الشقيق الأخطر لمثلث برمودا
يبدو أن مثلثا جديدا. اشد هولا ورعبا وعنفا من مثلث برمودا, ومناظرا له في الموقع والأبعاد الثلاثية, ومطابقا له في خط الطول. انتزع لقب (مقبرة السفن) من المثلث المشئوم في برمودا. وذاع صيته عندنا هذه الأيام على نطاق واسع, عبر جميع وسائل الإعلام. فهو يشبه برمودا تماما. وكلاهما يقع على خط الطول (35) درجة. لكن برمودا يقع في غرب الأرض. قرب جزر المحيط الأطلسي. . والمثلث الآخر يقع في شرق الأرض. قرب جزر المحيط الهادي. .
فما اسم هذا المثلث ؟؟. . وأين يقع بالضبط ؟؟. . ولماذا لم نسمع به من قبل ؟؟. . وما هي حكايته ؟؟. .
اسم هذا المثلث: مثلث التنين Dragon's Triangle . وكنيته (مثلث الشيطان), لوقوعه في بحر الشيطان Devil's Sea. الذي يطلق عليه اليابانيون تسمية ( مانو يومي ). ويسمى هذا المثلث أيضا بمثلث فرموزا. ويعتبره العلماء من الألغاز الغامضة, التي لم تكتشف بعد, لأنه ظل مستعصيا على الفهم حتى هذه اللحظة. ومازال يشكل تحديا كبيرا لهم. بسبب غموضه وقسوته, وتمرده على البعثات الاستكشافية, التي لم تمتلك الجرأة على اقتحام قلعته الحصينة. وترددها من الاقتراب منه, وعجزها عن سبر أغواره السحيقة, الممتلئة بالسفن والطائرات والغواصات, التي ابتلعها المثلث الفرموزي مع طواقمها, في ثوان معدودات, وفي ظروف جدا مشوشة, ومن دون أن يترك لها أي اثر يذكر على سطح الماء. .
يقع مثلث التنين على مسافة (145) كيلومترا, من الساحل الجنوبي الغربي للصين. وتحدد أبعاده ثلاثة جزر. هي جزيرة جوام, وجزيرة ماريانا, وجزيرة يوكوهاما. .
تعاني السفن المارة بمثلث التنين, من صعوبة تحديد الاتجاه البوصلي الصحيح. بسبب قوة الجذب المغناطيسية الهائلة, التي تشوش على مسارات ومسالك السفن والطائرات. وتؤثر أيضا على جميع وسائل الاتصال اللاسلكي. وبسبب اضطراب الجاذبية الأرضية في هذه المنطقة, وفي منطقة برمودا. .
وللمثلث قدرة عجيبة على ابتلاع السفن, والطائرات في ظروف مبهمة. الأمر الذي دفع الحكومة اليابانية إلى إصدار تحذيرات ملاحية متلاحقة, تقضي بوجوب الابتعاد عن مقتربات هذا المثلث قدر المستطاع. .
وقد بذلت اليابان جهودا مضنية, من اجل التعرف على حيثيات الحوادث البحرية, وتشخيص الظروف التي رافقت اختفاء هذا العدد الكبير من السفن والبوارج والغواصات والطائرات. فجندت في العام 1954 حملة علمية مجهزة باحث المعدات, وسخرت لهذه الغاية أكفأ سفن الأبحاث, وأكثرها متانة. لكن مصير هذه الحملة كان التلاشي والضياع, واختفت سفينة الأبحاث مع طاقمها. في ظروف اقل ما يقال عنها أنها في منتهى الغموض. وتوقفت جميع النشاطات الاستكشافية منذ ذلك الحادث المروع. .
أما سبب التسمية المرتبطة بالتنين, فترجع إلى الأساطير القديمة, التي تقول أن تنينا عملاقا. يربض في مملكته الخرافية المغمورة في جوف البحر. وان ذلك التنين العملاق لا يسمح لأي سفينة باختراق حدود مملكته, وتعكير مزاجه. .
وكان الصينيون أول من سمّاه بمثلث التنين. استنادا إلى تلك الرواية الأسطورية القديمة, التي تؤكد لنا أن مثلث التنين أقدم بكثير من مثلث برمودا. وانه اشد خطورة وعنفا منه. وان عدد السفن والطائرات المختفية في مثلث التنين. تعادل أضعاف أضعاف تلك التي اختفت في برمودا. وانه على الرغم من كل هذا الغموض, والقدرة العجيبة على ابتلاع المركبات البحرية والجوية. ظل مجهولا ومغمورا ولم تتطرق اليه وسائل الإعلام. إلا في حالات نادرة جدا. ويعزى ذلك التجاهل إلى سرعة انتشار أخبار مثلث برمودا, التي كانت تنتقل بسرعة إلى المراكز الإعلامية الدولية المنتشرة في أمريكا, وهذه بدورها تتولى بث أخبار المثلث البرمودي إلى كافة أنحاء العالم. .
ثم أن وجود مثلث التنين قرب اليابان, التي يتحدث أهلها بلغة معقدة, وغريبة علينا, وغير مفهومة بالنسبة لبقية القارات. ساعد في تعميق حالة التعتيم. . وان كثافة الحركة الملاحية البحرية والجوية في منطقة برمودا, اكبر بكثير من مثيلتها في مثلث التنين. وبالتالي اشتهار برمودا, واختفاء أخبار التنين, الذي ظل قابعا في قصره, بسبب التزام السفن والطائرات بعدم التحرش به, أو إزعاجه. واضطرارها إلى الهروب منه. وسلوك مسارات بعيدة تماما عنه. .
لكن مثلث التنين مازال يواصل تهديده للحركة الملاحية. متحديا كل السفن والطائرات التي تقتحم مياهه. . يضاف إلى هذه الأسباب وقوع مثلث التنين برمته في منطقة نائية, وخارج اهتمامات القارات الأخرى. مما جعل الحديث عن هذا المثلث, مقتصرا على السلطات البحرية في جنوب شرق آسيا. وتكاد تكون اهتمامات اليابان منحصرة بالتخويف وإطلاق التحذيرات الملاحية. ولم تكلف نفسها عناء البحث العلمي, الذي نأمل أن يكشف لنا سر اللغز المحير للاختفاءات المتكررة لهذه الأعداد الهائلة للسفن والطائرات. أما النظريات الافتراضية التي طرحت للنقاش حول الغموض, فمازالت تفتقر إلى الدليل المادي الملموس. .
وهناك الكثير من الحكايات التي تحيط مثلث التنين بهالة من الدهشة والغموض. ولا يعلم بحقيقتها إلا الله وحده. ومازلنا بانتظار من يتصدى لها ويكشف لنا عن أسرارها. . .
العرض العادي
