قصة أمرأه صبرت على زوجهااااااااااااا وشوفوا الطياره وش سوووووت
مع أنه قد طاف العالم حتى لا يكاد يجد في الخريطة دولة جديدة، وركب الطائرات حتى عادت كأنها
سيارات، فإن زوجته لم تركب الطائرة إلا تلك الليلة، وبعد عشرةِ عشرين سنة، ومن أين ..
وإلى أين.. من الظهران إلى الرياض.. ومع من.. مع أخيها القروي البسيط الذي أحس أنه
يجب أن ينفس عنها بما يستطيع فأخذها بسيارته القديمة من الرياض إلى الدمام.. وفي العودة
رجته بكل ما تملك أن تركب الطيارة.. أن تركب الطيارة قبل أن تموت.. أن تركب الطيارة التي
يركبها دائماً خالد.. زوجها.. والتي تراها في السماء.. وفي التلفزيون.. واستجاب أخوها لندائها..
وقطع لها تذكرة.. وأرفق معها ابنها محرماً لها.. وعاد هو وحيداً بسيارته القديمة تهتز به
المشاعر والسيارة.. وفي تلك الليلة لم تنم سارة.. بل أخذت تثرثر على زوجها خالد ساعة.. عن
الطيارة.. وتصف له مداخلها ومقاعدها وأضواءها ومباهجها ووجبا- وكيف طارت في الفضاء..
طارت!.. تصف له مدهوشة كأنها قادمة من كوكب آخر.. مدهش!.. ومزهر.. ومسكون بالبشر..
وزوجها ينظر إليها متعجباً مستغربا.. ولم تكد تنتهي من وصف الطائرة حتى ابتدأت في وصف
الدمام والرحلة إلى الدمام من بدئها لختامها والبحر.. الذي رأته لأول مرة في حياتها.. والطريق
الطويل الجميل بين الرياض والدمام في رحلة الذهاب أما رحلة الإياب فكانت في الطائرة..
الطائرة التي لن تنساها إلى الأبد...... واستقعدت على ركبتيها كأنها طفلة ترى مدن الملاهي
الكبرى لأول مرة في حياتها وأخذت تصف لزوجها وعيناها تلمعان دهشة وسعادة مارأت من
شوارع ومن متاجر ومن بشر ومن حجر ومن رمال ومن مطاعم وكيف أن البحر يرغي ويزبد
كأنه جمل هائج وكيف أنها وضعت يديها هاتين.. هاتين في ماء البحر، وذاقته فإذا به مالح..
مالح.. وكيف أن البحر في النهار أسود وفي الليل أزرق ورأيت السمك يا خالد رأيته بعيني يقترب
من الشاطئ، وصاد لي أخي سمكة ولكنني رحمتها وأطلقتها في الماء مرة ثانية.. كانت سمكة
صغيرة وضعيفة.. ورحمت أمها ورحمتها.. ولولا الحياء يا خالد لبنيت لي بيتاً على شاطئ ذاك
البحر رأيت الأطفال يبنون،..يووووه نسيت يا خالد ونهضت جذلى فأحضرت حقيبتها ونثرتها
وأخرجت منها زجاجة من العطر وقدمتها إليه وكأنها تقدم الدنيا وقالت هذه هديتي إليك وأحضرت
لك يا خالد " شبشب " تستخدمه في الحمام..
وكادت الدمعة تطفر من عين خالد لأول مرة.. لأول مرة في علاقته بها وزواجه منها، فهو قد
طاف الدنيا ولم يحضر لها مرة.. هدية.. وهو قد ركب معظم خطوط الطيران في العالم.. ولم
يأخذها معه مرة.. لأنها- في اعتقاده- جاهلة لا تقرأ ولا تكتب.. فما حاجتها إلى الدنيا.. وإلى
السفر.. ولماذا يأخذها معه.. ونسى.. نسى أنها إنسانة.. إنسانة أولاً وأخيراً.. وانسانيتها الأن
تشرق أمامه وتتغلغل في قلبه وهو الذي يراها تحضر له هدية.. ولا تنساه.. فما اكبر الفرق بين
المال الذي يقدمه لها إذا سافر.. أو عاد.. وبين الهدية التي قدمتها هي إليه في سفرتها الوحيدة..
واليتيمة.. إن " الشبشب " الذي قدمته له.. يساوي كل المال الذي قدمه لها.. فالمال من الزوج
واجب.. والهدية شيء آخر.. وأحس بالشجن يعصر قلبه وهو يرى هذه الصابرة التي تغسل ثيابه
وتعد له أطباقه وأنجبت له أولاده وشاركته حياته وسهرت عليه في مرضه، كأنما ترى الدنيا أول
مرة.. ولم يخطر لها يوماً أن تقول له اصحبني معك وأنت مسافر.. أو حتى لماذا تسافر.. لأنها-
المسكينة- تراه (فوق).. بتعليمه وثقافته وكرمه المالي الذي يبدو له الآن أجوف.. بدون حس
ولاقلب.. أحس بالألم وبالذنب.. وبأنه سجن انسانة بريئة لعشرين عاماً ليس فيها يوم يختلف عن
يوم.. فرفع يده إلى عينه يواري دمعة لاتكاد تبين.. وقال لها كلمة قالها لأول مرة في حياته.. ولم
يكن يتصور أنه سيقولها لها أبد الآبدين.. قال لها: أحبك.. قالها من قلبه.. وتوقفت يداها عن
تقليب، الحقيبة.. وتوقفت شفتاها عن الثرثرة.. وأحست أنها دخلت في رحلة أخرى.. أعجب من
الدمام.. ومن البحر.. ومن الطائرة.. وألذ.. رحلة الحب التي بدأت بعد عشرين عاماً من الزواج..
بدأت بكلمة.. بكلمة صادقة.. فانهارت باكية
باايووز