عرض مشاركة واحدة
قديم 30-04-2014, 04:47 AM   رقم المشاركة : 38
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏159 ‏:‏ 162‏)‏
‏{‏ إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون ‏.‏ إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم ‏.‏ إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ‏.‏ خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون ‏}‏
هذا وعيد شديد لمن كتم ما جاءت به الرسل، من الدلالات البينة على المقاصد الصحيحة، والهدى النافع للقلوب، من بعد ما بينه اللّه تعالى لعباده، في كتبه التي أنزلها على رسله، وقد نزلت في أهل الكتاب كتموا صفة محمد صلى اللّه عليه وسلم وفي الحديث‏:
‏(‏من سئل عن عِلْمٍ فكتمه أُلجم يوم القيامة بلجام من نار‏)‏ ‏"‏أخرجه أبو داود والترمذي عن أبي هريرة‏"‏وروي عن أبي هريرة أنه قال‏:‏ لولا آية في كتاب اللّه ما حدَّثت أحداً شيئاً ‏{‏إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى‏}‏ الآية‏.‏ قال أبو العالية‏:‏ ‏{‏ويلعنهم اللاعنون‏}‏ يعني تلعنهم الملائكة والمؤمنون، وقد جاء في الحديث‏:‏ (‏إن العالم يستغفر له كل شيء حتى الحِيتان في البحر‏)
‏، وجاء في هذه الآية أن كاتم العلم يلعنه اللّه والملائكة والناس أجمعون‏.‏ ثم استثنى اللّه تعالى من هؤلاء من تاب إليه فقال‏:‏ ‏{‏إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا‏}‏ أي رجعوا عمّا كانوا فيه، وأصلحوا أعمالهم، وبينوا للناس ما كانوا يكتمونه ‏{‏فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم‏}‏، وفي هذا دلالة على أن الداعية إلى كفر أو بدعة إذا تاب إلى اللّه تاب اللّه عليه، ثم أخبر تعالى عمن كفر به واستمر به الحال إلى مماته بأن ‏{‏عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين خالدين فيها‏}‏ أي في اللعنة التابعة لهم إلى يوم القيامة، ثم المصاحبة لهم في نار جهنم ‏{‏لا يخفف عنهم العذاب‏}‏ فيها أي لا ينقص عمّا هم فيه ‏{‏ولا هم ينظرون‏}‏ أي لا يغير عنهم ساعة واحدة ولا يفتر، بل هو متواصل دائم فنعوذ باللّه من ذلك‏.‏ قال أبو العالية وقتادة‏:‏ إن الكافر يوقف يوم القيامة فيلعنه اللّه، ثم تلعنه الملائكة، ثم يلعنه الناس أجمعون‏.‏



فصل
لا خلاف في جواز لعن الكفار، فأما الكافر المعين فقد ذهب جماعة من العلماء إلى أنه لا يلعن لأنا لا ندري بما يختم اللّه له‏.‏ وقالت طائفة أُخرى‏:‏ بل يجوز لعن الكافر المعين، واختاره ابن العربي ولكنه احتج بحديث فيه ضعف، واستدل غيره بقوله عليه السلام‏:‏(‏لا تلعنه فإنه يحب اللّه ورسوله‏)‏ قاله عليه السلام في قصة الذي كان يؤتى به سكران فيحده فقال رجل‏:‏ لعنه اللّه ما أكثر ما يؤتى به
‏.‏‏.‏الحديث فدل على أن من لا يحب اللّه ورسوله يلعن، وقد كان عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه ومن بعده من الأئمة يلعنون الكفرة في القنوت وغيره، واستدل بعضهم بالآية ‏{‏أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين‏}‏ والله أعلم‏.‏


اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏163‏)‏
‏{‏ وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم ‏}‏
يخبر تعالى عن تفرده بالألهية، وأنه لا شريك له ولا عديل له، بل هو اللّه الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لا إله إلا هو وأنه الرحمن الرحيم، وقد تقدَّم تفسير هذين القسمين في أول الفاتحة‏.‏ وفي الحديث
عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏اسم اللّه الأعظم في هاتين الآيتين ‏{‏وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم‏}‏و {‏ألم الله لا إله إلا هو الحي القيوم‏}‏‏)‏
‏"‏أخرجه الإمام أحمد عن أسماء بنت‏ السَّكن مرفوعاً‏"‏ثم ذكر الدليل على تفرده بالإلهية، بخلق السماوات والأرض وما فيهما وما بين ذلك، مما ذرأ وبرأ من المخلوقات الدالة على وحدانيته فقال‏:‏


اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏164‏)‏
‏{‏ إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون ‏}‏
يقول تعالى‏:‏ ‏{‏إن في خلق السموات والأرض‏}تلك في ارتفاعها ولطافتها واتساعها، وكواكبها السيارة والثوابت ودوران فلكها، وهذه الأرض في كثافتها وانخفاضها، وجبالها وبحارها، وقفارها وعمرانها، وما فيها من المنافع، واختلاف الليل والنهار، هذا يجيء ثم يذهب ويخلفه الآخر ويعقبه، لا يتأخر عنه لحظة كما قال تعالى‏:‏
{‏لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر، ولا الليل سابق النهار، وكل في فلك يسبحون‏}وتارة يطول هذا ويقصر هذا، وتارة يأخذ هذا من هذا، ثم يتعاوضان كما قال تعالى‏:‏{‏يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل‏} أي يزيد من هذا في هذا ومن هذا في هذا، ‏{‏والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس‏}‏ أي في تسخير البحر بحمل السفن من جانب إلى جانب، لمعايش الناس والانتفاع بما عند أهل ذلك الإقليم، ونقل هذا إلى هؤلاء وما عند ألئك إلى هؤلاء‏:‏{‏وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الارض بعد موتها‏}‏ كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون‏}‏، ‏{‏وبث فيها من كل دابة‏} أي على اختلاف أشكالها وألوانها، ومنافعها وصغرها وكبرها، وهو يعلم ذلك كله ويرزقه، لا يخفى عليه شيء من ذلك كما قال تعالى‏:‏{‏وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين‏}‏ ‏{‏وتصريف الرياح‏} أي فتارة تأتي بالرحمة، وتارة تأتي بالعذاب، وتارة تأتي مبشرة بين يدي السحاب، وتارةً تسوقه وتارة تجمعه، وتارة تفرِّقه، وتارة تصرفه، ثم تارة تأتي من الجنوب وتارة تأتي من ناحية اليمن{‏والسحاب المسخر بين السماء والأرض‏}‏ أي سائر بين السماء والأرض، مسخر إلى ما يشاء اللّه من الأراضي والأماكن كما يصرفه تعالى‏:‏{‏لآيات لقوم يعقلون‏}‏ أي في هذه الأشياء دلالات بينة على وحدانية اللّه تعالى، كما قال تعالى‏:‏{‏إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب‏}‏
عن عطاء قال‏:‏ نزلت على النبي صلى اللّه عليه وسلم بالمدينة‏:‏ ‏{‏وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم‏}‏ فقال كفار قريش بمكة‏:‏ كيف يسع الناس إله واحد‏؟‏ فأنزل اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏لآيات لقوم يعقلون‏}‏
‏"‏رواه ابن أبي حاتم عن عطاء‏"‏فبهذا يعلمون أنه إله واحد، وأنه إله كل شيء وخالق كل شيء‏.‏ وقال أبو الضحى‏:‏ لما نزلت ‏{‏وإلهكم إله واحد‏}‏ قال المشركون‏:‏ إن كان هكذا فليأتنا بآية فأنزل اللّه عز وجلّ‏:‏ ‏{‏إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏يعقلون‏}‏‏.‏

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏165 ‏:‏ 167‏)‏
‏{‏ ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب ‏.‏ إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب ‏.‏ وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرأوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار ‏}‏
يذكر تعالى حال المشركين به في الدنيا وما لهم في الدار الآخرة، حيث جعلوا له أنداداً أي امثالاً ونظراء، يعبدونهم معه ويحبونهم كحبه، وهو اللّه لا إله إلا هو ولا ضد له ولا ند له ولا شريك معه، وفي الصحيحين
عن عبد الله بن مسعود قال، قلت‏:‏ يا رسول اللّه أيُّ الذنْب أعظم‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏أن تجعل لله ندا هو خلقك‏)
وقوله‏:‏ ‏{‏والذين آمنوا أشد حبا لله‏}ولحبهم للّه وتمام معرفتهم به وتوقيرهم وتوحيدهم له لا يشركون به شيئاً، بل يعبدونه وحده ويتوكلون عليه، ويلجأون في جميع أمورهم إليه‏.‏
ثم توعد تعالى المشركين به الظالمين لأنفسهم بذلك فقال‏:‏ ‏
{‏ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا‏}‏ قال بعضهم‏:‏ تقدير الكلام لو عاينوا العذاب لعلموا حينئذ أن القوة للّه جميعاً، أي أن الحكم له وحده لا شريك له وأن جميع الأشياء تحت قهره وغلبته وسلطانه،
{‏وأن اللّه شديد العذاب‏}‏، كما قال‏:‏ ‏{‏فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد‏} يقول‏:‏ لو يعلمون ما يعاينونه هنالك، وما يحل بهم من الأمر الفظيع، المنكر الهائل على شركهم وكفرهم، لا نتهوا عمّا هم فيه من الضلال‏.‏ ثم أخبر عن كفرهم بأوثانهم، وتبري المتبوعين من التابعين فقال‏:‏{‏إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا‏}‏، تبرأت منهم الملائكة الذين كانوا يزعمون أنهم يعبدونهم في الدار الدنيا، فتقول الملائكة‏:‏{‏تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون‏}‏، ويقولون‏:‏{‏سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون‏}‏‏.‏ والجن أيضاً تتبرأ منهم ويتنصلون من عبادتهم لهم، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين‏} وقال تعالى‏:‏ ‏{‏كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدّاً‏}
وقوله‏:‏ ‏{‏ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب‏} أي عاينوا عذاب اللّه وتقطعت بهم الحيل وأسباب الخلاص ولم يجدوا عن النار معدلاً ولا مصرفاً، قال ابن عباس‏:‏ ‏{‏وتقطعت بهم الأسباب‏}‏ المودة، وقوله‏:‏ ‏{‏وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرؤا منا‏}‏ أي لو أن لنا عودة إلى الدار الدنيا، حتى نتبرأ من هؤلاء ومن عبادتهم، فلا نلتفت إليهم بل نوحّد اللّه وحده بالعبادة، وهم كاذبون في هذا بل لو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون، كا أخبر اللّه تعالى عنهم بذلك، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏كذلك يريهم اللّه أعمالهم حسرات عليهم‏}‏ أي تذهب وتضمحل، كما قال تعالى‏:‏ ‏
{‏وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثوراً‏}‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف‏}الآية‏.‏ وقال تعالى‏:‏{‏والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء‏}
الآية‏.‏ ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏وما هم بخارجين من النار‏}‏


اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏168 ‏:‏ 169‏)‏
‏{‏ يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين ‏.‏ إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا
على الله ما لا تعلمون ‏}‏
لما بيَّن تعالى أنه لا إله إلا هو، وأنه المستقل بالخلق، شرع يبين أنه الرزاق لجميع خلقه، فذكر في مقام الإمتنان أنه أباح لهم أن يأكلوا مما في الأرض، في حال كونه حلالاً من اللّه طيباً أي مستطاباً في نفسه، غير ضار للأبدان ولا للعقول، ونهاهم عن اتباع خطوات الشيطان، وهي طرائقه ومسالكه فيما أضل أتباعه فيه، من تحريم البحائر السوائب والوصائل ونحوها، مما كان زينه لهم في جاهليتهم، كما في حديث عياض بن حماد عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏يقول اللّه تعالى إن كل مال منحته عبادي فهو لهم حلال - وفيه - وإني خلقت عبادي حنفاء فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم‏)‏‏"‏رواه مسلم (1)‏وعن ابن عباس قال‏:‏ تليت هذه الآية عند النبي صلى اللّه عليه وسلم ‏{‏يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا‏}‏ فقام سعد بن أبي وقاص فقال‏:‏ يا رسول اللّه‏!‏ أدع اللّه أن يجعلني مستجاب الدعوة، فقال‏:‏ ‏(‏يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة، والذي نفس محمد بيده إن الرجل ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يتقبل منه أربعين يوماً، وأيّما عبد نبت لحمه من السحت والربا فالنار أولى به‏)‏
"‏رواه الحافظ ابن مردويه عن عطاء عن ابن عباس‏"‏‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏
{‏إنه لكم عدو مبين‏}‏ تنفير عنه وتحذير منه، كما قال‏:‏ ‏
{‏إن الشيطان لكم عدوّ فاتخذوه عدوا‏} وقال تعالى‏:{‏أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدوّ بئس للظالمين بدلا‏}
قال قتادة والسُّدي‏:‏ كل معصية للّه فهي من خطوات الشيطان‏.‏ وقال مسروق‏:‏ أُتي عبد اللّه بن مسعود بضرع وملح فجعل يأكل، فاعتزل رجل من القوم، فقال ابن مسعود‏:‏ ناولوا صاحبكم، فقال‏:‏ لا أريده، فقال‏:‏ أصائم أنت‏؟‏ قال‏:‏ لا، قال‏:‏ فما شأنك‏؟‏ قال‏:‏ حرمت أن آكل ضرعاً أبداً، فقال ابن مسعود‏:‏ هذا من خطوات الشيطان، فاطعم وكفّر عن يمينك ‏"‏رواه ابن أبي حاتم عن أبي الضحى عن مسروق‏"‏وعن ابن عباس قال‏:‏ ما كان من يمين أو نذر في غضب، فهو من خطوات الشيطان، وكفارتُه كفارة يمين‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون‏}‏ أي إنما يأمركم عدوكم الشيطان بالأفعال السيئة وأغلظ منها الفاحشة كالزنا ونحوه، وأغلظُ من ذلك وهو القول على اللّه بلا علم، فيدخل في هذا كل كافر وكل مبتدع أيضاً ‏"‏رواه ابن أبي حاتم‏"‏‏.‏

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏170 ‏:‏ 171‏)‏
‏{‏ وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ‏.‏ ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون ‏}‏
يقول تعالى‏:‏ ‏{‏وإذا قيل لهم‏}‏ للكفرة المشركين‏:‏ ‏{‏اتبعوا ما أنزل الله‏}‏ على رسوله، واتركوا ما انتم عليه من الضلال والجهل، قالوا في جواب ذلك‏:‏ ‏{‏بل نتبع ما ألفينا‏}‏ أي ما وجدنا عليه آباءنا، أي من عبادة الأصنام والأنداد‏.‏ قال اللّه تعالى منكراً عليهم‏:‏ ‏{‏أو لو كان آباؤهم‏}‏ أي الذي يقتدون بهم ويقتفون أثرهم ‏{‏لا يعقلون شيئا ولا يهتدون‏}‏ أي ليس لهم فهم ولا هداية،
عن ابن عباس أنها نزلت في طائفة من اليهود، دعاهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى الإسلام، فقالوا‏:‏ بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا، فأنزل اللّه هذه الآية ‏"‏رواه ابن إسحاق عن ابن عباس‏"‏ثم ضرب لهم تعالى مثلاً، كما قال تعالى‏:‏ {‏للذين لا يؤمنون بالأخرة مثل السوء‏} فقال‏:‏ ‏{‏ومثل الذين كفروا‏}‏ أي فيما هم فيه من الغي والضلال والجهل، كالدواب السارحة التي لا تفقه ما يُقال لها، بل إذا نعق بها راعيها، أي دعاها إلى ما يرشدها لا تفقه ما يقول ولا تفهمه بل إنما تسمع صوته فقط، هكذا روي عن ابن عباس‏.‏ وقيل‏:‏ إنما هذا مثل ضرب لهم في دعائهم الأصنام التي لا تسمع ولا تبصر ولا تعقل شيئاً، واختاره ابن جرير، والأول أولى لأن الأصنام لا تسمع شيئا ولا تعقله ولا تبصره ولا بطش لها ولا حياة فيها، وقوله‏:‏ ‏{‏صم بكم عمي‏}‏ أي صم عن سماع الحق، بُكْمٌ لا يتفوهون به، عمي عن رؤية طريقه ومسلكه ‏{‏فهم لا يعقلون‏}‏ أي لا يعقلون شيئاً ولا يفهمونه، كما قال تعالى‏:‏{‏والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم‏}‏‏.‏







التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس