عرض مشاركة واحدة
قديم 06-05-2014, 06:43 PM   رقم المشاركة : 35
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

قوله تعالى‏: ‏{‏إن امرؤ هلك‏}‏ أي مات، قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏كل شي هالك إلا وجهه‏}كل شي يفنى ولا يبقى إلا اللّه عز وجل، كما قال‏:‏ ‏{‏كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام‏}‏ وقوله‏:‏{‏ليس له ولد‏}تمسك به من ذهب إلى أنه ليس من شرط الكلالة انتقاء الوالد، بل يكفي في وجود الكلالة انتفاء الولد، وهو رواية عن عمر بن الخطاب رواها ابن جرير عنه بإسناد صحيح إليه، ولكن الذي يرجع إليه هو قول الجمهور، وقضاء الصديق أنه الذي لا ولد له ولا والد‏.‏ ويدل على ذلك قوله‏:‏ {‏وله أخت فلها نصف ما ترك‏}ولو كان معها أب لم ترث شيئاً لأنه يحجبها بالإجماع، فدل على أنه من لا ولد له بنص القرآن، ولا والد بالنص عند التأمر أيضاً، لأن الأخت لا يفرض لها النصف مع الوالد بل ليس لها ميراث بالكلية‏.‏
وقال الإمام أحمد عن زيد بن ثابت أنه سئل عن زوج وأخت لأب وأم فأعطى الزوج النصف والأخت النصف، فكلم في ذلك، فقال‏:‏ حضرت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قضى بذلك‏.‏ وقد روي عن ابن عباس وابن الزبير أنهما كانا يقولان في الميت ترك بنتاً وأختاً إنه لا شيء للأخت لقوله‏:‏
{‏إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك‏}
‏ قال فإذا ترك بنتاً فقد ترك ولداً فلا شي للأخت، خالفهما الجمهور فقالوا في هذه المسألة للبنت النصف بالفرض، وللأخت النصف الآخر بالتعصيب، بدليل غير هذه الآية، وهذه الآية نصت أن يفرض لها في هذه الصورة، وأما وراثتها بالتعصيب، فلما رواه البخاري عن الأسود، قال‏:‏ قضى فينا معاذ بن جبل على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم النصف للبنت والنصف للأخت‏.‏

وفي صحيح البخاري أيضاً عن هزيل بن شرحبيل قال سئل أبو موسى الأشعري عن ابنة وابنة ابن وأخت فقال‏:‏ للإبنة النصف وللأخت النصف وأت ابن مسعود فسيتابعني، فسال ابن مسعود فأخبره بقول أبي موسى فقال‏:‏ لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين، أقضي فيها بما قضى النبي صلى اللّه عليه وسلم النصف للبنت ولبنت الأبن السدس تكملة الثلثين وما بقي فللأخت، فأتيا فأخبرناه بقول ابن مسعود، فقال‏:‏ لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وهو يرثها إن لم يكن لها ولد‏}‏ أي والأخ يرث جميع مالها إذا ماتت كلالة وليس لها ولد أي ولا والد، لأنها لو كان لها والد لم يرث الأخ شيئاً فإن فرض أن معه من له فرض صرف إليه فرضه كزوج أو أخ من أم، وصرف الباقي إلى الأخ لما ثت في الصحيحين عن ابن عباس أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏ألحقوا الفرائض بأهلها، فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر‏)‏ وقوله‏:‏ ‏{‏فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك‏}‏، أي فإن كان لمن يموت كلالة أختان فرض لهما الثلثان وكذا ما زاد على الأختين في حكمهما، ومن ههنا أخذ الجماعة حكم البنتين كما استفيد حكم الأخوات من البنات في قوله‏:‏ ‏{‏فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏وإن كانوا إخوة رجالاً ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين‏}‏ هذا حكم العصبات من البنين وبني البنين والأخوة إذا اجتمع ذكورهم وإناثهم أعطي الذكر مثل حظ الأنثيين‏.‏

وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏يبين اللّه لكم‏}‏ أي يفرض لكم فرائضه، ويحد لكم حدوده، ويوضح لكم شرائعه‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏أن تضلوا‏}‏ أي لئلا تضلوا عن الحق بعد البيان، ‏{‏واللّه بكل شيء عليم‏}‏ أي هو عالم بعواقب الأمور ومصالحها وما فيها من الخير لعباده وما يستحقه كل واد من القرابات بحسب قربه من المتوفى‏.‏ وقال ابن جرير عن سعيد ابن المسيب‏:‏ أن عمر كتب في الجد والكلالة كتاباً فمكث يستخير اللّه يقول‏:‏ اللهم إن علمت فيه خيراً فأمضه، حتى إذا طعن دعا بكتاب فمحى ولم يدر أحد ما كتب فيه، فقال‏:‏ إني كتبت كتاباً في الجد والكلالة، وكنت أتسخير اللّه فيه، فرأيت أن أترككم على ما كنتم عليه‏.‏ قال ابن جرير وقد روي عن عمر رضي اللّه عنه أنه قال‏:‏ إني لاستحي أن أخالف فيه ابا بكر، وكان أبو بكر رضي اللّه عنه يقول‏:‏ هو ما عدا الولد والوالد، وهذا الذي قاله الصديق عليه جمهور الصحابة والتابعين، وهو مذهب الأئمة الأربعة والفقهاء السبعة وقول علماء الأمصار قاطبة، وهو الذي يدل عليه القرآن كما أرشد اللّه أنه قد بين ذلك ووضحه في قوله ‏{‏يبين اللّه لكم أن تضلوا واللّه بكل شيء عليم‏}‏ واللّه أعلم‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة







التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس