عرض مشاركة واحدة
قديم 06-11-2015, 02:46 PM   رقم المشاركة : 2
الورّاق
( ود جديد )
 





الورّاق غير متصل

إذا كان الزوج يعمل والزوجة تعمل كذلك وكلاهما يحصلان على المال فهل تتحقق العدالة بينهما إذا كان مال الزوجة يعود لها فقط بينما الزوج ينفق ماله على شؤون الأسرة؟؟ .. ليس في هذا عدالة ، لأن المنزل والأطفال لكليهما وليس للزوج وحده .

هناك من يرى/أو ترى أن عمل الزوجة خارج المنزل حق لها وواجب، مثلما أن عمل الزوج خارج المنزل واجب ( من باب المساواة الغربية ) ، وبنفس الوقت نجده/أو نجدها مؤيداً الشرع القائل أن النفقة تقع على كاهل الزوج مهما كانت الزوجة غنية !! فهنا انتقائية ، فمرة مع الغرب ومرة مع الشرق ، وهذا تحايل .

ومن هنا تنشأ كثير من المشكلات الزوجية سواءً ظهرت إلى السطح على شكل خصام أو طلاق ، أو بقيت في نفس الزوج مسببةً صدعاً في العلاقة العاطفية ، لأنه يشعر بالاستغلال والظلم ، والشعور بالظلم يفسد المودة ، ولنتصور رجلاً يكدح ويشقى لأجل أن يصرف على جميع حاجات امرأة (حتى لو كانت تملك مال قارون) ، كيف سيحبها ؟

حتى لو أذن الزوج لزوجته بأن تأخذ من ماله ، هذا الإذن الذي يأتي غالباً بالضغوط وليس عن طريق الرضا الحقيقي ، فيمكن للزوجة أن تحصل عن طريق الضغوط والزن والتكرار والدموع على أشياء أكثر من هذا.

الإسلام لم يقل أنه يجب أن تعمل المرأة خارج المنزل ، بل ربط ذلك بالحاجة ، والأصل هو بيتها ومصالح عائلتها ، ومادام الزوج لا يستفيد من معونتها المادية ، إذاً سيستفيد من بقائها في المنزل ، فلماذا الالتفاف على الشرع؟! ، فيتم قبوله من ناحية وتركه وإهماله من نواحٍ أخرى ؟ فتتكلم المرأة كثيراً عن الشرع إذا كان الأمر يتعلق بالنفقة والمال أكثر من أي موضوع آخر .

وأزيدكم من الشعر بيتاً ، فهناك بعض المذاهب تلزم الزوج ليس فقط بالنفقة الكاملة ، بل بتأمين خادمة وليس خادمة فقط ، بل ومؤنسة لتسليها وتروي لها القصص والنكات ، وكل هذا على حساب الزوج ، فهو يكدح وهي تتسلى !! من الجميل أن النساء لم يطالبن بهذا حتى الآن على الأقل !

وهناك بعض المذاهب التي تقول أن الزوج لا يحق له أن يطلب من زوجته ولا كوباً من الماء لأن هذا عمل الخادمة ! كم هو مسكين هذا الزوج ، فلا خادم له ولا مؤنس ولا مساعد ولا حتى بكوب ماء ، ترى ماذا يستفاد من هذا الزواج ؟ فالرجل يستطيع أن يطلب من صديقه كوباً من الماء وعوناً مالياً أيضاً ، أما زوجته فلا .. وعليه مع هذا أن يحبها ويقدر مجهودها وهي لم تقدم له ولا حتى كوباً من الماء !

والزوجة التي ترى أن لها حقاً في تكوين مستقبلها ، بينما لا حق للزوج بذلك ، فهذه قمة الرأسمالية بل الإمبريالية النسائية .

والمسؤولية كلها على عاتق الرجل ، فحين تحدث مشكلة في البيت ينادون الزوج ، وحين تحصل مشكلة لأحد الأبناء ينادون الأب أيضاً ، وهو المسؤول عن السكن وصيانة كل شيء، وحتى إعداد طعامه ليس من مسؤولية الزوجة -بناءً على الآراء السابقةً من بعض المذاهب- ، وليس بناءً على الواقع .


وهناك من يرى/أو ترى أن عمل المنزل مجرد مجهود جسدي خالٍ من التفكير والإبداع ، بينما العمل خارج المنزل يحتاج إلى إعمال العقل أكثر ، وهذا فرق غير دقيق، لأن أكثر الأعمال والوظائف روتينية كما نعرف ، بل إن بعضهم قد لا تتجاوز طريقة عمله 4 أو 5 حركات مكررة (كفتح مظروف ، أو ضرب ختم ، أو تأشير، أو عد أوراق وتدبيس ، أو تكييس) ، وأكبر مشكلة الموظفين التي يذكرونها هي الروتين والتكرار والملل والعمل دون جدوى واضحة .

وهناك نقطة مهمة يجب أن ننتبه لها ، وهي أن مجال الإبداع محدود في الوظائف العامة والشركات ، لأنه مرتبط بموافقات الآخرين وتقييماتهم ومراقبتهم ، أما في المنزل فالمرأة هي سيدة القرار الأولى وليس هناك سوى زوجها ، بينما في الوظيفة فهناك قائمة من المدراء والرؤساء الذين يجب إقناعهم حتى يستطيع الموظف الذكي أن يقدم إنجازاً .

وحتى من قال أن الزوج يسخر من عمل الزوجة ، فالأمر أسهل بلا شك ، لأنه أولاً شخص واحد فقط (وليس قائمة من الرؤوساء والمدراء)، و ثانياً ليس هو المسؤول المباشر عن إدارة المنزل لأنه يعمل خارجه ،و ثالثاً أن للمرأة تأثيراً وضغوطاً على زوجها لا ينكرها أحد ، إذاً حرية قرار المرأة في المنزل أكثر من حريتها في العمل ، فهناك مدراء ومراقبين ومفتشين ، و يادوب الموظف أن يؤدي ما طُلب منه مع الملل ، وكم من الموظفين من ندموا على شدة إخلاصهم وتفكيرهم لصالح العمل؛ لأن مجهوداتهم لا تُقدر ومشاريعهم تُحبط ، يكفي أنه يقال للموظف أو الموظفة أن المكتب ليس "منزلاً " لكم! .. حتى نفهم أين تكون الحرية في القرار والتصرف !!

التعامل مع الزوج والأطفال ليس مملاً وليس فيه روتين ، ولا نجد امرأة تشتكي من أنها ملت من زوجها وأطفالها ، بل هي في اشتياق دائم لهم ، أما الموظفة فليست في اشتياق لرزم المعاملات وزحمة المواصلات ، وضجيج المصانع ، فالخروج إلى العمل ثقيل ، والعودة منه خفيفة ، والخروج من المنزل ثقيل ، والعودة إليه خفيفة.

لاشك أن أي عمل تقوم به المرأة خارج المنزل هو أقل تشعباً وتنوعاً من أي عمل داخل المنزل ، إلا إذا كانت وظيفتها رئيسة وزراء أو سكرتيرة عامة للأمم المتحدة ، وكذلك الأعمال المنزلية ليست روتينية ، والإنسان الروتيني والنمطي سيكون هو هو، سواءً عمل في المنزل أو خارج المنزل ، إذا هذا ليس فرقاً واضحا وبارزاً، ومقياساً إن كان له وجود أصلا ، فالإنسانة المبدعة مبدعة أين ما كانت ، والبليدة والكسولة بليدة أين ما كانت وفي أي وظيفة تستلمها .

أما عن التطرق في الحديث والنقاش حول الترقيات والعوائد المادية وما الى ذلك ، فهذا كله على حساب الأطفال والزوج ، وقلب الأم يحاسب نفسه على أي تقصير في حق الأطفال ، هذا الحديث يصلح أن يكون لشاب يكون نفسه ، وليس لأم مسؤولة عن أطفال ضعفاء ويحتاجون أمهم في كل لحظة ، و يتألم الأطفال كلما فقدوها . لا شك أن هذا القلب يتعذب إذا رأتهم يحبون الخادمة أو الحاضنة أكثر من أمهم و يسمونها ماما .. لأن أمهم تعود من العمل منهكة ولا تراهم إلا في آخر النهار ، و ربما حملت معها مشاغل العمل الى المنزل ، وإذا كانت في العمل فإن بالها مشغول على منزلها وأطفالها ..

و يجب أن نعلم أن فكرة المساواة تـُنسي المرأة دورها الفطري ، وتجعل المرأة تفكر وكأنها رجل ، بينما هناك ضحايا لتفكيرها بذاتيتها أكثر من واقع الرجل ، لأنه إذا اهتم بمستقبله وبناء ثروته فله ما يبرر له ذلك ، لأنه مسؤول عن مستقبل أسرته ، و مع هذا فلا يجب عليه التمادي في طلب الدنيا على حساب أسرته أيضا . لكن المصيبة إذا كانت الأم كذلك .. فماذا بقي للأطفال المغلوب على أمرهم ؟

هكذا أفكار الأنانية والطموح المستوردة من الغرب تجعل الإنسان لا يحس الا بنفسه ، وأفكارهم كلها مبنية على الأنانية التي يسمونها تلطيفا بالفردية ، حتى نفهم أفكار الغرب يجب أن نضع أمام أعيننا الأنانية ، لا توجد أم تحب أن يكتشف ابناؤها إذا كبروا أن أمهم كانت أنانية ومهملة لهم ، و كل همها أن تبني نفسها في المجتمع ومكانتها فيه وكأنها رجل ، وكل هذا على حساب الأب الذي تطالبه حتى بأدوات الزينة التي تلبسها ، وربما بمستلزمات وظيفتها حتى تطور نفسها على أكتافه وأكتاف الأطفال المساكين .

الموازنة صعبة دائما ولا يستطيع الإنسان أن يحمل اهتمامين في وقت واحد دون أن يطغى أحدهما على الآخر ، وإذا كانت الأم تفكر بنفس تفكير الرجل من ناحية بناء المستقبل والتطور الوظيفي وما الى ذلك وبناء الثروة والشخصية الاجتماعية ومنافسة الرجال ، فلا بد أنها ستشعر أنها قصرت في حق زوجها وأطفالها ، وسيمر عليها هذا الشعور في أوقات كثيرة ، وتقول لقد أخذني بريق المال عن الإهتمام بزوجي وبيتي وأطفالي ، وهذا هو واقع المرأة الغربية ، فهي مشغولة ببناء نفسها كما الزوج مشغول بذلك .. وهذا مايفسر سبب فشل الزواج .

مطالب المساواة لا تقف عند حد ، وإذا حملت المرأة العربية هذا الشعار وتحمست له فسوف تصل الى نفس وضع المرأة الغربية ، وبالتالي فالمجتمع يمشي وراء المرأة ويتغير بسببه ، وبالتالي سيكون مجتمعنا مجتمعا غربيا 100 % ، وإذا كان هذا هو هدف دعاة المساواة فهذا شأنهم ، وإذا لم يكونوا يعرفون هذه النتيجة فعليهم أن ينتبهوا ، لأنه من يمشي على خطط أحد ما ، فسيصل إلى ما وصلوا اليه ، لذا يجب أن أكرر : يجب أن نصنع أفكارنا بأنفسنا لا أن نستوردها من الخارج - نحن أمة تعيش على الاستيراد من قطع الغيار الى الأفكار ..

ثم : هل الخوف من الاستقلال يـُعالج بالاستقلال؟ ، البيت تحفظه المودة والألفة ، فلماذا لا يتم التركيز على إيجاد الحب والمحبة في المنزل بدل التركيز على الاحتياطات الخارجية المادية وتكوين الأرصدة ؟ إن هذه الاحتياطات لا تصنع الحب ، بل هي من عوامل طردها ..

فالمرأة برقة شعورها تستطيع أن تجس شعور الزوج و تعرف مكانتها عنده ، وتعمل على إزالة مايقف بينها وبينه تبعا لمعرفتها من خلال شعورها وإحساسها الذي لا يخطيء . لا توجد امرأة لا تعرف ربما أدق التفاصيل في حياة زوجها ، فلماذا لا تركز قدراتها المخابراتية لاكتشاف ما يزعجه من سلوكها أو سلوكه وتعمل على إصلاحه ، مشكلة المرأة أنها تعتمد على عقلها و تهمل كنزا ثمينا بداخلها هو الإحساس .

وقد يقول البعض ان دور ربة المنزل ليس جميلا ولافائدة من ورائه و أنه بحد ذاته مضني ويستهلك الكثير من الوقت والجهد دون تحقق عائد مادي او معنوي كبير ..

لكن من يقوم بهذا الدور إذا كانت كل النساء تفكر هكذا ؟ هل سيأتي اليوم الذي سنفقد فيه دور الأمومه وحنانه ودفئه ؟ وتصبح الأم شيئا من الماضي والتراث ؟ وتحل الدولة والشركات محل الأسرة مثلما تربي الشركات العجول و الدجاج تحت شعار أنهم مختصين ، ويمكن الاستعانة بالهرمونات بدافع الجدوى الاقتصادية ، وتكون المؤسسات هي التي ترعى أفراد الأسرة ؟ وتصبح مطاعم الوجبات السريعة هي التي تغذي الأسرة ؟

حينها على الأسرة السلام ، وبالتالي على المجتمع السلام ، فالأسرة من خواص الإنسانية .. إن الحيوانات ليس عندها أسرة سوى في فترة حضانة قصيرة ، والفكر الغربي يتجه بالإنسان الى الحيوانية ..

رحم الله أمهاتنا وجداتنا ، فقد عشن يعتصرن أنفسهن حنانا وإخلاصا وعطاءاً الى آخر العمر ، والمخضرمين في هذه التحولات السريعة يلاحظون أن الجدّات أكثر حنانا من الأمهات ، فكيف ستكون البنات و بنات البنات ما دام الفكر المادي الغربي هو المسيّر لحياة المجتمعات ؟ ونظرة أسى الى الأجيال القادمة التي ستربيها الشركات كما تربى الدواجن من قبل مختصين ! وهل سيقال حينئذ أن الجنة تحت أقدام الأمهات ؟

ويتصور البعض أن من ابسط ما تتوقعه امراة متزوجة وعلى عاتقها حجم كبير من المسؤوليات : الترفيه ، و أن اوضح صوره هي التنزه والمطاعم والسفر ..إلخ ..

إن انتشار مثل هذه الأفكار سيسبب عزوف الشباب عن الزواج ، لأنه لا أحد يحب أن يدخل بصراع مع امرأة تنظر اليه بالندية في كل شيء و كأنه متزوج من رجل .. و هل التنزه والمطاعم والسفر أشياء بسيطة ؟ إن هذه الأشياء التي يقال عنها انها من أبسط الضروريات ، هذه تعتبر من ضروريات الأغنياء !! وإلا فماذا بقي لهم ؟؟!! هذه الأشياء بالذات تستهلك المال كما تستهلك النار الحطب ..

المتآلفون والمتفاهمون يستطيعوا أن يرفهوا عن أنفسهم بأبسط من هذا دون الاضطرار للديون ، وإذا كانت هذه أبسط الحقوق فما هي أصعب الحقوق يا ترى ؟

الحقيقة أن نموذج الزوجة على النمط الغربي فاشل وغير قابل للزواج ومؤهل للصراع والمشاكل والتي تصبح مصائباً عند وجود الأطفال إلا في حالات نادرة لا تخلو من وحدة القيادة ، فسفينة لها قبطانان سوف تغرق ، و لذلك نفهم كثرة العنوسة والعزوف عن الزواج ، وذلك بسبب عدم الخضوع ، والازدواجية في قيادة المنزل .. مثل حياة الـ roommate ( الزميل المشارك في الغرفة ) على مبدأ النصف بالنصف والمساواة في كل شيء ، بل أن مشكلة النصف بالنصف وعدم المساواة هي العدو الذي يهدد الزواج والأسرة ، وهي مشكلة لا يمكن حلها و تجعل الجميع يعاني ولا يدرون ما السبب ، و هي فكرة خبيثة تؤدي الى تحلل المجتمعات من خلال تحلل الأسرة بدعوى المساواة .

الزواج رابطة مقدسة ، ونمط حياة الزوجة داخل في حياة الزوج ، فإذا كان الزوج يذهب الى مباهج الحياة و يتركها في المنزل فحينها قد تكون ردة فعل الزوجة اما البحث عن عمل خارج المنزل او اهمال واجباتها كزوجة أو أمور أخرى ..

أما إذا كان لا يستطيع تحمل الأعباء المادية أو أن عمله لا يسمح له ، أو أن صحته لا تسمح له أو غير ذلك ، فمن واجب المرأة الوفية غير الأنانية أن ترتبط حياتها بحياة زوجها لا أن تشذ عنه وتنشز عن خط حياته ، والنشاز ضد الانسجام ، فالزوجان يجب أن يكون لهما حياة واحدة لا أن يكون لهما حياتان مختلفتان عن بعضهما فلا يربطهما إلا روابط شكلية لا قيمة حقيقة لها على نموذج المساواة والندية الغربي ، ولنفترض أن الزوج كان مريضا ومحتاجا لها ، هل تذهب الى مباهج الحياة وتتركه حتى لو أعطاها الإذن ؟ ، وكيف تكون مبسوطه وحال زوجها صعبه؟ ، أو أنه يستدين ويستلف وهو كاره لأجل أن يرضي نزواتها وغرورها في التسلية والسفر والترفيه الذي لا يعود بفائدة حقيقية على الأسرة ، فما الترفيه إلا مسكن وقتي وليس حلا لأي مشكلة ، والزيادة فيه تدخل في باب الإسراف والسفاهة ، أعرف كثير من الأزواج ضيعوا أموالهم وهم يسافرون بزوجاتهم مع أن هذه الأموال كانت كافيه لشراء سكن ليؤمن مستقبل العائلة والأطفال ، وبعضهم يستدين لكي يسافر بزوجته التي تعودت ان تقضي كل إجازة في بلد سياحي غير الذي رأته من قبل ، لأن العودة الى نفس البلد تسبب لها الملل ، وهذا مايحذره زوجها المسكين أشد الحذر ، خصوصا أن هذه الأماكن السياحية فرصة للمستغلين وترتفع بها الأسعار أكثر من غيرها .

ثم إن المغالاة في فكرة الترفيه لا تدل على وجود حياة ممتلئه وأهمها العمل ، والفراغ أكبر أبواب الترفيه ، الحياة المليئة بالإنجاز وملء الوقت هي الأقل حاجة للترفيه والترويح عن النفس .

شخصيا تعجبني المرأة التي تشارك زوجها في العمل حتى خارج المنزل و يعجب بها الناس ، ولا أنسى منظرا رأيته وأنا صغير ، وهو لأحد أقاربي هو و زوجته كانا يبينان منزلهما ، وكانت تعمل معه بكل جد ، أعجبني ذلك المنزل ، لقد كان جميلا ومتقناً وأعجبني تلك العلاقة الحميمة بينهما كزوجين .

الصحابيات كنَّ يشاركن أزواجهن في الحروب و يسافرن معهم ، و هذه ليست من صور الاستقلالية التي ينادي بها البعض ، بل هي من صور التبعية الى آخر رمق .. و تراثنا العربي والشعبي يحفظ نماذج خالدة لزوجات وفيات تبعن أزواجهن الى آخر رمق ، و خلدهن أزواجهن في الأدب العربي والشعبي حينما اختطفهن الموت قبلهم ؛ من أمثال جرير و نمر بن عدوان ومحمد بن لعبون و الشريف جبارة وغيرهم الكثير، فهل كانوا يرثون امرأة مستقلة عنهم و يبكون لعدم ثقتهن بهم ؟ أم لأنهم سلّمن أزواجهن كل شيء وخدموا ازواجهن وأولادهن بكل حب و وفاء الى آخر نبضة في قلوبهن ؟

وقفة إكبار وصمت لمثل هذه النساء اللاتي لا نتمنى أن يكون وجودهن في صفحات الكتب فقط ، ولا يمكن لرجل أن يحسد رجلاً لأن زوجته مستقلة ، ولا يتعامل معها الا بموجب اتحاد فيدرالي أو كونفدرالي .. و من شاهد مسلسل نمر بن عدوان أو قرأ قصته فسيعرف حجم المعاناة وألمه ، لأنه قتل زوجته بالخطأ والتي لشدة وفائها وتبعيتها له ( اقصد التبعية غير المفروضة ) لم ترد أن تزعجه وهو نائم ، لأنها خافت أن تُسرق فرسه فذهبت لتربطها بعد أن تجللت عباءته من البرد ، لكنه استيقظ على صهيل الفرس الأثيرة لديه ، و رأى كأن رجلا يحاول أن يفك رباطها ويسرقها وإذا به قد قتل زوجته الوفية التي خدمته الى آخر لحظه من لحظات الوفاء والتبعية .

لماذا يجلّ الناس مثل هؤلاء النساء إذا كانت التبعية شيء سيء كما تقولين ؟ إن هؤلاء الآن في أقصى صور التبعية ، والتي ليس أعلى منها إلا تلك البدوية الشجاعة الوفية التي جعلت من جسمها متراساً لبندقية زوجها وهو يقاتل في أرض مكشوفة لكي تتلقى بجسمها رصاص الأعداء حماية له ولكي يسدد رميه بطريقة أفضل .. ليس بعد هذا المنظر شيء تستطيع أن تفعله المرأة و يكون أكثر وفاء ، فصرن مضرب الأمثال و خلدهن التاريخ والأدب ..

لو قالت وضحاء لزوجها نمر إذهب واربط فرسك بنفسك ، فأنت المسؤول عنها من باب المساواة ، فهل ستدخل التاريخ وتكون قدوة لغيرها ؟ ، لا أظن احدا يحتقر (وضحاء) لأنها كاملة الأنوثة ، فالأنوثة ليست تميعا و إغوائاً .. الأنوثة دور كدور الرجولة ، فلولا الأنوثة لم تكن الرجولة . إن صور الوئام هذه مبنية على مرادفة الزوجة لزوجها .

وإذا قيل ان المرأة رديف للرجل ، فكيف تُفهم كلمة – رديف للرجل - ؟ لمن القيادة ؟ هل لها أم له ؟ أم لكل منهما قيادته الخاصة ؟ البعض يريد أن تستقل المرأة عن الرجل و بنفس الوقت تعيش معه ، ولكني أطلب أفضل من هذا ، وهو أن يندمج الزوجين ويكونان شيئا واحدا دون أن يستقل أحدهما عن الآخر ، وهذا مطمح لكل زوج وكل زوجة .

الإسلام الحقيقي يكرس علاقة الزواج ، أما الأفكار الليبرالية والغربية عن الزواج فهي تجعل من الزواج أسما أكثر منه مضمونا ، فهي تجعل الزوجين شريكين في غرفة ، ولكن لكل منهما حياته الخاصة وأفكاره الخاصة ، ولا أظن مسلمة يعجبها مثل الوضع ولا حتى مسلم .

إن نهاية فكرة الاستقلال هو الاستقلال ، وأن تكون وحيدة . و دعاوى التغريب دعاوى متطرفة لأنها تحتقر ربة المنزل وتطالب بخروج جميع النساء لحاجة أو لغير حاجة ، أنا أقف بجانب بناء الأسرة السليم وليس بهدمها كما يفعل دعاة المساواة والتغريب ؛ لأن الأسرة في تلك المجتمعات الغربية تآكلت و وصل التآكل الى الزواج نفسه ، خاصة إذا علمنا أن نصف السكان تقريبا في الدول الاسكندنافية مولودون بلا زواج ، و يحملون أعلى نسبة في الملحدين بالعالم وأعلى نسبة انتحار و أمراض نفسية بالعالم .. فهم وصلوا الى هذه الحال من خلال الخطوات الأولى كدعاوى المساواة والاستقلالية الى آخره ، ومسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة .

الإسلام الحقيقي لا ينظر الى المرأة مثل نظرة الكنيسة ، ولا ينظر الى المرأة على أنها مصدر فتنة سواء شاءت أم لم تشأ .. الإسلام يعول على النية ، بدليل قوله تعالى ( ولا يضربهن بأرجلهن ليعلم مايخفين من زينة) أي – نية الإثارة والإغراء - ، لأن ذلك الضرب يحدث صوت الخلاخل الذهبية التي تلبسها المرأة بقصد لفت النظر .

الإسلام ساوى بين الرجل والمرأة في الآدمية ، وجعل الحساب لكليهما مربوطاً بالنية ، والإسلام منع من إظهار الزينة ، لأن هذا اعتداء على الرجال ، وطالبها بالحشمة ، ولم يطالبها بهذا الشيء إلا لأنه سيكون هناك رجال ، ولن تعيش معزولة لوحدها بدون ذنب إلا لكونها امرأة ، فالإسلام في الحقوق والواجبات عامل الجنسين بسواسية تامة ، لأنها بشر ، ومثلما يحاسب الرجل على النية تحاسب المرأة على النية ، وهذا ليس تقليل من شأن المرأة ، بل احترام لآدميتها .

ويدعي البعض ان عمل المرأة كفيل بأن يحقق ذاتها ، ولكن كيف يتم اثبات الذات؟ من يحاول اثبات ذاته هو من ليس له ذات ثابتة ، وهذا شعور نقص ..

نحن نتكلم عن الإنسان السوي وليس المريض بمشاعر النقص ، لا يوجد أحد يخرج للشارع لكي يثبت ذاته ، وإثبات الذات ليس هدفا نبيلا في حد ذاته ، فهو ينتج الغرور الناتج بدوره عن شعور نقص ، وهذا يذكرنا باستعراض بعض الأطفال ليلفتوا الأنظار اليهم ، لو قيل ان الواجب هو الذي يحتم ذلك لكان الأمر أفضل من وجهة نظري من فكرة إثبات الذات .

فكرة أن عمل المرأة خارج المنزل هو وحده طريق الإبداع ، هذه كلمة مضللة ، بل حتى عن الرجال ، فكل من يبدع منهم فهو يبدع في مجاله الخاص وفي منزله ، وليس في مجال يحكمه الروتين و خالي من الاستقلالية ، هذا في الأكثر .


أغلب النساء العاملات مع ان لها دخل ، إلا انها تعتمد على الزوج بالدرجة الاولى ، اي ليس على دخلها ، و ربما دخلها و دخله بالكاد يكفيان الاسرة ، فكيف تعول المرأة الاسرة لوحدها ؟

وبالنسبة للمطلقة ، فنادرا ما توجد مطلقة لا تجد زوجا يريدها ، و اباحة التعدد في الاسلام تحل هذه المشكلة .. كل من اعرفه من المطلقات طلبن الطلاق بانفسهن ، و من النادر ان نجد زوجة لم تقل لزوجها يوما : " طلقني يا عويس" !! و هن لا يمكثن طويلا حتى يتزوجن .. و بعضهن عاملات .. بحكم انها محتاجة لوجود الرجل في حياتها و ليساعدها على اعالة اولادها .. و الطلاق و الترمل حالات طارئة و ليست هي الاصل .. واذا كانت الاسرة محتاجة لعمل الزوجة ، فسوف تعمل حتى بوجود زوجها .. واذا كان الزوج الذي مات غنيا ، فتركته سوف تساعدهم ريثما تتدبر امورها بعمل او بزواج او بهما معاً ..

الزواج لم يقم على فكرة مادية ، لاحظ ان الزوج و الزوجة كلاهما يعمل و يكدح لاجل اطفال قد لا يستفيدون منهم اصلا ، فليس الزواج مؤسسة مادية حتى نعلن استقلالية كلا الشريكين بمصادر دخل ثابتة وتامينات مادية في الظروف وشروط جزائية لاي مخالفة ، لأن كل ما سيكسبه الشريكين سيعود لهذا المنزل و الاطفال .. هما لم يجتمعا على مشروع استثماري حتى يفكر كلاهما بالحسابات المادية و ارباحه و خسائره و تعويضاته في الظروف الطارئة ، هذا يجري بين الشركات ..

اذا عممنا ان على كل امراة ان تعمل ، حتى ولو كان زوجها قادرا ، من اجل ان تؤمن استقلاليتها في الظروف .. فقد لا تحدث تلك الظروف ، فمن المتضرر ؟ المتضررون هم الزوج والمنزل والاطفال .. مقابل احتمال لم يحصل !! لا يـُعالـَج الضرر المحتمل بضرر اكيد .. خصوصا وان ظروف العمل اخذة في الصعوبة : المواصلات بحد ذاتها تزداد فيها المعاناة يوما بعد يوم .. اذا من الصعب اتخاذ مبدا عمل المراة مبدا عاما .. بحكم لو انها طـُلقت او مات زوجها ..

حاجة الاسرة المعنوية دائما هي اكبر من الحاجة المادية .. و تواجد الام في المنزل اذا لم تدفعها الظروف للعمل خارجه ، لا شك انه الاقرب لتلك الفائدة المعنوية .. يكفي الشعور بالامان للزوج والاطفال ، بان الملكة في عرشها .. كل زوج وكل طفل يسره ان يكون المنزل هو الاهتمام الاول لصاحبة المنزل ، ولا يسره ان يكون هو الاهتمام الثاني او الثانوي أحيانا







رد مع اقتباس