عرض مشاركة واحدة
قديم 12-05-2014, 03:34 AM   رقم المشاركة : 5
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور


قال‏:‏ وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال على الآخرة، نزل إليه
من السماء ملائكة سود الوجوه معهم المسوح، فيجلسون منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول‏:‏ أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من اللّه وغضب، قال‏:‏ فتفرق في جسده، فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول، فيأخذها، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين، حتى يجعلوها في تلك المسوح، ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها، فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا‏:‏ ما هذه الروح الخبيثة‏؟‏ فيقولون فلان بن فلان، بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا، حتى ينتهي بها إلى السماء الدنيا، فيستفتح فلا يفتح له - ثم قرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏{‏لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط‏}‏ فيقول اللّه عزَّ وجلَّ‏:‏ اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى، فتطرح روحه طرحاً - ثم قرأ‏:‏ ‏{‏ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق‏}‏، فتعاد روحه في جسده، ويأتيه ملكان فيجلسانه، فيقولان له‏:‏ من ربك‏؟‏ فيقول‏:‏ هاه هاه لا أدري، فيقولان‏:‏ ما دينك‏؟‏ فيقول‏:‏ هاه هاه لا أدري، فيقولان‏:‏ ما هذا الرجل الذي بعث فيكم، فيقول‏:‏ هاه هاه لا أدري، فينادي مناد من السماء أن كذب عبدي فأفرشوه من النار، وافتحوا له باباً إلى النار، فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، ويأتيه رجل قبيح الوجه، قبيح الثياب، منتن الريح فيقول‏:‏ أبشر بالذي يسوؤك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول‏:‏ من أنت فوجهك الوجه الذي يجيء بالشر‏؟‏ فيقول‏:‏ أنا عملك الخبيث، فيقول‏:‏ رب لا تقم الساعة‏.‏

وفي الحديث عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏الميت تحضره الملائكة فإذا كان الرجل الصالح قالوا اخرجي أيتها النفس المطمئنة كانت في الجسد الطيب، اخرجي حميدة، وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان، فيقولون ذلك حتى يعرج بها إلى السماء، فيستفتح لها فيقال‏:‏ من هذا‏؟‏ فيقولون‏:‏ فلان، فيقال‏:‏ مرحباً بالنفس الطيبة التي كانت في الجسد الطيب، ادخلي حميدة وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان، فيقال لها ذلك، حتى ينتهي بها إلى السماء التي فيها اللّه عزَّ وجلَّ، وإذا كان الرجل السوء قالوا‏:‏ اخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث اخرجي ذميمة وأبشري بحميم وغساق وآخر من شكله أزواج، فيقولون ذلك حتى تخرج، ثم يعرج بها إلى السماء فيستفتح لها فيقال‏:‏ من هذا‏؟‏ فيقولون‏:‏ فلان، فيقولون‏:‏ لا مرحباً بالنفس الخبيثة التي كانت في الجسد الخبيث، ارجعي ذميمة، فإنه لم يفتح لك أبواب السماء، فترسل بين السماء والأرض، فتصير إلى القبر‏)
‏"‏رواه أحمد والنسائي وابن ماجه وابن جرير واللفظ له‏"‏‏.‏

وقد قال ابن جريج‏:‏ لا تفتح لأعمالهم ولا لأرواحهم، وهذا فيه جمع بين القولين، واللّه أعلم‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط‏}‏ هكذا قرأه الجمهور، وفسروه بأنه البعير، قال الحسن البصري‏:‏ حتى يدخل البعير في خرق الإبرة هذا قول جمهور السلف منهم أبو العالية والضحاك وابن مسعود ورواه العوفي عن ابن عباس‏"‏‏.‏ وقرأ ابن عباس‏:‏ بضم الجيم وتشديد الميم‏:‏ يعني الحبل الغليظ في خرق الإبرة‏.‏ وهذا اختيار سعيد بن جبير، وفي رواية أنه قرأ‏:‏ حتى يلج الجمل، يعني قلوس السفن وهي الحبال الغلاظ‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏لهم من جهنم مهاد‏}‏ المراد‏:‏ الفرش، ‏{‏ومن فوقهم غواش‏}‏ اللحف، وكذا قال الضحاك بن مزاحم والسدي ‏
{‏وكذلك نجزي الظالمين‏}‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏42 ‏:‏ 43‏)‏
‏{‏ والذين آمنوا وعملوا الصالحات لا نكلف نفسا إلا وسعها أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون ‏.‏ ونزعنا ما في صدورهم من غل تجري من تحتهم الأنهار وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون ‏}‏
لما ذكر تعالى حال الاشقياء عطف بذكر حال السعداء، فقال‏:‏ ‏{‏والذين آمنوا وعملوا الصالحات‏}‏ أي آمنت قلوبهم وعملوا الصالحات بجوارحهم ضد ‏{‏أولئك الذين كفروا بآيات اللّه واستكبروا عنها‏}‏ نبه تعالى على أن الإيمان والعمل به سهل لأنه تعالى قال‏:‏ ‏{‏لا نكلف نفسا إلا وسعها أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون * ونزعنا ما في صدورهم من غل‏}‏ أي من حسد وبغض، كما جاء في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إذا خلص المؤمنون من النار حبسوا على قنطرة بين الجنة والنار، فاقتص لهم مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذبوا ونقوا، أذن لهم في دخول الجنة فوالذي نفسي بيده إن أحدهم بمنزله في الجنة أدل منه بمسكنه كان في الدنيا‏)‏ وقال السدي في الآية‏:‏ إن أهل الجنة إذا سيقوا إلى الجنة وجدوا عند بابها شجرة، في أصل ساقها عينان، فشربوا من إحداهما، فينزع ما في صدورهم من غل فهو الشراب الطهور، واغتسلوا من الأخرى فجرت عليهم نضرة النعيم، فلم يشعثوا ولم يشحبوا بعدها أبداً‏.‏ وقال علي رضي اللّه عنه‏:‏ إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير من الذين قال اللّه تعالى فيهم‏:‏ ‏{‏ونزعنا ما في صدورهم من غل‏}‏ ‏"‏رواه ابن جرير عن قتادة عن علي كرم اللّه وجهه‏"‏‏.‏ وروى النسائي وابن مردويه عن أبي هريرة قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏كل أهل الجنة يرى مقعده من النار فيقول‏:‏ لولا أن اللّه هداني فيكون له شكراً، وكل أهل النار يرى مقعده من الجنة فيقول‏:‏ لو أن اللّه هداني فيكون له حسرة‏)‏ ‏"‏أخرجه ابن مردويه والنسائي عن أبي هريرة مرفوعاً‏"‏، ولهذا لما أورثوا مقاعد أهل النار من الجنة نودوا أن تلكم الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون، أي بسبب أعمالكم نالتكم الرحمة

فدخلتم الجنة وتبوأتم منازلكم بحسب أعمالكم، وإنما وجب الحمل على هذا لما يثبت في الصحيحين عنه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏واعلموا أن أحدكم لن يدخله عمله الجنة‏)‏، قالوا‏:‏ ولا أنت يا رسول اللّه‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏ولا أنا إلا أن يتغمدني اللّه برحمة منه وفضل‏)‏ ‏
"‏أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة مرفوعاً‏"‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏44 ‏:‏ 45‏)‏
‏{‏ ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين ‏.‏ الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة كافرون ‏}‏
يخبر تعالى بما يخاطب به أهل النار على التقريع والتوبيخ إذا استقروا في منازلهم ‏{‏أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا‏}‏ أن ههنا مفسرة للقول المحذوف، و قد للتحقيق، أي قالوا لهم‏:‏ قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً‏؟‏ قالوا‏:‏ نعم كما أخبر تعالى في
سورة
الصافات عن الذي كان له قرين من الكفار، ‏{‏فاطلع فرآه في سواء الجحيم * قال تاللّه إن كدت لتردين * ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين‏}‏ أي ينكر عليه مقالته التي يقولها في الدنيا ويقرعه بما صار إليه من العذاب والنكال، وكذلك تقرعهم الملائكة يقولون لهم‏:‏ ‏{‏هذه النار التي كنتم بها تكذبون * أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون‏}‏، وكذلك قرع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قتلى القليب يوم بدر فنادى‏:‏ ‏(‏يا أبا جهل ابن هشام، ويا عتبة بن ربيعة، ويا شيبة بن ربيعة - وسمى رؤوسهم - هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً‏؟‏ فإني وجدت ما وعدني ربي حقاً‏.‏ وقال عمر‏:‏ يا رسول اللّه تخاطب قوماً قد جيّفوا‏؟‏ فقال‏:‏ ‏(‏والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكن لا يستطيعون أن يجيبوا‏)‏ ‏"‏الحديث مروي في الصحيحين‏"‏، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فأذن مؤذن بينهم‏}‏ أي أعلم معلم ونادى مناد ‏{‏أن لعنة اللّه على الظالمين‏}‏ أي مستقرة عليهمن ثم وصفهم بقوله‏:‏ ‏{‏الذين يصدون عن سبيل اللّه ويبغونها عوجا‏}‏ أي يصدون الناس عن اتباع سبيل اللّه وشرعه وما جاءت به الأنبياء، ويبغون أن تكون السبيل معوجة غير مستقيمة حتى لا يتبعها أحد، ‏{‏وهم بالآخرة كافرون‏}‏ أي وهم بلقاء اللّه في الدار الآخرة كافرون أي جاحدون مكذبون بذلك لا يصدقونه ولا يؤمنون به، فلهذا لا يبالون بما يأتون من منكر من القول والعمل لأنهم لا يخافون حساباً عليه ولا عقاباً، فهم شر الناس أقوالاً وأعمالاً‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏46 ‏:‏ 47‏)‏
‏{‏ وبينهما حجاب وعلى الأعراف
رجال يعرفون كلا بسيماهم ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون ‏.‏ وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين ‏}‏
لما ذكر تعالى مخاطبة أهل الجنة مع أهل النار، نبه أن بين الجنة والنار حجاباً، وهو الحاجز المانع من وصول أهل النار إلى الجنة، قال ابن جرير‏:‏ وهو السور الذي قال اللّه تعالى فيه‏:‏ ‏{‏فضرب بينهم بسور له باب‏}‏ وهو الأعراف الذي قال اللّه تعالى فيه‏:‏ ‏{‏وعلى الأعراف رجال‏}‏، ثم روى بإسناده عن السدي أنه قال في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وبينهما حجاب‏}‏ هو السور وهو الأعراف، وقال مجاهد‏:‏ الأعراف حجاب بين الجنة والنار سور له باب‏.‏ قال ابن جرير‏:‏ والأعراف جمع عرف، وكل مرتفع من الأرض عند العرب يسمى عرفاً، وإنما قيل لعرف الديك عرفاً لارتفاعه‏.‏ وعن ابن عباس‏:‏ هو سور بين الجنة والنار، وقال السدي إنما سمي الأعراف أعرافاً لأن أصحابه يعرفون الناس، واختلفت عبارات المفسرين في أصحاب الأعراف من هم‏؟‏ وكلها قريبة ترجع إلى معنى واحد، وهو أنهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم قال بذلك حذيفة وابن عباس وابن مسعود وغير واحد من السلف ‏.‏ وقد جاء في حديث مرفوع رواه الحافظ ابن مردويه عن جابر بن عبد اللّه قال‏:‏ سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عمن استوت حسناته وسيئاته، قال‏:‏ ‏(‏أولئك أصحاب الأعراف
لم يدخلوها وهم يطمعون‏)‏ وقال ابن جرير عن حذيفة أنه سئل عن أصحاب الأعراف، قال فقال‏:‏ هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، فقعدت بهم سيئاتهم عن الجنة، وخلفت بهم حسناتهم عن النار‏.‏ قال‏:‏ فوقفوا هناك على السور حتى يقضي اللّه فيهم‏.

وعن ابن مسعود قال‏:‏ يحاسب الناس يوم القيامة، فمن كانت حسناته أكثر من سيئاته بواحدة دخل الجنة، ومن كانت سيئاته أكثر من حسناته بواحدة دخل النار، ثم قرأ قول اللّه‏:‏ ‏{‏فمن ثقلت موازينه‏}‏ الآيتين، ثم قال‏:‏ الميزان يخف بمثقال حبة، ويرجح، قال‏:‏ ومن استوت حسناته وسيئاته كان من أصحاب الأعراف فوقفوا على الصراط ثم عرفوا أهل الجنة وأهل النار فإذا نظروا إلى أهل الجنة نادوا‏:‏ سلام عليكم، وإذا صرفوا أبصارهم إلى يسارهم ونظروا إلى أهل النار ‏{‏قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين‏}‏ تعوذوا باللّه من منازلهم، قال‏:‏ فأما أصحاب الحسنات فإنهم يعطون نوراً يمشون به بين أيديهم وبأيمانهم، ويعطى كل عبد يومئذ نوراً، وكل أمة نوراً فإذا أتوا على الصراط سلب اللّه نور كل منافق ومنافقة، فلما رأى أهل الجنة ما لقي المنافقون قالوا‏:‏ ‏{‏ربنا أتمم لنا نورنا‏}‏، وأما أصحاب الأعراف
فإن النور كان بأيديهم فلم ينزع، فهنالك يقول اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏لم يدخلوها وهم يطمعون‏}‏ فكان الطمع دخولاً، قال‏:‏ فقال ابن مسعود إن العبد إذا عمل حسنة كتب له بها عشر، وإذا عمل سيئة لم تكتب إلا واحدة، ثم يقول‏:‏ هلك من غلبت آحاده عشراته ‏"‏رواه ابن جرير عن ابن مسعود موقوفاً‏"‏، وسئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن أصحاب الأعراف‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏هم آخر من يفصل بينهم من العباد، فإذا فرغ رب العالمين من الفصل بين العباد، قال‏:‏ أنتم قوم أخرجتكم حسناتكم من النار، ولم تدخلوا الجنة، فأنتم عتقائي، فارعوا من الجنة حيث شئتم‏)‏ ‏"‏قال ابن كثير‏:‏ هذا مرسل حسن‏"‏‏.‏

وقد حكى القرطبي وغيره فيهم اثني عشر قولاً، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏يعرفون كلاً بسيماهم‏}‏، قال ابن عباس‏:‏ يعرفون أهل الجنة ببياض الوجوه، وأهل النار بسواد الوجوه، وقال العوفي عن ابن عباس‏:‏ أنزلهم اللّه بتلك المنزلة ليعرفوا من في الجنة والنار، وليعرفوا أهل النار بسواد الوجوه، ويتعوذوا باللّه أن يجعلهم مع القوم الظالمين، وهم في ذلك يحيون أهل الجنة بالسلام لم يدخلوها وهم يطمعون أن يدخلوها، وهم داخلوها إن شاء اللّه، وقال الحسن إنه تلا هذه الآية‏:‏ ‏{‏لم يدخلوها وهم يطمعون‏}‏ قال‏:‏ واللّه ما جعل ذلك الطمع في قلوبهم إلا لكرامة يريدها بهم، وقال قتادة‏:‏ قد أنبأكم بمكانهم من الطمع، وقوله‏:‏ ‏{‏وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا‏:‏ ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين‏}‏‏.‏ قال الضحاك عن ابن عباس‏:‏ إن أصحاب الأعراف إذا نظروا إلى أهل النار وعرفوهم قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين‏.‏ وقال السدي‏:‏ وإذا مروا بهم يعني أصحاب الأعراف
بزمرة يذهب بها إلى النار قالوا‏:‏ ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين‏.‏ وقال عكرمة‏:‏ تحدد وجوههم للنار، فإذا رأوا أصحاب الجنة ذهب ذلك عنهم، وقال ابن أسلم في قوله‏:‏ ‏{‏وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار‏}‏ فرأوا وجوههم مسودة وأعينهم مزرقة ‏{‏قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين‏}‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏48 ‏:‏ 49‏)‏
‏{‏ ونادى أصحاب الأعراف
رجالا يعرفونهم بسيماهم قالوا ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون ‏.‏ أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون ‏}‏

يقول اللّه تعالى إخباراً عن تقريع أهل الأعراف لرجال من صناديد المشركين وقادتهم يعرفونهم في النار بسيماهم ‏{‏ما أغنى عنكم جمعكم‏}‏ أي كثرتكم، ‏{‏وما كنتم تستكبرون‏}‏ أي لا ينفعكم كثرتكم ولا جموعكم من عذاب اللّه بل صرتم إلى ما أنتم فيه من العذاب والنكال، ‏{‏أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم اللّه برحمة‏}‏، قال ابن عباس‏:‏ يعني أصحاب الأعراف ‏{‏ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون‏}‏، وقال ابن جرير عن ابن عباس ‏{‏قالوا ما أغنى عنكم جمعكم‏}‏ الآية، قال‏:‏ فلما قالوا لهم الذي قضى اللّه أن يقولوا يعني أصحاب الأعراف
لأهل الجنة وأهل النار، قال اللّه لأهل التكبر والأموال‏:‏ ‏{‏أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم اللّه برحمة ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون‏}‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏50 ‏:‏51‏)‏
‏{‏ ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين ‏.‏ الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا وغرتهم الحياة الدنيا فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون ‏}‏
يخبر تعالى عن ذلة أهل النار وسؤالهم أهل الجنة من شرابهم وطعامهم وأنهم لا يجابون إلى ذلك، قال السدي‏:‏ ‏{‏أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم اللّه‏}‏ يعني الطعام، وقال ابن أسلم‏:‏ يستطعمونهم ويستسقونهم، وقال سعيد بن جبير‏:‏ ينادي الرجل أباه أو أخاه فيقول له‏:‏ قد احترقت، فأفض عليَّ من الماء، فيقال لهم أجيبوهم، فيقولون‏:‏ ‏{‏إن اللّه حرمهما على الكافرين‏}‏، قال ابن أسلم ‏{‏إن اللّه حرمهما على الكافرين‏}‏‏:‏ يعني طعام الجنة وشرابها، وسئل ابن عباس أي الصدقة أفضل‏؟‏ فقال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أفضل الصدقة الماء، ألم تسمع إلى أهل النار لما استغاثوا بأهل الجنة، قالوا‏:‏ أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم اللّه‏)‏ ‏"‏رواه ابن أبي حاتم‏"‏‏؟‏ ثم وصف تعالى الكافرين بما كانوا يعتمدونه في الدنيا باتخاذهم الدين لهواً ولعباً، واغترارهم بالدنيا وزينتها وزخرفها عما أمروا به من العمل للآخرة، وقوله‏:‏ ‏{‏فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا‏}‏ أي يعاملهم معاملة من نسيهم، لأنه تعالى لا يشذ عن علمهم شيء ولا ينساه كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏لا يضل ربي ولا ينسى‏}‏، وإنما قال تعالى هذا من باب المقابلة كقوله‏:‏ ‏{‏نسوا اللّه فنسيهم‏}‏، وقال‏:‏ ‏{‏كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى‏}‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا‏}‏، وقال ابن عباس‏:‏ نسيهم اللّه من الخير ولم ينسهم من الشر، وعنه‏:‏ نتركهم كما تركوا لقاء يومهم هذا، وقال مجاهد‏:‏ نتركهم في النار، وقال السدي‏:‏ نتركهم من الرحمة كما تركوا أن يعملوا للقاء يومهم هذا، وفي الصحيح أن اللّه تعالى يقول للعبد يوم القيامة‏:‏ ألم أزوجك‏؟‏ ألم أكرمك‏؟‏ ألم أسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وتربع‏؟‏ فيقول‏:‏ بلى، فيقول‏:‏ أظننت أنك ملاقيَّ‏؟‏ فيقول‏:‏ لا، فيقول اللّه تعالى‏:‏ فاليوم أنساك كما نسيتي‏.‏






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس