عرض مشاركة واحدة
قديم 29-04-2014, 01:50 AM   رقم المشاركة : 28
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
رقم الآية ‏(‏120 ‏:‏ 121‏)
‏{‏ ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير ‏.‏ الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون ‏}‏
قال ابن جرير‏:‏ يعني بقوله جلّ ثناؤه‏:‏ ‏{‏ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم‏}‏ وليست اليهود يا محمد ولا النصارى براضية عنك أبداً، فدع طلب ما يرضيهم ويوافقهم وأقبل على طلب رضا اللّه في دعائهم إلى ما بعثك اللّه به من الحق‏.‏ وقوله تعالى‏:‏{‏قل إن هدى الله هو الهدى‏}‏ أي قل يا محمد إن هدى الله الذي بعثني به هو الهدى، يعني هو الدين المستقيم الصحيح الكامل الشامل ‏{‏ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير‏}‏ فيه تهديد شديد ووعيد للأمة في اتباع طرائق اليهود والنصارى، بعدما علموا من القرآن والسنّة - عياذاً باللّه من ذلك - فإن الخطاب مع الرسول والأمر لأمته، وقد استدل كثير من الفقهاء بقول‏:‏ ‏{‏حتى تتبع ملتهم‏}‏ حيث أفرد الملة على أن الكفر كله ملة واحدة كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏لكم دينكم ولي دين‏}
‏، فعلى هذا لا يتوارث المسلمون والكفّار، وكلٌ منهم يرث قرينه سواء كان من أهل دينه أم لا لأنهم كلهم ملة واحدة‏.‏
وقوله‏:‏ ‏{‏الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته‏}‏، قال قتادة‏:‏ هم اليهود والنصارى واختاره ابن جرير، وقال سعيد عن قتادة‏:‏ هم أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، قال ابن مسعود‏:‏ والذي نفسي بيده إن حق تلاوته أن يحل حلاله ويحرم حرامه، ويقرأه كما أنزله اللّه ولا يحرف الكلم عن مواضعه، ولا يتأول منه شيئاً على غير تأويله، وقال الحسن البصري‏:‏ يعملون بمحكمه ويؤمنون بمتشابهه ويكلون ما أشكل عليهم إلى عالمه‏.‏ وقال سفيان الثوري عن عبد اللّه بن مسعود في قوله‏:‏ ‏{‏يتلونه حق تلاوته‏}‏ يتبعونه حق اتباعه‏.‏ وقال أبو موسى الأشعري‏:‏ من يتبع القرآن يهبط به على رياض الجنة، وعن عمر بن الخطاب‏:‏ هم الذين إذا مروا بآيى رحمة سألوها من اللّه، وإذا مروا بآية عذاب استعاذوا منها‏.‏ قال‏:‏ وقد روي هذا المعنى عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه كان إذا مر بآية رحمة سأل، وإذا مر بآية عذاب تعوذ‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏أولئك يؤمنون به‏}‏ خبر، أي من أقام كتابه من أهل الكتب المنزلة على الأنبياء المتقدمين حق إقامته آمن بما أرسلتك به يا محمد كما قال تعالى‏:‏
{‏ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم‏}‏ الآية‏.‏ وقال‏:‏ ‏{‏قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم‏}‏، أي إذا أقمتموها حق الإقامة، وآمنتم بها حق الإيمان، وصدقتم ما فيها من الأخبار بمبعث محمد صلى اللّه عليه وسلم ونعته وصفته، والأمر باتباعه ونصره ومؤازرته، قادكم ذلك إلى الحق واتباع الخير في الدنيا والآخرة كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل‏} الآية‏.‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون * وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين * أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرؤون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون‏}‏، وقال تعالى‏:‏{‏وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم‏؟‏ فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ واللّه بصير بالعباد‏}‏، ولهذا قال تعالى‏:‏{‏ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون‏}، كما قال تعالى‏:‏ {‏ومن يكفر به من الأحزاب فأنار موعده‏} وفي الصحيح‏:‏ ‏(‏والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار‏)
‏"‏أخرجه مسلم عن أبي هريرة مرفوعاً‏"‏‏.‏

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
رقم الآية ‏(‏122 ‏:‏ 123‏)‏
‏{‏ يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين ‏.‏ واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون ‏}

قد تقدم نظير هذه الآية في صدر السورة، وكررت ههنا للتأكيد والحث على اتباع الرسول النبي الأمي الذي يجدون صفته في كتبهم ونعته واسمه وأمره وأُمته فحذرهم من كتمان هذا، وكتمان ما أنعم به عليهم، وأمرهم أن يذكروا نعمة اللّه عليهم من النعم الدنيوية والدينية، ولا يحسدوا بني عمهم من العرب على ما رزقهم اللّه من إرسال الرسول الخاتم منهم، ولا يحملهم ذلك الحسد على مخالفته وتكذيبه والحيد عن موافقته، صلوات اللّه وسلامه عليه دائماً إلى يوم الدين‏.‏

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
رقم الآية ‏(‏124‏)‏
‏{‏ وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين ‏}

يقول تعالى منبِّهاً على شرف إبراهيم خليلة عليه السلام، وأن اللّه تعالى جعله إماماً للناس يقتدى به في التوحيد، حين قام به كلّفه اللّه تعالى به من الأوامر والنواهي، ولهذا قال‏:‏
‏{‏وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات‏} أي واذكر يا محمد لهؤلاء المشركين وأهل الكتابين الذي ينتحلون ملة إبراهيم وليسوا عليها‏.‏‏.‏ اذكر لهؤلاء ابتلاء اللّه إبراهيم أي اختاره لهم بما كلفه به من الأوامر والنواهي ‏{‏فأتمهن‏}‏ أي قام بهن كلهن كما قالت تعالى{‏وإبراهيم الذي وفَّى‏}‏ أي وفَّى جميع ما شرع له فعمل به صلوات اللّه عليه‏.‏ وقال تعالى‏:‏{‏إن ابراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفا ولم يك من المشركين* شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم‏}‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏ما كان ابراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين * إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين‏}‏‏.‏ وقوله تعالى ‏{‏بكلمات‏}‏ أي بشرائع وأوامر ونواه، ‏{‏فأتمهن‏}‏ أي قام بهن، قال‏:‏ ‏{‏إني جاعلك للناس إماماً‏}
أي جزاء على ما فعل كما قام بالأوامر وترك الزواجر جعله اللّه للناس قدوة وإماماً يقتدى به ويحتذى حذوه‏.‏
وقد اختلف في تعيين الكلمات التي اختبر اللّه بها إبراهيم الخليل عليه السلام، فروي عن ابن عباس قال‏:‏ ابتلاه اللّه بالمناسك، وروي عنه قال‏:‏ ابتلاه بالطهارة خمسٌ في الرأس، وخمسٌ في الجسد، في الرأس‏:‏ قص الشارب والمضمضة والاستنشاق والسواك وفرق الرأس، وفي الجسد‏:‏ تقليم الأظفار وحلق العانة والختان ونتف الإبط وغسل أثر الغائط والبول بالماء‏.
‏ وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏الفطرة خمس‏:‏ الختان والاستحداد وقص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط‏)‏‏.‏
وقال عكرمة عن ابن عباس أنه قال‏:‏ ما ابتلي بهذا الدين أحد فقام به كله إلا إبراهيم، قال اللّه تعالى‏:
‏{‏وإذا ابتلى إبراهيم ربُّه بكلمات فأتمهن‏}‏، قلت له‏:‏ وما الكلمات التي ابتلى اللّه إبراهيم بهن فأتمهن‏؟‏ قال‏:‏ الإسلام ثلاثون سهماً منها عشر آيات في براءة‏:‏ ‏{‏التائبون العابدون‏}‏ إلى آخر الآية، وعشر آيات في أول سورة‏{‏قد أفلح المؤمنون‏}‏وعشر آيات من الأحزاب‏:‏
{‏إن المسلمين والمسلمات‏}‏ إلى آخر الآية فأتمهن كلهم فكتبت له براءة‏.‏ قال اللّه تعالى‏: ‏{‏وإبراهيم الذي وفى‏}وقال محمد بن إسحاق عن ابن عباس قال‏:‏ الكلمات التي ابتلى اللّه بهن إبراهيم فأتمهن‏:‏ فراق قومه في اللّه حين أمر بمفارقتهم، ومحاجته نمروذ في اللّه حين وقفه على ما وقفه عليه من خطر الأمر الذي فيه خلافه، وصبره على قذفه إياه في النار ليحرقوه في اللّه على هول ذلك من أمرهم، والهجرة بعد ذلك من ووطنه وبلاده في اللّه حين أمره بالخروج عنهم، وما أمر به من الضيافة والصبر عليها بنفسه وماله، وما ابتلي به من ذبح ابنه حين أمره بذبحه، فلما مضى على ذلك من اللّه كله وأخلصه للبلاء قال اللّه له‏:‏ ‏{‏أسلم قال أسلمت لرب العالمينْ‏}على ما كان من خلاف الناس وفراقهم‏.‏ وقال ابن جرير‏:‏ كان الحسن يقول‏:‏ إي واللّه، لقد ابتلاه بأمر فصبر عليه، ابتلاه بالكوكب والشمس والقمر فأحسن في ذلك وعرف أن ربه دائم لا يزول، فوجه وجهه للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً وما كان من المشركين، ثم ابتلاه بالهجرة فخرج من بلاده وقومه حتى لحق بالشام مهاجراً إلى اللّه، ثم ابتلاه بالنار قبل الهجرة فصبر على ذلك، وابتلاه بذبح ابنه، والختان فصبر على ذلك‏.‏ وعن الربيع بن أنس قال‏:‏ الكلمات إني جاعلك للناس إماما‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى‏}‏وقوله‏:‏ ‏{‏وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل‏} الآية، وقوله‏:‏ ‏{‏وإذ يرفع إبراهيم القوعد من البيت وإسماعيل‏} الآية‏.‏ قال‏:‏ فذلك كله من الكلمات التي ابتلي بهن إبراهيم‏.‏ وفي الموطأ وغيره عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول‏:‏ إبراهيم عليه السلام أول من اختتن، وأول من ضاف الضيف، وأول من قلم أظفاره، وأول من قص الشارب، وأول من شاب‏.‏ فلما رأى الشيب قال‏:‏ ما هذا‏؟‏ قال‏:‏ وقار، قال‏:‏ يا رب زدني وقاراً‏.‏
قال أبو جعفر بن جرير ما حاصله‏:‏ إنه يجوز أن يكون المراد بالكلمات جميع ما ذكر، وجاز أن يكون بعض ذلك، ولا يجوز الجزم بشيء منها أنه المراد على التعيين إلا بحديث أو إجماع‏.‏ قال‏:‏ ولم يصح في ذلك خبر بنقل الواحد ولا بنقل الجماعة الذي يجب التسليم له‏.‏ ولما جعل الله إبراهيم إماماً سأل الله أن تكون الأئمة من بعده من ذريته فأجيب إلى ذلك، وأخبر أنه سيكون من ذريته ظالمون وأنه لا ينالهم عهد الله، ولا يكونون أئمةً فلا يقتدى بهم{‏قال ومن ذريَّتي، قال لا ينالُ عهدي الظالمين‏}‏، والدليل على أنه أجيب إلى طلبته قوله تعالى في سورة العنكبوت‏:‏ ‏{‏وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب‏} فكل نبي أرسله اللّه، وكل كتاب أنزل الله بعد إبراهيم، ففي ذريته صلوات اللّه وسلامه عليه، وأما قوله تعالى{‏قال لا ينال عهدي الظالمين‏}فقد اختلفوا في ذلك فقال مجاهد‏:‏ لا يكون إمام ظالم يقتدى به‏.‏‏,‏ وعنه قال‏:‏ أما من كان منهم صالحاً فأجعله إماماً يقتدى به، وأما من كان ظالماً فلا ولا نعمة عين‏.‏ وعن ابن عباس قال، قال اللّه لإبراهيم‏:‏ إني جاعلك للناس إماماً، قال‏:‏ ومن ذريتي، فأبى أن يفعل، ثم قال ‏{‏لا ينال عهدي الظالمين‏}‏ وروي عن قتادة في قوله{‏لا ينال عهدي الظالمين‏}قال‏:‏ لا ينال عهدُ اللّه في الآخرة الظالمين، فأما في الدنيا فقد ناله الظالم فأمن به وأكل وعاش وقال الربيع بن أنس‏:‏ عهدُ اللّه الذي عهد إلى عباده دينهُ، يقول‏:‏ لا ينال دينه الظالمين ألا ترى أنه قال‏:‏ ‏{‏وباركنا عليه وعلى إسحق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين‏}‏ يقول ليس كل ذريتك يا إبراهيم على الحق‏.‏ وعن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏{‏لا ينال عهدي الظالمين‏}‏ قال‏:‏(‏لا طاعة إلا في المعروف‏)‏"‏أخرجه ابن مردويه عن علي بن ابي طالب مرفوعاً‏"‏وقال السُّدي{‏لا ينال عهدي الظالمين‏}‏‏:‏ يقول عهدي نبوتي‏.‏ فهذه أقوال مفسري السلف في هذه الآية على ما نقله ابن جرير‏.‏ وقال ابن خويز منداد‏:‏ الظالم لا يصلح أن يكون خليفة ولا حاكما ولا مفتياً ولا شاهداً ولا راوياً‏.‏






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس