** يواجه مجتمعنا خطراً حقيقياً.. ومدمراً.. لم يكن على هذه الدرجة من الوضوح كما هو الحال اليوم..
** وإذا كان الرقم المعلن صحيحاً..
** وإذا كانت المعلومات المتداولة -في الوقت الراهن- دقيقة..
** وإذا كان الوضع بهذه الدرجة من التصاعد والارتفاع.. فإن علينا أن نعلن حالة طوارئ غير مسبوقة.. اعلاناً للحرب ومواجهة للخطر الداهم الذي نتحدث عنه..
** هذا الخطر الداهم هو مرض السكر.. الذي يحتفل العالم غداً بيوم مكافحته.. وسط هدوء تام من جانبنا..
** يقول الخبراء والمختصون إن نسبة المصابين (بالسكر) من بين المواطنين السعوديين بلغ (21%) من مجموع السكان.. وربما أكثر من ذلك بكثير حسب أحدث الإحصائيات.. بمعنى أن قرابة ربع السكان مهددون بفقدان الوعي.. أو السقوط (صرعى) الحالة.. أو خارج إطار الوضع الصحي الطبيعي..
** وما يؤكد خطورة الوضع هو أن معدل الزيادة والارتفاع لهذه النسبة فاق جميع التقديرات العالمية.. وجاء بصورة تتجاوز حدود الطبيعي والمألوف.. وتشير إلى أن هذه النسبة ستتضاعف بنفس الحدة أو أكثر كل عشرين عاماً..
** وبمعنى آخر فإن استمرار هذا المعدل في الزيادة يعني أن جميع السكان سيصبحون مصابين بالسكر بعد أقل من أربعين عاماً من الآن.. وهو وضع لا يوجد.. ولا يمكن أن يوجد في أي مكان من هذا العالم.. ولا في أية حقبة من حقب التاريخ..
** فلماذا يحدث هذا؟!
** ولماذا أصبح مجتمعنا منافساً وبقوة لمجتمع الإمارات العربيةالمتحدة الذي بلغت نسبة المصابين فيه بهذا الداء (25%).. وهي نسبة تفوق ما نحن عليه من نسبة في بلادنا (رقماً) لكن هذه النسبة مقارنة بعدد السكان.. تشير إلى أننا الأعلى ارتفاعاً أو هكذا ستكون الأمور في المستقبل القريب..
** ولكي تدركوا مدى خطورة ارتفاع معدل زيادة عدد المصابين بهذا المرض.. فإن علينا أن نعرف أن نسبة المصابين به في عام (1985) لم تتجاوز (5.2%) من عدد السكان.. أي أن واحداً وعشرين عاماً فقط قد ضاعفت النسبة إلى ما صرنا عليه الآن إلى أربعة أضعاف..
** هذا الوضع يرشحنا للمراكز الأولى المتقدمة من بين سكان هذا العالم.. بما فيه سكان الدول المتخلفة.. تخلفاً حاداً..
** ولكي ندرك هذه الحقيقة، فإن علينا أن نعرف أن نسبة عدد المصابين بهذا الداء- كما يقول الاختصاصيون وتؤكد الإحصاءات العلمية الصادرة عن المنظمات الدولية الطبية المعروفة- أن هذه النسبة لا تتجاوز (7.5%)..
** أخشى أن نصبح جيباً يضخّ نقوداً تصب في حصالات
الآخرين بفعل النفط الذي حولنا إلى مجتمع هشّ
هذا الفارق الكبير بين ما نحن عليه وبين ما هو موجود في دولة كبيرة كالولايات المتحدة يشير إلى أن لدينا مشاكل عديدة.. يرد في مقدمتها نقص الوعي.. بدرجة تفسر معدل ونسبة تدهور الحالة الصحية بين مواطنينا مقارنة بشعوب أخرى تتفشى فيها كل أسباب السمنة والترهل.. والتلبك الصحي..
** ويكفي أن نعرف أن البلد الذي ينتج ويصنع ويصدر أطعمة الـ(فاست فود) هو أقل منّا استخداماً له.. وتعاملاً معه وحرصاً عليه.. وانغماساً فيه..
** وبكل المقاييس فإنه لا يوجد شارع.. أو «زقاق» في أية مدينة أو قرية أمريكية لا توجد فيه أو فيها عشرات المطاعم التي تصنع الموت.. ومع ذلك فإن هذه المجتمعات الصغيرة أو الكبيرة لا تجلب هذه الأطعمة إلى منازلها.. صباحاً ومساءً.. وبكميات هائلة.. ولكل الأعمار.. وفي كل الأوقات كما هو الحال في بلادنا وكما هو الوضع بالنسبة لمواطنينا..
** لقد تحولت منازلنا إلى مطاعم كبيرة للأطعمة الأجنبية المشبعة بالموت.. لأن هذه الأطعمة توفر الكثير من الجهد والعناء على ربات البيوت وحتى الشغالات.. حتى إنه لم تعد هناك حاجة للمطابخ في منازلنا بعد أن أصبحت عاطلة.. وأصبح استخدامها نادراً.. بل ومصدر تندر بالنسبة لبعض الأسر التي تسخر من بعضها الآخر لأنها مازالت تتعامل بصورة تقليدية.. تبدأ بدخول المطبخ.. وتنتهي بالتشوهات الجلدية.. وبأكوام العقاقير والوصفات الطبية التي تعالج مشاكل الطبخ والتعرض للهب البوتجاز.. ودخان الحطب.. والنيران..
** وبمعنى آخر.. فإن الأمر لم يقتصر فقط على سماحنا بدخول السموم إلى منازلنا.. وجلبها إلينا عن طريق تيسير خدمات الـ(دليفري) والـ(تيك أواي) وإنما تحول إلى سلوك اجتماعي مخلّ يسوغ تعاطي الموت.. ويحض على التخلي عن أبسط قواعد الأمن والسلامة الغذائية.. ويهدد بقفل البيوت.. بعد إلغاء وظائفها واحدة بعد الأخرى..
** إن الفارق بين نسبة الـ(7.5%) وبين نسبة الـ(21%) ليس كبيراً فحسب، ولكنه دليل قاطع على أن مجتمعنا يعاني من العديد من الاختلالات الحادة، والأخطر هو أن بعض تلك الاختلالات «سلوكي».. وإن هذا الاختلال قد يتحول من مجرد مظهر من مظاهر الرخاء الكاذب إلى ممارسة حياتية قائمة على فهم خاطئ لمعنى الرفاهية لنصبح مجتمعاً اتكالياً.. ومعتمداً في كل مناحي حياته على قوالب جاهزة.. ونصبح نحن مجرد جيب يضخ نقوداً.. تتدفق في جيوب وحصالات الآخرين بنفس القوة التي يتدفق فيها النفط علينا ويقودنا إلى أشكال مختلفة من «السفه» الاجتماعي.. و«التباهي» السخيف.. والإنفاق الذي لا حدود له.. وبالتالي نصبح مجتمعاً «ورقياً» هشّاً أفسدته الثروة.. وأبطرته النعمة.. وقتلت فيه كل دواعي العمل.. والإنتاج.. والعطاء.. بعد أن نكون قد بلغنا من الوعي (درجة الصفر).. ونكون ضحايا وهم تقدم ليس لنا منه إلا تأسيس المزيد من المطاعم.. والعمائر.. والسيارات الفارهة..
** أما عقولنا..
** أما نفوسنا..
** أما محتوانا الثقافي..
** أما هويتنا.. شخصيتنا.. فإنها عدم في عدم.. بفعل الخواء المستحكم فينا..
** لقد أفزعتني الأرقام السابقة.. وشجعتني على المضي في سياسة الحرب المعلنة في منزلي على كل ما هو قادم من خارج المنزل من أطعمة.. جالبة للموت.. وللتلوث.. وللاسترخاء.. وسوف أكون بعد اليوم أشد ضراوة.. في ما كنت بدأته.. حتى لو أدى الأمر إلى طرد أي ابن من الأبناء.. وكل سيدة من السيدات، اللاتي يعشن معي إن هم لم يمنعوا هذا الخطر من غزو الدار.. وتدمير الصحة.. وإشاعة حالة الترهل في المنزل..
** تلك ناحية..
** أما الناحية الأخرى التي لا تقل أهمية.. فإنها تتمثل في حالة الضغط النفسي الشائع في مجتمعنا.. وهي الحالة التي نمت وارتفعت بارتفاع حدة مشاكلنا وضغوطنا.. وتوتراتنا.. حتى أصبحت الحياة صعبة بل ومرشحة للانفجار..
** والسؤال هو: لماذا نحن كذلك؟!
** ولماذا تجاوزت الضغوط كل حدود الاحتمال.. ليس فقط بالنسبة لواقع سوق الأسهم فحسب، وإنما بالنسبة لمشاكل وأسباب أخرى أكثر حدة.. وإثارة للانفعال.. وتعميقاً للآلام..
** إن كل هذه العوارض الشديدة التأثير.. تمثل أسباباً حقيقية لزيادة معدل الإصابة بالسكر من بين السكان وعلى كل المستويات العمرية.. وكذلك لغير السكر.. وهو أمر يستوجب التفكير في نمط آخر من التخطيط العلمي، ليس فقط لدراسة سلوكيات الإنسان السعودي المعرضة للانحراف والاهتزاز، وإنما لاستقصاء الأسباب التي تجعلنا مجتمعاً مهدداً بالكثير من الأخطار..
** ومن الصعب لمجتمع تكتنفه أعراض مرضية بمثل هذه الحدة أن ينمو أو يتقدم.. لأن أبسط مقولة تداولناها منذ عرفنا أنفسنا أطفالاً «الجسم السليم في العقل السليم» غير متحققة بالنسبة لنا.. وبالتالي فإن تفاقم الحالات المرضية.. سواء كانت سيكلوجية أو إكلينيكية.. كفيل بأن يجعلنا مجتمعاً في حالة شلل دائم.. مع كل أسف..
منقــول للكاتــب الكبــير .. الدكتـور / هاشـمـ عبــدهـ هاشـــمـ
ايش رايكمـ .. وانا متأكد ان 90% مننا احنا لازم يكون في عيلته واحد او اثنين ممن ابتلوا بهذا المرض
أنسكت .. أنقعد طول العمر على بخاخ الانسولين .. أنهرب من الإجابه ومن العـلاج بحثا عن اللا مفـيد ..
أم نكابر على أنفسنا ونعلن أن القصور ليس منا ..
أنتظركمـ ..