صناعة الحياة هي أن يكون لك في هذا العالم موقع ، فتكون رقما له قيمة لا صفرا على شمال العدد ، ومعنى ذلك أن تساهم في البناء والعطاء بما تستطيع لا أن تكون حملا ثقيلا على الأمة ، إن النحلة الميتة ترمى خارج الخلية لأنه لا قيمة لها ، وإن الشجرة اليابسة تزال من الحديقة لأنه لا نفع من ورائها ، فما هو جزاء إنسان سميع بصير لا يعطي ولا ينتج ولا يعمل ، الطالب الذي ترك دراسته بلا عذر وجلس مع أمه في البيت ما جزاؤه إلا سوط لاذع حتى يهب مذعورا إلى مدرسته ، العامل الذي فضل النوم على العمل ماحقه إلا الزجر والحرمان حتى يتوب عن إعراضه ، والعالم الذي اشتعل بنفسه فحسب وترك نفع الناس يسقط من سجل الخالدين أهمل التضحيات والمثل .
فيا من أراد الخير بنفسه ولامته لا تكن نسيا منسيا ومتاعا ساقطا :
ومـــــا للمــــرء خيـــر فــي حـيــاة ........ ....... إذا مـــــا عــــد مـــن سقــــــط المــتــــــاع
إن أرخص موجود هو ذاك الإنسان الآكل الشارب النائم الذي جفت منابع نفعه ونضبت أودية خيره وحق له أن يسقط من عيون النبلاء ، لأنه محا اسمه من دفتر الحياة وشطب على رقمه من لوحة العطاء والتضحية فهو في عالم الأموات ولكنه يأكل ويشرب وفي دنيا المقابر غير أنه يضحك وينام ومثله يساهم في غلاء الأسعار لكثرة ما يأكل ويشارك في شح الماء لكثرة ما يشرب ، الناس متجهون إلى الأمام يبنون وينتجون وهو متجه إلى الخلف لأنه عكس النماء والبناء وضد النفع والعطاء وعدو النجاح والتفوق .
إن قافلة الحياة لا تنتظر الخاملين فهي معدة لركوب صنّــاع الحياة والمقاعد محجوزة والوقت لا ينتظر أحدا وليس في حافلة النجاح مقعد واحد للتافهين ...