عرض مشاركة واحدة
قديم 21-06-2011, 04:16 PM   رقم المشاركة : 23
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

روايــــــــات سعوديــه كامـــله



الفصل السادس

في صباح اليوم الجديد, لينا جالسة في أخر الباص مثل عادتها وهي تتأمل الشوارع من خلال القزاز المظلل من غير اهتمام . إلى الآن ما تدري وش اللي ممكن تسويه؟ سابقا كانت تفكر إنها لو تزوجت بتحاول قدر ما تقدر إنه يكون زواجها ناجح لكن الآن كل أفكارها سوداء تجاه مستقبلها المجهول. غيرت لينا من وضعية جلوسها وغمضت عينها يمكن يكون فيه شيء متخبي في عقلها ما طلع إلى الآن. صوت جوالها بنغمة منخفضة ينبها إنها لازم ترد مدت يدها بكسل وشافت إن المتصل راكان . في داخلها حست إنه من الغباء تهرب منه كل هذا الوقت لأنها في النهاية بتواجهه فالأفضل إنها تبين له من الآن موقفها عشان يكون مستعد ومتقبل لفكرة إنها بتسود عيشته بسبب اللي سواه معها. فتحت الخط وحطت الجوال على أذنها وبصوت عملي
" هلا "
"أهلين لينا صباح الخير "
" صباح الخير "
" كيفك إن شاء الله تمام؟ "
" تقريبا الحمد لله "
توقعت إنه بيفتح لها موضوع الظرف أو إنه بيتلاعب بكلمات عاطفية على الصبح لكنه فاجئها بصوته الرجولي الهادي
" لينا في شيء لازم تعرفينه عن أهلي "
كل ذرة من لينا تسبح في عالم ثاني لأنها ما تخيلت يكلمها عنهم أبداً. كانت مستعدة لتقبل فكرة إن أهله ما يبغونها ومع هذا حست بشعور مفاجئ في صدرها وقلبها يتسارع في ضرباته وهي تحاول ضبط تنفسها وإظهار صوتها بطبيعته
" عن اهلك؟ "
"أنتي تعرفين أهلي يا لينا على الأقل من جهة أمي هو أنا المفروض أقول لك كل هذا من قبل لكن أنتي ما كنت تردين على تلفوناتي ولا حبيت بعد أقول لك من أول مكالمة أكلمك فيها "
" أها "
ما لقت لينا شيء تقوله غير كلمتها المعتادة فكمل راكان بشكل طبيعي لكن عن طريق سؤال
" لينا أنتي تعرفين وحدة أسمها شمس ...شمس ظافر؟ "
كمية كبيرة من الهواء البارد لمكيف الباص اندفعت لصدر لينا واحتبس داخله في استعداد للكلام اللي بتسمعه وهي تقول بصوت غريب
"أيوه؟ "
"شمس ظافر تصير خالتي "
لينا مصدومة
"كيف؟ "
"هذا اللي مفروض تعرفينه أنا أصير ولد لطيفة أخت شمس من زوجها الأول ويمكن ما سمعتي شمس تتكلم عني لأني عشت مع أبوي في الجنوب أما أمي وأهلها سكنوا في الرياض وما احتكيت معهم كثير إلا في السنوات الأخير بعد ما تخرجت من أرامكوا "

لينا تخدرت من الصدمة و حست إنها لحالها توقف في فراغ رمادي ما له أي أبعاد وساعتها البيولوجية داخل جسمها فقدت نظامها وكل عضو من جسمها تجمد في ثواني . هذا اللي تكلمت عنه شمس وعن شروطه التعجيزية ومزاجه الغريب وأنه من الصعب التفاهم معه بعكس عبد الله. تفاجئت والخوف يغطيها لما جاء ذكر عبد الله بشكل تلقائي لذهنها هي ما تهتم له أبداً وإن كان يحبها فما هو بضرورة إنها تبادله المثل لكن الفرق بين شخصية الاثنين فرق شاسع عبد الله صريح طيب يحن على أخواته ويحتويهم يهتم لأمه يحس بكل شخص حوله إنسان اجتماعي نشيط يحب يخدم كل من يحتاج له بعكس راكان فا من كلام شمس عنه أنه فض وجلف وجافي ما يكثر الكلام وإنه اجتماعي في المحيط الشبابي بس أما بين عائلته لا. شخص ذكي وقوي ملاحظة ومكرس معظم وقته لعمله وصداقاته يتخذ قراراته وينفذها حتى لو ضايقت من حوله و أصعب شيء تقدر تتقبله أنه كان من الممكن يمد يده على أخواته إذا طولت وحده منهم لسانها عليه. أبلعت لينا ريقها لأنها تشك في ضبط لسانها وعصبيتها. والمصيبة الجديدة الآن شمس اللي سبق وكذبت هي عليها قد أيش معرفتها بكل هاذي الأمور اللي حطها راكان فيها؟. كررت في نفسها أن في كل مشكلة راكان راكان و راكان وبطريقة ما تخيلتها لينا أنطقت أسمه ولأول مرة على مسامعه
"راكان أنا ما استوعبت شيء من اللي قلته لكن أسمح لي بسؤال واحد شمس تعرف بالقصة كلها؟ "
راكان باقتضاب
"لا "
أخيراً خرج الهواء من صدرها دفعة وحده وارتخت أكتافها وهي تسند ظهرها على الكرسي واجتاحتها برودة في جسمها و في أطرافها. أنتبه راكان لتنهيدتها فقال
" لينا ما أحد يعرف غير أني خطبت وحدة وأهلها وافقوا بس أنا بأعرف أنتي وش قلتي لشمس؟ "
لينا وهي عاقده حواجبها بعصبية
"شمس سألتني فقلت لها أنه واحد أعجب أبوي وافق عليه "
راكان سأل بيتأكد
"ما قلتي لها غير كذا؟ "
رجع طبع لينا الحاد لها واللي ينسيها مع من تتكلم. فوق إنه هو اللي ورطها وحطها في أكثر من مرة في موقف سخيف ما يصدقها
" شف عاد ما هو أنا اللي تنقل سيرة أهلها ولا أسرار بيتها على كل لسان "
راكان أدرك خطأه فقال يهديها
" يا صباح الهدوء و السلام "
ما ردت عليه لينا فقال
" شكلي خربت عليك يومك عموما أنسي كل هذا ولا كأن أي شيء صار "
لينا بانفعال
" لحظة لحظة لحظة حلوة ذي ولا كأن شيء صار أنت قلت لشمس ولا لا؟ "
"على ؟ "
" على موضوعنا "
" قلت لك لا "
لينا بحرج و ارتباك
" ما أقصد قضية الدين "
راكان يتعمد يحرجها
" أجل وش؟"
لينا توترها زاد و تضايقت في مكانها وبصوت تمنت أنه يكون طبيعي قالت
" يعني أنت قلت لها على أني خطيبتك؟ "
"أيـه تقصدين زوجتي وإننا ملكنا, أنا بس أصحح لك لأن كلمت خطيبتك خطأ يا عزيزتي"
" أللي هو قلت لها ولا لا ؟ "
" تركت هذا لك بس خلينا على هرجه وحده أنا جيت لأبوك وقبل فيني والسلام "
" أنت دايم كذا أسلوبك استفزازي و أناني "
ما تغيرت نبرة صوته عن طبيعتها وهو يقول بعتاب
" شوفي يا لينا خلينا واضحين مع بعض أنا ما أرضى أن حرمة تطول لسانها علي أو حتى تناقشني في شيء أنا أسويه أيا كانت ها الحرمة "
لينا بعصبية
" حتى لو كان اللي سويته يتعلق بحياتها ما لها دخل؟ "
" وش تقصدين؟ "
" بالعربي أنا ما أحب أحد يعطيني أوامره و يبغى مني أنفذها من دون ما يناقشني فيها من قبل "
"قصدك إنه لو عشنا مع بعض بهمش وجودك؟ "
" ما يهمني إن همشت وجودي! اللي يهمني إنه تلتفت لرأيي لصار الموضوع يتعلق فيني "
" في هاذي ما أقدر أعطيك كلمة "
" نعم ؟! "
راكان بتهديد
"ما أدري وش ممكن أسوي أنتي جربيني, وقتها نعرف "
لينا بعصبية
" خلني أقول لك شيء بما إنك صريح لذا الدرجة أنا إنسانة ما أضبط أعصابي ولا أعرف أسكت عن أي شيء ما يعجبني "
أخيرا وضح الضيق اللي مخفيه في صوته البارد
" إذا صار بنشوف وش نقدر نسوى عشانك "
"ما أحد قال لك تأخذني "
" يمكن شمس هي اللي قلبت راسي من كثر ما تكلمت عنك "
"تقدر تخلص مني لو بغيت "
"هذا الشيء أنتي اللي تبينه أما أنا عندي استعداد أشوف طبعك و أتعامل معه"
الكل منهم صار الآن ضايق وما بقي عنده شيء يقوله وخصوصا إنهم ما توقعوا أنه من ثاني مكالمة يبدون بالمجادل فقال راكان اللي ما توقع خاتمة هاذي المكالمة
"طيب أنا عندي الحين دوام تامرين شيء "
"لا "
"مع السلامة "
"مع السلامة "

كل شيء بداء يذبل قدام لينا الألوان كلها باهتة وكئيبة تصور عالمها اللي بداخلها و بشكل سريع مرت عليها ذكريات يوم الخميس يوم اكتشفت زواجها و حقيقة دين أبوها وقسوة أخوها الوليد والآن وصلت المسألة لصديقتها شمس ومع تفكيرها هذا تحسست لينا رقبتها بأصابعها الطويلة وهي تحاول تلقى الحبل اللي قاعد يخنقها وتركت لعيونها تسكب دموعها بسبب الضيقة القاتلة اللي تغلفها طالما إنه ما في أحد جالس جنبها وينتبه لها وبما أن دموعها البسيطة اللي ظهرت تركت لها مجال تتنفس وترتاح شوي سندت ظهرها على الكرسي و سحبت طرحتها فوق برقعها وغطت بها عيونها وتركت لمشاعرها مطلق الحرية ترثي حياتها اللي فقدتها قدر ما تبغى طالما باقي عشان تاصل الكلية ثلث ساعة. كان كل اللي يشغل تفكيرها شيء واحد, كيف ممكن توقف قدام تهديد رجال شرس متعجرف مثل راكان وهي ما تملك من القوة غير لسانها وشخصيتها؟. أول ما دخلت لينا الكلية راحت لقاعتها مباشرة لأن الوقت بدري وطبيعي ما راح يكون فيه كثير من البنات هناك هذا إذا ما لقت أحد أصلا . وبالفعل كانت القاعة فاضيه ومثل عادتها راحت لأخر كرسي وجلست عليه وطلعت من شنطتها مراية تأملت وجهها وما أعجبها الشحوب اللي فيه ولا أثر البكاء في عيونها وبشكل آلي أخذت البلاشر البرتقالي ومررت الفرشة بخفة عشان تكتسب خدودها لون مشرق يبعد شحوب بشرتها البرونزية وبعد كذا أخذت المسكرة وبضربات سريعة زادت كثافة رموشها, باقي شيء واحد وتنتهي من زينتها البسيطة. أخذت الروج و رسمت طبقة خفيفة منه على شفايفيها يرجع لون الحياة لها. تأملت لينا وجهها وهي راضية على زينتها الخفيفة اللي تتناسب مع جو الصباح و الدوام و شكرت الله إن محفظة ماكياجها الصغيرة ما زالت معها بعد ما كانت ناوية تتركها في البيت بدل ما تأخذها معها كل يوم لأن ما كان من عادتها تحط شيء على وجهها إلا في المناسبات .
" صبـــــــــاح الخـيـــــــــــر "






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة