عرض مشاركة واحدة
قديم 09-01-2014, 03:40 AM   رقم المشاركة : 3
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

تفسير القرطبي
قوله تعالى { يومئذ يتبعون الداعي} يريد إسرافيل عليه السلام إذا نفخ في الصور { لا عوج له} أي لا معدل لهم عنه؛ أي عن دعائه لا يزيغون ولا ينحرفون بل يسرعون إليه ولا يحيدون عنه. وعلى هذا أكثر العلماء. وقيل { لا عوج له} أي لدعائه. وقيل : يتبعون الداعي اتباعا لا عوج له؛ فالمصدر مضمر؛ والمعنى : يتبعون صوت الداعي للمحشر؛ نظيره { واستمع يوم يناد المنادي من مكان قريب} [ق : 41] الآية. وسيأتي. { وخشعت الأصوات} أي ذلت وسكنت؛ عن ابن عباس قال : لما أتى خبر الزبير تواضعت سور المدينة والجبال الخشع، فكل لسان ساكت هناك للهيبة. { للرحمن} أي من أجله. { فلا تسمع إلا همسا} الهمس الصوت الخفي؛ قاله مجاهد. عن ابن عباس : الحس الخفي. الحسن وابن جريج : هو صوت وقع الأقدام بعضها على بعض إلى المحشر؛ ومنه قول الراجز : وهن يمشين بنا هميسا يعني صوت أخفاف الإبل في سيرها. ويقال للأسد الهموس؛ لأنه يهمس في الظلمة؛ أي يطأ وطأ خفيا. قال رؤبة يصف نفسه بالشدة : ليث يدق الأسد الهموسا ** والأقهبين الفيل والجاموسا وهمس الطعام؛ أي مضغه وفوه منضم؛ قال الراجز : لقد رأيت عجبا مذ أمسا ** عجائزا مثل السعالي خمسا يأكلن ما أصنع همسا همسا وقيل : الهمس تحريك الشفة واللسان. وقرأ أبي بن كعب { فلا ينطقون إلا همسا} . والمعنى متقارب؛ أي لا يسمع لهم نطق ولا كلام ولا صوت أقدام. وبناء { هـ م س} أصله الخفاء كيفما تصرف؛ ومنه الحروف المهموسة، وهي عشرة يجمعها قولك { حثه شخص فسكت} وإنما سمي الحرف مهموسا لأنه ضعف الاعتماد من موضعه حتى جرى معه النفس. قوله تعالى { يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن} { من} في موضع نصب على الاستثناء الخارج من الأول؛ أي لا تنفع الشفاعة أحدا إلا شفاعة من أذن له الرحمن. { ورضي له قولا} أي رضي قوله في الشفاعة. وقيل : المعنى، أي إنما تنفع الشفاعة لمن أذن له الرحمن في أن يشفع له، وكان له قول يرضي. قال ابن عباس : هو قول لا إله إلا الله. قوله تعالى { يعلم ما بين أيديهم} أي من أمر الساعة. { وما خلفهم} من أمر الدنيا قاله قتادة. وقيل : يعلم ما يصيرون إليه من ثواب أو عقاب { وما خلفهم} ما خلفوه وراءهم في الدنيا. ثم قيل : الآية عامة في جميع الخلق. وقيل : المراد الذين يتبعون الداعي. والحمد لله. { ولا يحيطون به علما} الهاء في { به} لله تعالى؛ أي أحد لا يحيط به علما؛ إذ الإحاطة مشعرة بالحد ويتعالى الله عن التحديد. وقيل : تعود على العلم؛ أي أحد لا يحيط علما بما يعلمه الله. وقال الطبري الضمير في { أيديهم} و { خلقهم} و { يحيطون} يعود على الملائكة؛ أعلم الله من يعبدها أنها لا تعلم ما بين أيديها وما خلفها.

الشيخ الشعراوي - فيديو


سورة طه الايات 105 - 114

تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي
الداعي: المنادي، كالمؤذِّن الذي كثيراً ما دعا الناس إلى حضرة الله تعالى في الصلاة، فمنهم مَنْ أجاب النداء، ومنهم مَنْ تأبَّى وأعرض، أما الداعي في الآخرة، وهو الذي ينفخ في الصور فلن يتأبَّى عليه أحد، ولن يمتنع عن إجابته أحد.

وقوله: { لاَ عِوَجَ لَهُ } [طه: 108] لأننا نرى داعي الدنيا حين يُنادِي في جَمْع الناس، يتجه يميناً ويتجه يساراً، ويدور ليُسمع في كُلِّ الاتجاهات، فإذا لم يَصِلْ صوته إلى كل الآذان استيعاباً يستعمل مُكبِّر الصوت مثلاً، أما الداعي في الآخرة فليس له عوج هنا أو هناك؛ لأنه يُسمِع الجميع، ويصل صوته إلى كل الآذان، دون انحراف أو ميْل.

ثم يقول تعالى: { وَخَشَعَتِ ٱلأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَـٰنِ فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً } [طه: 108] هذا الهمْسُ الذي قال عنه في الآيات السابقة:
{ يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ }
[طه: 103].

ونعرف أن كل تجمُّع كبير لا تستطيع أنْ تضبط فيه جَلبة الصوت، فما بالك بجَمْع القيامة من لَدُنْ آدم عليه السلام حتى قيام الساعة، ومع ذلك: { وَخَشَعَتِ ٱلأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَـٰنِ فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً } [طه: 108] فلماذا كتمت هذه الأصوات التي طالما قالتْ ما تحب، وطالما كان لها جلبة وضجيج؟

الموقف الآن مختلف، والهَوْل عظيم، لا يجرؤ أحد من الهَوْل على رَفْع صوته، والجميع كُلٌّ منشغل بحاله، مُفكّر فيما هو قادم عليه، فإنْ تحدّثوا تحدّثوا سِرّاً ومخافتة: ماذا حدث؟ ماذا جرى؟

وكذلك نحن في أوقات الشدائد لا نستطيع الجهر بها، كما حدث لما مات سعد زغلول ـ رحمه الله ـ وكان أحمد شوقي وقتها في لبنان، فسمع الناسَ يتخافتون، ويهمس بعضهم إلى بعض بأن سعداً قد مات، ولا يجرؤ أحد أن يجهر بها لِهَوْل هذا الحادث على النفوس، فقال شوقي: يَطأُ الآذَانَ هَمْساَ والشِّفَاهَاقُلْتُ يا قَوْم اجمعُوا أحْلامكُمْكُلُّ نَفْسٍ في وَريديْها رَدَاهَاثم يقول الحق تبارك وتعالى: { يَوْمَئِذٍ لاَّ تَنفَعُ ٱلشَّفَاعَةُ }







التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس