لحظة الرجوع إلى الذات
أين تكمن الاعاقة بمعناها الحقيقي، هل في الشخص المعاق نفسه، أم في البيئة المحيطة به؟
كثيرون هم الذين واجهوا عجزهم وعوضوه بما تبقى لديهم من مكامن قوة.
كثيرون هم الذين خاضوا معركة التحدي بل وكسبوها.. لكن أين نحن من كل هذا ؟
هل استطعنا أن نساعد هؤلاء وأولئك وندعمهم نفسيا واجتماعيا؟
هنا تكمن المشكلة الحقيقية..
فكلنا نتعرف بسهولة على الاعاقات الواضحة المعالم، لكن هل بإمكاننا الرجوع إلى ذواتنا للبحث عن المعالم الكامنة و الخفية لخيوط هذا العنكبوت الذي ما زال ينسج العش تلو العش بحثا عن ضحايا جدد؟
هل استطعنا يوما ما وضع ذواتنا، عقلياتنا ومواقفنا موضع تساؤل؟
هل حاولنا يوما أن نفكر بأن ذلك "الأحمق المعتوه" وتلك "الصماء البلهاء"وذلك "الاعمى المشعوذ"ذلك "الأعرج المنحوس"وذلك... وذلك...
هل استطعنا ولو مرة التفكير بأن كل هؤلاء يندحرون من أصل إسمه الإنسان؟
هل استطعنا أن نركز على مكامن القوة المتبقية لديهم لتعويض ضعفهم وعجزهم؟
ماذا قدمنا لكل هؤلاء ؟ الشفقة ؟ الإهمال ؟ التهميش ؟ اللامبالاة ؟
ألم يكفينا معاناتهم النفسية وجرحهم النرجسي الذي كثف قيودهم داخل زنزانة سجانهم فيها هو عجزهم ؟ أم استهوانا دور الجلاد الذي لا تتوقف سياطه عن نبش ذلك الجرح وتعميقه؟
إذن من المعاق فينا؟ ومن تتجذر فيه معالم الإعاقة المركبة ؟ ألسنا نحن المعاقين ونجهل أننا معاقون؟
عندما يسجن الطفل المتخلف عقليا في البيت بل ويربط بالسلاسل والحبال ويحرم من حقه في إعادة التربية ، كل هذا خوفا من معرفة الناس لذلك أليست هذه إعاقة فينا؟
عندما يعجز إنسان عن الإسترسال في الكلام (التأتأة)فنرى كل رفاقه يضحكون ويستهزئون به أليست هي الأخرى إعاقة فينا؟
عندما...
عندما...
إن الشخص المعاق، المسكين، المثير للشفقة والحالة هاته، أكثر حظا منا ، لأنه بفضل التطور الطبي والتوجهات السياسية والإجتماعية الحديثة للحكومات والمنظمات غير الحكومية أصبح يدرك نوع إعاقته ويسعى إلى تعويضها وفق الإمكانيات النفسية والمادية المتوفرة.
إذن فلنسائل ذواتنا، هل بلغنا مرحلة النضج معها لنعي نوع إعاقتنا؟
هل نملك الجرأة لوضع عقليتنا، مواقفنا ، ونظرتنا السلبية تجاه المعاقين في قفص الإتهام، ونكون القاضي والمتهم في نفس الوقت؟
بالجواب على هذا السؤال سننجح في قطع أشواط كبيرة في حل مشكلة إدماج المعاقين؟؟؟
تحياتي لكم: الشوق
|