عرض مشاركة واحدة
قديم 29-04-2014, 01:36 AM   رقم المشاركة : 27
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


رقم الآية ‏(‏115‏)‏
‏{‏ ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم ‏}‏
وهذا واللّه أعلم فيه تسلية للرسول صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه الذين أخرجوا من مكة وفارقوا مسجدهم ومصلاهم وقد كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يصلّي بمكّة إلى بيت المقدس والكعبة بين يديه، فلما قدم المدينة وجه إلى بيت المقدس ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً ثم صرفه اللّه إلى الكعبة بعد، ولهذا يقول تعالى‏:‏ ‏{‏ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثَمَّ وجه اللّه‏}‏ قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال‏:‏ كان أول ما نسخ من القرآن القبلة‏.‏ وذلك أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة وكان أهلها اليهود أمره اللّه أن يستقبل بيت المقدس ففرحت اليهود، فاستقبلها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بضعة عشر شهراً، وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يحب قبلة إبراهيم، وكان يدعو وينظر إلى السماء فأنزل اللّه‏:‏ ‏{‏قد نرى تقلب وجهك في السماء‏}إلى قوله‏:{‏فولوا وجوهكم شطره‏} فارتاب من ذلك اليهود وقالوا‏:‏{‏ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها‏} فأنزل اللّه{‏قل للّه المشرق والمغرب‏}‏، وقال‏:‏ {‏فأينما تولوا فثم وجه اللّه‏}‏وقال عكرمة‏:‏ عن ابن عباس ‏{‏فأينما تولوا فثم وجه اللّه‏}‏قال‏:‏ قبلة اللّه أينما توجهت شرقاً أو غرباً، وقال‏:‏ مجاهد ‏{‏فأينما تولوا فثم وجه اللّه‏}‏حيثما كنتم فلكم قبلة تستقبلونها الكعبة‏.‏ وقال ابن جرير‏:‏ وقال آخرون‏:‏ بل أنزل اللّه هذه الآية قبل أن يفرض التوجه إلى الكعبة، وإنما أنزلها ليعلم نبيّه صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه أن له التوجه بوجوههم للصلاة حيث شاءوا من نواحي المشرق والمغرب، لأنه لا يوجهون وجوههم وجهاً من ذلك وناحية إلا كان جل ثناؤه في ذلك الوجه وتلك الناحية، لأن له تعالى المشارق والمغارب وأنه لا يخلوا منه مكان كما قال تعالى‏:‏{‏ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا‏}‏
قالوا‏:‏ ثم نسخ ذلك بالفرض الذي فرض عليهم التوجه إلى المسجد الحرام هكذا قال، وفي قوله‏:‏ وأنه تعالى لا يخلوا منه مكان؛ إن أراد علمه تعالى فصحيح، فإنَّ علمه تعالى محيط بجميع المعلومات، وأما ذاته فلا تكون محصورة في شيء من خلقه، تعالى اللّه عن ذلك علواً كبيراً‏.‏
وقال آخرون‏:‏ بل نزلت هذه الآية على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذناً من اللّه أن يصلي المتطوع حيث توجه من شرق أو غرب في سفره لما
روى عن ابن عمر أنه كان يصلي حيث توجهت به راحلته، ويذكر أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يفعل ذلك ويتأول هذه الآية‏:‏ ‏{‏فأينما تولوا فثم وجه اللّه ‏}
‏‏"‏رواه مسلم والترمذي والنسائي‏"‏
وقال آخرون‏:‏ بل نزلت هذه الآي في قوم عميت عليه القبلة فلم يعرفوا شطرها، فصلُّو على أنحاء مختلفة، فقال اللّه تعالى‏:‏ لي المشارق والمغارب، فأين وليتم وجوهكم فهناك وجهي وهو قبلتكم فيعلمكم بذلك أن صلاتكم ماضية، لما
روي عن عامر بن ربيعة عن أبيه قال‏:‏ كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في ليلة سوداء مظلمة فنزلنا منزلاً فجعل الرجل يأخذ الأحجار فيعمل مسجداً يصلي فيه، فلما أن أصبحنا إذا نحن قد صلينا إلىغير القبلة، فقلنا‏:‏ يا رسول اللّه لقد صلينا ليلتنا هذه لغير القبلة فأنزل اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله‏}
‏"‏رواه الترمذي وابن ماجة وقال الترمذي‏:‏ هذا حديث حسن وليس إسناده بذاك‏"‏الآية
عن ابن عباس أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعث سرية فأخذتهم ضبابة فلم يهتدوا إلى القبلة فصلوا لغير القبلة ثم استبان لهم بعد ما طلعت الشمس أنهم صلوا لغير القبلة، فلما جاءوا إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حدثوه فأنزل اللّه تعالى هذه الآية‏:‏ ‏{‏ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله‏}
‏ ‏"‏رواه ابن مردويه من حديث الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس وفيه ضعف‏"‏
قال بن جرير‏:‏ ويحتمل فأينما تولوا وجوهكم في دعائكم لي فهنالك وجهي أستجيب لكم دعاءكم‏.‏ قال مجاهد‏:‏ لما نزلت
{‏ادعوني أستجب لكم‏}‏ قالوا‏:‏ إلى أين‏؟‏ فنزلت‏{‏فأينما تولوا فثم وجه الله‏} ومعنى قوله‏:{‏إن الله واسع عليم‏} يسع خلقه كلهم بالكفاية والجود والإفضال، وأما قوله‏:‏ ‏{‏عليم‏}‏ فإنه يعن عليم بأعمالهم ما يغيب عنه منها شيء، ولا يعزب عن علمه بل هو بجميعها عليم‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


رقم الآية ‏(‏116 ‏:‏ 117‏)‏
{‏ وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه بل له ما في السماوات والأرض كل له قانتون ‏.‏ بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ‏}

اشتملت هذه الآية الكريمة والتي تليها على الرد على النصارى عليهم لعائن اللّه وكذا من أشبههم من اليهود ومن مشركي العرب ممن جعل الملائكة بنات اللّه، فأكذب اللّه جميعهم في دعواهم وقولهم إن للّه ولداً فقال تعالى ‏{‏سبحانه‏}‏ أي تعالى وتقدّس وتنزَّه عن ذلك علواً كبيراً‏:‏
{‏بل له ما في السموات والأرض‏} أي ليس الأمر كما افتروا، وإنما له ملك السماوات والأرض ومن فيهن، وهو المتصرف فيهم وهو خالقهم ورازقهم، ومقدرهم ومسخِّرهم ومسيّرهم ومصرفهم كما يشاء، والجميع عبيد له وملك له، فكيف يكون له ولد منهم، والولد إنما يكون متولداً من شيئين متناسبين، وهو تبارك وتعالى ليس له نظير ولا مشارك في عظمته وكبريائه ولا صاحبة له فكيف يكون له ولد‏؟‏ كما قال تعالى‏:‏‏{‏بديع السموات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم‏}، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وقالوا اتخذ الرحمن ولداً لقد جئتم شيئاً إدّاً‏}‏، وقال تعالى‏:‏ {‏قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد‏}‏، فقرر تعالى في هذه الآيات الكريمة أنه السيد العظيم الذي لا نظير له ولا شبيه له، وأن جميع الأشياء غيره مخلوقة له مربوبة، فكيف يكون له منها ولد‏؟‏ ولهذا قال البخاري عن ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏قال اللّه تعالى كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، فأما تكذيبه إياي فيزعم أني لا أقدر أن أعيده كما كان، وأما شتمه إياي فقوله إن لي ولداً، فسبحاني أن أتخذ صاحبة أو ولداً‏)‏ وفي الصحيحين عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏لا أحد أصبر على أذى سمعه من اللّه، إنهم يجعلون له ولداً وهو يرزقهم ويعافيهم‏)‏‏
.‏
وقوله ‏
{‏كل له قانتون‏}‏ مقرّون له بالعبودية‏.‏ وقال السدي‏:‏ أي مطيعون يوم القيامة، وقال مجاهد‏:‏ ‏{‏كل له قانتون‏}‏ مطيعون‏.‏ قال‏:‏ طاعة الكافر في سجود ظله وهو كاره، وهذا القول - وهو اختيار ابن جرير - يجمع الأقوال كلها، وهو أن القنوت الطاعة والاستكانة إلى اللّه وهو شرعي وقدري كما قال تعالى‏:‏ {‏لله يسجد من في السموات ومن في الأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال‏}
‏‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏
{‏بديع السماوات والأرض‏} أي خالقهما على غير مثال سبق وهو مقتضى اللغة، ومنه يقال للشيء المحدث بدعة كما جاء في صحيح مسلم ‏(‏ فإن كل محدثة بدعة‏)‏ والبدعة على قسمين‏:‏ تارة تكون بدعة شرعية، كقوله‏:‏ ‏(‏فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة‏)‏، وتارة تكون بدعة لغوية كقول أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب عن جمعه إياهم على صلاة التراويح واستمرارهم‏:‏ ‏(‏نعمت البدعة هذه‏)‏ وقال ابن جرير‏:‏ ‏{‏بديع السماوات والأرض‏}
‏ مبدعهما وإنما هو مُفْعِل فصرف إلى فعيل كما صرف المؤلم إلى الأليم، ومعنى المبدع المنشىء والمحدث مالا يسبقه إلى أنشاء مثله وإحداثه أحد‏.‏ قال‏:‏ ولذلك سمي المبتدع في الدين مبتدعاً لإحداثه فيه ما لم يسبق إليه غيره‏.‏
قال ابن جرير‏:‏ فمعنى الكلام‏:‏ سبحان اللّه أن يكون له ولد وهو مالك ما في السماوات والأرض، تشهد له جميعها بدلالتها عليه بالوحدانية، وتقر له بالطاعة، وهو بارئها وخالقها وموجدها من غير أصل ولا مثال احتذاها عليه، وهذا إعلامٌ من اللّه لعباده أن ممن يشهد له بذلك المسيح الذي أضافوا إلى اللّه بنوته، وإخبار منه لهم أن الذي ابتدع السماوات والأرض من غير أصل وعلى غير مثلا، هو الذي ابتدع المسيح عيسى من غير والد بقدرته، وهذا من ابن جرير رحمه اللّه كلام جيد وعبارة صحيحة‏.‏
وقوله تعالى ‏
{‏وإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون‏} يبيّن بذلك كمال قدرته وعظيم سلطانه، وأنه إذا قدّر أمراً وأراد كونه فإنما يقول له ‏{‏كن‏}‏ أي مرة واحدة ‏{‏فيكون‏}‏ أي فيوجد على وفق ما أراد، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون‏}‏، وقال تعالى‏:‏ {‏إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون‏}‏، وقال تعالى‏:‏‏{‏وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر‏}‏، وقال الشاعر‏:‏
إذا ما أراد اللّه أمراً فإنما * يقول له كن قولة فيكون
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


رقم الآية ‏(‏118‏)‏
{‏ وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم قد بينا الآيات لقوم يوقنون ‏}

قال ابن عباس‏:‏ قال رافع بن حرملة لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ يا محمد إن كنت رسولاً من اللّه كما تقول، فقل للّه فيكلمنا حتى نسمع كلامه‏.‏ فأنزل اللّه في ذلك من قوله‏:‏ ‏{‏وقال الذي لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية‏}‏ ‏"‏أخرجه محمد بن إسحاق عن ابن عباس‏"‏وقال مجاهد‏:‏ النصارى تقوله، وقال قتادة والسُّدي‏:‏ هذا قول كفّار العرب،{‏كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم‏} قال‏:‏ هم اليهود والنصارى، ويؤيد هذا القول وأن القائلين ذلك هم مشركو العرب قوله تعالى‏:‏ {‏وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله‏}الآية، وقوله تعالى‏:{‏وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا‏} إلى قوله‏:‏ ‏{‏قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا‏} وقوله تعالى‏:‏{‏وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا‏}
الآية إلى غير ذلك من الآيات الدالة على كفر مشركي العرب وعتوهم وعنادهم وسؤالهم ما لا حاجة لهم به إنما هو الكفر والمعاندة كما قال من قبلهم من الأُمم الخالية من أهل الكتابين وغيرهم‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏تشابهت قلوبهم‏}‏ أي اشبهت قلوب مشركي العرب قلوب من تقدمهم في الكفر والعناد والعتو كما قال تعالى‏:
{‏كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون أتواصوا به‏}‏‏؟‏ الآية‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏قد بينا الآيات لقوم يوقنون‏} أي قد أوضحنا الدلالات على صدق الرسل بما لا يحتاج معها إلى سؤال آخر، وزيادة أُخرى لمن أيقن وصدق واتبع الرسل وفهم ما جاءوا به عن اللّه تبارك وتعالى، وأما من ختم اللّه على قلبه وسمعه وجعل على بصره غشاوة فأولئك قال اللّه فيهم‏:{‏إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم‏}‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


رقم الآية ‏(‏119‏)
{‏ إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ولا تسأل عن أصحاب الجحيم ‏}

عن ابن عباس قال‏:‏ ‏(‏بشيراً بالجنة ونذيراً من النار‏)‏، وقوله‏:‏
{‏ولا تسأل عن أصحاب الجحيم‏}قراءة أكثرهم ‏{‏ولا تسأل‏}‏ بضم التاء على الخبر، وفي قراءة ابن مسعود ‏{‏ولا تسأل‏}‏ عن أصحاب الجحيم أي لا نسألك عن كفر من كفر بك، كقوله‏:‏{‏فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب‏}
‏‏.‏
عن عطاء بن يسار قال‏:‏ لقيت عبد اللّه بن عمرو بن العاص فقلت‏:‏ أخبرني عن صفة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في التوراة فقال‏:‏ أجل واللّه إنه لموصوف في التوراة بصفته في القرآن يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرزاً للأميين؛ أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل، لا فظ ولا غليظ، ولا صخّاب في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر ولن يقبضه حتى يقيم به الملة العوجاء، بأن يقولوا لا إله إلا الله، فيفتح به أعيناً عمياً وآذاناً صماً وقلوباً غلفاً"‏رواه البخاري وأحمد‏"‏






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس