رمضان شهر القيام
* الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد ..
- ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً ﴾ المزمل:1-4. هكذا قال سبحانه وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم ولقد امتثل الحبيب عليه الصلاة والسلام أمر ربه وأطال في القيام ، وبكى وأطال في البكاء ، وخشع وأطال في الخشوع ، ويقول عز وجل لرسوله ومصطفاه: ﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً ﴾ الاسراء:79. مثل قيامك في ليالي الدنيا يكون قيامك المحمود يوم القيامة. رمضان شهر الصيام والقيام ، وأحلى الليالي وأغلى الساعات يوم يقوم الصوام في جنح الظلام.
- ليل الصائمين قصير لأنه لذيذ ، وليل العابثين طويل لأنه سقيم.
- وصف الله الصالحين من عباده فقال: ﴿ كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ﴾ الذريات:17. فليلهم من أحسن الليل ، ووصفهم في السحر فقال: ﴿ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ الذريات:18. وقال: ﴿ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ ﴾ آل عمران: من الآية17. فأسحارهم من أجمل الأسحار:
- كان المهاجرون والأنصار إذا أظلم عليهم الليل سمع لهم نشيج بالبكاء ، وإذا أسفر الصباح فإذا هم الأسود إقداما وشجاعة:
- كانت بيوت المهاجرين والأنصار في ظلام الليل مدارس تلاوة وجامعات تربية ، ومعاهد إيمان ، فما لبيوت كثير من الناس اليوم أصبحت ثكنات للغناء والمجون وملاجئ للسفه واللهو ، اللهم عفوك يا كريم. فلما فقدنا قيام الليل قست قلوبنا ، وجفت دموعنا وضعف إيماننا.
- صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: ( من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) رواه البخاري ومسلم. مما يعين على قيام الليل تذكر ذاك القيام المهول: ( يوم يقوم الناس لرب العالمين ) المطففين:6. يوم: ( بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ * وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ ) العاديات:9.
- ومما يعين على قيام الليل تذكر ظلمة القبر ووحشة القبر وهم القبر ، فقيام الليل نور الظلمة القبور ، ومما يعين على قيام الليل تذكر الأجر والمثوبة والعفو عن الخطيئة والذنب.
- تفنن السلف في قيام الليل، فمنهم من أمضى الليل راكعا، ومنهم من قطعه ساجدا، ومنهم من أذهبه قائما ، منهم التالي الباكي ، ومنهم الذاكر المتأمل ، ومنهم الشاكر المعتبر.
- لماذا أقفرت بيوتنا من قيام الليل، لماذا خوت من التلاوة. لماذا شكت منازلنا من قلة المتهجدين:
- إذا أظلم الليل نامت قلوب الغافلين ، وماتت أرواح اللاعبين ، حينها تحي القلوب المؤمنة ، وتسهر العين الخائفة.
- كيف ينام من يتذكر رقدة القبور ، والحشر يوم النشور ، وقاصمة الظهور، ما كنا نظن أن جيلا من المسلمين يسهر على البلوت والشطرنج والغناء، وقلة الحياة ، فرحماك يا رب:
* صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لابن عمر: ( يا عبد الله لا تكن كفلان كان يقوم الليل ثم ترك قيام الليل ) متفق عليه.
وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.