عرض مشاركة واحدة
قديم 21-11-2011, 01:25 AM   رقم المشاركة : 65
أسيرة الود
( وِد ماسي )
 
الصورة الرمزية أسيرة الود
Icon14

المرأة الحادية عشرة .(أم زرع)

والمرأة الأخيرة هي بيت القصيد، وهي أم زرع التي سمي الحديث بها. قالت أم زرع: (زوجي أبو زرع فما أبو زرع!)، هل تعرفون شيئاً عن أبي زرع؟. وحيث إننا لا نعرف شيئاً عن أبي زرع، فهي تعرفنا من هو أبو زرع. تقول: (أناس من حلي أذني، وملأ من شحم عضدي). هذا كله غزل، (أناس من حلي أذني): النوس يعني الاضطراب والحركة، ومنه الناس؛ لأنهم يتحركون ذهاباً وإياباً. ومنه الحديث الذي في البخاري ، قال ابن عمر: (دخلت على حفصة ونوساتها تنطف)، النوسات: هي الظفائر، تنطف: يعني تقطر ماء، فقد كانت مغتسلة، وإنما سميت الظفيرة بهذا الاسم لأنها تتحرك إذا حركت المرأة رأسها. (أناس من حلي أذني): أي: ألبسها ذهباً في آذانها، وهي تتحرك، فالذهب يتحرك في آذانها بعدما كانت خالية، فهي الآن تحمل ذهباً في كل أذن. (وملأ من شحم عضدي): بدأت المرأة بالذهب لأنه أهلك النساء الأحمران: الذهب والحرير، فالنساء عندهن شغف شديد بالذهب، (وملأ من شحم عضدي)، تريد أن تقول: إنه كريم.. يعني أنه أخذها نحيلة والآن امتلأت. (وبجحني فبجحت إلي نفسي)، يقول لها: يا سيدة الجميع! يا جميلة! يا جوهرة! حتى صدقت ذلك، من كثرة ما بجحها إلى نفسها، (فبجحت إلى نفسي): أي: فصدقته، مع أنها قالت: (وجدني في أهل غنيمة بشق)، يعني: شق جبل، أي أنها كانت تعيش في حارة بشق، وفي بعض الروايات الأخرى (بشق): يعني كانت تعيش بشق الأنفس، فقيرة فقراً مدقعاً تقول: (وجدني في أهل غنيمة)، غنيمة: تصغير غنم، أي أن حالتهم كانت كلها كرب، حتى الغنم صار غنيمة، دلالة على حقارة المال. قالت: (وجدني في أهل غنيمة بشق)، فنقلها نقلة عظيمة، (فجعلني في أهل صهيل وأطيط ودائس ومنق)، هذه نقلة كبيرة من أهل غنيمة بشق، نقلها إلى (أهل صهيل): أصحاب خيل، (وأطيط): أصحاب إبل؛ لأن الخف الخاص بالجمل لين، فعندما يكون محملاً حملاً ثقيلاً تسمع كلمة: أط أط أط، خلال مشيه، فهذا يسمى أطيطاً، والإبل كانت من أشرف الأنعام عند العرب، (ودائس) أي: ما يداس، وهذا كناية عن أنهم أناس أهل زرع فلاحون، فإن الزارع بعد حصد الزرع يدوس عليه بأي شيء حتى يخرج منه الحب، فهو كناية عن أنهم أهل زرع. (ومنق): المنق: هو المنخل، فالعرب ما كانوا يعرفون المنخل إنما كان يعرفه أهل الترف، تقول عائشة رضي الله عنها: (ما رأى النبي صلى الله عليه وسلم منخلاً بعينيه)، فقال عروة: (فكيف كنتم تأكلون يا خالة؟ فقالت: كنا نذريه في الهواء)، فالتبن يطير في الهواء، والذي يبقى مع الشعير يطحنونه كله ويأكلونه، والنبي عليه الصلاة والسلام كما قالت عائشة : (مات ولم يشبع من خبز الشعير)، ليس من خبز القمح، فإن القمح هذا لم يأكلوه أبداً! تتقول: وما أكل خبزاً مرققاً). فكلمة (منق) فيها دلالة على الترف، فعندهم من كل المال، فهم أغنياء، عندهم خيل وإبل وزرع، وعندما يأكلون عندهم منخل؛ لأنهم كانوا لا يفصلون التبن عن الغلة، فيطحنونها دقيقاً يسر الناظرين. (فعنده أقول فلا أقبح) تقول: مهما قلت فلا أحد يجرؤ أن يقول لي: قبحك الله.. فقد كان عزها من عز الرجل ومكانتها من مكانته، فلا يستطيع أحد أن يرد عليها بكلمة. (وأرقد فأتصبح): تنام حتى وقت الضحى، وهذا يدل على أنه كان معها خدام؛ إذ لو كانت تعمل بنفسها لما كانت تنام بعد صلاة الفجر، وهذا كسائر نسائنا؛ لأنه بعد صلاة الفجر يريد الأولاد أن يذهبوا إلى المدارس، وتريد أن تصنع الطعام لهم، والرجل سيخرج إلى العمل، فتعمل باستمرار، فإذا كانت تنام حتى تشرق الشمس وترسل سياطها إلى الأرض وهي نائمة، فمعنى ذلك أن هناك خدماً يكفونها المؤنة. (وأشرب فأتقمح): وفي رواية البخاري : (فأتقنح)، بالنون، وهناك فرق بين اللفظين، أما لفظ (فأتقمح) فإنه يقال: بعير قامح، أي إذا ورد الماء وشرب ثم رفع رأسه زهداً في الشرب بعد أن يروى، فهي بعدما تشرب العصير، تترك نصف الكأس؛ لأنها قد ارتوت، وأما (أتقنح) أي: تشرب وتأكل تغصباً، فتأكل حتى تشبع، فيقال لها: كلي، فتتغصب الزيادة، وهذا لا يكون إلا إذا كان هناك دلال وحب. فقولها: فأتقمح أو أتقنح فيه دلالة على أنها تترك الأكل والشرب زهداً فيه لكثرته، فجمعت بين التبجيح والتعظيم الأدبي وبين الكرم. .
.
.
.
ثم قالت: (أم أبي زرع فما أم أبي زرع! ) وهي عمتها، فلم تذكر عنها شيئاً من الكلام الذي نسمعه حول العمات وما إلى ذلك، بل قالت: أم أبي زرع فما أم أبي زرع .. هل تعلمون شيئاً عنها؟ هذه السيدة الفاضلة، وهذا على القاعدة: حبيب حبيبي حبيبي، فالمرأة عندما تحب زوجها، تدين لأمه بالفضل أنها أنجبته، وهذه منة في عنق الزوجة للأم أنها أنجبت مثل هذا الإنسان. (عكومها رداح) الرداح: هو الواسع، يردح: أي: يطيل في الكلام، ويتوسع في المقالة، والعكوم: هي الأكياس التي تخزن فيها الأطعمة، فمثلاً: عندما تخزن الأرز لا تخزنه في كيس صغير، بل تخزنه في كيس قطن، فقولها: (عكومها رداح) فيه دلالة على أن البيت كله خير، وبيتها فسيح، ومن المعروف أن اتساع البيت أحد النعم.
.
.
ثم قالت: (ابن أبي زرع، فما ابن أبي زرع! ) يفهم من هذا أن أبا زرع كان متزوجاً، قبل ذلك.. (ابن أبي زرع فما ابن أبي زرع، مضجعه كمسل شطبة، ويشبعه ذراع الجفرة)، مسل الشطبة: عندما تأتي بجريدة النخل وتأخذ منها سلخة للسكين، السلخة هذه هي السرير الخاص به، فهذا الولد نحيف، لكن عضلاته مفتولة، والإنسان النحيف مع قوة ممدوح عند العرب؛ لأن هذا ينفع في الكر والفر، فهذا مدح تمدح به الولد، تقول: إنه مفتول العضلات وليس بديناً، ولا صاحب كرش عظيم؛ بل سريره كمسل شطبة، فتستدل على جسمه بسريره الذي ينام عليه، وإلا فمسل الشطبة لا يكفي واحداً ثقيلاً بديناً. (ويشبعه جراع الجفرة): الجفرة: هي أنثى الماعز الصغيرة، فلو أكل الرجل الأمامية للشاة فإنه يشبع، مع أن هذه لا تكفي الواحد، ومع ذلك فإن هذا الولد يشبع إذا أكل ذراع الجفرة، وهذه صفات ممدوحة عند الرجال، بخلاف النساء.
.
.
.
ولما جاءت تصف بنت أبي زرع قالت: (بنت أبي زرع فما بنت أبي زرع!، طوع أبيها وطوع أمها)، أي: مؤدبة،( وملء كسائها) مالئة ملابسها، وهذا مستمدح في النساء بخلاف الرجال، (وغيظ جارتها): الجارة هي الضرة، فقد كان زوجها متزوجاً اثنتين أو أكثر (فغيظ جارتها) أي: من جمالها، وأنها ملء كسائها، وبذلك تغيظ جارتها.
.
.
قالت: (جارية أبي زرع، فما جارية أبي زرع!)، والمرأة من حبها للرجل تذكر كل شيء حتى الجارية، قالت: (لا تبث حديثنا تبثيثاً)، فأي شيء يحصل في البيت لا يعرف به أحد من الخارج، فهي أمينة لا تنقل الكلام، (ولا تنقث ميرتنا تنقيثاًَ)، أي: لا تبذر في الطعام، فلا تجد مثلاً الأرز ملقى على الأرض، فهي امرأة مدبرة، تخاف على المال، (ولا تملأ بيتنا تعشيشاً) أي: البيت ليس فيه زبالة، كعش الطائر، فعش الطائر عبارة عن ريش وحشيش وقش وحطب، فتقول: بيتنا ليس كعش الطائر، إنما هو بيت نظيف. وفي بعض الروايات خارج الصحيحين: (وظلت حتى وصفت كلب أبي زرع)، فالكلام هذا كله غزل، والغزل هنا مستحب، ولا أقول: غزل عفيف، إنما هذا غزل مستحب؛ إذ هي تتغزل في زوجها، وتعدد فضائل زوجها، وتشعر بنبرة الحب عالية في كلام المرأة. قالت: (فخرج أبو زرع والأوطاب تمخض)، كان الوقت ربيعاً، واللبن كثير، والناس يحلبون لبنهم، وفي هذا الوقت خرج أبو زرع (، فلقي امرأة معها ولدان لها كالفهدين)، معها اثنان من الأولاد في منتهى الرشاقة، (يلعبان من تحت خصرها برمانتين)، فأعجبه هذا المنظر، فقال: هذه المرأة لابد أن أضمها إلي، فضمها إليه، لكن ما الذي حصل؟ قالت: (فطلقني ونكحها)، لأنه لايبقي عنده إلا امرأة واحدة، رجل يحب التوحيد!
.
.
والله تحزن مسكينة تتغنى به .....لكن عجبني وصف رجل يحب التوحيد خخخخخخخخخخ.
.
قالت: (فنكحت بعده رجلاً ثرياً)، من ثراة الناس وأشرافهم، (ركب سرياً)، السري: نوع جيد من أنواع الخيل، كان الأغنياء يركبونه؛ لأنه كان مفخرة عندهم، وحتى تكتمل صورة الأبهة قالت: (وأخذ خطياً)، الخطّي: هو الرمح، فهو واضع تحت إبطه رمحاً وراكب على الخيل، متعجرفاً ومهيباً.
تقول: (وأراح علي نعماً ثرياً)، أي: أعطاها مالاً وفيراً، (وأعطاني من كل رائحة زوجاً)، وفي رواية: (وأعطاني من كل ذابحة -أي: ما يصلح أن يذبح- زوجاً، وقال: كلي أم زرع وميري أهلك)، أي: وأعطي أهلك أيضاً، فهذا الرجل ليس فيه أي عيب، إلا أن المرأة تقول: (فلو أني جمعت كل شيء أعطانيه ما بلغ أصغر آنية أبي زرع ). فانظر إلى هذا الوفاء! مع أن المرأة المطلقة لا تكاد تذكر لزوجها السابق حسنة، وهذا الرجل لم يقصر في حقها، بل قال لها: (كلي أم زرع وميري أهلك)، أنفقي على أهلك، لكنها تقول: (فلو أني جمعت كل شيء أعطانيه ما بلغ أصغر آنية أبي زرع). فما هو الفرق بين هذا الرجل وبين أبي زرع؟ الفرق: هو الحنان، والحب، هذا هو الفرق، فلم تشعر المرأة مع الرجل الثاني بهذا الحنان والحب الذي شعرت به لما كانت زوجة لـأبي زرع. لذلك فأنت لا تستطيع أن تشتري قلب المرأة بالمال أبداً، حتى لو كان عندك من الإبرة إلى الصاروخ في البيت، وكل الناس تتطلع إليك، ولا ينقصك شيء، فإن المرأة ينقصها قلبك،
.

تعليق الرسول صلى الله عليه وسلم

اختار ان يكون لسيدة عائشة كابي زرع لأم زرع الا انه لن يطلق
.
.
صراحة اجمل حب تاريخي ...حب النبي محمد صلى الله عليه وسلم ..للسيدة عائشة ....حب واضح وصريح أمام الله ..ثم خلقه أجمعين ..فالكل يعرف مكانتها وحب الرسول لها صلى الله عليه وسلم






رد مع اقتباس