السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
{ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ }
لمسات بيانية وإعجاز غيبية
{ يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ
و َلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ
لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ }
[ التوبة] .
و قال الله عزَّ و جل :
{ يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ
هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ
وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ }
[الصف] .
لمســات فـي الإعجـاز البيـانـي
استخدام الفعل ( يطفئ ) دون الفعل ( يخمد ) .
قال الله تعالى :
{ يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ }
الإطفاء هو الإخماد ، و كلاهما يستعملان في النار ،
و فيما يجري مجراها من الضياء و الظهور .
و لكن العرب تفرق بين الإطفاء والإخماد بأن :
الإطفاء يستعمل في القليل و الكثير ، و الإخماد إنما يستعمل في الكثير
دون القليل . .
و منه فإنَّ الكفار يريدون إبطال ما استطاعوا من الحق الذي جاء به
نبي الرحمة قليلاً كان أم كثير ، بغض النظر عن كمية الحقائق التي يحاولون
طمسها ، وهذا يدل على رضاهم بالقليل لما تحمل قلوبهم من غيظٍ
و حقدٍ و غلّ .
الفرق بين " أن يطفئوا " و " ليطفئوا ".
قال الله سبحانه و تعالى :
{ يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ }
يقصد الكفار إطفاء نور الله تعالى مباشرة ، و إرادتهم متوجهة إلى الغاية
(الهدف)بشكل مباشر ، بعد إعداد الوسائل و إتباع الطرق التي من خلالها
يمكن الوصول إلى غايتهم بحسب تصورهم ، فطلبهم هنا الغاية .
أما في قول الله عزَّ و جل :
{ يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا }
يقصدون أمراً يتوصلون به إلى إطفاء نور الله ، فهم يريدون إعداد
الوسائل التمهيدية و الطرق المناسبة التي تضمن الوصول لغايتهم ،
والمعنى هنا طلب الوسيلة . .
استخدام كلمة الكافرون دون المشركون
قال الله تعالى :
{ و َلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ }
إن : أصل الكفر في كلام العرب : الستر و التغطية ،
و منه قول الله تعالى :
{ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ }
[الحديد ]
الكافر :الزارع الذي يغطي الحب بالتراب ليستره
فالكفار يخفون الشيء بعد معرفتهم به ، و هذا مَثَلُ (أهل الكتاب)الذين
أخفوا الكتاب و كتموا الحق بعد إذ جاءهم فهم يعرفون رسول الله
كما يعرفون أبنائهم .
أما الشرك فهو من المشاركة : و قيل هو أن يوجد شيء لاثنين أو أكثر ،
و شرك الإنسان في الدين : إثباته شريك لله تعالى . و فرق الفقهاء
بين الشرك و الكفر ، فالشرك يكون من الناس الذين جعلوا لله أنداداً ،
دون أن يكون لهم كتاب ، أما الكفر فيكون من أهل الكتاب ،
معتمدين بذلك على قول الله سبحانه و تعالى :
{ مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ
أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ
وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }
[البقرة]