اليَوم بِالذَّات وَفِي الوَقت الَّذِي رَفَقْتُ فِيْهِ زَوج شَقِيقَتِي الَى ادَارَة الأحوَال المَدَنِيَّة
حَيثُ رُزِق بِمَولُودَة جَدِيْدَة .. أسأل الله أن يَجَعَلهَا من بَنَات الصَّلاح وَالعَفَاف ..
وَأن تَكُون فَأل خَير عَلَيهِ وَعَلَى زِيجَته ..
وذَلِكَ من أجل تَسجِيلهَا رَسمِيَّاً فِي كشُوفَات الدَّولَة..وَمن ضِمْن بَنَات هَذَا البَلَد..
وَاستِخرَاج شَهَادَة مِيْلاد لَهَا لِثبُوت انتِمَاءُهَا لَهُ .. فُوجِئتُ أن هُنَاك دَوِي صَرِيْخ ..
وَعَوِيْل فِي المَكتَب المجَاوِر الَّذِي نَحنُ فِيْهِ .. وَمِن بَاب الفضُول تَحَرَّيْتُ عَن سَبَب
هَذَا الصَّرِيخ وَعَوِيلُه!!
فَكَان السَّبَب أنَّ هُنَاكَ أحَد الموَاطنِيْن رِزَق بطِفلَة وَيُرِيْد أن يُسَمِّيهَا ( جَحْشَة ) ..
ولأنَّ هُنَاكَ تَعْمِيْم صَرِيْح من قِبَل وِزَارَة الدَّاخلِيَّة وَبِقَرَار مَدعُوم من مَجلِس الوزَرَاء
( لايَحضُرنِي رَقمُه ولا تَارِيخه ) يَنُصُّ صَرَاحَة عَلَى عَدَم قبُول الأسْمَاء الغَيرُ لائِقَة
تَمَّ رَفض طَلَبه لِهَذَا الأسْم وَهُوَ ( جَحْشَة ) .. مُطَالبِيْن ايَّاه بِالعدُول عَن قَرَاره ..
وَالبَحْث عَن اسْم غَيرُه يَكُون لائِقاً!!
أب الطِّفلَة كَان يَقسُم بِالَّذِي رَفَع السَّمَاءُ بِلاعِمَد أنّه لَن يَكُون لَهَا اسْم غَير (جَحْشَة)
رَغم تَدَخُّل كِبَار السُّن مِمَن صَادَف وجُودهُم فِي تِلك الحظَة .. لِثَنْيِه عَن قَرَاره!!
ألاّ انّه لازَالَ مُصِرَّاً وَمُتَمَسِّكَاً بِأسم ( جَحْشَة ) ..
مُعَلِّلاً ذَلك بِأن (أمّه) اسمَهَا ( جَحشَة ) وَأنّه وَعَدْهَا بِأن يُسَمِّي طِفلَته عَلَيْهَا
وَيُرِيد أن يَرُدُّ جَزءَاً من فَضلهَا عَلَيه..بِتَسمِيَة إبنَته عَلَيهَا وَكَذلك تَخلِيْداً لِذِكرَاهَا..
اذَأ مَا تَوَفَّاهَا الله..لاسِيْمَا وَأنَّهَا كَبِيرَة فِي السُّن..وَتُعَانِي من مَرَضٍ عُضَال!!
وَلاشَك فِي أنَّنَا حَرِيصُون كُل الحُرْص .. بِتَكرِيْم وَالِدَينَا..بِتَسْمِيَة أبناءُنَا عَلَيْهُم..
لَيْسَ لِشَيء فَقَط من أجل أن يَحيُوا ذِكرَاهُم بعدَ المَمَات .. بَعدَ أن يُغَادِرُوا الدَّنْيَا
بِكُل مَافِيْهَا ..وَبَعدَ أن يُزَجّ بِهُم فِي قبُورٍ مُوحِشَة .. نَسْأل الله أن يُنِيْرُهَا لَهُم !!
وَالسُّؤال هُوَ !!
هَل فَكَّرنَا ِفِي هَذِهِ الطِّفلَة وَمَصِيرُهَا بَعدَ ( 6 ) سَنوَات حِيْنَمَا يُزَجّ بِهَا فِي المَدْرَسَة
فِي سَنَتْهَا الأولَى كَيْف سَيَنظُر لَهَا بَقِيَّة الأطفَال وَيَسخَرُون من أسمهَا وَيُعَايرُونِهَا فِيْه
ومَاهُوَ وَقْع ذَلك عَلَى نَفسهَا وَمَرْدُوده السَّلْبِي الغَيْر ايْجَابِي عَلَى حَيَاتُهَا وَمُسْتَقبَلْهَا
وَمَاسَيُسَبّبه لَهَا من حَال احْبَاط وَمَتَاعِب!!
هَل سَألْنَا أنفُسْنَا حِيْنَمَا تُرِيْد الأبله أو المُعَلِّمَة أسْمِيْهَا كَمَاشِئْت حِيْنَمَا تُرِيد أن تَسْألهَا
أن تَختَبِرْهَا فِي دَرْس ذَلك اليَوم كَيف سَتُنَادِيْهَا وَهَل هُنَاكَ أسم تُنَادِيهَا فِيْهِ غَيْر أن
تَقُول لَهَا وَبِصَوت مُدوِي يُسْمَع صَدَاهُ فِي كُل الزَّوَايَا وَالأرْكَان قِفِي يا ( جَحْشَة )!!
أجِيْبِي يَا ( جَحْشَة ) اذهَبِي يَا ( جَحْشَة ) تَعَالِي يَا ( جَحْشَة )!!
تُرَى مَاذَنْب هَذِهِ الوَرْدَة الصَّغِيْرَة المُختَلِفَة عَن كُل الورُود هَذِهِ الشَّمعَة المُتَّقِدَة نُوْرَاً ..
هَذِهِ الزَّهْرَة العَطِرَة المُتَوَشِّحَة جَمَالاً حِيْنَمَا نَقسُوا عَلَيْهَا حِيْنَمَا نَجعَلهَا كَارِهَة ًللحَيَاة
وَهِي اللَّتِي لَم تَرَاهَا بَعَد!!
لا استَبعِد أن تُصَابُ بِعُقدَة نَفسِيَّة كَبِيْرَة تَسْتَمِرُّ مَعهَا لِسَنَوَات طِوَال بِسَبَب هَذَا الاسْم
وإن تَقضِي جُلَّ وَقتهَا فِي حُجرَتْهَا مُوصِدَة ًبَابهَا عَلَيْهَا لاتُرِيْد مِرآة إنْسَان اي انسَان
مَهمَا كَانَت صِلَة قَرَابته بِهَا .. أومُجَرَّد الحَدِيثُ مَعه اعتِرَاضاً عَلَى هَذَا الاسْم ..
وَلا أسْتَبعُد أيضاً أن تَظِلُّ كَارِهَة لِوَالدُهَا عَلَى تَسْمِيَته لَهَا بِهَذَا الأسْم!!
يَعنِي الانْسَان اذَا مَا أرَاد أن يُكَرِّم وَالِدَيه اذَا مَا َارَاد أن يَرُدّ لَهُم جُزء من جَمِيلهُم عَلَيه
لَيسَ بِهَذِهِ الطَّرِيْقَة ..
وأنَّمَا عَن طَرِيْق الأعتِنَاء وَالاهْتِمَام بِهُم .. عَن طَرِيْق قَطع جُزء من مُرَتَّبه الشَّهرِي
وَتَقدِيمه لَهُم عَن طَرِيق تَوفِير الرِّعَايَة الصّحِيَّة عَن طَرِيْق السَّفَر بِهُم فِي رِحلَة بَرِّيَّة
فِي ربُوع الوَطَن تُعِيد شَبَابهُم وَحَيَوِيَّتْهُم .. وَتُحَسِّسهُم بأنه مَهْمَا تَقَادَم الزَّمَن ..
سَتَظِلُّ مَكَانَتْهُم كَبِيرَة .. وِشَأنُهُم عَالِي .. وَحُبّهُم بَاق ٍ!!
أمَّا أن تَحمِلُ ( أمِّي ) اسْمَاً غَيْرُ لائِقاً .. وَيَحمِلُ الكَثِيْر من السُّخْرِيَة وَتَدْفَع فَاتُورَته
ابنَتِي الصَّغِيْرَة البَرِيئَة فَهَذَا مُحَال وَاقِفُ هُنَا!
/
/
انتــَــر
العرض الشجري
