السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بطولة الخليج أو كما يحب أن يسميها البعض مونديال الخليج أطلت علينا قبل عقود من الزمن , أطلت بثوب جميل ورائع وأهداف نبيلة وجميلة .
تمكنت بطولة الخليج من أنفسنا حبا ومتابعة , لم يكن الأمر معني بكرة القدم فهناك الكثير من الأمور المفيدة في لقاء أبناء الخليج في ملتقى يهتم به أهم فئة عمرية في المنطقة .
سأجاري قلمي الغاضب قليلا وسأكتب بكل هدوء ( ان استطعت ) فأعذروني .
كنت أنا وأخي الصغير الذي لم يتجاوز عمره الثاني عشرة بعد , كنت أنا وإياه بذات البيت ولكن بغرفتين متجاورتين , وجاء الحوار قبل مباراة الوطن مع دولة مملكة البحرين الشقيقة :
فقال : شاهد المباراة معي .
قلت : أنا مشغول .
قال : معقول مشغول والمنتخب يلعب ؟
قلت : أنا مشغول ولكن ارفع صوت التلفاز حتى استطيع سماع الصيحات بوجود هجمة خطيرة او حدث او هدف .
فقال ( غاضبا ) : أنت إنسان غير وطني .
قلت : لا تستطيع تحديد مفهوم كبير كالوطنية لمباراة كرة قد تكون ودية أو مباراة تجربة .( وأنا أقول بنفسي ليالي العيد تبان من عصاريها , وكنت مؤمن إيمان كامل أن منتخب الوطن كان يئن من سنوات عديدة , ولكن آثرت عدم ذكر تلك الامور حتى لا يختلط عليه الأمر )
قال : لست افهم ما تقول ولكن سأخبرك بكل جديد .
أصابني أخي بكلمته حين قال أنت غير وطني , وتساءلت :
أنا الذي ابعد الآلاف الكيلومترات من دولة قطر غير وطني !
أنا الذي اعمل بمجال غير الرياضة غير وطني !
او ليس هو الوطن ويجب أن تهتز له جوانح شعوري إليه طربا حينما يذكر سواء برياضة او بغيرها ؟
قمت من مكاني وذهبت لأخي واعتذرت له وقلت معك حق فالوطن قد ناداني وصوته اعلى بكثير من صوتك .
شاهدنا المباراة وكان سعيدا جدا
ويذكر لي الأسماء ويقول : البحرين فريق خطير وقوي
قلت : نعم تدربوا جيدا وهم مستعدين للفوز ومهيئين له بكل قوة ..
قال : ونحن السنا مهيئين ؟
قلت : تابع وستعرف .
جال أبناء البحرين بكل قوة وتفاني وكانت مملكة البحرين في قلوبهم , رأيت بكل وضوح تلك العيون الباكية والساهرة ورايت ايضا تلك العقول التي تركز فيها حب الوطن .
رأيت الإصرار والقوة من أبناء البحرين فقط ليقدموا كلمة ( شكرا ) لك أيها الوطن , نحن أبنائك , نحن ثمارك وعزك وفخرك , ان فزنا فهي لك أيها الوطن وان خسرنا فلك منا الاعتذار وستعذرنا لأننا قدمنا كل ما لدينا , سنعود لك أيها الوطن وستفتح لنا ذراعيك مهللا ومرحبا أن أبنائك ثابروا فقط لتكون أنت الوطن وتكون كلمة الشكر فيك ناقصة ان نعقدها في عقد لؤلؤ مكنون نزين بها حدودك .
قال أخي مقاطعا : أخي منتخبنا ضعيف جدا والمنتخب البحريني يضغط بكل قوة .
قلت : نعم . بكل قوة ووطنية .
قال : ونحن , ومنتخبنا أليسوا وطنين .
قلت : لا فلقد نسوا هذا المفهوم في بهو الفندق الذي ينامون فيه , أو أن بعضهم قد نسيها في السعودية , أو أن الأغلبية منهم لا يفقهون هذا المفهوم إلا صوتا يسمعونه فقط .
جاء الهدف الأول بعد طرد احدهم من الوطن .
قال أخي : منتخبنا سيخسر .
قلت : من العار ان لا يخسر ومن القهر أن يفوز فريق كفريقنا على فريق جسد الوطن منهم روحا تقاتل لا تلعب .
جاء الهدف الثاني .
والهدف الثالث .
عندها قال أخي : لماذاااااااااااااااااااااا ؟ وكيف ؟
قلت : أخي أن مملكة البحرين أنجبت ذات يوم إبطال صغار , كافحوا بكل قوة وبكل إصرار تحمل الوطن عنهم أعباء الانكسارات والاحباطات المتوالية وصبر كثيرا عليهم وجاء اليوم الذي يقولون فيه ( شكرا ) لك أيها الأب الحاني شكرا لك ونأسف أننا كنا متأخرين في رد التحية إليك ورد الجميل والمعروف .
وقلت : أنجبت ارض السعودية أبطال ذات يوم كافحوا أيضا ولكن ليس بنفس الإصرار والعزيمة فتحولوا لأشباح الإبطال , فكان منهم ما كان وكان من أبناء البحرين ما كان .
قال : سأنتقل لقناة الجزيرة لأشاهد التحليل .
قلت : لما لا انتقل .
كانت القيادة البحرينية تلوح بيدها للجمهور وكان الوطن حاضرا بينهم في قلوبهم في أرواحهم وفي أعناقهم سجل الوطن دينه لهم أن يقدموا له الشكر والعرفان لا بالكلام ولكن بأروع الأفعال .
قلت : اذهب للنوم يا أخي فغدا مدرسة .
فقال : وكيف أنام ومنتخبنا قد هزم .
قلت : نم يا أخي .
فقال : لاااااااااا سأشاهد أبو مشعل والتحليل الخاص .
قلت : من أبو مشعل .
قال : يستضيف ناس ويكلمهم محاورا إياهم في أمور تتعلق بالمنتخبات .
انتظرت حتى جاء البرنامج .
عرفت المذيع انه جيد ودبلوماسي .
وعرفت أيضا احد الضيوف ( احمد السليطي ) وعرفت انه سيهين وطني أيضا .
كانت الدموع تملئ عين أخي الأصغر وهو يشاهد هنا وهناك وأنواع الكلمات وأنواع الشتائم التي يتعرض لها وطني .
حتى أتت كلمة لم تكن أبدا بالحسبان من احمد السليطي
فقال : المنتخب السعودي مخلفات حجاج افريقية .
أرى أن هذا المفهوم قد سرى وتغلغل حتى في شعب وطني الذي استغرب منه ان يطلق هذه الكلمات .
عندها صررررررخ أخي باكيا
قال : نحن مخلفات حجاج يعني أن لا أصل لنا ونحن من أفريقيا
قلت : إن أكرمكم عند الله اتقاكم .
بكى أخي بدموع حارقة , بدموع وطنيه , هنا رأيت الوطنية في عينيه مثل تلك التي رايتيها في أعين أبناء البحرين .
أصر احمد السليطي على كيل الشتائم والضرب من تحت الحزام لوطني , وأعاد الكلمة ( مخلفات حجاج ) تمنيت وقتها ان يقابل فقط اللاعب ( رضا تكر ) الذي يحفظ القران وهو من أبناء المدينة المنورة وهو أيضا من عائلة كريمة جدا ومحترمة جدا في بلدي تمنيت أن يقابل احمد السليطي ويقول اتلوا من القرآن ما تيسر ؟
تمنيت من احمد السليطي أن يتعرف على شخصية الشيخ الجليل : ابو بكر الجزائري الذي يعود أصله إلى أصول جزائرية وأكاد اجزم انه لم يسمع به , تمنيت ان يتعرف على الشيخ محمد محمد مختار الشنقيطي الذي تعود أصوله لموريتانيا الحبيبة , تمنيت انه يعرف الشيخ عمر فلاته رحمه الله الذي كان اعلم من في الارض بالحديث والسنة النبوية وهو من أصول افريقية , تمنيت ان يقابل الشيخ الأنصاري الذي تعود أصولة للأصول الفارسية , تمنيت ان يقابل الشيخ علي عبد الله جابر الذي تعود أصوله لأصول يمنيه أصيلة . وهناك الكثير الكثير من تلك الطيور المهاجرة التي علمتنا كثيرا حتى أصبحنا يشار لنا بالبنان .
قد تقولون وتكتبون انه تحدث عن الرياضة فقط وان الكلمة التي قالها لا ريب فيها ! فلما الغضب ؟
اكتب إليكم أن الوطن واحد لا يتجزأ وان الوطن روح لا تموت وان الوطن عطر يفوح من كل من داس على ترابه واشتم هوائه وشرب من مائه .
إن الوطن مفهوم ارتسم على كل من عاش فيه وترعرع بين جنباته .
نعود للكلمة : ( مخلفات حجاج ) ما الهدف منها ؟ لما قيلت وبهذه الطريقة الرعناء .
السنا من أب وأم السنا من آدم وحواء
كان يقصد بها أبناء وطني وعندما قصدهم قصد بهم أبي وأمي وأخوتي وكل من اعرفهم في وطني .
أهان أبناء وطني الغاليين على قلبي كثيرا فلقد ترعرعنا سويا , لعبنا , كبرنا , وتصاهرنا , قدم الوطن لهم كل مالديه وقدموا هم للوطن كل ما لديهم فاستحقوا بكل جدارة أن يكونوا أبناء وطني وان افتخر بهم في أي مكان وزمان .
إخوتي وأخواتي :
الكلمة كان القصد منها الإهانة لا غير و أنا لا اقلل من شأن إخواني في أفريقيا لا والله ولكن قصد بها ضرب غير قانوني بكلمة زين شكلها بالحق وأريد بها باطل وبهتان من عقلية عوجاء
عندها قلت لأخي : نم يا أخي وتصبح على خير .
قال : أغدا سوف احزن أيضا ؟
قلت : نعم ستحزن ولكن ليس من خسارة فريقك فريق الوطن , ولكن ستحزن ان هناك من أبناء جلدتنا نحن العرب من ينادي الي عجرفة عربية ويحاكي عقل زمانه بكل فشل وحقارة , ويضن انه يستطيع جرح مشاعر الغير بصفات وأسماء انتهت من زمان غابر ولم تسكن إلى في عقول إنسان ديناصوري التفكير .
نعم كان فريقي تنقصه الوطنية ولكن ليست بدرجة ان يهان وطني وأضل صامتا .
هنا تجمد لساني وقلت : تصبح على خير يا وطن .
حاولت النوم ولكن أصبح الوطن في كل أركان غرفتي وفي كل أركان مخيلتي .
سمعت صوت الباب يفتح وسمعت وقع خطا ثابتة تسير رايته , وقفت من هيبته
قال : ابني .
قلت : لبيك وطني .
قال : ابني .
قلت : سلمت لنا أن رهن إشارتك
قال : ابني .
قلت : فدائك وطني .
قال : ابني .
قلت : روحي وما املك تحت قدميك .
قال : ابني .
قلت : سعادتي أنت وامني وقرار نفسي .
قال : ابني .
قلت : لبيييييييييييييييك أبي .
قال : ابني .
قلت : لا نامت أعين أعدائك .
قال : ابني .
قلت : حبيبي أنت .
قال : ابني .
قلت : وأنت أبي .
قال : ابنييييييييييي
قلت : سبحانك ربي احمي وطني .
قال : ابني .
فقلت : أنا ابنك أمرني سأكون لك مطيعا .
فقال : ابني
ومازال الصوت ينخفض حتى اختفى
فزعت من هذا الموقف حقيقة
وكانت كلمة ( ابني ) في أذني تزن بكل قوة .
ولكن أكان ينادي أم يطلب !!!
أكان يناديني ( ابني ) أي أني ابنه , أم يطلب أن ( ابني ) ( أمر من فعل يبني )
ما رأيكم انتم !
أكان وطني ينادي أم يطلب ؟!
هنا سكت كل شيء ونادى الوطن أن حي على صلاة الفجر
الوطن الان من ينادي ابنائه ان توحدوا تحت كلمة واحدة في حب الله ورسوله عليه الصلاة والسلام ومن ثم حب الوطن
حتى لا تتكرر مأساة بطولة الخليج او كأس اسيا المنصرمين
والله من وراء القصد