في يوما من الأيام كانت أمسية ذلك اليوم من الأمسيات المقمرة الجميلة التي يتصدر فيها البدر السماء مرسلا أشعته الفضية على أرجاء المعمورة وقد بدت القريه مكشوفة أمام الأنظار تأخذ الألباب بمناظرها الخلابة وجوها الساحر وهوائها العليل وإن هي إلا لحظات وتطلعت حولي وإذا بدوية صغيرة عائمة على صفحة النهر قادمة باتجاهي لفت نظري هذه المخلوقة وأغراني الفضول وحب الاستطلاع أن اعلم شيئا عن أمرها مازالت تجري بحركتها الوئيدة حتى دنت من الضفة فإذا هي ضفدعة وعلى متنها عقرب قد تشبثت بها وما إن وصلت إلى اليابسة حتى نزلت عنها العقرب وانطلقت بكل سرعتها نحو قريتنا وكأن مهمة أوكلت إليها وجريت بدوري خلفها مقتفيا أثرها حتى دخلت حرم القرية ولم أشأ قتلها بل تركتها للقدر ولكني تبعتها وانظر ماذا تصنع واتجهت إلى الصبرة التي فرش عليها حسن ذلك الشاب الصالح وقد استسلم لسبات عميق ثم توغلت في الصبرة ولم اعد اعرف عنها شئ فما هي إلا برهة من الزمن حتى شاهدت اضطرابا في فراش حسن فقلت في نفسي:لابد أن العقرب قد لسعته ثم رأيتها تخرج من بين ثنايا الصبرة وهي أشد مضاء آيبة من حيث جاءت وما إن وصلت إلى الضفة حتى كانت مركبتها الضفدعة جاهزة لتنقلها إلى مكانها المعهود ثم عدت لأرى ماجرى لحسن فرفعت الغطاء عنه وإذا بي العجب العجاب إن حية عظيمة قد وقعت صريعة إلى جانبه وبوسائلي أبعدت الحية عنه فإذا هي لا تبدي حراكا فعلمت عندئذ أنها هالكة وما أهلكها إلا العقرب فقد كان خط الدماء المنسالة من رأسها يشير إلى مكان اللسعة وحسن لم يصب بسوء. 
العرض العادي
