عندما.. تضيع الحروف
وتتلعثم الكلمات
وتحترق الجمل
وتمتزج المعاني بالعبارات
عندها فقط.. يصبح الصمت..
هو لغة العصر..
ولِما لا؟
فالبحر يُتَوِّجُه الصمت
والليل الدامس يُطْبِقُ أرجاء نخوته:
حَفنةُ صمت
وكل ما في الوجود يزدادُ هيبةً
في جوانح الصمت المُطبق..
فللجداول لغاتٌ لا نعرفها
سأطيل الصمت وأصغي
للأحجار..
وللأشجار..
وللصحراء:
سأطيل السمع وأصغي،
إلى أغصان الأشجار..
إلى زخات الأمطار..
أيا سعدانُ، ترفق بي..
ودعني يا نورس أتعلم..
لغات النمل..
لغات الطير..
نشيد البحر..
فأنا تلزمني لغةٌ أخرى..
لغةٌ تُبصــرُ أبعد مما تبصره العينان...
وأبعد مما تسمع أذنَيّ..
للصمت بلاغة حاكيها
للصمت حفيف الأشجار
للصمت حكمة باغيها
للصمت حياة في أحضان سواقيها
فالصمتُ..
عنوان البلغاء
ورمز الإيحاء
ونغمة إيقاع
وإن كان الكلام من فضة
فإن الصمت من ذهب...
وإن كنت رضيتَ بما تسمع
فاجعل للصمتِ جواباً يرضيك
وإن كنت سئمتَ حديث مجاريك
فالصمت عن الصَّغائر يغنيك
وصدوقٌ صادقٌ عز قائله:
إذا تم عقل المرء قل كلامه
وأيقن بحمق المرء إن كان مكثارا
فاستر لسانك بروح القلب يرويك
واحفظه عن سفاسف الكلام
واجعل لنفسك محبة الوقار
فللنار تهوي سبعين خريفاً
لكلمةٍ.. لم تلقِ لها بالاً في ميزان الرحمان
لسانك.. حصانك
إن صنته، صانك
وإن خنته، خانك.