اليوم فقط يا عزيزتي...
وبينما كنت اتوسطهم جميعاً في مكان اختنقت فيه الأحاسيس.. وماتت فيه القلوب غرقاً في بحور الحقد.... ووسط معمعة الأحاديث... تسللت إلى داخلي أفكار أحرقت مافي جوفي من أشعة الأمل....
حينها اغرورقت عيناي بالدموع.... حتى انني احسست بنظراتهم تطوّقني.... إلا أن الأسئلة انتحرت عند شفاههم... فعزَّ عليهم الاستفسار عن سبب الحزن الذي سكنني في لحظات.. وجثم على ذاتي الحائرة وسطهم... فأصبحت كالديار التي هجرها أهلها... خالية من كل شي سوى رائحة أحبابها ... وبقايا أطلال مهدمة....
وبعد دهور من الصمت المطبق.. الذي مر عليهم كاللحظات الخاطفة التي تنتهي بلمح البصر....
أحسست بالغربة...
لم تكن يا صديقتي غربة الزمان.. ولم تكن غربة المكان... وحتى انها لم تكن غربة الأشخاص والوجوه......
كانت يا سيدتي...
ذاك الاحساس ... بأن كل جسر للتواصل قد هدمه فيضان مشاعر الحقد.. وان كل منفذ يربطني بهؤلاء الناس قد تم اغلاقه....
تساءلت حينها ولم أكن لأتساءل يوماً.... ما الذي يربطني بوجوه... فقدت ملامحها.. وتشوهت معالم احاسيسها.. وجفت الدماء من شرايينها.....؟؟!!
ما الذي يجمعني في مكان واحد.. وزمان واحد... مع قلوب مات النبض في داخلها.. وانعدمت قدرتها على الحياة....؟؟!!
ما الذي يجبرني.. على التواجد مع أياد تهوى الامساك بالسياط.... وتمارس لعبة جلد الارواح... وكأنه حق وهبه لها الزمان....؟؟
كانت "هي" على يميني... حينما دار شريط الذكريات أمامي..... وتذكرت تلك اللحظات التي انتهت منذ اربعة أيام.... حينما كنت ارتمي في احضانها.. وارفض النهوض من على صدرها...
يا ترى..... ماذا حدث.... فأصبحت غير قادرة على النظر اليها...؟؟ ولماذا ترفض ايادينا لحظات التلاقي.....؟؟؟
بالأمس الذي بات بعيداً.... كانت يدي تمسك بطرف عباءتها كلما قطعنا الطريق معاً.. كطفلة تتعلم المشي لتوها.. تكاد تخطو للمرة الاولى...
كان "هو" على يساري.... هذا الشخص الذي يمثل الدافع الأكبر لوجودي.... والذي لم اتذوق يوماً قبلة منه تنطبع على جبيني.... ولم أشعر للحظة بدفء احضانه التي خلتها ستكون متسعة لي بقدر اتساع سماء طفولتي...
لطالما كانت يداه باردتان.... وعيناه جامدتان تفتقران الى بريق الأحباء .. وكأن الموت خطف قلبه وهو على قيد الحياة.. وقلبه عفا عليه الزمن فأصبح كمهجع لبيوت العنكبوت....
ذاك الاحساس يا غاليتي...
كان الاحساس... بالغربة,..,..
غــــــــــــــــــــــربة المشـــــــــاعر...
أختكم
:::وجـــــــــــــالمراياـــــــــــه:::
العرض المتطور
