الإسلام، وحق الجوار، وأما الذي له ثلاثة حقوق فجار مسلم ذو رحم له حق الجوار، وحق الإسلام، وحق الرحم‏)‏

الحديث الخامس ‏:‏روى الإمام أحمد عن عائشة‏:‏ أنها سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقالت‏:‏ إن لي جارين فإلى أيهما أهدي‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏إلى أقربهما منك بابا‏(‏ ورواه البخاري من حديث شعبة به‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏
{‏والصاحب بالجنب‏}‏
عن علي وابن مسعود قالا‏:‏ هي المرأة، وقال ابن عباس ومجاهد‏:‏ هو الرفيق في السفر، وقال سعيد بن جبير‏:‏ هو الرفيق الصالح، وقال زيد بن أسلم‏:‏ هو جليسك في الحضر ورفيقك في السفر، وأما ابن السبيل فعن ابن عباس وجماعة هو الضيف، وقال مجاهد والضحاك ومقاتل‏:‏ هو الذي يمر عليك مجتازاً في السفر، وهذا أظهر وإن كان مراد القائل بالضيف المار في الطريق فهما سواء وسيأتي الكلام على أبناء السبيل في سورة براءة وباللّه الثقة وعليه التكلان‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وما ملكت أيمانكم‏}‏ وصية بالأرقاء لأن الرقيق ضعيف الحيلة، أسير في أيدي الناس، فلهذا
ثبت أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم جعل يوصي أمته في مرض الموت يقول‏:‏ ‏(‏الصلاة الصلاة وما ملكت ايمانكم‏)‏ فجعل يرددها حتى ما يفيض بها لسانه، وقال الإمام أحمد عن المقدام بن معد يكرب قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏ما أطعمت نفسك فهو لك صدقة، وما أطعمت ولدك فهو لك صدقة، وما أطعمت زووجتك فهو لك صدقة، وما أطعمت خادمك فهو لك صدقة‏)
‏ ورواه النسائي وإسناده صحيح‏.‏
وعن عبد اللّه بن عمرو أنه قال لقهرمان له‏:‏ هل أعطيت الرقيق قوتهم‏؟‏ قال‏:‏ لا قال‏:‏ فانطلق فأعطهم فإن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوتهم‏)"‏رواهما مسلم‏"‏وعن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏للمملوك طعامه وكسوته ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق‏) ‏"‏رواهما مسلم‏"‏وعنه أيضاً عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه فإن لم يجلسه معه فليناوله لقمة أو لقمتين أو أكلة أو أكلتين فإنه ولي حره وعلاجه‏)أخرجاه، ولفظه للبخاري ولمسلم‏:‏ (‏فليقعده معه فليأكل، فإن كان الطعام مشفوها قليلا، فليضع في يده أكلة أو أكلتين‏)‏وعن أبي ذر رضي اللّه عنه، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏هم إخوانكم خولكم جعلهم اللّه تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم‏(‏
أخرجاه‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إن اللّه لا يحب من كان مختالاً فخوراً‏}‏ أي مختالاً في نفسه، بمعجباً متكبراً فخوراً على الناس يرى أنه خير منهم، فهو في نفسه كبير، وهو عند اللّه حقير، وعند الناس بغيض، قال مجاهد في قوله‏:‏ ‏{‏إن اللّه لا يحب من كان مختالاً‏}‏ يعني متكبراً، ‏{‏فخوراً‏}‏ يعني‏:‏ بعدما أعطى وهو لا يشكر اللّه تعالى، يعني‏:‏ يفخر على الناس بما أعطاه اللّه من نعمه، وهو قليل الشكر للّه على ذلك، وقال ابن جرير عن أبي رجاء الهروي‏:‏ لا تجد سيء الملكة إلا وجدته مختالاً فخوراً، وتلا‏:‏ ‏{‏وما ملكت أيمانكم‏}‏ الآية، ولا عاقاً إلا وجدته جباراً شقياً، وتلا‏:‏
{‏وبرا بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً‏} وقال مطرف‏:‏ كان يبلغني عن أبي ذر حديث كنت أشتهي لقاءه، فلقيته، فقلت‏:‏ يا ابا ذر بلغني أنك تزعم أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، قال‏:‏ إن اللّه يحب ثلاثة ويبغض ثلاثة، قال‏:‏ أجل، قلت‏:‏ من الثلاثة الذين يبغض الله‏؟‏ قال‏:‏ المختال الفخور أوليس تجدونه عندكم في كتاب اللّه المنزل، ثم قرأ الآية‏:‏ ‏{‏إن اللّه لا يحب من كان مختالاً فخوراً‏}‏ قلت‏:‏ يا رسول اللّه أوصني قال‏:‏ ‏)‏إياك وإسبال الإزار‏.‏ فإن إسبال الإزار من المخيلة، وإن اللّه لا يحب المخيلة‏)‏

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏37 ‏:‏ 39‏)

‏{‏ الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا ‏.‏ والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا ‏.‏ وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا مما رزقهم الله وكان الله بهم عليما ‏}‏
يقول تعالى ذاماً الذين يبخلون بأموالهم أن ينفقوها فيما أمرهم اللّه به من بر الوالدين، والإحسان إلى الأقارب واليتامى والمساكين، والجار ذي القربى، والجار الجنب، والصاحب بالجنب، وابن السبيل، وما ملكت أيمانكم من الأرقاء، ولا يدفعون حق اللّه فيها ويأمرون الناس بالبخل أيضاً، وقد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏إياكم والشح فإنه أهلك من كان قبلكم، أمرهم بالقطيعة فقطعوا، وأمرهم بالفجور ففجروا‏)‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ويكتمون ما آتاهم اللّه من فضله‏}‏ فالبخيل جحودُ لنعمة اللّه ولا تظهر عليه، ولا تبين لا في مأكله ولا في ملبسه ولا في إعطائه وبذله، كما قال تعالى‏:‏
{‏إن الإنسان لربه لكنود* وإنه على ذلك لشهيد‏}أي بحاله وشمائله،{‏وإنه لحب الخير لشديد‏}‏ وقال ههنا‏:‏ ‏{‏ويكتمون ما آتاهم اللّه من فضله‏}‏، ولهذا توعدهم بقوله‏:‏ ‏{‏وأعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً‏}‏ والكفر هو الستر والتغطية، فالبخيل يستر نعمة اللّه عليه، ويكتمها ويجحدها فهو كافر لنعمة اللّه عليه، وفي الحديث‏:‏ إن اللّه إذا أنعم نعمة على عبد أحب أن يظهر أثرها عليه‏)‏، وفي الدعاء النبوي‏:‏(‏واجعلنا شاكرين لنعمتك، مثنين بها عليك قابليها - وأتممها علينا‏) وقد حمل بعض السلف هذه الآية على بخل اليهود بإظهار العلم الذي عندهم من صفة محمد صلى اللّه عليه وسلم وكتمانهم ذلك، ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏وأعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً‏}‏ ولا شكر أن الآية محتملة لذلك، والظاهر أن السياق في البخل بالمال، وإن كان البخل بالعلم داخلاً في ذلك بطريق الأولى، فإن السياق في الإنفاق على الأقارب والضعفاء كذلك الآية التي بعدها، وهي قوله‏:‏ ‏{‏الذين ينفقون أموالهم رئاء الناس‏}‏ فإنه ذكر الممسكين المذمومني وهم البخلاء، ثم ذكر الباذلين المرائين الذين يقصدون بإعطائهم السمعة وأن يمدحوا بالكرم، ولا يريدون بذلك وجه اللّه‏.‏ وفي حديث‏: ‏(‏الثلاة الذين هم أول من تسجر بهم النار، وهم‏:‏ العالم والغازي والمنفق والمراؤون بأعمالهم يقول صاحب المال ما تركت من شي تحب أن ينفق فيه إلا أنفقت في سبيلك، فيقول اللّه‏:‏ كذبت إنما أردت أن يقال جواد فقد قيل‏:‏ أي أخذت جزاءك في الدنيا وهو الذي اردت بفعلك، وفي الحديث أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال لعدي بن حاتم‏:‏‏(‏إن أباك أراد أمراً فبلغه‏)‏ وفيحديث آخر أن رسول الّله صلى اللّه عليه وسلم سئل عن عبد الله بن جدعان هل ينفعه إنفاقه وإعتاقه‏؟‏ فقال‏:‏ ‏(‏ لا، إنه لم يقل يوماً من الدهر رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين‏)‏، ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏ولا يؤمنون باللّه ولا باليوم الآخر‏}‏ الآية‏.‏ أي إنما حملهم على صنيعهم هذا القبيح، وعدولهم عن فعل الطاعة على وجهها الشيطان، فإنه سوّل لهم وأملى لهم، وقارنهم فحسن لهم القبائح، ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏ومن يكن الشيطان له قريناً فساء قريناً‏}‏، ولهذا قال الشاعر‏:‏
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه * فكل قرين بالمقارن يقتدي
ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا مما رزقهم اللّه‏}‏ الآية، أي واي شيء يضرهم لو آمنوا باللّه وسلكوا الطريق الحميدة، وعدلوا عن الرياء إلى الإخلاص والإيمان باللّه، رجاء موعوده في الدار الآخرة لمن يحسن عمله، وأنفقوا مما رزقهم اللّه في الوجوه التي يحبها اللّه ويرضاها‏؟‏‏!‏ وقوله‏:‏ ‏{‏وكان اللّه بهم عليماً‏}‏ أي وهو عليم بنياتهم الصالحة والفاسدة، وعليم بمن يستحق التوفيق منهم فيوفقه ويلهمه رشده، ويقيضه لعمل صالح يرضى به عنه، وبمن يستحق الخذلان والطرد عن جنابه الأعظم الإلهي، الذي من طرد عن بابه فقد خاب، وخسر في الدنيا والآخرة عياذاً باللّه من ذلك‏.‏






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس