العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام العامة ]:::::+ > ۞ مكتبة الــوٍد الإسلامية ۞
 
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 09-03-2014, 03:36 AM   رقم المشاركة : 1
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور
۩ خطبتي الجمعة من المسجد الحرام بعنوان : خطورة الأثرة على الأمة‎

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

خُطَبّتي الجمعة من المسجد الحرام
ألقى فضيلة الشيخ الدكتور / سعود الشريم - حفظه الله -
خطبتي الجمعة من المسجد الحرام بمكة المكرمة بعنوان :
خطورة الأثرة على الأمة
والتي تحدَّث فيها عن الأثرة أو ما يُسمَّى بـ " الأنا " و" الأنانية " ،
مُحذِّرًا من التخلِّق بها، مُظهِرًا خطورتَها على الأمة،
وبيَّن أن هناك من يُمدح بقول :
" أنا "، مُدلِّلاً على ما ذكرَ من كتاب الله وسُنَّة رسولِه - صلى الله عليه وسلم .
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


الحمد لله الأول والآخر، والظاهر والباطن، خلق كل شيءٍ بعلمه فقدَّره تقديرًا،
له الحمدُ في الأولى والآخرة
{ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ }
[ الأنعام: 103 ]
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله، سيدُ الأولين والآخرين،
وقائدُ الغُرِّ المُحجَّلين، صلى الله وسلَّم وبارَك عليه،
وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين،
وعلى أصحابه والتابعين، ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أمابعد ....
فأُوصِيكم - أيها الناس - ونفسي بما وصَّى الله به الأولين والآخرين؛
حيث قال - جل وعلا -:
{ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ }
[ النساء: 131 ]
ألا فاتقوا الله - عباد الله -، وراقِبوه في الخَلوة والجَلوة، والغضب والرِّضا،
واعبُدوه واشكرُوا له، إليه تُرجَعون.
عباد الله :
أربعةُ أحرفٍ لا خامِسَ لها، متى وقع فأسُها لفظًا ومعنًى على أي فردٍ
ممن هو لبِنَةٌ من لبِنَات المُجتمع المُتماسِك؛ فإنه الاهتزازُ ما منه بُدٌّ،
ومن ثَمَّ حدوثُ الشَّرخ المُفضِي إلى تقوِيضِ ما حولَه من اللَّبِنَات،
ليتتابَعَ شرخُ البِناءِ برُمَّتِه، إن لم يتساقَط بعضُه أو جُلُّه.
وليس مُستحيلاً والحالُ هذه - أن يسقُط كلُّه.
نعم - عباد الله ، إنها أربعةُ أحرُفٍ في مبناها، لكنها دواوين وأسفارٌ في معناها..
إنها أربعةُ أحرُفٍ تُكوِّنُ كلمةً غصَّت بها حُلوقُ المُجتمعات،
وبُحَّت لأجلها أصواتُ الناصِحين والمُرشِدين،
وأجلَبَت بخيلِها ورجِلِها غُدُوًّا ورواحًا وسط أخلاقيات مُجتمعاتهم.
إنها الأحرُفُ الأربعةُ التي ينطِقُها كلُّنا - أو جُلُّنا - باللفظ المعروف،
وهي : " الأثَرَة ". نعم؛ إنها الأثَرَة، وإن شئتُم فقولوا: "الأنانية"
كما تُسمَّى باللفظ الدارِج في أوساطِنا، أو كما يُسمِّيها بعضُ المُثقَّفين بـ "الأنا"،
أو "حب الذَّات". وأيًّا كانت هذه الأسماء، فإن المُسمَّى واحدٌ،
ومهما تعدَّدت تفسيراتُها وتصوُّراتُها بين الناس، فإن الذمَّ أيضًا واحدٌ.
أجل - عباد الله -، إنها الأثَرَة التي هي: حبُّ النفس المُفضِي إلى تقديم رغَبَاتها
وشهواتها دون اعتِدادِ حقوق الآخرين العامَّة والخاصَّة.
إنه حبُّ الذَّات الذي يُعمِي ويُصِمُّ ليجعلَ المُصابَ به لا ينظرُ إلا من زاويةٍ واحدةٍ
ضيِّقةٍ داكِنة، لا يرى فيها إلا نفسَه ومصلحتَه،
ضارِبًا بهما ما للمسلمين من مصالِح عُرضَ الحائِط.
فليس لمصلحة الأُسرة أو المُجتمع مقامٌ في قاموسِ أخلاقِه،
يرى في الحياة كلِّها معنى نفسِه لا معنى الناس،
قد حرَّمه الله حلاوةَ الإيمان التي لا تتحقَّق بمثلِ هذه الصفةِ المَقيتة.
كيف لا وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:
( لا يُؤمنُ أحدُكم حتى يُحبَّ لأخيه ما يُحبُّ لنفسِه )
رواه البخاري ومسلم.
إن كلِمة "أنا" تبدأُ بزَهوِ النفس ينتفِخُ شيئًا فشيئًا، حتى يُصبِحَ ورَمًا عقليًّا وخُلُقيًّا،
لا يُحسِنُ صاحبُه بسببه نُطقًا إلا بكلِمة "أنا".
ولا يُباشِرُ بسببه تعامُلاً إلا بعد أن يقول: "وماذا لي أنا؟"،
ليتشبَّه برَكبِ أصحاب "الأنا" من أمثال فِرعون الذي قال عن نفسِه:
{ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى }
[ النازعات: 24 ]
والنمرود الذي قال:
{ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ }
[ البقرة: 258 ].
بعد أن سبقَ أصحاب "الأنا" إمامُهم الذي أجلَبَ على أخلاقِهم بخيلِه
ورجِلِه إبليسُ - عليه لعائنُ الله -؛ حيث قال لخالِقِه ومولاه:
{ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ }
[ الأعراف: 12 ].
عباد الله :
إن قيمةَ المُجتمع في أخلاقِه، فإن لم يحتسِب كلُّ فردٍ منه أنه جُزءٌ من هذا المُجتمع
فإنه سيرَى أنه هو المُجتمعُ وحدَه، وهذه هي الأَثَرَةُ المُوجِعة.
إنه لن ينجحَ مُجتمعٌ كلُّ واحدٍ فيه لا يعرِفُ إلا كلمة "أنا".
فالمُجتمعُ أُسرةٌ يشتركُ جميعُ أفرادها في رِعايةِ كلِّ ما يُصلِحُها،
واتِّقاء كلِّ ما يُفسِدُها، بالنظر إلى الصالِح العام فيُجلَب، وإلى الفساد العام فيُتَّقى،
ضارِبين بكلمة "أنا" عُرضَ الحائِط؛
لأنه لن يَحيَا مُجتمعٌ كلُّ فردٍ من أفرادِه لا يرَى فيه إلا نفسَه.
بل لا تقومُ قائمةُ المُجتمعات دون أن يتحقَّق فيها الشعورُ بالآخرين،
واستِحضارُ حقوقهم التي أوجبَها الله على كل فردٍ ليُحسِنَ رِعايَتها
بما يُرضِي الله - جل وعلا - لا بما يُرضِي نفسَه دونَهم.
قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:
( مثلُ القائمِ على حُدود الله كمثَل قومٍ استَهَموا على سفينةٍ،
فأصابَ بعضُهم أعلاها، وبعضُهم أسفلَها.
فكان الذين في أسفَلِها إذا استقَوا من الماء مرُّوا على من فوقَهم فقالوا:
لو أنَّا خرقْنا في نصيبِنا خرقًا ولم نُؤذِ من فوقَنا،
فإن يترُكوهم وما أرادُوا؛ هلَكُوا جميعًا،
وإن أخَذُوا على أيديهم نجَوا ونجَوا جميعًا )
رواه البخاري.
نعم - عباد الله -، لو غلبَ على من في أعلى السفينة الأَثَرَة وقالوا: ما لَنا وما لَهم؟!
لهلَكَ الجميع؛ إذ لا مقامَ لحبِّ النفس فيما تقتضِي الحالُ أن يكون مصلحةً عامَّةً
للمُجتمع الواحِد.
إن شريعتَنا الغرَّاء حضَّت أشدَّ التحضيض على رفع النفس وزمِّها عما يشينُها،
ومن ذلكم: قطعُ كل ما من شأنِه إذكاءُ معنى الكِبر، والغرور،
والإعجاب بالنفس الذي يُفضِي إلى مُراعاة مصلحَتها على حسابِ
أي مصلحةٍ عامَّةٍ أو خاصَّةٍ.
فعن جابر بن عبد الله - رضي الله تعالى عنه - قال:
( أتيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - في دَينٍ كان على أبي،
فدققتُ البابَ. فقال: مَن ذا ؟
فقلتُ: أنا،
فقال: أنا، أنا ! كأنه كرِهَها )
رواه البخاري ومسلم






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:45 PM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية