كيف تدعو إلى الإسلام
الداعية الموفق هو الذي يعطي كل إنسان ما يلزمه من أفكار وتوجيهات، ويحاول أن يقنعه بالفكر, ويجذبه إلى الحركة بالأسلوب الذي يؤثر فيه ، وهذا سر قوله صلى الله عليه وسـلم : [ نحن معاشر الأنبياء أمرنا أن ننزل الناس منازلهم، ونكلمهم على قدر عقولهم ].
تعرف إلى الشخص قبل دعوته:
وإذا كانت لمسألة هكذا ؛ فإنه يصبح من واجب الداعية أن يتعرف إلى الشخص الذي يود دعوته إلى الإسلام.. يتعرف إلى أفكاره , ويكتشف مشكلاته ، وهو بذلك سيصـل إلى معرفة المنافذ التي يمكن أن ينفذ من خلالها نفسه.
من أين تبدأ.. وكيف؟:
إن الإصابة في تحديد نقطة البدء توفر على الداعية كثيرًا من الوقت ، وتسهـل عملية الإقنـاع والجذب, وفي كثير من الأحيان يكون فشل الداعية في اجتذاب العناصر الجديدة إلى الدعوة مرده إلى سوء تقديره لنقطة البدء , وسوء تشخيصه للعلة المراد تطبيقها، فيبدأ من حيث ينبغي أن ينتهي , أو ينتهي من حيث ينبغي أن يبدأ.
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول: [ما أحد يحدث قومًا بحديث لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة على بعضهم].
مشروع منهج قياسي:
ولهذا كان لا بد من منهج قياسي تحدد بواسطتة نقطة البداية، ويعرف بواسطتة الداعية كيف يبدأ ومن أين , ففي اللقاءات الأولى ينبغي أن يحرص الداعية على تقييم العنصر المراد دعوته إلى الإسلام , فإذا تم له ذلك أصبح بمقدوره مقارنته بالأنموذج القياسي، وفي اعتقادي أن الأنموذج القياسي ينبغي أن تحدد مواصفاته على الشكل التالي:
أولاً: طور بناء العقيدة : أي إيجاد الفكر الصحيح عن الكون والإنسان والحياة، ومن شرائطه : 1- تحقق الإيمان بالله وسائر أركان الإيمان الخمسة, وهذا الطـور يعتبر الطور الأساسي في تكوين الشخصية الإسلامية؛ لأنه القاعدة التي تتمخض عنها سائر الأطوار. 2- تحقق الإيمان بالإسلام وأنه المنهج المبرأ من عوامل العجز البشري، وأنه المنهج الشامل المتكامل، وأن المناهج الأخرى باطلة أساسًا؛ لأنها بشرية المصدر.
ثانيًا: طور التطبيق: أي طور تجسيد النظريات الإيمانية سلوكًا إسلاميًا صحيحًا , وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: [ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي، ولكن هو ما وقر في القلب وصدقه العمل].
ومن مقتضيات هذا الطور :
أ-دعوة المرء إلى أخذ نفسه بما يوافق عقيدته , وينسجم انسجامًا كليًا مع التشريعات المنبثقة عن هذه العقيدة .
ب-جعل الإسلام المقياس الذي ينبغي الصدور عنه والرجوع إليه في كافة شؤون الحياة.
ثالثًا: طور الانخراط في العمل الحركي للإسلام : ذلك أن الفـرد لوحده لا يقوى على إقامة المجتمع الإسلامي وإيجاد الدولة الإسلامية.
الاتصال الفردي المباشر:
من خلال التجارب الكثيرة التي مرت بها الحركة الإسلامية تأكد للعاملين والدعـاة أثر الاتصال الفردي المباشر في كسب عناصر جديدة للحركة , وفي تزايد الإنتاج الحركي لدى كل فرد من أفراد التنظيم.
أولاً : مفهوم الاتصال الفردي
والمراد به هو قيام كل فرد من أفراد التنظيم بواجب الاحتكاك المقصـود الهادف بعناصر جديدة , ومحاولة جذبها إلى الفكرة أولاً , وإلى الحركة أخيرًا، وحري بصاحب الفكرة أن يحاول الاستفادة من كافة العلاقات والظروف لطرح أفكاره ومحاولة إقناع الآخرين بها , وبالتالي الخروج بطبيعة صلاته وعلاقاته من نطاقها (التجريدي) العفوي إلى النطاق (الموجه) الذي يخدم الفكـرة الإسلامية ويفتح أمامها كثيرًا من الأبواب والمنطلقات , والفرد ـ كل فرد ـ له وجود وله أثر , ووجوده لا يغني عن أثره ؛ بل إن أثره يدل على قيمة وجوده .
ثانياً : الاتصال الفردي واجب شرعي
وعلى الأخ المسلم أن يدرك أن مهمة نشر الدعوة واجب شرعي ومسئولية فردية , لا يسقطها عنه انتسابه لجماعة.
إن مسئولية العمل الإسلامي مترتبة على كل مسلم ؛ سـواء كانت هناك حركة أم لا , وكان الهدف من التنظيمات الحركية استيعاب النشاطات الفردية , وتنميتها , وتوجيههـا , وتحويلها مع الزمن إلى طاقة ضخمة , يمكن بها مواجهـة القضايا الكـبرى التي لا طاقة للأفراد منعزلـين على مواجهتها.
إن صيغ المخاطبة الفردية ورد بها التكليف القرآني والنبوي , وهي تؤكد المسئولية الشخصية , وعلى سبيـل المثال قوله تعالى:] وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ(33)[ سورة فصلت. ] فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ .....(15)[ سورة الشورى , وقوله صلى الله عليه وسلم: [مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ ] رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة وأحمد.