العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام العامة ]:::::+ > ۞ مكتبة الــوٍد الإسلامية ۞
موضوع مغلق
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-11-2002, 08:11 PM   رقم المشاركة : 1
مختصر
( ود فعّال )
 
الصورة الرمزية مختصر
 





مختصر غير متصل

الافتراق مفهومه،أسبابه،سبل الوقاية منه 1/3

الافتراق مفهومه،أسبابه،سبل الوقاية منه 1/3


يتناول الدرس موضوعا من من أهم الموضوعات التي ينبغي أن يعني بها أهل العلم وطلابه في هذا العصر، والتي هي أحوج ما يحتاج إليه المسلمون بعامة، وطلاب العلم بخاصة، مسألة الافتراق: مفهومه وأسبابه، وسبل الترقي منه، والحذر من الوقوع فيه. لا سيما في هذا العصر الذي كثرت فيه الأهواء، وسيطرت علي الناس، وكثر فيه الخبث والنفاق .

إن من أهم الموضوعات التي ينبغي أن يعني بها أهل العلم وطلابه في هذا العصر، والتي هي أحوج ما يحتاج إليه المسلمون بعامة، وطلاب العلم بخاصة، مسألة الافتراق: مفهومه وأسبابه، وسبل الترقي منه، والحذر من الوقوع فيه. لا سيما في هذا العصر الذي كشرت فيه البدع وأخرجت أعناقها، وكثرت فيه الأهواء، وسيطرت علي الناس، وكثر فيه الخبث والنفاق.

نعم، لقد كثرت الأهواء، رغم كثرة العلم وانتشاره، إلا أنه لا بركة فيه لأصحابه، ولا يفيد الكثيرين ممن تلقوه؛ لأنه إما أن يكون تلقيه عن غير المصادر الأصلية، أو عن غير أهله، أي من غير الكتاب والسنة، والآثار ومصنفات أئمة الهدي المقتدي بهم في الدين، أو علي غير منهج أهل العلم والفقه في الدين، والبركة إنما تتحقق في العلم الذي يؤخذ عن العلماء، وهو الأصل الذي هو سبيل المؤمنين، أما أخذ العلم عن الوسائل دون الرجال فإنه لا ينفع، مما نتج عنه ظهور الأهواء والآراء الشاذة عن السنة، وشيوع مظاهرة الافتراق، وبحثنا هذا سيكون عن: الافتراق، مفهومه، أسبابه، وسبل التوقي منه.

المسألة الأولي: مفهوم الافتراق:

في اللغة: من المفارقة، وهي المباينة والمفاصلة والانقطاع، والافتراق أيضاً مأخوذ من الانشعاب والشذوذ ومنه الخروج عن الأصل، والخروج عن الجادة، والخروج عن الجماعة.

وفي الاصطلاح: الافتراق هو الخروج عن السنة والجماعة في أصل من أصول الدين القطعية أو أكثر، سواءً كانت الأصول الاعتقادية، أو الأصول العملية المتعلقة بالقطعيات، أو المتعلقة بمصالح الأمة العظمي، أو بهما معًا.

فمخالفة أهل السنة والجماعة في أصل من أصول الدين في العقيدة افتراق، ومخالفة جماعة المسلمين وإمامهم فيما هو من المصالح الكبرى افتراق. والخروج عن إجماع المسلمين عملاً افتراق، وكل كفر أكبر يعد افتراقًا وليس كل افتراق كفرًا. كل عمل أو اعتقاد يخرج به الإنسان عن أصول الإسلام وعن قطعيات الدين وعن السنة والجماعة وهو يقتضي الكفر فإنه مفارقة، لكن ليس كل افتراق كفرًا بمعني أنه قد يقع الافتراق من طائفة، أو فريق من الناس، أو جماعة، لكن قد لا توصف بالكفر، حتي إن افترقت عن جماعة المسلمين في عمل ما، كافتراق الخوارج، فالخوارج الأولون افترقوا عن الأمة، وخرجوا عليها بالسيف، وفارقوا جماعة المسلمين وإمامهم، ومع ذلك لم يحكم الصحابة بكفرهم، بل اختلفوا فيه.

المسألة الثانية: الفرق بين الاختلاف والافتراق:الفرق بن الافتراق والاختلاف أمر مهم جدًا، وينبغي أن يعني به أهل العلم، لأن كثيرًا من الناس خاصة بعض الدعاة، وبعض شباب الصحوة الذين لم يكتمل فقههم في الدين، لا يفرقون بين مسائل الخلاف ومسائل الافتراق، ومن هنا قد يرتب بعضهم علي مسائل الاختلاف أحكام الافتراق، وهذا خطأ فاحش أصله الجهل بأصول الافتراق، ومتي يكون؟ وكيف يكون؟ ومن الذي يحكم بمفارقة شخص، أو جماعة ما؟ من هنا كان لا بد من ذكر بعض الفروق بين الاختلاف وبين الافتراق، وسأذكر خمسة فروق علي سبيل المثال لا علي سبيل الحصر:

الفرق الأول: أن الافتراق أشد أنواع الاختلاف، بل هو من ثمار الخلاف، إذ قد يصل الخلاف إلي حد الافتراق، وقد لا يصل فالافتراق اختلاف وزيادة، لكن ليس كل اختلاف افتراق، وينبني علي هذا الفرق الثاني.

الفرق الثاني: وهو أنه ليس كل اختلاف افتراق، بل كل افتراق اختلاف، فكثير من المسائل التي تنازع فيها المسلمون هي من المسائل الخلافية، ولا يجوز الحكم علي المخالف فيها بالكفر، ولا المفارقة، ولا الخروج من السنة.

الفرق الثالث: أن الافتراق لا يكون إلا علي أصول كبرى، أي أصول الدين التي لا يسع الخلاف فيها، والتي ثبتت بنص قاطع أو بإجماع، أو استقرت منهجًا عمليًا لأهل السنة والجماعة لا يختلفون عليه، فما كان كذلك فهو أصل، من خالف فيه فهو مفترق، أما مادون ذلك فإنه يكون من باب الاختلاف، فالاختلاف يكون فيما دون الأصول مما يقبل التعدد في الرأي، ويقبل الاجتهاد، ويحتمل ذلك كله، وتكون له مسوغات عند قائله، أو يحتمل فيه الجهل والإكراه والتأول، وذلك في أمور الاجتهاديات والفرعيات، ويكون في بعض الأصول التي يعذر فيها بالعوارض عند المعتبرين من أئمة الدين، والفرعيات أحياناً قد تكون في:

بعض مسائل العقيدة التي يتفق علي أصولها، ويختلف علي جزئياتها، كإجماع الأئمة علي وقوع الإسراء والمعراج، واختلافهم وتنازعهم في رؤية النبي صلي الله عليه وسلم لربه فيه، هل كانت عينيه، أو قلبيه؟

الفرق الرابع: أن الاختلاف قد يكون عن اجتهاد، وعن حسن نية، ويؤجر عليه المخطئ ما دام متحرياً للحق، والمصيب أكثر أجراً، وقد يحمد المخطئ علي الاجتهاد أيضاً، أما إذا وصل إلي حد الافتراق، فهو مذموم كله. بينما الافتراق لا يكون عن اجتهاد، ولا عن حسن نية، وصاحبة لا يؤجر بل هو مذموم وآثم علي كل حال، ومن هنا فهو لا يكون إلا عن ابتداع، أو عن اتباع هوى، أو تقليد مذموم.

الفرق الخامس: أن الافتراق يتعلق به الوعيد وكله شذوذ وهلكة، أما الاختلاف فليس كذلك مهما بلغ الخلاف بين المسلمين في أمور يسع فيها الاجتهاد، أو يكون صاحب الرأي المخالف له مسوغ، أو يحتمل أن يكون قال الرأي المخالف عن جهل بالدليل ولم تقم عليه الحجة، أو عن إكراه يعذر به قد لا يطلع عليه أحد، أو عن تأول ولا يتبين ذلك إلا بعد إقامة الحجة.

التنبيه علي بعض الأخطاء : وبمناسبة الفرق بين الاختلاف والافتراق لا بد من التنبيه علي بعض الأخطاء التي يقع فيها كثير من الناس في هذا العصر، خاصة الذين يواجهون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو الدعوة إلي الله مع ضعف في العلم، وضعف في الفقه في الدين، أو قلة التجربة، أو انحراف في التصرف، وأخص بعض رواد الحركات الإسلامية المعاصرة. فمن هذه الأخطاء:

الخطأ الأول: إنكار أن يكون في الأمة افتراق : وينبني عليه نزوع بعضهم إلي إنكار حديث الافتراق الذي ورد عن النبي صلي الله عليه وسلم، وهذا خطأ فادح، وهو بذلك يزعم أنه يريد أن يظهر حسن النية في الأمة، وأن يعامل بالظاهر، ومن هنا يتنكر لحديث الافتراق أو يؤوله، أو يصرف الافتراق إلي فرق خارجة عن الإسلام قطعاً، أو إلي فرق في الأمة هي من غير المسلمين، وهذا خطأ فادح بل هو معارضة صريحة لأخبار النبي صلي الله عليه وسلم، بل الأخبار القاطعة في الكتاب والسنة، تدل علي وقوع الافتراق.

فالأمة فعلاً فيها افتراق وهذا حق، والافتراق من الابتلاء، والحق لا يتبين إلا بضده، والله سبحانه كتب منذ الأزل ألا يبقي علي الحق إلا الأقلون، وعلي هذا فإن الافتراق لا يعد إساءة ظن بالأمة، بل هو أمر واقع لا بد الاعتراف به، ولا بد من تصديق خبر النبي صلي الله عليه وسلم، فيه كما أخبر.

وكون الافتراق يقع في الأمة لا يعني أن الإنسان يسلم بالأمر الواقع، أو يزعم أن المفارقة مشروعة، أو يرضي بأن يفارق، أو لا يتحرى الحق ولا يبحث عن استسلامًا لقدر المفارقة، بل إن وقوع الافتراق هو دافع لكل مسلم بأن يتحرى الحق ويستمسك به، ويعرف الشر ليحذره ويتجنب مسالكه، وليعلم أن الحق لا بد متحدد في نهج النبي صلي الله عليه وسلم، وفي نهج صحابته، ونهج السلف الصالح.

الخطأ الثاني: وهو اعتقاد أن المفارقة مادامت أمراً واقعاً فهذا يعني أن الأمة تقع فيه برضًا وتسليم : وأنه يشرع للدعاة أن يرضوا بواقع الافتراق ويسلموا به، وأن يقبلوا هذا الضلال دون أن يسعوا لعلاجه، وأنه لا يضر المسلم أن يكون مع أي فريق كان؛ لأن المفارقة أمر واقع، فعلي المسلم أن يذهب مع من يعجبه من أهل الأهواء وأهل الفرق، أو يتعاطف معهم.

وهذه أيضاً دعوى باطلة، بل هي تلبيس علي المسلمين، فلا يجوز أن يكون الخبر عن الاختلاف ذريعة للمفارقة، أو ذريعة للرضا بالبدع، أو ذريعة للرضا بالأهواء والرضا بالخطأ لأن الخبر عن الافتراق في الدين جاء بمعرض النهي والتحذير الشديد، ولقد وصل الأمر عند البعض ممن ينتسبون للدعوة أن يقول ما دام الرسول صلي الله عليه وسلم، أخبر بأن الأمة ستفترق، فإذا لا بد أن نرضي بالبدع ونقرها أمراً واقعاً، ونرضي بالأهواء ونقرها أمراً واقعاً، ونسلم للأمر الواقع ولنعرف بأنه لا دين إلا بدخن !!

وهذه دعوى باطلة بل هي من مداخل الشيطان علي الإنسان؛ لأن الرسول صلي الله عليه وسلم، حينما أخبر عن الافتراق، أخبر بأنه ستبقي طائفة من هذه الأمة علي الحق، ظاهرة منصورة، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ] رواه مسلم. ظاهرة بالحق، تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر، وهذه الطائفة تقوم بها الحجة، ويهدي بها من أراد الهدى، ويقتدي بها من أراد الحق والخير والسنة.

فإذاً الحجة لا بد أن تكون قائمة، والحق لا بد أن يظهر، ولا يمكن أن يخفي علي كل ذي بصيرة، ولا علي كل من يريد الحق ويسعى إليها صادقًا، فإنه من يتق الله يجعل له مخرجًا. فمن هنا كان الرضا بالبدع والأهواء علي أنها أمر واقع لا يجوز شرعًا، بل هو تلبيس علي المسلمين، وهو أيضا تحقيق للباطل، وإعراض عن الحق، واتباع لغير سبيل المؤمنين، نسأل الله السلامة.

الخطأ الثالث: خطأ الذين يجعلون من الاختلاف ذريعة للتسرع في وصف المخالفين بالخروج، أو المفارقة، أو المروق من الدين: وما يستتبع ذلك من الاستعجال في الحكم علي المخالفين دون رجوع إلي قواعد الشرع وأصول الحكم، ومناهج أئمة الدين في ذلك، لأن التكفير له ضوابطه وأصوله، حتى مع مرتكبي البدع والأهواء، لأن ترتيب الأحكام عليهم بالكفر، أو بالبراء والبغض والهجر، والتحذير من المخالف مطلقاً، دون التثبت ودون إقامة الحجة لا يجوز، أعني بذلك: أنه لا ينبغي لكل من رأي أي بدعة في شخص أن يصفه بالمفارقة، ولا كل من رأي أمرًا مخالفًا للشرع والدين والسنة أن يصفه بالمفارقة، لأن من الناس من يجهل الأحكام، والجاهل معذور حتي يعلم، ومن الناس من يكون مكرهًا في بيئة، أو في مكان ما، كما يحدث في بعض البلاد الإسلامية التي يكره فيها المسلمون ـ مثلاً ـ علي حق اللحي، أوعلي ترك الجماعة، أو علي التلفظ بالكفر، أو علي ممارسة بعض الأعمال التي لا تجوز شرعًا، ويكرهون علي ذلك، ولو لم يفعلوا لقتلوا، أو عذبوا، أو انتهكت أعراضهم، أو نحو ذلك.

إذاً: فإن عارض الإكراه لا بد أن يرد في ذهن الحاكم علي الناس بأي حكم من الأحكام، وقد يكون فاعل البدع، أو معتقد الضلالة متأولاً، ولم تقم عليه الحجة، فلا بد من إقامة الحجة علي الناس، فقد يري أحد منا إنساناً يرتكب بدعة من البدع التي عادة إنما يرتكبها أهل الافتراق ـ كبدعة المولد مثلاً ـ فإذا فعلها إنسان عامي جاهل فلا يعني أن يوصف بالابتداع، حتي يبين له الأمر، وتقام علي الحجة، ولا أن يوصف بالافتراق، أو أنه خارج عن الجماعة، أو أنه من الفرق الهالكة بمجرد رؤية بدعة أظهرها حتي تقام عليه الحجة اللهم إلا البدع المكفرة، وليس المقام هنا يتسع للكلام عنها.

بل اتهام الناس بالمفارقة للدين فيما هو دون الأصول من البدع والمخالفات والمحدثات لا يجوز، بل هو من التعجل المذموم، وينبغي علي من رأي شيئًا من ذلك: أن يتثبت، وأن يسأل أهل العمل، ويفترض أن المسلم الذي وقع في ذلك جاهل، أو متأول، أو مقلد يحتاج إلي نصح، وبيان، وإرشاد، وأن يعامل ابتداءً بإشفاق ورفق؛ لأن القصد هدايته لا تجريحه.

الخطأ الرابع: الجهل بما يسع فيه الخلاف وبما لا يسع: أي عدم التفريق عند كثير من المنتسبين للإسلام، بل المنتسبين للدعوة، بين ما هو من أمور الخلاف، وما هو من الأمور التي لا يصح فيها خلاف، وأضرب لذلك أمثلة:

◄ من الناس من يعد بعض المسائل الخلافية من القطعيات والأصول دون أن يرجع إلي أصول أهل العلم، وإلي أقوالهم، أو دون أن يهتدي بأهل الفقه في الدين، الذين يبصرون في هذه الأمور.

◄ ومن ذلك: عدم التفريق بين الأمور المكفرة وغير المكفرة.


◄ عدم التفريق بين البدعيات الكبرى وما دونها، والبدعيات المخرجة من الدين، أو المكفرة وما دونها، فإن بعض الناس إذا عرف بأصل من الأصول التي تكفر، كالقول مثلًا: بأن القرآن مخلوق، طبقه علي كل قائل بهذه المقولة دون الأخذ بأحكام التكفير، وهكذا في بقية المسائل، وعدم التفريق بين الأصل، وبين الحكم علي المعين أمر مخالف لأصول السلف، وأصول أهل السنة والجماعة.


إن أهل السنة والجماعة يفرقون بين الأحكام بالكفر، أو بالفسق، أو بالتبديع علي وجه العموم، وبين الحكم علي المعين، فقد نحكم علي عمل أو شئ ما بأنه كفر، ونحكم علي مقولة ما من المقولات بأنها كفر، وهذا لا يعني أن كل من اعتقد، أو فعل هذا الكفر يكفر، ولا من قال بهذا القول يكفر، هناك كثيرون لا يفرقون في هذه المسائل؛ فيكفرون باللوازم، ويكفرون دون الأخذ بضوابط التكفير، مع أن الكفر لا يجوز إطلاقه حتى يتم التثبت، وبيان الحجة وإقامتها، وبيان الدليل ومعرفة عدم وجود العوارض المانعة من إطلاق التكفير علي المعين، كالجهل وعدم وجود التأول، وهذه المسألة تحتاج إلي مقامات طويلة، إلي مقابلة للأشخاص، وإلي الجلوس إليهم، ونقاشهم ونصيحتهم، أما أن نرتب أحكام الكفر علي كل من ظهرت منه حالة كفر، أو مقولة كفر، أو اعتقاد كفر، فإن هذا لا يجوز إلا في الأمور الكبرى التي تعلم من الدين بالضرورة، كمن أنكر أن يشهد أن لا إله إلا الله، فهذا معلوم من الدين بالضرورة كفره، أو من أنكر أن يشهد أن محمدًا رسول الله، فهذا معلوم من الدين بالضرورة كفره، أو من سب الرسول، صلي الله عليه وسلم، فهذا معلوم من الدين بالضرورة كفره، لكن هناك من أصول الدين ما تخفي دقائقه وتفصيلاته، وألفاظ الاعتقاد به علي العامة، ومن في حكمهم، وكمسائل الصفات، ومسائل القدر، ومسائل الرؤية، والشفاعة، ومسائل الصحابة، وغير ذلك من الأمور التي لا يعلمها العامة، بل تخفى حتى على بعض من ينتسبون إلي العلم، تخفي عليهم تفاصيله، وربما يتلفظ بعضهم بلفظ كفر وهو لا يشعر، أو وهو لم يتعمد، أو هو لا يدري، أو لم يتمعن العبارة، فهل هذا يحكم بكفره؟ طبعاً لا.

إن من أشد الأخطاء التي يقع فيها كثيرون من الذين يتعرضون للحكم علي الناس، خاصة صغار طلاب العلم والأحداث منهم، الذين لم يتفقهوا في الدين علي أهل العلم، إنما أخذوا العلوم الشرعية عن الكتب والوسائل دون اهتداء، ودون اقتداء، ودون مراعاة للأصول، ولا معرفة بأصول الاستدلال وأصول الأحكام، هؤلاء يقع بعض منهم في هذه المسائل الخطيرة، وهي عدم التفريق بين الأصول، وبين تطبيق الأصول علي الجزئيات والحوادث والنوازل.

فأحكام الكفر والتكفير وأحواله، لا تعني تكفير كل شخص يقول بها، أو يعلمها، أو يعتقدها، وأحكام الولاء والبراء، مثل أحكام التكفير، لا تعني تطبيق هذا الولاء والبراء علي كل من يظهر منه موجبه، حتي يتم التأكد، أقصد بذلك البراء بخاصة، أما الولاء فهو الأصل لكل مسلم، ولا يجوز التوقف والتبين في الولاء إذ الولاء واجب لكل من يظهر منه الإسلام، حتي يظهر ويتأكد ما يخالفه.
........................... ........................... ........................... ......................................يتبع
من رسالة:'الافتراق،مفهومه،أسبابه،سبل الوقاية منه' للشيخ/ناصر عبد الكريم العقل






التوقيع :
قال الله تعالى {واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقاً نبياً * ورفعناه مكاناً علياً * أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجداً وبكياً} . صدق الله العظيم ،،،

http://www.hamidco.jeeran.com/images/80.gif

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:18 PM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية