عرض مشاركة واحدة
قديم 09-05-2014, 04:05 AM   رقم المشاركة : 4
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

‏{‏قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون‏}‏، لما كان يوم بدر قال الأخنس بن شريق لبني زهرة‏:‏ يا بني زهرة‏:‏ يا بني زهرة إن محمداً ابن أختكم، فأنتم أحق من ذبَّ عن ابن أخته، فإنه إن كان نبياً لم تقاتلوه اليوم، وإن كان كاذباً كنتم أحق من كف عن ابن أخته، قفوا حتى ألقى أبا الحكم فإن غلب محمد رجعتم سالمين، وإن غُلب محمداً فإن قومكم لم يصنعوا بكم شيئاً‏.‏ فالتقى الأخنس وابو جهل، فخلا الأخنس بأبي جهل، فقال‏:‏ يا أبا الحكم أخبرني عن محمد أصادق هو أم كاذب‏؟‏ فإنه ليس ها هنا من قريش غيري يستمع كلامنا‏؟‏ فقال أبو جهل‏:‏ ويحك‏!‏ واللّه إن محمداً لصادق وما كذب محمد قط، ولكن إذا ذهبت بنو قصي باللواء والسقاية والحجابة والنبوة فماذا يكون لسائر قريش‏؟‏ فذلك قوله‏:‏ ‏{‏فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمن بآيات اللّه يجحدون‏}‏ فآيات اللّه محمد صلى الله عليه وسلم ‏.‏

وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا‏}‏، هذه تسلية لنبي صلى الله عليه وسلم وتعزية له فيمن كذبه من قومه، وأمر له بالصبر كما صبر أولو العزم من الرسل، ووعد له بالنصر كما نصروا، وبالظفر حتى كانت لهم العاقبة بعدما نالهم من التكذيب من قومهم والأذى البليغ، ثم جاءهم النصر في الدنيا كما لهم النصر في الآخرة، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏ولا مبدل لكلمات اللّه‏}‏ أي التي كتبها بالنصر في الدنيا والآخرة لعباده المؤمنين، كما قال‏:‏‏{‏ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين* إنهم لهم المنصورون* وإن جندنا لهم الغالبون‏}‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏كتب اللّه لأغلبن أنا ورسلي إن اللّه قوي عزيز‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏ولقد جاءك من نبأ المرسلين‏}‏ أي من خبرهم كيف نصروا وأيدوا على من كذبهم من قومهم فلك فيهم أسوة وبهم قدوة، ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏وإن كان كبر عليك إعراضهم‏}‏ أي إن كان شق عليك إعراضهم عنك ‏{‏فإن استطعت أن تبتغي نفقاً في الأرض أو سلماً في السماء‏}‏، قال ابن عباس‏:‏ النفق‏:‏ السرب فتذهب فيه فتأتيهم بآية، أو تجعل لك سلماً في السماء، فتصعد فيه، فتأتيهم بآية أفضل مما أتيتهم به فافعل، وقوله‏:‏ ‏{‏ولو شاء اللّه لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين‏}‏، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً‏}‏ الآية، قال ابن عباس‏:‏ إن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان يحرص أن يؤمن جميع الناس ويتابعوه على الهدى، فأخبره اللّه أنه لا يؤمن إلا من قد سبق له من الله السعادة في الذكر الأول‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إنما يستجيب الذين يسمعون‏}‏ أي إنما يستجيب لدعائك يا محمد من يسمع الكلام ويعيه ويفهمه، كقوله‏:‏ ‏{‏لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين‏}‏‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون‏}‏ يعني بذلك الكفار لأنهم موتى القلوب - فشبههم الله بأموات الأجساد، فقال‏:‏ ‏{‏والموتى يبعثهم اللّه ثم إليه يرجعون‏}‏، وهذا من باب التهكم بهم والإزراء عليهم‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏37 ‏:‏ 39‏)‏
‏{‏ وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه قل إن الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون ‏.‏ وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون ‏.‏ والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم ‏}‏

يقول تعالى‏:‏ مخبراً عن المشركين أنهم كانوا يقولون لولا نزل عليه آية من ربه أي خارق على مقتضى ما كانوا يريدون ومما يتعنتون، كقولهم‏:‏ ‏{‏لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً‏}‏ الآيات، ‏{‏قل إن اللّه قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون‏}‏ أي هو تعالى قادر على ذلك ولكن حكمته تعالى تقتضي تأخير ذلك، لأنه لو أنزلها وفق ما طلبوا ثم لم يؤمنوا لعاجلهم بالعقوبة كما فعل بالأمم السالفة، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفاً‏}‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم‏}‏، قال مجاهد‏:‏ أي أصناف مصنفة تعرف بأسمائها‏.‏ وقال قتادة‏:‏ الطير أمة، والإنس أمة، والجن أمة‏.‏ وقال السدي‏:‏ ‏{‏إلا أمم أمثالكم‏}‏ أي خلق أمثالكم‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏ما فرطنا في الكتاب من شيء‏}‏ أي الجميع علمهم عند اللّه ولا ينسى واحداً من جميعها من رزقه وتدبيره سواء كان برياً أو بحرياً، كقوله‏:‏ ‏{‏وما من دابة في الأرض إلا على اللّه رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين‏}‏ أي مفصح بأسمائها، وأعدادها، ومظانها، وحاصر لحركاتها وسكناتها، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏ثم إلى ربهم يحشرون‏}‏ عن ابن عباس قال‏:‏ حشرها الموت، والقول الثاني ‏:‏ إن حشرها هو بعثها يوم القيامة، لقوله‏:‏ ‏{‏وإذا الوحوش حشرت‏}‏‏.‏

عن أبي ذر قال‏: بينما نحن عند رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذا انتطحت عنزان، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏أتدرون فيم انطحتا‏؟‏‏)‏ قالوا‏:‏ لا ندري، قال‏:‏ ‏(‏لكن الله يدري وسيقضي بينهما‏)‏، قال أبو ذر‏:‏ ولقد تركنا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وما يقلب طائر جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علماً ‏"‏رواه ابن جرير وأحمد وعبد الرزاق، واللفظ لأحمد‏"‏وفي الحديث‏:‏ ‏(‏إن الجمعاء لتقتص من القرناء يوم القيامة‏)‏ ‏"‏راه الإمام أحمد في المسند‏"‏وقال عبد الرزاق عن أبي هريرة في قوله‏:‏ ‏{‏إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون‏}‏ قال‏:‏ يحشر الخلق كلهم يوم القيامة، البهائم والدواب والطير وكل شيء، فيبلغ من عدل الله يومئذ أن يأخذ للجماء من القرناء، ثم يقول‏:‏ كوني تراباً، فلذلك يقول الكافر‏:‏ ‏{‏يا ليتني كنت تراباً‏}‏ الحديث روي موقوفاً هنا ومرفوعاً في حديث الصور وقوله‏:‏ ‏{‏والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات‏}‏ أي مثلهم في جهلهم وقلة علمهم وعدم فهمهم كمثل أصم وهو الذي لا يسمع، أبكم‏:‏ وهو الذي لا يتكلم، وهو مع هذا في ظلمات لا يبصر، فكيف يهتدي مثل هذا إلى الطريق أو يخرج مما هو فيه‏؟‏ كقوله‏:‏ ‏{‏وتركهم في ظلمات لا يبصرون* صم بكم عمي فهم لا يرجعون‏}‏، وكما قال تعالى‏:‏ ‏{‏أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل اللّه له نوراً فما له من نور‏}‏ ولهذا قال‏:‏ ‏{‏من يشأ اللّه يضلله ومن يشا يجعله على صراط مستقيم‏}‏ أي هو المتصرف في خلقه بما يشاء






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس