عرض مشاركة واحدة
قديم 09-07-2009, 02:33 AM   رقم المشاركة : 2
حياة الروووح
( ود فعّال )
 
الصورة الرمزية حياة الروووح
 






حياة الروووح غير متصل

الحلقة السابعة
* * * * * * * *
دوخة









وصلنا بيت ( شوق ) ، أنا و ( سلمى ) حوالي الساعة ثمان ...


طول المشوار ، و أنا قلبي يخفق بسرعة و توتر ، كأني باسوي مقابلة شخصية للالتحاق بالجامعة !




كنت خايفة ... و متوجسة ... من شوفة زوجة عسل ، و اللي ما قط شفتها من قبل



ياما تخيلتها ، و رسمت لها صورة ببالي ...

شكلها ، هندامها ، صوتها ، أطباعها ...



كل شي ... صورة كاملة عن شخصية ما عمري عرفت عنها شي ، غير أنها بنت خالة ( شوق ) ، و أن اسمها

( منال ) ، و أنها التحقت بالجامعة هذه السنة – يعني أصغر مني – و أنها ... تزوجت الرجـّـال اللي أنا أحبه ...



رسمت لها هالصورة ، و كرهتها !







طبعا عندي فضول أني أشوف ، الإنسانة اللي يعيش معها حبيبي ، و تشاركه كل شي ... لكن ، أنا للآن

جرحي ينزف ، و ناري ما خمدت ... ما هو الوقت المناسب إني اتلقى صدمة تهدني من أول و جديد ....






عند المدخل ، وقفت ، و تراجعت خطوة وحدة ، و ناظرتني سلمى مستغربة :




- ها قمر ؟ وش بلاك راجعة لوراء ؟

- سلمى ... أبي أرد البيت !







مسكتني من إيدي و سحبتني معها ... دون ما تقول شي ... ، و دخلنا البيت ....










تغير ، سووا بالحديقة و الممر تعديلات ، عن آخر مرة شفتها قبل كم شهر ...

الأشجار كانت منسقة على جانبي الممر العريض بشكل فني مدهش ...

و الجو عابق بريحة الورود ممزوجة بالرياحين ... مع رطوبة باردة ، تخلفها الأشجار في الليل ، و تحملها الأنسام إلى

صدورنا ، و نحس براحة و انتعاش تلقائيين ... !










عند بوابة البيت ، كانت ( شوق ) واقفة تنتظرنا ...



استقبلتنا بترحيب حار ، و بـ ( شوق ) مماثل لاسمها الجميل ...

ما كأننا قبل كم ساعة بس ، كنا سوى بالجامعة !









حتى من داخل البيت ، التصميم تغير ، و الغرف تبدلت ... بس كان ، تحفة فنية مدهشة ...

آخ لو كان هذا بيتي ... ! يا ليت ...







أخذتنا شوق إلى غرفة جانبية ، أذكر أنها كانت من قبل مكتبة ، و أذكر .. أن الغرفة اللي جنبها على طول ، كانت ...

مكتب سلطان ...








- تغير بيتكم كثير يا شوق !

- صحيح ! من مدة ما زرتينا ، يمكن نص سنة أو أكثر ! بيتنا على ذي الحال من حول خمسة شهور !






صحيح ، معها حق ، صار لي شهور ما جيتهم ...

طبعا الأحداث ارتبطت بمسألة خطوبة سلطان و زواج سلطان ...


اللي خلى سلمى – عشان تسكر أي باب ينفتح لذكر سلطان – تقول مغيرة الموضوع :







- سويتي لي البيتزا و الا لا ؟ قولي بسرعة ترى ( سوّاقي ) ينتظر برى و إذا ما فيه بيتزا أخذت بعضي و مشيت !





ضحكت شوق ، و قالت بين ضحكاتها :



- لا تخافي ! سويت لك صينية كامله عشانك وحدك ! و إذا ما اعجبتك ، خليت ( سوّاقك ) يروح يجيب بيتزاية وحدة

من كل المطاعم اللي بالشرقية !










بعد فترة ، طلعت شوق ....






- وش فيك قمر ؟ شارذة عنا ؟





سالتني سلمى ، و هي لاحظت أني قليل اللي اتكلم ، و ابتسم ...





- تتوقعين ... تجي ؟

- ردينا ؟ وش عليك منها حتى لو جت ؟ وحدة ما تعرفينها ، أنت ِ جاية لبنت خالتها مو لها هي ،

و أظن أن شوق منتبهة للنقطة ذي ، و لا راح تتعمد تجمعكم !








طمـّـني كلام سلمى ، ما فيه أي داعي يخلي شوق تجيب منال تجلس وسطنا ...

و تطمنت أكثر لما رجعت شوق وحدها ، و قالت بدعابة :







- تفضلوا ...

( البيتزا ) جاهزة !










في غرفة المائدة ، جلسنا احنا الثلاث متعاونين على ذيك بيتزا لين قضينا على معظمها !

كانت الجلسة حلوة و السهرة ممتعة ، و انبسطت بشكل أكثر مما توقعت ...

أو بالواقع ... انهرت بشكل أفظع مما توقعت ...








بعد العشاء ، رجعنا للغرفة الأولى ( المجلس ) ، و بطريقنا لمحت باب الغرفة المجاورة – مكتب سلطان – مفتوح شوي ...







دخلنا المجلس ، و جلسنا عند الكنبات اللي عند نفس الجدار ، اللي يفصل بين الغرفتين ، المجلس و مكتب سلطان ،

... و أنا اتخيل أن سلطان موجود بالغرفة الثانية ... و يفصلني عنه ، جدار واحد بس ...








ايش يصير ... لو يتحطم هذا الجدار ....

ايش يصير ، لو تتحطم كل الجدران اللي بالدنيا ـ اللي فصلت بيني و بينك ...

ليت الجدار كان شفاف ، و أشوفك ...

ليته كان زجاج ، و أكسره و أجيك ...

ليت كان فيه بس نافذة ، أطل منها عليك !

او حتى ثقب ، أناظرك منه ...

ليت شوق و سلمى ، يناموا دقايق بس ، باروح أشوفه و أرجع !

يا قربك و يا بعدك ...








مثل المجنونة صرت و قلبي متعلق عند ذاك الجدار ، لمجرد أني تخيلت ، أن سلطان موجود خلفه ...

أجل وشلون لو كان ... صحيح موجود ...؟؟؟







حلقت بخيالي في سماه ، و نسيت حالي ...

شوق و سلمى يسولفوا و أنا بعيدة عنهم ... فكري و بالي نسيتهم عند باب ذيك الغرفة ... لفيت براسي صوت

باب المجلس ، و أنا أتخيل نفسي أقوم ، و اطلع ، و أروح له ... أو أنه هو يجي و يفتح هالباب !






و انفتح الباب ... !







ارتعبت ، و وقف قلبي ... و انحبس آخر نفس أخذته داخل صدري ، و عيني انفتحت أوسعها .... و أنا ارتقب ...

أكيد أنا أتخيل ... الباب ينفتح ببطء ... الحين بيطل منه سلطان ؟؟؟

خيالي رح يتحقق ؟؟؟ سلطان هذا أنت ؟؟؟







و دِخـْـلـَـت ....







كنت أنا أول وحدة انتبهت لها .... و جت عينها على عيني على طول ، كأنها جاية متعمدة تشوفني ، تدوّر علي ....




- السلام عليكم ...




لما جا صوتها ، انتبهت لها شوق و سلمى ، و اللي كانوا مشغولين بالكلام و الضحك ...







إش صار بعد كذا ؟؟؟


خلي سلمى ، تحكي لكم ....





*
* *
*











كنا جالسين نسولف ، و نضحك بمرح ، أنا و شوق و قمر ، في بيت شوق ...

كانت قمر معظم الوقت ساكتة ، و يا دوب تبتسم ...



فجأة ، سمعت صوت غريب :





- السلام عليكم







و التفت جهة الصوت عند الباب ، و شفت ( منال ) ...



أول شي قفز ببالي على طول ، هو قمر


و قبل ما أرد السلام ، التفت عليها ...


قمر ما كانت شافت منال من قبل ، و كانت خايفة تلتقي بها هذه الليلة ، و أنا قلت لها :

( مستحيل شوق تتعمد تجمع بينكم .... )








الحين ، و أنا أطالع بوجه قمر ، و أشوف عينها مفتوحة لأقصى حد ، و وجهها مخطوف اللون ،

و تعابيره كأنها تعابير المحتضر لا شاف ملك الموت ... الحين بس عرفت و قدرت الخوف اللي كانت عايشتنه ...








وقفت شوق ، و علامات الدهشة على وجهها ، و نقلت انظارها بيننا احنا الثلاث ، و قالت ترحب بـمنال :



- و عليكم السلام ! هلا منال ...







كان واضح عليها أنها ما توقعت منال تجي ...






أنظار منال الحين جت علي ، و وقفت من باب الأدب و سلمت عليها و صافحتها

الدور التالي طبعا كان ... على قمر ...

قمر جامدة في مكانها مثل التمثال الخشبي ...

شوق ، حبـّـت تعرّف عن كل وحدة للثانية ، لأنهم أول مرة يلتقون ...







- هذه صديقتي و زميلتي قمر



قالت موجهه كلامها إلى منال ، و بعدها ، طالعت في قمر ، بنفاذ حيلة ، و قالت :



- ... منال ... زوجة أخوي سلطان ....








منال ابتسمت ، و مدت إيدها تبي تصافح قمر ، و لا هي دارية عن شي !


ضربت جزمة قمر بجزمتي ضربة خفيفة ، أبيها تتحرك ، تقول شي ...


ما أدري ، هي حست بالضربة أو لا ؟ بس شفت راسها يطاطىء صوب الأرض ، و يدينها ترتكز على الكنبة ، كأنها

تبي تستند عليهم عشان توقف ، و شوي شوي ، ارتفع جسمها عن الكنبة كم بوصة ، قبل ما تنهار عليه فجأة و تغيب

عن الوعي .....











الأحداث اللي صارت بعد كذا جت بسرعة ، ما لحقت أسجل تفاصيلها الدقيقة بذاكرتي ...


كانت ليلة ما تنسى ، منها كرهت البيتزا – اللي ما لها ذنب – و ما عدت آكلها ...

كل البيتزا ، و كل اللي أكـَـلـَـتـْـه على ذاك العشاء طلع في حالة مهولة من الترجيع ...








أذكر ، أن ضغطها ، لما جابت شوق جهاز الضغط و قاسته بسرعة ، كان سبعين على خمسة و ثلاثين ...





حسيت ليلتها ، أن روحها خلاص بتطلع ... كأنها حالة تسمم حادة ، بس كانت صدمة عصبنفسية مباغتة ..





كان نبضها بالمرة مضطرب ، و أنا أصريت نوديها للمستشفى في الحال


قمر كانت معترضة ، تقول باروح البيت ... ، بس حالتها ما طمنتني


أصلا هي ما قدرت ترفع راسها عن الكنبة ، كانت دايخة بالمرة و عينها اللي كانت مفتوحة حدها قبل شوي ، غمضتها

و ما عاد تقدر تفتحها ... تقول :

(الدنيا تدور)









جيت أبي أقوم أتصل لأحد من أهلي أو أهلها ، يجي يوديها المستشفى ، و سمعت منال تقول :



- نخلي سلطان يودينا ؟



ردّت عليها شوق :




- سلطان موجود ؟

- ايه بالمكتب







و كان صبعها يأشـّـر على الجدار اللي ورانا ، و بنفس اللحظة طلعت بسرعة ، عشان تروح تقوله ...




يا ليت كان عندي سواق ، ينتظرني عند الباب ... يا ليت ...



مسكت التلفون ، بغيت أتصل لأمها ، بس شوق منعتني





- ما فيه داعي يا سلمى ، لا تخوفينها ، شوي و تصير زينة ... دوخة و تروح ...


و يا ليتها كانت ... ( دوخة و تروح .... )








كان بو ثامر – والد قمر – حسب اتفاقنا ، رح يجينا حول الساعة عشر ونص


طالعت الساعة ، كانت عشر إلا ثلث ، قمر ، فتحت عينها و رفعت راسها شوي شوي ،

و حطت إيدها على جبينها ، و تأوهت ...




- ودوني البيت










شفت ، كأن وضعها أفضل و الدوخة بدت تروح ...


- قمر أنت ِ بخير ؟ وش تحسي فيه ؟








سألتها بقلق ، و هزت راسها ، تطمني أنها بخير ...

و بعدها ردت تقول :



- ودوني البيت







و اسندت راسها على مسند الكنبة... و غمضت عينها مرة ثانية ...




شوي ، و جت منال تقول :


- يالله ... السيارة تنتظر ...







صبرنا دقيقتين أو ثلاث ، لين خفت الدوخة عنها ... و قدرت توقف ، و أنا و شوق ساندينها من الجنبين ...


منال سبقتنا للسيارة ، و احنا نمشي شوي شوي ماسكين قمر ، تهيأ لي أنها بـ تطيح أي لحظة ...

ما كانت طبيعية ، سمعتها تقول ، و احنا نعبر ممر بالبيت رايحين للسيارة :





- ريحة الورد حلوة ... !

باكسـّـر الجدار ... !








صحيح كانت ريحة الورد و الرياحين مالية الجو ، بس التعليق جا مو في مكانه ..!

أما ( بـ اكسر الجدار ) فما لقيت لها أي تفسير ؟؟؟









وصلنا السيارة ، كانت منال جالسة قدّام ، و سلطان مو بها


جلسنا على المقاعد الخلفية ، أنا على اليمين ، و شوق على اليسار ، و قمر بيننا






ثواني و وصل سلطان ، و بسرعة ساق ، و وصلنا المستشفى بعد سبع دقايق



طول الوقت ، و قمر راسها مايل على كتفي ، و إيدي بإيدها و كل شوي أسألها :



- كيف تحسي ؟






و يجي جوابها بضغطة خفيفة من إيدها على إيدي ( أنا بخير )





وقف سلطان السيارة عند بوابة الطواريء ، و نزل ... رايح يجيب كرسي عجلات


قمر فتحت عينها و تلفتت من حواليها ، و قالت باعتراض :






- ودوني البيت ! ما رح أنزل هنا أنا بخير ...

- لكن يا قمر ...




قاطعتني :

- سلمى تكفين أبي أرجع البيت ...









ثواني و رجع سلطان بالكرسي ، و لما وصل لعند السيارة فتحت شوق النافذة و قالت:



- خلاص أخوي بنوصلها بيتها ...


و رجعنا بطريقنا ...







*
* *
*









أخوي سلطان صار يسوق بسرعة طبيعية ، و كانت عيني أنا و سلمى على قمر ، مو على الطريق ...



ما انتبهت ، إلا على صوت أخوي ، لما وصل مفترق طرق ، يسأل :


- وين ؟



رفعت عيني عن قمر و طالعت الشارع ، و ناظرت أخوي بالمراية و قلت له :



- يمين ، ... بيت بو ثامر ...








و نظراتي بنظراته على المراية ، شفت – رغم أن الإضاءة خافتة – شفت نظرته فجأة تضطرب ، و جفونه تنفتح

على آخرها ... و حدقت عيونه بعيوني تسألها :




- ( هذه قمر ؟؟؟ )

و هزيت راسي هزة بسيطة : ( .. نعم .. )







وقتها بس ، عرف سلطان أنها كانت ... قمر ...










وصلنا عند آخر لفة ، توصل لبيت بو ثامر ... كانت يد قمر بيد سلمى ... ما أدري وش حست بها فجأة ، لأنا سمعناها

فجأة تنادي بصوت عالي مفزوع :





- قمر ! .... قمر .... تسمعيني ؟؟؟





فزعنا كلنا ، و وقف أخوي سلطان السيارة قريب باب البيت ...

و قمنا أنا و سلمى نهز قمر ، نبيها تجاوب أو تتحرك ، لكنها كانت مثل قطعة القماش




صرخت :



- ارجع المستشفى يا ســلــطــان







و بسرعة ، و بلمح البصر ... ( طار ) بالسيارة طيران للمستشفى ... المشوار ، ما أظن أخذ أكثر من دقيقتين !





وصلنا عند بوابة الطوارىء ، و فتح سلطان الباب بسرعة و قفز من السيارة ...


ها المرة ، ما راح يجيب كرسي العجلات ...


لف على الباب اللي جنبي و فتحه بسرعة ، و صاح :




- انزلي شوق ...




أنا ، ما استوعبت شي ، ما مداني استوعب ... طالعت به و حتى قبل توصله نظراتي المستغربة ، رد صرخ علي :


- بسرعة شوق !






نزلت من السيارة ، و جا هو ... و مد يدينه داخل ، و شال قمر على ذراعيه ... و طار بها لداخل المستشفى ...





ركضنا وراه ، وصلنا و شفنا ه يحطها على السرير ، و تجي الممرضات و يختلط هذا بهذا و تعم الفوضى ...







*
* *
*







من مجرد ( دوخة و تروح ) ، إلى نزيف داخل الدماغ ...






التشخيص اللي وصل له الأطباء بعد الفحوصات المكثفة ...




صديقتي أنا ، أعز و أقرب صديقاتي ، و أحب انسانة لقلبي ، صار عندها نزيف داخل الدماغ ...


بعد ما انفجر شريان صغير ضعيف البنية في راسها ، بسبب اضطراب مفاجيء في الضغط ....



ظلت قمر ساعات غايبة عن الوعي ...




أذكر أنها لثواني فتحت عينها ، قبل ما ياخذوها لقسم الأشعة ، و يتهيأ لي أني سمعتها تهذي ، مرة ثانية ....


- ( بـ اكسر الجدار ... ! )





إش كانت تقصد ؟ الله أعلم ... !





قالتها مرتين أو ثلاث ، و ردت غابت عن الوعي ، و لا أفاقت إلا يوم ثاني ...






إلى الآن ، مرت ثلاثة أسابيع تقريبا ، قمر استردت عافيتها كاملة ، و لأن النزيف كان بسيط ما احتاجت لأي عملية ،

الحمد لله ، بس ظلت كم يوم بالمستشفى تحت الملاحظة ...








حالتها ظلت مستقرة جدا ، و الأطباء أكدوا أن الشريان اللي انفجر كان به نقطة ضعف في أنسجته ، و هذا ما يقتضي

بالضرورة أن بقية الشرايين بها نفس المشكلة أو أن قمر احتمال تجيها نفس الحالة مرة ثانية ...






و أنا بعد ، ما خليت كتاب فيه موضوع عن ( نزيف الدماغ ) إلا و قرأته ، لين تهيأ لي أني بـ صير ( جرّاحة مخ و أعصاب ) !







الأحداث اللي صارت ، كرّهتني بأشياء واجد ...

كرّهتني في نفسي ، لأني ضغطت على قمر أنها تروح معي لشوق ذيك الليلة ...

كرهتني في أهلي ، اللي ما هم مقتنعين يجيبوا لي سواق انتفع به وقت الأزمات !

كرهتني بالبيتزا !

و كرهتني بعد ... أكثر و أكثر .. في سلطان ....








سلطان هو السبب ، و بـ أحمله مسؤولية أي شي يصير لقمر ...




قمر ... ما قدرت تتذكر أي شي صار ، من لحظة شوفتها لـ منال ... الى اللحظة اللي صحت فيها من الغيبوبة ، يوم

ثاني ...







*
* *
*








بالرغم من أني كنت جافة في معاملته ، بسـّـام طول الأسابيع اللي طافت ، كان يعاملني بكل عطف و حنان ... و إذا

باعترف ... و بحب ...






نظرتي له تغيرت ، و بديت أتعاطف معه ، و حسنت موقفي منه كثير ...


لكن ... ما حبيته ...



الشي اللي خلاني ، و بعد تفكير و عوار راس في أحرج مراحل حياتي ، أفكر أني ... أفك ارتباطي به ...





بسّـام يستاهل وحدة أفضل مني ، وحدة مستعدة تستقبل مشاعره الدافية ، و تبادله نفس العطاء ...




هذا القرار بعدني ما أعلنه ، و ما لي إلا سلمى ... اعرض عليها مخاوفي ...


سلمى جاية لي بعد شوي ، حسب اتفاقنا ... و رح أقول لها ، أنا وش أفكر فيه ....









و في موعدها ، وصلت ... و جتني الغرفة ، و ابتسامتها تسبقها ، و المرح دوم على وجهها الدائري حتى في أصعب

الظروف !







- سلمى فيه شي ، ودي تشاركيني فيه ...

- خير قمر ؟ كلـّي لك !






ابتسمت ، و بعدها أظهْرت ملامح الجد ... و قلت ، بدون لف و لا دوران :



- بـ افك خطوبتي من بسـّـام ...





ما تغيرت البسمة و تعابير المرح على وجهها ، و قالت بعد صمت ثواني :




- مزحة ثقيلة قمر ! هاتي غيرها !







جلست فترة طويلة أحاول اقنعها بمبرراتي ...

الرجّـال ما يستاهلني ، يستاهل وحدة أفضل ... أنا ما شفت به عيب و هذا اللي ذابحني ...

حرام أظلمه معي و أنا ... ما احبه ! و الله ما احبه !







- قمر اسمحي لي أقول لك : أنت ِ انسانة مستهترة و ما عندك وفاء !






كانت أقسى كلمات قالتها سلمى لي ، و ظلـّـت تهاوش فيني مدة ، و صرخت بوجهها :





- ليه مو قادرة تفهميني يا سلمى ؟ حرام علي أظلم الرجـّـال معي ،

سلمى أنا ما أحبه ! لا حبيته و لا عمري رح أحبه ! ما أحبه غصب هي ؟







- أكيد ما تحبينه ، دام (سلطانوه ) اللعين بعده عايش ...

الله ياخذ روحه ذي الساعة و يفكنا منه آمين!







ما وعيت لنفسي ... إيدي تحركت لا إراديا ، و صفعت سلمى على خدها بقوّة ...





سلمى جمدت بمكانها ... مذهولة من ردة فعلي ... و أنا نفسي تجمدت ... ما عرفت إش أسوي بعدها ...






راحت سلمى صوب مكتبي ، و مسكت قبضة واحد من الأدراج ، الدرج اللي تعرف إني فيه أحتفظ

بكل شي يخص ذكريات سلطان ... سحبت الدرج بقوة ، و مدت إيدها و طلـّـعت أوراق كثيرة ،

و بعصبية رمتها صوبي و هي تصرخ :







- عشان هذا ناوية تدمري حياتك ؟ عشان هذا مستعدة تضحي بخطيبك ؟ عشان هذا تصفعيني أنا يا قمر ؟؟؟

عشان سلطانوه الزفت ؟ إش استفدت ِ منه و إش جاك من وراه ؟

خذي ...








و هي تطلع في الأغراض و ترميها صوبي شي ورا شي ...



- خذي ...

هاك سلطان ... خذي بعد ... و بعد ... لين تموتي بسببه و تشبعي مـــــــــــــــوت






أنا ، ما سويت أي شي ...


ظليت أراقبها في ذهول و هي ترمي علي الرسايل ... المذكرات ... الكتب ... و السبحة ...





من بين كل الأشياء ، مديت ايدي و التقطت السبحة ... راقبتني سلمى و أنا أمسك بالسبحة كأني أمسك بروحي لا

تطلع ...







غصبا علي ... فاضت عيوني بالدمع ، و أنا أشوف ذكريات سلطان ... تنرمي و تتبعثر حوالي ...

و سلمى تصرخ بوجهي بعصبية و قسوة ما عهدتها عليها من قبل ....






لما شافت دموعي تسيل ، و أنا اطالع فيها ... كأني أرجوها ... لا ... لا تقتلي سلطان ... لا أرجوك ...





هدأت نوبة التهيج اللي اعترتها ... و ابتعدت عن المكتب ... و جت لعندي ...





جلست جنبي ، و مدت يدها تبي تنزع السبحة من بين أصابعي ، و ضغطت بقوة ، بكل قوتي عليها ...

هي تشد ، و أنا أشد ...



( لا يا سلمى لا ... لا ... لا ... )








و انقطعت السلسة ... و تبعثرت الفصوص على الأرض من كل جهة ...




جرت أنظاري تركض ورا الفصوص ... كل واحد استقر بمكان ... و في إيدي ، ظلت السلسة مقطوعة تترنح ....



- سلطان ... انتهى ...




قالتها و هي تشد على صوتها بحدة ، و تشير الى الفصوص المتبعثرة ... كأنها تقارن نهايتها بنهاية سلطان ...

المصير واحد .....








هويت براسي على الكنبة ، و بكيت ...

بكيت بكاء طويل ، و عميق ، و شجي ....






ظليت أبكي و أبكي و أبكي ، و صورة الفصوص و هي تتبعثر على الأرض من حولي ، مطبوعة بأنظاري ...



ما حسيت لسلمى ، و لا دريت عنها و هي تطلع من الغرفة ، دون كلمة زيادة ...




أول ما رفعت راسي بعد مدة طويلة ، تلفت ، و لا شفتها ...



شفت الأوراق متبعثرة عند رجلي ، مديت إيدي و أخذت أقرب ورقة منها ... و قريت :



((( قمره ... الوالدة خطبت لي بنت خالتي البارح ، أنا تدبـّـست ... )))







التوقيع :
لابد.. لابد.. لابد... من فراق الأحباب