عرض مشاركة واحدة
قديم 09-05-2014, 05:06 AM   رقم المشاركة : 8
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏66 ‏:‏ 69‏)‏
‏{‏ وكذب به قومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل ‏.‏ لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون ‏.‏ إذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين ‏.‏ وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء ولكن ذكرى لعلهم يتقون‏}‏

يقول تعالى‏:‏ ‏{‏وكذب به‏}‏ أي بالقرآن الذي جئتهم به والهدى والبيان ‏{‏قومك‏}‏ يعني قريشاً، ‏{‏وهو الحق‏}‏ أي الذي ليس وراءه حق، ‏{‏قل لست عليكم بوكيل‏}‏، أي لست عليكم بحفيظ، ولست بموكل بكم كقوله‏:‏ ‏{‏وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر‏}‏، أي إنما عليَّ البلاغ وعليكم السمع والطاعة، فمن اتبعني سعد في الدنا والآخرة، من خالفني فقد شقي في الدنيا والآخرة، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏لكل نبأ مستقر‏}‏ قال ابن عباس‏:‏ أي لكل نبأ حقيقة، أي لكل خبر وقوع ولو بعد حين، كما قال‏:‏ ‏{‏ولتعلمن نبأه بعد حين‏}‏، وقال‏:‏ ‏{‏لكل أجل كتاب‏}‏، وهذا تهديد ووعيد أكيد، ولهذا قال بعده‏:‏ ‏{‏وسوف تعلمون‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا‏}‏ أي بالتكذيب والاستهزاء فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره‏}‏ أي حتى يأخذوا في كلام آخر غير ما كانوا فيه من التكذيب ‏{‏وإما ينسينك الشيطان‏}‏، والمراد بذلك كل فرد فرد من آحاد الأمة، أن لا يجلس مع المكذبين الذين يحرفون آيات اللّه ويضعونها على غير مواضعها، فإن جلس أحد معهم ناسياً ‏{‏فلا تقعد بعد الذكرى‏}‏ بعد التذكر ‏{‏مع القوم الظالمين‏}‏، ولهذا ورد في الحديث‏:‏ ‏(‏رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه‏)‏ ‏"‏أخرجه ابن ماجة ولفظه ‏(‏إن اللّه وضع عن أمتي الخطأ‏.‏‏.‏‏)‏ الحديث‏"‏وقال السدي في قوله‏:‏ ‏{‏وإما ينسينك الشيطان‏}‏، قال‏:‏ إن نسيت فذكرت ‏{‏فلا تقعد‏}‏ معهم، وكذا قال مقاتل بن حيان، وهذه الآية هي المشار إليها في قوله‏:‏ ‏{‏وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات اللّه يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذاً مثلهم‏}‏ الآية، أي إنكم إذا جلستم معهم وأقررتموهم على ذلك فقد ساويتموهم فيما هم فيه، وقوله‏:‏ ‏{‏وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء‏}‏ أي إذا تجنبوهم فلم يجلسوا معهم في ذلك فقد برثوا من عهدتهم وتخلصوا من إثمهم، قال ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير، قوله‏:‏ ‏{‏وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء‏}‏ قال‏:‏ ما عليك أن يخوضوا في آيات اللّه إذا فعلت ذلك، أي إذا تجنبتم وأعرضت عنهم، وقال آخرون‏:‏ بل معناه‏:‏ وإن جلسوا معهم فليس عليهم من حسابهم من شيء، وزعموا أن هذا منسوخ بآية النساء المدنية وهي قوله‏:‏ ‏{‏إنكم إذا مثلهم‏}‏، قاله مجاهد والسدي وابن جريج وغيرهم، وعلى قولهم يكون قوله‏:‏ ‏{‏ولكن ذكرى لعلهم يتقون‏}‏ أي ولكن أمرناكم بالإعراض عنهم حينئذ تذكريراً لهم عما هم فيه لعلهم يتقون ذلك ولا يعودون إليه‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏70‏)‏
{‏ وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون ‏}‏

يقول تعالى‏:‏ ‏{‏وذر الذين اتخذوا دينهم لعباً ولهواً وغرتهم الحياة الدنيا‏}‏ أي دعهم وأعرض عنهم وأمهلهم قليلاً فإنهم صائرون إلى عذاب عظيم، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏وذكر به‏}‏ أي ذكر الناس بهذا القرآن وحذرهم نقمة اللّه وعذابه الأليم يوم القيامة، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏أن تبسل نفس بما كسبت‏}‏ أي لئلا تبسل، قال ابن عباس والحسن والسدي‏:‏ تبسل‏:‏ تسلم، وقال الوالبي عن ابن عباس تفتضح‏.‏ وقال قتادة‏:‏ تحبس، وقال ابن زيد‏:‏ تؤاخذ، وقال الكلبي‏:‏ تجزى، وكل هذا الأقوال والعبارات متقاربة في المعنى، وحاصلها الإسلام للهلكة، والحبس عن الخير، والإرتهان عن درك المطلوب، كقوله‏:‏ ‏{‏كل نفس بما كسبت رهينة إلا اصحاب اليمين‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏ليس لها من دون اللّه ولي ولا شفيع‏}‏ أي لا قريب ولا أحد يشفع فيها، كقوله‏:‏ ‏{‏من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها‏}‏ أي ولو بذلت كل مبذول ما قبل منها كقوله‏:‏ ‏{‏إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهباً‏}‏ الآية، وكذا قال ههنا‏:‏ ‏
{‏أولئك الذين ابسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون‏}‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏71 ‏:‏ 73‏)‏
‏{‏ قل أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا قل إن هدى الله هو الهدى وأمرنا لنسلم لرب العالمين ‏.‏ وأن أقيموا الصلاة واتقوه وهو الذي إليه تحشرون ‏.‏ وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق ويوم يقول كن فيكون قوله الحق وله الملك يوم ينفخ في الصور عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير ‏}‏

قال السدي‏:‏ قال المشركون للمسلمين اتبعوا سبيلنا واتركوا دين محمد، فأنزل اللّه عزَّ وجلَّ‏:‏ ‏{‏قل أندعوا من دون اللّه مالا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا‏}‏ أي في الكفر ‏{‏بعد إذ هدانا اللّه‏}‏ فيكون مثلنا مثل الذي استهوته الشياطين في الأرض، يقول‏:‏ مثلكم إن كفرتم بعد إيمانكم كمثل رجل خرج مع قوم على الطريق، فضلَّ الطريق، فحيرته الشياطين واستهوته في الأرض وأصحابه على الطريق، فجعلوا يدعونه إليهم يقولون‏:‏ ائتنا فإنا على الطريق، فأبى أن يأتيهم، فذلك مثل من يتبعهم بعد المعرفة بمحمد صلى اللّه عليه وسلم، ومحمد هو الذي يدعو إلى الطريق، والطريق هو الإسلام ‏"‏رواه ابن جرير‏"‏وقال قتادة ‏{‏استهوته الشياطين في الارض‏}‏ أضلته في الارض‏:‏ يعني استهوته سيرته، كقوله‏:‏ ‏{‏تهوي إليهم‏}‏، وقال ابن عباس‏:‏ هذا مثل ضربه اللّه لآلهة ومن يدعو إليها، والدعاة الذين يدعون إلى هدى اللّه عزَّ وجلَّ، كمثل رجل ضل عن طريق تائهاً، إذ ناداه مناد‏:‏ يا فلان ابن فلان هلم إلى الطريق، وله أصحاب يدعونه يا فلان هلم إلى الطريق، فإن اتبع الداعي الأول انطلق به حتى يلقيه إلى الهلكة، وإن أجاب من يدعوه إلى الهدى اهتدى إلى الطريق، يقول‏:‏ مثل من يعبد هذه الآلهة من دون اللّه فإنه يرى أنه في شيء حتى يأتيه الموت فيستقبل الندامة والهلكة‏.‏

وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏كالذي استهوته الشياطين في الأرض‏}‏ هم الغيلان يدعونه باسمه واسم أبيه وجده، فيتبعها، وهو يرى أنه في شيء، فيصبح وقد رمته في هلكة، وربما أكلته، أو تلقيه في مضلة من الأرض يهلك فيها عطشاً فبهذا مثل من أجاب الآلهة التي تعبد من دون اللّه عزَّ وجلَّ رواه ابن جرير‏.‏ وقال مجاهد‏:‏ ‏{‏كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران‏}‏ قال‏:‏ رجل حيران يدعوه أصحابه إلى الطريق وذلك مثل من يضل من بعد أن هدي‏.‏ وقال العوفي عن ابن عباس‏:‏ هو الذي لا يستجيب لهدى اللّه، وهو رجل أطاع الشيطان، وعمل في الارض بالمعصية، وحاد من الحق، وضل عنه، وله أصحاب يدعونه إلى الهدى ويزعمون أن الذي يأمرونه به هدى، يقول اللّه ذلك لأوليائهم من الإنس ‏{‏إن الهدى هدى اللّه‏}‏ والضلال ما يدعو إليه الجن، رواه ابن جرير، ثم قال‏:‏ وهذا يقتضي أن أصحابه يدعونه إلى الضلال ويزعمون أنه هدى، قال‏:‏ وهذا خلاف ظاهر الآية، فإن اللّه أخبر أنهم يدعونه إلى الهدى، فغير جائز أن يكون ضلالاً وقد اخبر اللّه أنه هدى، وهو كما قال ابن جرير، فإن السياق يقتضي أن هذا الذي استهوته الشياطين في الارض حيران، وهو منصوب على الحال أي في حال حيرته وضلاله وجهله وجه المحجة، وله أصحاب على المحجة سائرون، فجعلوا يدعونه إليهم وإلى الذهاب معهم على الطريقة المثلى وتقدير الكلام فيأبى عليهم ولا يلتفت إليهم ولو شاء اللّه لهداه ولرد به إلى الطريق، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏قل إن هدى اللّه هو الهدى‏}‏ كما قال‏:‏ ‏{‏ومن يهد اللّه فما له من مضل‏}‏ وقال‏:‏ ‏{‏إن تحرص على هداهم فإن اللّه لا يهدي من يضل وما لهم من ناصرين‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏وأمرنا لنسلم لرب العالمين‏}‏ أي نخلص له العبادة وحده لا شريك له ‏{‏وأن أقيموا الصلاة واتقوه‏}‏ أي وأمرنا بإقامة الصلاة وبتقواه في جميع الأحوال، ‏{‏وهو الذي إليه تحشرون‏}‏ أي يوم القيامة، ‏{‏وهو الذي خلق السموات والارض بالحق‏}‏ أي بالعدل فهو خالقهما ومالكهما والمدبر لهما ولمن فيهما، وقوله‏:‏ ‏{‏ويوم يقول كن فيكون‏}‏ يعني يوم القيامة الذي يقول اللّه كن فيكون عن أمره كلمح البصر أو هو أقرب، واختلف المفسرن في قوله‏:‏ ‏{‏يوم ينفخ في الصور‏}‏، فقال بعضهم‏:‏ المراد بالصور هنا جمع صورة أي يوم ينفخ فيها فتحيا‏.‏ قال ابن جرير كما يقال‏:‏ سور لسور البلد، وهو جمع سورة، والصحيح أن المراد بالصور القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل عليه السلام، قال ابن جرير‏:‏ والصواب عندنا ما تظاهرت به الأخبار عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏إن إسرافيل قد التقم الصور وحنى جبهته متى يؤمر فينفخ‏)‏ ‏"‏رواه مسلم في صحيحه‏"‏وقال الإمام أحمد عن عبد اللّه بن عمرو قال،
قال أعرابي‏:‏ يا رسول اللّه ما الصور‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏قرن ينفخ فيه‏)‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏74 ‏:‏ 79‏)‏
‏{‏ وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة إني أراك وقومك في ضلال مبين ‏.‏ وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين ‏.‏ فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين ‏.‏ فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين ‏.‏ فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون ‏.‏ إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين ‏}‏

قال الضحاك عن ابن عباس‏:‏ إن أبا إبراهيم لم يكن اسمه آزر، وإنما كان اسمه تارخ، وقال مجاهد والسدي‏:‏ آزر اسم صنم، قلت‏:‏ كأنه غلب عليه آزر لخدمته ذلك الصنم فاللّه أعلم، وقال ابن جرير‏:‏ هو سب وعيب بكلامهم، ومعناه معوج، وهي أشد كلمة قالها إبراهيم عليه السلام، ثم قال ابن جرير‏:‏ والصواب أن اسم أبيه أزر، وقد يكون له اسمان كما لكثير من الناس، أو يكون أحدهما لقباً، وهذا الذي قاله جيد قوي واللّه أعلم‏.‏ وقرأ الجمهور بالفتح، إما على أنه علم أعجمي لا ينصرف، وهو بدل من قوله لأبيه، أو عطف بيان وهو أشبه، والمقصود أن إبراهيم وعظ أباه في عبادة الأصنام وزجره عنها فلم ينته كما قال‏:‏ ‏{‏وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر تتخذ أصناما آلهة‏}‏ أي أتتأله لصنم تعبده من دون اللّه ‏{‏إني أراك وقومك‏}‏ أي السالكين مسلكك ‏{‏في ضلال مبين‏}‏ أي تائهين، لا يهتدون أين يسلكون بل في حيرة وجهل، وأمركم في الجهالة والضلال بين واضح لكل ذي عقل سليم، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا * إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا * يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا‏}‏، فكان إبراهيم عليه السلام يستغفر لأبيه مدة حياته، فلما مات على الشرك وتبين إبراهيم ذلك رجع عن الاستغفار له وتبرأ منه، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو اللّه تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم‏}‏، وثبت في الصحيح أن إبراهيم يلقى أباه آزر يوم القيامة، فيقول له آزر‏:‏ يا بني اليوم لا أعصيك، فيقول إبراهيم أي رب ألم تعدني أنك لا تخزني يوم يبعثون، وأي خزي أخزى من أبي الأبعد‏؟‏ فيقال‏:‏ يا إبراهيم انظر ما ورءاك، فإذا هو بذبح متلطخ فيؤخذ بقوائمه فيلقى في النار، وقوله‏:‏ ‏{‏وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض‏}‏ أي نبين له وجه الدلالة في نظره إلى خلقهما على وحدانية اللّه عزَّ وجلَّ في ملكه وخلقه وأنه لا إله غيره ولا رب سواه، كقوله‏:‏ ‏{‏قل انظروا ماذا في السموات والأرض‏}‏‏.‏

وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض‏}‏، وقال‏:‏ ‏{‏أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض‏}‏‏.‏ وروى ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين‏}‏، فإنه تعالى جلى له الأمر سره وعلانيته، فلم يخف عليه شيء من أعمال الخلائق، فيحتمل أن يكون كشف له عن بصره حتى رأى ذلك عياناً، ويحتمل أن يكون عن بصيرته حتى شاهده بفؤاده وتحققه وعرفه وعلم ما في ذلك من الحكم الباهرة والدلالات القاطعة، كما رواه الإمام أحمد والترمذي عن معاذ بن جبل في حديث المنام‏:‏ ‏(‏أتاني ربي في أحسن صورة فقال‏:‏ يا محمد فيم يختصم الملأ الأعلى‏؟‏ فقلت‏:‏ لا أدري يا رب، فوضع يده بين كتفي حتى وجدت برد أنامله بين ثديي فتجلى لي كل شيء وعرفت ذلك‏)‏ وذكر الحديث‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏وليكون من الموقنين‏}‏ قيل الواو زائدة تقديره‏:‏ وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض ليكون من الموقنين، كقوله‏:‏ ‏{‏وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين‏}‏، وقيل‏:‏ بل هي على بابها أي نريه ذلك ليكون عالماً وموقناً‏.‏

وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فلما جن عليه الليل‏}‏ أي تغشاه وستره ‏{‏رأى كوكبا‏}‏ أي نجماً قيل‏:‏ الزهرة، وقيل‏:‏ المشتري، وهو قول الطبري، وكان قومه يعبدون الكواكب ، ‏{‏قال هذا ربي فلما أفل‏}‏ أي غاب‏.‏ قال محمد بن إسحاق الأفول‏:‏ الذهاب، وقال ابن جرير‏:‏ يقال أفل النجم يأفِل ويأفُل أفولاً وأفلاً‏:‏ إذا غاب، ومنه قول ذي الرمة‏:‏
مصابيح ليست باللواتي نقودها * دياج ولا بالآفلات الزوائل






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس