بشر:
انفضّ سامرُ ليلى \\\ وكان حفلا كريما
سعد:
قد فضّه ابن ذريح /// ففض عقدا نظيما
أثار ليلى فهاجت \\\ كما تنفِّر ريما
تُرى أتُبغضُ قيسا
ابن ذريح:
لا تقلبوا الحب بغضا
ليلى العشيةَ غضبى /// ويُصبح الصبحُ ترضى
سعد : أنعم (مُنازِ) مساءَ
منازل: نعمتَ سعدُ مساءَ
هند: بشرُ مُسّيتَ بخير
بشر:
أنعمي هند مساءَ
نحن يحوينا طريقٌ \\\ فامضِ بلّغني الخباءَ
سعد: (ضاحكا): احذري يا هند منه!
هند:
أنا لا أخشى اعتداء
قد عرفتم وعرفنا /// كيف يصطاد الظباء
( تسمع ضحكاتهم من أقصى الطريق بنما يظهر قيس وزياد من جانب المسرح الآخر)
قيس:
سجا الليلُ حتى هاج لي الشعر والهوى \\\ وما البيد إلا الليلُ والشعرُ والحبُّ
ملأت سماءَ البيد عشقا وأرضها /// وحُمِّلتُ وحدي ذلك العشقَ يا ربُّ
ألمَّ على أبياتِ ليلى بيَ الهوى \\\ وما غيرَ أشواقي دليلٌ ولا ركبُ
وباتت خيامي خطوةً من خيامها /// فلم يشفني منها جوار ولا قربُ
إذا طاف قلبي حولها جُنَّ شوقُه \\\ كذلك يُطْفي الغُلةَ المنهلُ العذب
يحن إذا شطت ويصبو إذا دنت /// فيا ويح قلبي كم يحنُّ وكم يصبو
وأرسلني أهلي وقالوا امض فالتمس \\\ لنا قَبَسا من أهل ليلى وما شبوا
عفا الله عن ليلى لقد نؤتُ بالذي /// تحمَّلَ من ليلى ومن نارها القلب
منازل: (ولقد سمع همهمة الصوت ورأى شبحيهما في الظلام):
أرى شبحا مقبلا في الظلامِ \\\ وأسمع همهمةً في الدُّجى
هو ابن الملوحِ دل الهُزالُ /// عليه ونمّ اضطراب الخُطا
عدوّي المبين وما بيننا \\\ وما بين صاغِيتينْا جفا *
روى شعره البدو والحاضرون /// وشعري ليس له من روى
وهام بليلى وهامت به \\\ لقد كنت أولى بهذا الهوى
تشرّد مستعظما في البلاد /// وجُنّ فما ازداد إلا نُهى
وإني لأُبدي إليه الوداد \\\ وأخفي له في الضلوع القِلى
وأحسُدُه حسداً ما علمتُ /// أقيسُ الشقيُّ به أم أنا
( يتقدم منهما خطوات):
مَن الراكبُ الليلَ ؟ قيسٌ أخي؟
قيس: منازل؟ ما أعجبَ الملتقى!
منازل:
أقيساً أرى في ظلال البيوت \\\ وعهدي بقيس حليف الفلا !
قيس: منازل ، من أين؟
منازل:
من عندها /// من السَّمر الممتعِ المشتهى
قيس: (حنقا):
أمن عند ليلى تجرُّ الذيول \\\ حديثٌ لعمر أبي مفترى
منازل: بل الصدق ما قلتُ يا بن الملوّ /// حِ
قيس: اخسأ متى قلت صدقا متى؟
وما كنت تصنع؟
منازل: (ساخرا):
ما يصنعون /// لهوت لعمريَ فيمن لها
وسامرُ ليلى كثير الزحام \\\ فلست تعدُّ شبابَ الحمى
وليلى تُفيضُ على من تشاء /// رضاها وتحرمهُ من تَشا
زياد: (مغضبا):
منازل، قيسُ، سبيلكَ قيس! \\\ وكِلْ ليَ تأديبَ هذا الفتى
منازل: (وقد أخذ بتلابيبه):
تؤدبني زيادُ وأنت ظلُّ /// لمجنون وراويةٌ لهاذي
وتزعم أنني نِدٌ لقيس \\\ رضيتُ من المصائبِ غيرَ هذي
زياد:
من قال ذا؟ أنت لقيسٍ نِدُّ ! /// لم يبق فيكِ يا حياةُ جِدُّ
امض بنا ناحيةً يا وغد
(يجره إلى حيث تسمع أصواتهما من بعيد ثم تختفي فيقبل قيس على خباء ليلى وينادي)
قيس: ليلى!
(المهدي خارجا من الخباء):
المهدي:
من الهاتف الداعي؟ أقيسَ أرى ؟ /// ماذا وقوفك والفتيان قد ساروا
قيس: (خجلا): ما كنتُ يا عمُّ فيهم
المهدي: (دهشا): أين كنت إذن؟
قيس:
في الدار حتى خلَتْ من نارنا الدار
ما كان من حطبٍ جَزْلٍ بساحتها \\\ أودى الرياح به والضيفُ والجارُ
المهدي: (مناديا): ليلى، انتظر قيس، ليلى
ليلى: (من أقصى الخباء) : ما وراء أبي؟
المهدي: هذا ابن عمك ما في بيتهم نار
(تظهر ليلى على باب الخباء):
ليلى:
قيس ابن عمي عندنا /// يا مرحبا يا مرحبا
قيس:
مُتِّعت ليلى بالحيا \\\ ة وبَلَغتِ الأربا
ليلى: (تنادي جاريتها بينما يختفي أبوها في الخباء):
عفراء
عفراء: (ملبية نداء مولاتها): مولاتي
ليلى:
تعا /// لي نقضِ حقا وجبا
خذي وعاءً واملئيـ \\\ ـه لابن عمي حطبا
(تخرج عفراء وتتبعها ليلى)
قيس:
بالروح ليلى قضت لي حاجةً عرضت /// ما ضرها لو قضت للقلب حاجات
مضت لأبياتها ترتاد لي قبسا \\\ والنار يا روحَ قيسٍ ملءُ أبياتي
كم جئت ليلى بأسباب ملفقة /// ما كان أكثر أسبابي وعلاتي
(تدخل ليلى)
ليلى: قيس
قيس:
ليلى بجانبي \\\ كلُّ شي إذن حضر
ليلى:
جمعتنا فأحسنت /// ساعةٌ تَفْضُلُ العُمُر
قيس: أتجدِّين؟
ليلى:
ما فؤا \\\ دي حديدٌ ولا حجرْ
لك قلبٌ فسله يا /// قيس ينْبِئْكَ بالخبر
قد تحملت في الهوى \\\ فوق ما يحمل البشر
قيس:
لستُ ليلاي داريا /// كيف أشكو وأنفجِر ؟
أشرح الشوقَ كله \\\ أم من الشوق أختصر؟
ليلى:
نبِّّني قيس ما الذي /// لك في البيد ومن وطر ؟
لك فيها قصائدٌ \\\ جاوزَتْها إلى الحضر
كلُّ ظبي لقيته /// صغت في جيده الدرر
أتُرى قد سلوتنا \\\ وعشقت المها الأُخر ؟
قيس:
غرتِ ليلى من المها /// والمها منك لم تَغَر
حبَّب البيد أنها \\\ بك مصبوغةُ الصور
لستِ كالغِيدِ لا ولا /// قمر البيد كالقمر
ليلى: (وقد رأت النار تكاد تصل إلى كم قيس):
ويح عيني ما أرى
قيس؟
قيس: ليلى
ليلى: (مشفقة): خذ الحذر !
قيس: (غير آبه إلا لما كان من نجوى):
رُبَّ فجر سألته \\\ هل تنفستِ في السحر
ورياحٍ حسبتها /// جرَّرَت ذيلكِ العَطِر
وغزالٍ جفُونُه \\\ سرقت عينَكِ الحَوَر
ليلى:
اطرح النارَ يا فتى /// أنت غادٍ على خطر
لهبُ النار قيسُ في \\\ كمِّك الأيمنِ انتشر
قيس: (مستمرا بعد أن رمى النار من يده):
وذاب أرقُّ يا /// ليلَ من أهلكِ الغُيُر
أنِستْ بي ومرَّغت \\\ في يدي النابَ والظُفر
ليلى:
ويحَ قيسٍ تحرقت /// راحتاه وما شَعَر
قيس:
أنت أججتِ في الحشى \\\ لاعجَ الشوقِ فاستَعَر
ثم تخشينَ جمرةً /// تأكل الجلد والشَعَر
(يترنح قيس في موقفه وتظهر عليه بوادر الأغماء):
ليلى:
فداك أبي قيس، ماذا دهاك؟ \\\ تكلم ، أَبِنْ قيسُ ، ماذا تجد ؟
قيس:
أُحسُّ بعينيّ قد غامتا /// وساقيّ لا تحملان الجسدْ
(يخرّ صريعا إلى الأرض فتتلقاه على صدرها صارخة):
ليلى:
يا لأبي للجارِ، قيسٌ ضريعُ النارِ، مُلقى بصحنِ الدارِ
(يخرج أبوها من الخباء على صوت استغاثتها):
أبي ها أنت ذا جئت /// أغِثنا أبتِ أدركْ
لقد حُرِّق بالنار \\\ فما يصحو إذا حُرِّكْ
المهدي: يرانا الناس يا ليلى
ليلى: أبي، انْفِ الناسَ من فكرك
هنا لا تقعُ العينُ /// على غيري ولا غيرك
ولا يطْلُعُ إنسانٌ \\\ على سري ولا سرك
ولا أجدرُ من قيس /// بإشفاقك أو برك
أبي، صدريَ لا يقوى \\\ فأسنده إلى صدرك
المهدي: (وهو يتلقى عنها جسد قيس ويحاول إنعاشه):
رعاكِ الله يا ليلى /// وكافاك على صبرك
أخاف الناس في أمري \\\ وأخشى القلبَ في أمرك
وكم داريتُ يا ليلى /// وكم مهّدْتُ من عذرك
ولست الوالدَ القاسي \\\ ولا الطامعَ في مهرك
(يناجي قيسا في غيبوبته):
أبا المهديّ عوفيتَ /// ويا بورك في عمرك
أراني شِعرُك الويلَ \\\ وما أرْوي سوى شعرك
كما لَذّ على الكُره /// كلامُ الله للمشرك
(يتحرك قيس ويبدو عليه كأنما يفيق فيناديه)
المهدي: قيس
قيس: (يحاول الوقوف فتسنده ليلى):
عمّ ، لبيك عمّ
المهدي:
حسبُك فاذهبْ \\\ لا تطأ لي بعد العشيّةِ دارا
ليلى: أبتي ، لا تجُرْ على قيس
المهدي:
لِمْ لا /// إن قيسا على القرابة جارا
ليلى:
أبتي ، ما تراه كالفَنن الذا /// وي نُحولا وكالمغيب اصفرارا ؟
وتأمل رداءَه ويديْه \\\ تجد النار أو تر الآثارا
أبتي ، دعه يسترحْ
المهدي:
بل دعينا /// لا تزيدي يا ليلَ سُخطي انفجارا
قيس:
حسبُ يا ليلَ ، حسبُ لا لعميّ \\\ وكفى حلِفةً له واعتذارا
عمُّ ماذا جنيت ؟
ليلى: ماذا جنى قيس !
المهدي: نسيتِ الرواةَ والأخبارا
قيس: إنهم يأفِكون يا عمِّ
المهدي:
والغَيلُ أليلاً غَشِيتَه أم نهارا ؟
ما الذي كان ليلةَ الغَيْل حتى /// قلتَ فيها النّسيبَ والأشعارا ؟
قيس:
لم تكن وحدها ولا كنت وحدي \\\ إنما نحن فِتيةٌ وعذارى
جمعتنا خمائل الغيل بالليـ /// ـل كما يجتمعُ الحِمَى السُّمَّارا
ليسَ غيرَ السلام ثم افترقنا \\\ ذهبتْ يَمنةً وسِرتُ يسارا
المهدي:
امض يا قيس امض لا تكسُ ليلى /// كلّ حينٍ فضيحةً وشنارا
فكأني بقصة النار تُروى \\\ وكأني بذلك الشعر سارا
وكأني ارتديت في الحي ذلا /// وتجللتُ في القبائل عارا
امض قيس امض
قيس:
عمُّ رفقا بليلى \\\ وبقيسٍ ولا تكن جبارا
الحذَارَ من غضب اللـ /// ـه ومن سُخطه الحذار الحذارا
المهدي:
امض قيسُ امض جئت تطلب نارا \\\ ام تُرى جئْت تُشعلُ البيت نارا ؟
(يخرج قيس)
(ستار) يتبع.........