هذا ماحدث معي..وحيرني

[فجر المحبة]

طق ....طق....طق..
طرقات على باب بيتنا..
فتحت الباب لأرى امرأة عربية غريبة لا أعرفها وسلمت علي وكأننا من الأصحاب والأهل..
استغربت وعلامات التعجب كانت باديه على وجهي ووجه أمي من خلفي..
همت بالدخول...فلم أمانع..

دخلت وجلسنا أنا وأمي نشاهدها بتعجب..ونرد على أسئلتها عن الصحة والأحوال وتسأل أمي عن العيال..

شعرت بدهشتنا..وقرأت تساؤلاتنا على وجوهنا..
فأخبرتنا بأنها تعلم بكل ما يدور في رؤوسنا..
وكان سبب مجيئها..

((طلب المال بسبب ظروفها الصعبة.))

فهي من المدينة الأبية التي حاصرها المجرمون وقصفوها..وكانت تلك أيام الحرب..
فحكت بأن زوجها وأبو عيالها أصابته حالة صدمة وهستيريا بعد أن دمر بيتهم في الحرب فمات والده وجميع أخواته وأخوته..مما أدى إلى عدم قدرته على الذهاب للعمل..وتراكم عليهم الإيحار..ولولا كرم صاحب المنزل لطردوا في الشارع..

دهشت لمطلبها..حيث أنها كانت تتكلم بكل ثقة وجرأة في طلب المال..جرأة لم امتلكها منذ صغري في طلب المال من أبي الذي لم يجعلني أحتاج لإمتلاكها والحمدلله..

إنها فعلا جريئة..ماذا لو طردناها أو لم نصدقها؟ ألم تضع هذه الاحتمالات قبل أن تدخل بيتنا؟ كان هذا الحديث في نفسي إلى أن اكملت..بأنها قد ذهبت إلى جارتنا أم فلان ولم تقصر وجارتنا أم علان التي كانت في قمة الكرم..وذهبت إلى جيراننا المقابلين لنا..والذين أحرجوها بكرمهم..وقد استطاعت أن تجمع الإيجارات المتراكمة وتبقى منها المبلغ الفلاني..

لكي أكون صادقة..فقد تأثرت جدا بكلامها..خاصة وأنها كانت أيام الحرب وكان الجميع متأثرين مما يعانيه أخواننا هناك... ولكن في نفس الوقت كنت حائرة ومتعجبة ..لم ذكرت لنا عن جيراننا الذين لم تكذب بأسمائهم!!
وعندما سألتها أين تعيشين.؟.ذكرت منطقة بعيدة عنا...فلم اختارت حينا؟؟

طبعا الوالدة حفظها الله لم تدعها تكمل حديثها فاعطتها مما اعطاها الله وساعدتها بذلك وأنا أحدث نفسي بأن الأعمال بالنيات فإن صدقت لنفسها وإن كذبت فلنفها أيضا..

حصلنا على دعوات أبكت أمي كثيرا وأبكتها أيضا..

في اليوم الثاني ....دخلت الانترنت وفتحت إيميلي لأجد رسالتين على إحدى صفحاتي على موقع من المواقع..فتحت الأولى لأجدها من شاب من نفس المدينة الأبية يخبرني بأنه يدرس بالجامعة الفلانية وتبقت سنة واحدة لتخرجه ..ولكنها لا يملكه بسبب المشاكل التي يعرفها الجميع في المدينة الأبية..وأنه يحتاج xxxxxx دولار..وإن لم أصدقه فهذا رقم الهاتف لأتأكد من صدق كلامه وأنه لا خجل في الطلب من الأخوان العرب...الخ

الرسالة الأخرى طبق الأصل من الأولى بالمضمون والمبلغ وحتى الجامعة مع اختلاف الأسلوب والمرسل ورقم الهاتف...

أحترت فعلا..وتذكرت المرأة...وسألت نفسي..
هل هم محتاجون فعلا...أم هي استغلال للمواقف والأوضاع وعرفتهم بتعاطف العرب معهم؟؟
هل ممكن أن تهون على الإنسان نفسه بأن يمد يده للآخرين؟
هل الظروف تجبر الأنسان على التسول؟
وأي ظروف هي التي تبرر مد اليد والتسول؟؟

أعتذر عن الإطالة ولكني أحببت أن تعيشوا الموقف كما عشته أنا...تماما..

دمتم بود
فجر المحبة