العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام العامة ]:::::+ > ۞ مكتبة الــوٍد الإسلامية ۞
 
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 06-04-2014, 03:07 AM   رقم المشاركة : 1
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور
۩ خطبتي الجمعة من المسجد النبوي بعنوان : حقيقة الدنيا‎

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

خُطَبّتي الجمعة من المسجد النبوى

ألقى فضيلة الشيخ الدكتور / حسين بن عبد العزيز آل الشيخ - حفظه الله
خطبتي الجمعة من المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة بعنوان :
حقيقة الدنيا
والتي تحدَّث فيها عن الدنيا وحقيقتها من خلال وقفاتٍ مع آياتٍ من سُورة الشعراء،
بيَّن فيها فناء الدنيا وذهابها، وأن العبد عليه أن يعمل لأُخراه قبل فوات الأوان.
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


الحمد لله الذي جعل هذه الدنيا دارَ الفناء، والآخرةَ دارَ البقاء،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في الآخرة والأولى،
وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه النبيُّ المُصطفى والرسولُ المُجتبَى،
اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آله وأصحابِه الأتقياء.
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70)
يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا }
[ الأحزاب: 70، 71 ].
أمابعد ....
أيها المسلمون:
إن الناسَ اليوم وهم يعيشون الحياةَ المُعاصِرة، وما فيها من مُستجدَّاتٍ ومُتغيِّرات،
وما حدثَ فيها من مُغرياتٍ ومُلهِياتٍ؛
لفِي أعظم الحاجة إلى وقفاتٍ عند قول الله - جل وعلا -:
{ أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ
مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ }
[ الشعراء: 205- 207 ].
إنها آياتٌ عظيماتٌ، لقد كان عُمر بن عبد العزيز
يقرأُ هذه الآيات عند دخولِه مكانَ الخلافة، ثم يتمثَّلُ قائلاً:
نـهـارُك يـا مـغــرورُ سـهــوٌ وغـفـلــةٌ
ولــيــلُــك نــــومٌ والــــرَّدَى لـــــك لازِمُ
تُـسـرُّ بـمـا يـفـنَـى وتـفـرحُ بـالـمُـنَــى
كـمـا سُـرَّ بـالـلَّـذَّاتِ فـي الـنـومِ حـالِـمُ
وتـسـعَـى إلـى مـا سـوفُ تـكـرَهُ غِـبَّـه
كـذلـك فـي الـدنـيـا تـعـيـشُ الـبـهـائِــمُ
أيها المسلمون:
إن الناسَ في حاجةٍ إلى وقفةٍ صادقةٍ عند هذه الآية،
ليعلموا أن الإنسانَ مهما تمتَّع بأعظم المُتَع من نعيم هذه الدنيا زخارِفها،
فإنه عند مجِيء أمر الله - جل وعلا - لا يُجدِي ذلك عن أهلِه شيئًا،
فلا يُغنِي عن الملِك مُلكُه، ولا عن الغنيِّ غِناه، ولا عن القويِّ قوَّتُه،
ولا عن المُمتَّع مُتعتُه.
ذهب ميمونُ بن مِهران إلى الحسن البصريِّ يلتمسُ منه موعِظةً،
فقال له: يا أبا سعيد ! إني آنستُ من قلبي غفلةً وغِلظةً، فاستَلِن لي –
أي: اطلُب من المواعِظ ما يُليِّنُ قلبي -.
أتُراه سردَ له من المواعِظ الكثير؟! الأمرُ لا؛
بل إنه قرأ عليه هذه الآيات العظيمات:
{ أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ
مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ }
ورسولُنا - صلى الله عليه وسلم - نامَ على حصيرٍ فأثَّر في جنبِه،
( فقيل له: يا رسولَ الله ! ألا نتَّخِذُ لك وِطاءً؟
فقال - عليه الصلاة والسلام - المقولةَ التي تُمثِّلُ حقيقةَ هذه الدنيا:
ما لي وللدنيا، إنما مثَلي وهذه الدنيا كراكِبٍ استظلَّ تحت دوحةٍ ثم ذهبَ وتركَها )
والحديث في "سنن الترمذي"، وقال: "حديثٌ حسنٌ صحيحٌ".
وصدقَ القائلُ حين يقول - مُذكِّرًا بحقيقة هذه الدنيا -، بالحقيقة الغائبة عن كثيرٍ منا:
أيـــن أمـــلاكٌ لــهــم فـــي كـــل أُفُــــقٍ مــلــكــوتُ
زالَـت الـتِّـيـجـانُ مـنـهـم وخـلَـت تـلـك الـتُّـخــوتُ
أصـبَـحـت أوطـانُـهـم مـن بـعـدِهـم وهـي خُـبـوتُ
لا سـمــيــعٌ يـفــقَــهُ الــقــولَ ولا حـــيٌّ يــصـــوتُ
إنــمــا الـدنــيــا خــيــالٌ بــاطــلٌ ســـوف يــفـــوتُ
لـيـس لـلإنـسـان فـيـهـا غـيــر تـقــوى الله قُــوتُ
معاشر المسلمين:
إن الناسَ اليوم وهم يعيشون في هذه الحياة المُعاصِرة التي تتلاطَمُ فيها أمواجُ الفتن،
وهم يُغلِّبُ كثيرٌ منهم أمورَ الدنيا على الآخرة لفِي أعظم الحاجة إلى وقفاتٍ صادقةٍ
مع نفوسِهم، أن يقِفُوا كثيرًا عند قول الحقِّ - جل وعلا - في هذه الآيات.
قال ابن رجب - رحمه الله - وهو يتكلَّم عن منظور سلَف هذه الأمة،
الذين عرَفوا هذه الدنيا وحقيقتَها، قال:
[ ما مضَى من العُمر وإن طالَت أوقاتُه فقد ذهبَت لذَّاتُه، وبقِيَت تبِعَاتُه وكأنه لم يكن،
إذا جاء الموتُ وميقاتُه ]
ثم ذكر هذه الآيات العظيمات.
وقد تلا بعضُ سلَف هذه الأمة قولَ الله - جل وعلا -:
{ أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ
مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ }
[ الشعراء: 205- 207 ]
فبكَى وقال:
[ إذا جاء الموتُ لم يُغنِ عن المرءِ ما كان فيه من اللذَّة والنَّعيم ]
بنَى الرَّشيدُ قصرًا واستدعَى إليه نُدماءَه، وكان منهم،
فقال أبو العاتية في ذلك:
عِــش مــا بــدَا لــك سـالِـمًــا فــي ظــلِّ شـاهِـقــةِ الـقُـصــورِ
يُـسـعَـى عـلـيـك بـمـا اشـتـهَـيـتَ لـدَى الـرَّواحِ فـي الـبُـكـورِ
فـإذا الـنـفـوسُ تـقـعـقـعَـت فـي ضـيـقِ حـشـرَجَـة الـصـدورِ
فــهــنــاك تــعــلــمُ مُــوقِــنًــا مــــا كــنـــتَ إلا فــــي غُـــــرورِ
يقول ابن القيم - رحمه الله - في كلامٍ متينٍ عليه نورٌ عند تفسيره لهذه الآيات:
[ وإن من أيام اللذَّات لو صفَت للعبدِ من أول عُمره إلى آخرِه
لكانت كسحابَةِ صيفٍ تنقشِعُ عن قليلٍ، وخيالِ طيفٍ ما استتمَّ الزيارةَ حتى آذنَ بالرَّحيل ]
اهـ كلامُه.
إذًا، معاشر المسلمين:
هذه الحقائِقُ التي نعلمُها ولا تُنكِرُها قلوبُنا؛ بل لا يُنكِرُها إلا مُكابِرٌ مغرورٌ،
هذه الحقائِقُ يجبُ أن تقودَنا إلى تعظيم أمرِ الله - جل وعلا -، وأن نتَّجِه إليه – سبحانه
بالتذلُّل الكامِل، والخضُوعِ التامِّ.
وأن نعلمَ أن ابنَ آدم لفِي هلَكةٍ ونُقصان،
وفي حسرةٍ وخُسران حينما يركَنُ إلى هذه الدنيا الفانِيَة،
ويُضيِّعُ عُمرَه في التمتُّع بمُتَعها المُحرَّمة، ولذَّاتها المُتنوِّعة، ناسِيًا آخرتَه،
مُعرِضًا عن طاعة ربِّه.
تأمَّلُوا هذه السُّورةَ العظيمةَ، يقول الله - جل وعلا -:
{ وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2)
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ }
[ العصر: 1- 3 ].
يقول الشافعيُّ - رحمه الله -:
[ لو أن الناسَ تدبَّرُوا هذه السُّورة لكفَتهم واعِظًا وزاجِرًا وسائِقًا إلى كل خيرٍ ]
فطُوبَى لمن استثمَرَ وقتَه بمعرفة ربِّه، والسعيِ إلى مرضاتِه، وتاجَرَ التجارةَ الرابِحةَ،
واستثمَرَ الثمرةَ الباقِيَةَ،
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10)
تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ
ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ }
[ الصف: 10، 11 ].






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:04 PM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية