العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام العامة ]:::::+ > ۞ مكتبة الــوٍد الإسلامية ۞
موضوع مغلق
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24-12-2007, 11:06 AM   رقم المشاركة : 1
king-abdullah
( ود فعّال )
 
الصورة الرمزية king-abdullah
 





king-abdullah غير متصل

Icon3 من وصايه النبى لاصحابه

الدعاء



وكذلك : الدعاء. وهذه الوسيلة الثانية. أيها الإخوة: إن من وسائل الوصول إلى منزلة العبد الشكور: الدعاء، ولذلك كان عليه الصلاة والسلام يقول: (رب أعني ولا تعن علي، وانصرني ولا تنصر علي، وامكر لي ولا تمكر علي، واهدني ويسر هداي إلي، وانصرني على من بغى علي، اللهم اجعلني لك شاكراً -وفي رواية: شكاراً- لك ذاكراً، لك راهباً، لك مطواعاً، إليك مخبتاً، إليك أواهاً منيباً، رب تقبل توبتي، واغسل حوبتي، وأجب دعوتي، وثبت حجتي، واهدِ قلبي، وسدد لساني، واسلل سخيمة قلبي) حديث صحيح. وعلم معاذاً دعاءً عظيماً، فقال: (يا معاذ ! والله إني لأحبك، أوصيك يا معاذ ! لا تدع في دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك). فالوصول إلى منزلة العبد الشكور لا بد فيها من الاستعانة بالله والدعاء والالتجاء، وإلا فهي منزلة صعبة، وسليمان قال: رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ ... الآية [النمل:19] فبدون المعونة من الله لا يمكن أن يصل الإنسان إلى منزلة العبد الشكور. ومن الأمور التي ينبغي معرفتها: أن الشكر يحفظ النعم، قال الله سبحانه وتعالى: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ [إبراهيم:7] فهو ليس فقط يحفظ النعمة وإنما يزيدها، ولذلك كانوا يسمون الشكر: الحافظ، يعني: الحافظ للنعم الموجودة والجالب للنعم المفقودة. وقال عمر بن عبد العزيز : [قيدوا نعم الله بشكر الله]. وقال أيضاً: [الشكر قيد النعم]. وقال مطرف بن عبد الله : [لأن أعافى فأشكر أحب إلي من أن أبتلى فأصبر]. ومن الأشياء التي يبلغ بها العبد درجة الشكور: أن يحدث بنعم الله عليه، قال الله عز وجل: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ [الضحى:11]. وتحديث العبد بنعمة الله عليه له عدة معانٍ: منها: أن يرى أثر النعمة عليك، كما جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل من الصحابة: (إذا أنعم الله على عبدٍ نعمة فإنه يحب أن يرى أثر نعمته على عبده، كلوا واشربوا وتصدقوا في غير مخيلة ولا سرف، فإن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده). وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو قشف الهيئة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (هل لك من مال؟ قال: نعم، قال: من أي المال؟ قال: من كل المال؛ قد آتاني الله من الإبل والخيل، والرقيق والغنم، قال: فإذا آتاك الله مالاً فليُر عليك). وقد جاء في الحديث الصحيح قوله عليه الصلاة والسلام: (إذا آتاك الله مالاً فلير أثر نعمة الله عليك وكرامته). وقال في الحديث الصحيح الآخر: (إن الله تعالى إذا أنعم على عبد نعمة يحب أن يرى أثر النعمة عليه من غير سرف ولا مخيلة) لا اختيال ولا إسراف، أظِهر النعمة ولا تكتمها، لكن من غير إسراف ولا اختيال، لا تظهرها إلا بهذين الشرطين، (إن الله إذا أنعم على عبدٍ نعمة يحب أن يرى أثر نعمته على عبده). ولذلك قال بعض السلف: [لا تضركم دنياً شكرتموها]. فلو أظهرت النعمة وأنت شاكر لها فإنها لا تضرك بإذن الله. وقد ذم الله الكنود من العباد فقال: وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحاً * فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً * فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً * فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً * إِنَّ الْإنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ [العاديات:1-6]. قال بعض المفسرين: الكنود: الذي لا يشكر نعم الله، وقال الحسن رحمه الله عن الكنود: [الذي يعد المصائب وينسى النعم] إذا جلست معه قال لك: صار لي مصيبة كذا وكذا وكذا، ولا يحدث ولا يذكر شيئاً من نعم الله، كاتم لنعم الله، لا يحدث إلا بالمصائب والمعايب، ولا يقول: إن الله أعطاني كذا وأعطاني كذا، ومَنَّ علي بكذا، وآتاني كذا، كما جاء في وصف النساء التي جاء من أسباب دخولهن النار قوله صلى الله عليه وسلم: (لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئاً، قالت: ما رأيت منك خيراً قط) فلماذا دخلت النار؟ بترك شكر نعمة الزوج، فشكر نعمة الله أولى وأحق، فهذه التي تدخل النار بسبب كفران نعمة الزوج، فلأن يدخل العبد النار بكفران نعمة الله أولى، هذه المرأة من أسباب دخولها النار كفران نعمة الزوج؛ لأنها تنسى كل حسناته، وتقول: ما رأيت منك خيراً قط، ولا تذكر له إلا عيوبه، فالعبد إذا كتم نعم الله ولم يذكر إلا المصائب فهو أحرى بأن يدخل النار من المرأة التي تكفر نعمة زوجها؛ لأن الله هو المنعم الحقيقي، ولذلك جاء في الحديث: (التحدث بالنعمة شكر وتركها كفر). ورأى بكر بن عبد الله المزني حمالاً عليه حمله وهو يقول: الحمد لله .. أستغفر الله، الحمد لله .. أستغفر الله، الحمد لله .. أستغفر الله، وهكذا، قال: فانتظرته حتى وضع ما على ظهره، وقلت له: أما تحسن غير هذا؟ -غير الحمد لله .. أستغفر الله- قال: بلى. أحسن خيراً كثيراً أقرأ كتاب الله، غير أن العبد بين نعمة وذم، فأحمد الله على نعمه وأستغفره لذنوبي، فقال بكر : الحمال أفقه مني. ولما قرأ النبي صلى الله عليه وسلم على الجن سورة الرحمن وقرأها على الصحابة، فسكت الصحابة، فقال عليه الصلاة والسلام: (قرأتها على الجن ليلة الجن فكانوا أحسن رداً منكم، كنت كلما أتيت على قوله تعالى: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [الرحمن:13] قالوا: لا بشيء من نعمك ربنا نكذب فَلَكَ الحمد). فقهاء الجن قالوا: لا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد، يذكر لهم في سورة الرحمن كل شيء؛ أنه خلقهم، وأنزل لهم الميزان، وجعل لهم الأنهار والبحار، وجعل لهم السفن، وجعل لهم أشياء كثيرة جداً، وبعد ذكر كل نعمة يقول: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [الرحمن:13]. والنعم كثيرة جداً، وشكرها ينساه كثير من الناس، وبعض المغفلين من الصوفية عندهم مبادئ عجيبة في هذا، حيث قال أحدهم: أنا لا آكل الخبيص؛ والخبيص: نوع من أنواع الحلوى، فقيل له: لماذا؟ قال: إني لا أقوم بشكره، فقال الحسن : "هذا أحمق، وهل يقوم بشكر الماء البارد؟!" ولذلك جاء في الحديث الصحيح: (إن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من النعيم أن يقال له: ألم نصح لك جسمك، ونروك من الماء البارد؟!) رواه الترمذي و الحاكم عن أبي هريرة مرفوعاً، وهو حديث صحيح. حتى الماء البارد الذي نشربه نعمة سنسأل عنها يوم القيامة، فكيف ننجو من تبعة السؤال؟ بأن نشكر نعم الله كلها ظاهراً وباطناً. وكان أبو المغيرة -رجل من السلف - إذا قيل له: كيف أصبحت يا أبا محمد ؟ قال: "أصبحنا مغرقين في النعم، عاجزين عن الشكر، تحبب إلينا ربنا وهو غني عنا، ونتمقت إليه ونحن إليه محتاجون " هو أحسن إلينا وهو غني عنا، ونحن نعصيه ونحن محتاجون إليه!. وقال يونس بن عبيد : قال رجل لـأبي تميمة : كيف أصبحت؟ قال: أصبحت بين نعمتين لا أدري أيتهما أفضل: ذنوب سترها الله علي فلا يستطيع أن يعيرني بها أحد، ومودة قذفها الله في قلوب العباد لا يبلغه عملي -أنا دون ذلك-. (ودعا رجل من الأنصار من أهل قباء النبي صلى الله عليه وسلم، قال بعض الصحابة: فانطلقنا معه، فلما طعم وغسل يديه قال: الحمد لله الذي يُطعِم ولا يُطعَم، منَّ علينا فهدانا، وأطعمنا وسقانا، وكل بلاءٍ حسنٍ أبلانا، الحمد لله غير مودع، ولا مكافأ، ولا مكفور، ولا مستغنىً عنه، الحمد لله الذي أطعم من الطعام، وسقى من الشراب، وكسا من الثياب، وهدى من الضلالة، وبصر من العمى، وفضل على كثير من خلقه تفضيلاً، الحمد لله رب العالمين) حسنه بعض أهل العلم. هذه قضية مهمة؛ وهي قضية شكر النعم والتحدث بها دائماً، قال بعض الناس: نحن إذا تحدثنا بالنعم أصابنا الحسد والعين، فماذا نفعل؟ نقول: أولاً: إذا كان الذي أمامك معروف بالحسد فهذا لا يعني أنك تقول النعم التي جاءتك، وتستجلب حسده وإصابته لك بالعين؛ هذا إذا كان حسوداً، أما في الأحوال العادية الطبيعية فأنت تذكر نعم الله عليك. ثانياً: إن الحسود والعائن إذا رآك تحمد الله على النعم العامة، تقول: الحمد لله على ما أنعم به عليَّ من جميع النعم؛ فإن هذا الشيء العام لا يستجلب العين والحسد. ثالثاً: هناك أدعية تقي من العين والحسد؛ كقراءة المعوذات بعد الصلوات، وقبل النوم، وفي الصباح والمساء. وكذلك فإن هناك بعض الأمور، مثل أن تكتم: (استعينوا على إنجاح حوائجكم بالكتمان، فإن كل ذي نعمة محسود) فيجب ألا نخلط بين شكر الله وحمده على النعم، وبين ذكر بعض الأشياء التي تستجلب الحسد عند العائنين أو الحساد إذا كانوا موجودين، فهل يلزم أن نشكر أمام الناس؟ أم أنه يمكن أن يكون الشكر سراً بينك وبين الله، لا يوجد حاسد ولا عائن؟ يمكن أن يكون بينك وبين الله، فإذا خلوت بنفسك فاحمد الله على نعمه، ولا يشترط أن تأتي بين الناس فتقول: عندي كذا مال، وعندي كذا شركة، وعندي كذا وكذا وفي المجلس من الحساد، لكن بين إخوانك وأصحابك فأنت تذكر نعم الله عليك، ثم إن هناك من النعم كما قلنا ما يستجلب الحسد في العادة والعين، فالله عز وجل لما قال لنبيه: أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى [الضحى:6-8] قال له في آخر السورة: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ ف

معرفة أن الموفِّق للشكر هو الله



ومن أعظم الأشياء التي يكون بها العبد عبداً شكوراً: أن يراعي هذا المشهد كلما حمد الله وشكره، فالحمد والشكر نعمة من الله تستحق وتستوجب شكراً آخر وحمداً آخر، قال الشاعر:
إذا كان شكري نعمة الله نعمة عليَّ له في مثلها يجب الشكر

فكيف وقوع الشكر إلا بفضله وإن طالت الأيام واتصل العمر

إذا مس بالسراء عمَّ سـرورها وإن مس بالضراء أعقبها الأجر

وما منهما إلا له فيه منةٌ تضيق بها الأوهام والبر والبحر
ودخل رجل على عمر رضي الله عنه فسلم فرد عليه السلام، فقال عمر للرجل: [كيف أنت؟ قال الرجل: أحمد إليك الله، قال: هذا أردتُ منك]. وعن ابن عمر قال: [لعلنا نلتقي في اليوم مراراً يسأل بعضنا عن بعض] ولم يرد بذلك إلا ليحمد الله عز وجل، أقول: كيف حالك؟ فتقول: الحمد لله، وتقول لي: كيف حالك؟ فأقول: الحمد لله، فيكون غرض السؤال أن كل واحد منا يستجلب لنفسه أو يدفع الآخر لحمد الله سبحانه وتعالى. هناك بعض الناس عنده قناعة فعلاً فيحمد الله عز وجل، لو سألته: كيف الأحوال؟ قال: الحمد لله، لو كان خيراً قال: الحمد لله، ولو كان شراً قال: الحمد لله على كل حال، فهو دائماً يحمد الله، وبعض الناس إذا سألته كيف حالك؟ قال: بِشَرٍّ، ومصائب، وأمراض، وصار لي كذا، وصار لي كذا، ويعدد لك المصائب، ولا يذكر ولا شيء من نعم الله عليه؛ هذه النفسيات المشئومة المتشائمة!! هذه كيف تكون من الشاكرين؟! لا يمكن أن تكون من الشاكرين ولا أن تعد منهم. ونذكر قصة زوجة إسماعيل التي أمره أبوه إبراهيم بطلاقها، لما جاء إبراهيم لدار ولده إسماعيل طرق الباب فخرجت له زوجة ابنه، قال: كيف عيشكم؟ قالت: نحن بشر، ونحن في ضيق، ونحن بكذا، والمرأة الثانية حمدت الله قال: أين إسماعيل؟ قالت: خرج يصيد لنا. فإذاً: لما يُسأل الإنسان حتى لو كان مريضاً: كيف حالك؟ عليه أن يقول: الحمد لله، يحمد الله أن المرض ما كان أشد من هذا. قال ابن عيينة : "ما أنعم الله على العباد نعمة أفضل من أن عرفهم لا إله إلا الله، وقال: وإن لا إله إلا الله في الآخرة كالماء في الدنيا". وقال مجاهد في قول الله تعالى: وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً [لقمان:20] قال: "لا إله إلا الله". وقال بعض السلف في خطبة العيد: أصبحتم زهراً وأصبح الناس غبراً؛ أصبح الناس ينسجون وأنتم تلبسون، وأصبح الناس يعطون وأنتم تأخذون -أهل الذمة والكفار يرهبون المسلمين، ويعطون الجزية، والخراج- وأصبح الناس ينتجون وأنتم تركبون، وأصبح الناس يزرعون وأنتم تأكلون، فبكى وأبكاهم. وقال عبد الله بن قرف الأزدي على المنبر يوم الأضحى ورأى على الناس ألوان الثياب الجميلة: يا لها من نعمة ما أشبعها، ومن كرامة ما أظهرها، ما زال عن قوم أشد من نعمة لا يستطيعون ردها، وإنما تثبت النعمة بشكر الله المنعم، فإذا شكرنا ثبتت النعمة. وجاء رجل إلى يونس بن عبيد يشكو ضيق حاله، فقال له يونس: أَيَسُرُّكَ ببصرك هذا مائة ألف درهم؟ -هل يسرك أنك تفقد بصرك وتعطى مائة ألف درهم؟- قال: لا. قال: فبيديك مائة ألف؟ قال: لا. قال: فبرجليك مائة ألف؟ قال: لا. ثم ذكر له نعماً كثيرة، ثم قال له في النهاية: أرى عندك مئين الألوف وأنت تشكو الحاجة. روي أن ملكاً من الملوك كان به داء لا يستطيع به أن يشرب الماء إلا بشق النفس، فكان إذا رأى عبداً من عبيده يشرب الماء يتجرعه تجرعاً -بسرعة- تحسر في نفسه. وبعض الناس يبتليهم الله بأشياء، تمد أمامهم أنواع المطعومات فيقول أحدهم لك: لا آكل إلا هذا لأن هذا يأتيني بالسكر وهذا بأنواع الآفات التي تصيبه، وهذا ممنوع منه، وهذا محروم منه، وهكذا، فالإنسان أحياناً من ضيق العيش وقلة المال يحزن ويسخط، لكن لو فكر كما قال أبو الدرداء : [الصحة الملك]. فتأمل الناس بالمستشفيات وغيرهم من أصحاب البلاء وأنواع الأمراض -ونحن في عافية- فترى أن نعمة الله عظيمة، فلذلك ينبغي دائماً حمد الله وأن يجعل الحمد كله لله. قال جعفر بن محمد : فقد أبي بغلة له، فقال: "إن ردها الله عليَّ لأحمدنه بمحامد يرضاها، فما لبث أن أوتي بسرجها ولجامها، فركبها، فلما استوى عليها وضم إليه ثيابه رفع رأسه إلى السماء، فقال: الحمد لله، ولم يزد على ذلك، فقيل له: أنت قلت كذا وكذا، قال: هل تركتُ وأبقيتُ شيئاً، جعلت الحمد كله لله: الحمد لله".

نسبة النعمة إلى المنعم



ومن الأشياء التي توصل العبد إلى أن يكون عبداً شكوراً: نسبة النعمة إلى المنعم، لأن كثيراً من الناس إذا سئل عن هذا، قال: هذا باجتهادي، فإذا سئل عن ماله؟ قال: هذا بذكائي، وإذا سئل عن براعته؟ قال: هذا بحذقي، هذا بتجربتي، هذا بخبرتي، ولا ينسب النعمة إلى الله، فإذا أردنا أن نكون من عباده الشاكرين يجب أن ننسب النعمة إلى الله، ونرد الأمر كله إليه. قال محمد بن المنكدر لـأبي حازم : يا أبا حازم ! ما أكثر من يلقاني فيدعو لي بالخير، ما أعرفهم، وما صنعت إليهم خيراً قط، قال أبو حازم : لا تظن أن ذلك من قبلك ولكن انظر إلى الذي من قبله جاءت النعمة هذه -أن وضع لك المحبة في قلوب الناس- فاشكره، ثم قرأ عليه قول الله عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً [مريم:96]. ومن هذا القبيل ما يقع إذا نزل المطر، قالوا: هذا بسبب النوء الفلاني، هذا بسبب النجم الفلاني، هذا بسبب الفصل الفلاني، فلم يذكروا الله، ولم ينسبوها إلى الله، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح: (ألم تروا ما قال ربكم؟ قال: ما أنعمت على عبادي من نعمةٍ إلا أصبح فريق منهم بها كافرين، يقولون: الكواكب وبالكواكب). رواه أحمد و مسلم وغيرهما. فإذاً من الأشياء التي توصلنا لأن نكون عباداً شاكرين أن ننسب النعمة إلى المنعم، فإذا جاء ذكرها قلنا: هذه من الله، قال الله عز وجل: وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ [النحل:53]. وحمد الله على النعم له فضلٌ عظيم، وتأمل معي هذه الأحاديث: (ما أنعم الله على عبد نعمة فحمد الله عليها إلا كان ذلك الحمد أفضل من تلك النعمة) .. (ما أنعم الله على عبد من نعمة -زوجة، ولد، مال- فحمد الله عليها إلا كان ذلك الحمد أفضل من النعمة) حديث حسن. وفي لفظ آخر: (ما أنعم الله تعالى على عبد نعمة فقال: الحمد لله إلا كان الذي أعطي أفضل مما أخذ). ونعمة الله من الأموال والجاه الولد والزوجة والمناصب ونحو ذلك كلها نعم تستوجب الشكر والحمد. وبعض الناس يقولون: نحن محرومون من النعم، مثلاً: شخص ليس عنده وظيفة جيدة، ليس عنده دخل جيد، محروم من أشياء من الدنيا، هل يحمد الله على هذا؟ الجواب: نعم. يحمد الله على هذا. قال بعض السلف : لنعم الله علينا فيما زوى عنا من الدنيا أفضل من نعمه علينا فيما بسط لنا منها. أي: كوننا حرمنا من النعم؛ من التوسعات الدنيوية، هذه بحد ذاتها نعمة، وذلك أن الله لم يرض لنبيه الدنيا، كان يتكئ على رمل، سريره من الرمل، ما رضي من عمر لما ذكر له كسرى وقيصر وما هم فيه من النعيم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على الرمل وقد تأثر جنبه، قال: (ألا ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة؟!). فقال هذا الرجل من السلف : الأشياء التي حرمنا منها من الدنيا هذه نعمة لأن الله لم يرض لنبيه الدنيا، فأن أكون فيما رضي الله لنبيه- من قلة ذات اليد، وضيق العيش، وقلة المال- أحب إلي من أن أكون فيما كره له. وقال ابن أبي الدنيا : بلغني عن بعض العلماء أنه قال: ينبغي للعالم أن يحمد الله على ما زوى عنه من شهوات الدنيا، كما يحمده على ما أعطاه، وأين يقع ما أعطاه الله والحساب يأتي عليه إلى ما عافاه الله ولم يبتله، يعني: لو أن الله عز وجل أعطانا أموالاً كثيرة فإنه سيحاسبنا عليها، ويصبح حسابنا عسيراً، لأن الأموال كثيرة فننشغل بها عن طلب العلم وعن العبادة، نجمع الأموال ونحزن إذا نقصت، هذا الحرمان لبعض الأشياء من الدنيا هو بحد ذاته نعمة؛ لأنه ربما لو أعطانا إياها لانشغلنا عن عبادته وذكره، وانشغلنا عن طلب العلم، والدعوة إلى سبيله سبحانه وتعالى. وجلس ابن عيينة مرة مع سفيان يتذاكران نعم الله عليهما من الليل إلى الصباح، كل واحد يقول: أنعم الله علينا بكذا، وأنعم الله علينا بكذا، وأنعم الله علينا بكذا، وهكذا. ولذلك فنحن دائماً ينبغي أن نتحدث بالنعم ونكرر ذكرها، ونشكر الله عليها، والأشياء التي حرمنا منها نشكر الله أن كان هذا قدرنا، ونسأل الله المزيد من فضله، ونسأل الله العفو والعافية الدائمة، ونحذر أشد الحذر من أن نكون من الذين استدرجهم الله، فإن الله عز وجل قال: سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ [الأعراف:182] ومعناها: أنه كلما أحدثوا ذنباً أحدث لهم نعمة، وهذا هو الاستدراج، فيستدرجهم من حيث لا يعلمون، فيظنون أنهم على خير وعلى طريق سوي وهكذا.






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

قديم 24-12-2007, 11:09 AM   رقم المشاركة : 2
king-abdullah
( ود فعّال )
 
الصورة الرمزية king-abdullah
 





king-abdullah غير متصل

Icon3

شكر الله على النعم بالنعم نفسها



وكذلك من الأسباب التي توصل العبد إلى مرتبة العبد الشكور: أن يشكر الله بالنعم التي أعطاه الله إياها، أعطاك مالاً فاشكره بالمال، وتصدق منه، أعطاك جوارح فاشكره بالجوارح، قال رجل لـأبي حازم : ما شكر العينين يا أبا حازم ؟ قال: "إن رأيت بهما خيراً أعلنته، وإن رأيت بهما شراً سترته، قال: فما شكر الأذنين؟ قال: إن سمعت بهما خيراً وعيته، وإن سمعت بهما شراً دفعته، قال: فما شكر اليدين؟ قال: لا تأخذ بهما ما ليس لهما، ولا تمنع حقاً لله هو فيهما، قال: فما شكر البطن؟ قال: أن يكون أسفله طعاماً وأعلاه علماً، قال: فما شكر الفرج؟ قال: قال الله: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ [المؤمنون:5-7]". فبعض الناس يتصور أن الشكر فقط في اللسان، أن يقول: الحمد لله .. الحمد لله .. وينسى أن الأعضاء عليها واجبات من الشكر؛ لأننا ذكرنا في أول الحديث أن الشكر يكون بالقلب واللسان والجوارح، فبعض الناس يتصور أن الشكر فقط أن يقول: الحمد لله بلسانه، ثم لا يشكر الله بيديه، ولا بعينيه، ولا بأذنيه، ولا برجليه، فيمشي إلى الطاعات، إلى حلق العلم، يغيث ذا الحاجة الملهوف.


سجود العبد لله شكراً عند تجدد النعمة



ومن الأسباب التي توصل العبد إلى منزلة العبد الشكور: أن يسجد العبد لله شكراً عند تجدد النعم، فقد جاء في الحديث الصحيح: (أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا جاءه أمر يسره خر لله ساجداً شكراً له عز وجل). إذاً هناك شيء مهم جداً في الموضوع ألا وهو سجود الشكر، فهو عبادة عظيمة تشترك فيها الأعضاء السبعة، ولما جاء إلى أبي بكر خبر قتل مسيلمة سجد لله شكراً، ولما عرف علي رضي الله عنه أن ذا الثدية في جيش الخوارج قد وُجد مقتولاً دلالة على أن هؤلاء هم فعلاً الخوارج الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتالهم سجد لله شكراً. وكذلك فإن سجود الشكر فيه تعبير عن حمد العبد لربه، فلو قال واحد: نحن دائماً نعيش في نعم؛ نحن لنا أعين وأبصار وآذان وأيدٍ وأرجل، نحن نتنفس، نحن لنا أصوات، وهناك من عنده سرطان في الحنجرة، هذا حباله الصوتية مشلولة، ونحن نتكلم، وهناك أناس لا يتكلمون، نحن نرفع أيدينا وهناك أناس لا يرفعون أيديهم، نحن نحرك الأصابع وهناك أناس أصابهم حادث فصاروا غير قادرين على تحريك بعض الأصابع؛ هذه كلها نعم، فهل يشرع أن نسجد دائماً؟ الجواب: لا. لماذا؟ لأننا نتبع السنة؛ فالسنة السجود عند حدوث النعمة، تَجدد نِعمةٍ هذه التي نسجد لها لله، هذه هي السنة، فإن قال قائل: لماذا يشرع السجود عند النعمة المتجددة ولا يشرع السجود عند النعمة المستدامة؟ الجواب: لأن النعمة المتجددة تذكر بالنعمة المستدامة. ثانياً: أن النعمة المتجددة تستدعي عبادة متجددة فلذلك كان سجود الشكر. ثالثاً: إن وقوع النعمة وحدوثها يسبب للشخص نوعاً من فرح النفس وانبساطها فيجر إلى الأشرَ والبطر، افرض أن إنساناً جاءك، قال: لقد ربحتَ مائة ألف، ماذا يحصل في النفس؟ يحصل الفرح والانبساط، وهو ربما يجر إلى الأشر والبطر، فيأتي سجود الشكر لكي يطامن هذه النفس، ويظهر الذل والخضوع لرب العالمين، لأن السجود عبودية وذل وخضوع، فإذا جاءك خبر: ولد لك ولد فسجدت لله عز وجل انقلب الأشر والبطر الذي يمكن أن يحدث إلى ذل وخضوع وعبودية، وهنا تظهر فائدة من فوائد سجود الشكر. وأهل الجهل والبطر إذا جاءهم نعمة يصيحون صياحاً من الفرح، وكذلك فإنهم يقعون في أنواع من المعاصي، لكن المسلم إذا تجددت له نعمة سجد شاكراً لله رب العالمين، والإنسان المسلم لو وقعت به مصيبة فإن تذكره أن هذه المصيبة -وهذه نقطة ذكرناها قبل قليل- هي أخف من الأعظم منها يدفعه إلى حمد الله وشكره، حتى المريض والمبتلى، ولذلك دخل أحد السلف على مريض يعوده فإذا هو يئن، فقال له: اذكر المطروحين على الطريق، اذكر الذين لا مأوى لهم، ولا لهم من يخدمهم، وهكذا. وقال عبد العزيز بن أبي رواد : رأيت في يد محمد بن واسع قرحة فكأنه رأى ما شق عليَّ منها - محمد بن واسع صاحب القرحة رأى أني تأثرت من منظر القرحة- فقال لي: أتدري ماذا لله عليَّ من هذه القرحة من نعمة؟ قال: لم يجعلها في حدقتي وعيني، ولم يجعلها في طرف لساني -أهون أنها صارت في يدي-. ولذلك لا يوجد صاحب مصيبة تفكر في مصيبته إلا وجد أن فيها نوعاً من النعمة؛ أن الله ما قدر عليه مصيبة أكبر منها؛ فيحمد المؤمن الله على كل حال وعند تجدد الأحوال؛ ولذلك كان من الأدعية التي يقولها المسافر كما ورد في الحديث الصحيح: (سمع سامع بحمد الله ونعمه وحسن بلائه علينا، اللهم صاحبنا وأفضل علينا، عائذاً بالله من النار) هذا كان من قوله صلى الله عليه وسلم في السفر، إذا أصبح يقول: (سمع سامع بحمد الله ونعمه وحسن بلائه علينا، اللهم صاحبنا) يعني: كن صاحباً لنا في السفر، وحامياً، وحافظاً: (اللهم صاحبنا وأفضل علينا -يعني: زدنا من فضلك أقول هذا حال كوني- عائذاً بالله من النار). وكذلك قال بعض السلف : يا بن آدم! إن أردت أن تعرف قدر نعم الله عليك فأغمض عينيك لترى كيف يكون وضع الأعمى. ونعم الله سبحانه وتعالى لا تعد ولا تحصى، قال تعالى: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا [النحل:18] .. وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً [لقمان:20] فقال السلف : النعم الظاهرة: الإسلام، والنعم الباطنة: أنه سترنا على المعاصي. فنقارف المعاصي والله سبحانه وتعالى يسترنا وهذه من النعم. وكان بعض السلف يقول: أنا الصغير الذي ربيتَه فلك الحمد، وأنا الضعيف الذي قويتَه فلك الحمد، وأنا الفقير الذي أغنيته فلك الحمد، وأنا الصعلوك الذي مولته فلك الحمد، وأنا العزب الذي زوجته فلك الحمد، وأنا الساغب الذي أشبعته فلك الحمد، وأنا العاري الذي كسوته فلك الحمد، وأنا المسافر الذي صاحبته فلك الحمد، وأنا الغائب الذي رددته فلك الحمد، وأنا الراجل الذي حملته -جعلت له دابة تحمله- فلك الحمد، وأنا المريض الذي شفيته فلك الحمد، وأنا الداعي الذي أجبته فلك الحمد، ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً. وحقوق الله سبحانه وتعالى على عباده كثيرة جداً، وكلما زاد فقه العبد زاد شكره لله، وزاد استشعاره بتقصير نفسه، يتفكر في النعم فيجدها كثيرة، ويتفكر في عمله فيجد نفسه مقصراً جداً فيزداد طاعة لرب العالمين. ومن أنواع شكر النعم ما ذكر العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى، قال: إن لله سبحانه وتعالى حقوقاً على العباد ينبغي القيام بشكره، فمنها: الأمر والنهي، والحلال والحرام. فإذاأمر العبد بشيء فعليه أن يتبعه، وإذا نهاه عن شيء فعليه أن يجتنبه. وبعض الناس يشكر الله باللسان فقط وينسى الجهاد، يقول ابن القيم : أما الجهاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنصيحة لله ولرسوله ولعباده، ونصرة الله ورسوله ودينه وكتابه؛ فهذه الواجبات لا تخطر ببالهم -يعني: ببال المقصرين- فضلاً عن أن يريدوا فعلها، وقلَّ أن ترى منهم من يَحْمَرُّ وجهه ويمعره لله إذا انتهكت حرماته، ويبذل عرضه في نصرة دينه. أي: أن بعض الناس يظنون فقط أننا نجتنب المحرمات؛ لا نزني، لا نسكر، لا نغتاب، لا نسرق، لا نقتل، لكن هؤلاء لا يحسبون حساب أن الله أمرهم بالجهاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله، مع أن هذه الأشياء من أعظم الأمور المطلوبة من العبد.

دعاء العبد بالمأثور عند رؤية مبتلى



كذلك من الأمور التي تدل على أن العبد عبد شكور: أنه إذا رأى مبتلى أن يحمد الله على العافية من هذا البلاء، قال صلى الله عليه وسلم: (إذا رأى أحدكم مبتلىً فليقل: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني عليك وعلى كثير ممن خلق تفضيلاً) وهذا الكلام يقوله سراً لا يجهر به حتى لا يؤذي الشخص إلا إذا كان بلاء الشخص فسقاً في دينه، فقال النووي رحمه الله: يجهر به؛ لعله يرتدع، أما إذا كان إنساناً مشلولاً أعمى كسيحاً به عاهة فليعمل بالحديث. (إذا رأى أحدكم مبتلىً فليقل: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني عليك وعلى كثير من عباده تفضيلاً) كان هذا الكلام شكر تلك النعمة التي أعطاك الله إياه وحرمها الرجل المبتلى، وهذا من وسائل شكر النعمة. وكذلك من الوسائل التي يصل بها العبد إلى مرتبة العبد الشكور: العبادة؛ إذا نجاك الله من مكروه، أو دفع عنك شراً، وشاهِدنا على هذا حديث ابن عباس في البخاري : (أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة وجدهم يصومون يوماً -وهو يوم عاشوراء- فسألهم: فقالوا: هذا يوم عظيم نجى فيه الله موسى وأغرق آل فرعون فصام موسى شكراً لله، فقال: أنا أولى بموسى منهم فصامه وأمر بصيامه). فإذا حدث لك أن نجاك الله من سوء ودفع عنك مكروباً، فمن شكر النعمة أن تعبده بصيامٍ، أو صلاة أو صدقة مقابل هذا الإنجاء الذي حصل.





نظر العبد إلى من دونه في أمور الدنيا



من الأشياء التي يكون بها العبد عبداً شكوراً: أن ينظر إلى من دونه في الدنيا ولا ينظر إلى من فوقه فيها، قال صلى الله عليه وسلم: (انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم). أنت عندك بيت ضيق؛ حجرتان وصالة صغيرة ومطبخ صغير تأمل في حال الناس الذين أصاب بيوتهم زلزال فصاروا دون بيت بالكلية وأصبحوا في الشارع، كيف تجد نفسك؟ أنت عندك راتب يكفيك إلى آخر الشهر لا تستطيع أن توفر منه شيئاً، عليك أن تفكر في أهل المجاعة الذين ليس عندهم شيء أبداً فهم يموتون من الجوع. يقولون: خرج أبٌ وزوجته وأولاده الستة من قرية في الصومال إلى قرية أخرى فوصل الأب وحده ومات الباقون في الطريق، كيف يكون إذاً؟ يا إخوة! نحن إذا رأينا الأحداث وسمعنا الأخبار ينبغي أن يتولد عندنا حمد لله، هذه نعم ليست سهلة.

اعتناء العبد بالنعمة وحفاظه عليها



كذلك من كون العبد عبداً شكوراً: أن يعتني بالنعمة ويحافظ عليها، خصوصاً الأشياء التي فيها رفعة للدين، كما قال عليه الصلاة والسلام: (من أحسن الرمي ثم تركه فقد ترك نعمة من النعم) حديث صحيح، وفي رواية: (من ترك الرمي بعدما علمه رغبة عنه فإنها نعمة كَفَرَهَا). فالذي يتعلم الرمي وهذا شيء يعين على الجهاد، وتعلم الرمي نعمة، إذا كان ترك التعلم والتدرب بين الآونة والأخرى رغبة عن هذا الشيء وليس بسبب ظروف قاهرة وإنما رغبة عن هذا الشيء فهي نعمة كفرها. ومن الأمور المهمة جداً: عدم معصية الله عند حدوث النعمة، لأن كثيراً من الناس إذا جاءتهم النعمة عصوا الله، بعض الناس إذ جاءه نعمة صفق وصاح، وشعر بالنشوة والخيلاء، مع أنه من المفروض أن يتواضع ويسجد، ينزل إلى الأرض لله رب العالمين، قال صلى الله عليه وسلم: (صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة: مزمارٌ عند نعمة، ورنة عند مصيبة) والرنة: صياح النائحة، وهذا الحديث حسن، وهذا من أدلة تحريم المعازف ... الذي يقول: ما حكم المزمار؟ المزمار حرام هذا منه، فيقول: (صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة: مزمار عند نعمة) شخص أنعم الله عليه بالزواج ويسره له؛ وجد مهراً، ورضي أهل الزوجة، وعمل زفافاً، بعد ذلك في هذا الزفاف بدلاً من أن يشكر نعمة الله ويحمده ويطيعه يأتي بفرقة موسيقية!! يأتي براقصات!! يأتي بمغنين!! يفجرون إلى الفجر ويضيعون الصلاة!! ويضيع العرس بلعب الورق، ويبذرون الأموال، ويلقون بالطعام في المزبلة، أهذا شكر نعمة أم كفر نعمة؟!! فما أكثر الكافرين بنعم الله في هذه الأيام!!!

شكر الناس على إحسانهم



ومن الأشياء التي يكون بها العبد عبداً شكوراً: أن يشكر الناس على إحسانهم إليه، وشكر الناس على إحسانهم إليك من شكر الله، ومن وسائل شكر الله أن تشكر الناس المحسنين إليك، قال صلى الله عليه وسلم: (من لا يشكر الناس لا يشكر الله)، وفي لفظ آخر صحيح أيضاً: (أشكر الناس لله أشكرهم للناس). وقال عليه الصلاة والسلام: (من أعطي شيئاً فوجد عنده ما يقابل -الإحسان بالإحسان- فليجز به، ومن لم يجد فليثنِ به؛ فإن أثنى به فقد شكره، وإن كتمه فقد كفره، ومن تحلى بما لم يعط فهو كلابس ثوبي زور). ما معنى: (لا يشكر الله من لا يشكر الناس)؟ يعني: أن الله عز وجل لا يقبل شكراً لعبدٍ على إحسانه إليه إذا كان العبد لا يشكر الناس بل يكفر إحسانهم إليه؛ لأن كلا الأمرين متصل بالآخر. وقال بعض العلماء في شرح الحديث: (لا يشكر الله من لا يشكر الناس): أن مَنْ عادته وطبعه كفران إحسان الناس إليه، فإن من عادته وطبعه كفران نعمة الله عليه؛ وهذا مبني على رفع اسم الجلالة أو نصبه (لا يشكر اللهَ من لا يشكر الناس)، أو (لا يشكر اللهَُ من لا يشكر الناس)؟ كلاهما صحيح. فأشكر الناس لله أشكرهم للناس، ولذلك جاء في الحديث: (من صنع إليه معروفٌ فقال لفاعله: جزاك الله خيراً فقد أبلغ في الثناء). فإذا أحسن إلينا الخلق نشكرهم، وشكرنا لهم هو من شكرنا لله وداخل فيه، ولذلك قيل لـسعيد بن جبير : "المجوسي يوليني خيراً أشكره؟ قال: نعم". ولو كان كافراً، لكن لا يعني هذا أن تدعو له بالرحمة والمغفرة فإنه لا يغفر لهم ما داموا على الشرك، لكن تقول على الأقل: شكراً وإذا كان مسلماً تقول: جزاك الله خيراً، وإذا كان عندك ما تجزيه به فأعطه، مثلما أحسن إليك أحسن إليه، وإذا لم يكن عند شيء فأقل شيء أن تقول له: جزاك الله خيراً، وبعض الناس كما قلنا نفوسهم سيئة؛ فلا يشكرون الله ولا يشكرون الخلق، وبعض الناس يشكرون الخلق ولا يشكرون الله، والمسلم يشكر الله ثم يشكر الناس على إحسانهم إليه، لا تنس شكر الناس، كن صاحب فضل، عليك أن تشكره فإن شكرك له من شكرك لله: (لا يشكر الله من لا يشكر الناس) فتذكر هذا الحديث جيداً. ومما يدل على فضل هذا: أن المهاجرين قالوا: (يا رسول الله! ذهبت الأنصار بالأجر كله، قال: لا. ما دعوتم الله عز وجل لهم وأثنيتم عليهم). فإذا دعوتم الله لهم وأثنيتم عليهم فإنكم قد لحقتم بهم. فهذه أيها الإخوة! عدد من الوسائل التي يكون بها العبد عبداً شكوراً. ومقام الشكر مقام عظيم ينبغي دائماً أن نتذكره وأن نعيه جيداً، وأن يكون لسان الإنسان لاهجاً بذكر الله، وحمده، والثناء عليه بالقلب واللسان والجوارح.



الله اعلم


منقول






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

قديم 24-12-2007, 01:19 PM   رقم المشاركة : 3
ضي الليالي
( وِد ذهبي )
 
الصورة الرمزية ضي الليالي
 






ضي الليالي غير متصل

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


.:مرحبااا:.

جزاك الله الف خير
وجعله في ميزان حسناتك يارب


.:ودمتم بحفظ الرحمن:.

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

قديم 24-12-2007, 10:16 PM   رقم المشاركة : 4
عيونكـ غرامي
( وِد ماسي )
 
الصورة الرمزية عيونكـ غرامي
 







عيونكـ غرامي غير متصل

جزاك الله خير







التوقيع :

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:01 PM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية