العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام الثقافية والأدبية ]:::::+ > المنتدى الثقافي
إضافة رد
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-09-2012, 01:02 AM   رقم المشاركة : 41
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور


من علماء الفقه
الإمام أحمد بن حنبل

نسبه وقبيلته:
هو أبو عبد الله أحمد بن أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني. قال ابن الأثير: "ليس في العرب أعز دارًا، ولا أمنع جارًا، ولا أكثر خلقًا من شيبان". وكان في قبيلة شيبان الكثير من القادة والعلماء والأدباء والشعراء، فالإمام أحمد عربي أصيل ينتمي إلى هذه القبيلة، وهي قبيلةٌ ربعيةٌ عدنانيةٌ، تلتقي مع النبي صلى الله عليه وسلم في نزار بن معد بن عدنان. وكان الإمام أحمد (رحمه الله) رجلاً طوالاً رقيقًا، أسمر اللون، كثير التواضع. وقد وُلِد ببغداد سنةَ 164هـ/ 780م.

طفولته وتربيته:
نشأ أحمد بن حنبل يتيمًا، وكسائر أترابه تعلم القرآن في صغره، وتلاه تلاوة جيدة وحفظه عن ظهر قلب، وعندما تجاوز الخامسة عشرة من عمره بدأ يطلب العلم، وأول من طلب العلم عليه هو الإمام أبو يوسف القاضي، والإمام أبو يوسف - كما هو معلوم - من أئمة الرأي مع كونه محدِّثًا، ولكن مع مرور الوقت وجد الإمام أحمد أنه يرتاح لطلب الحديث أكثر، فتحوَّل إلى مجالس الحديث، وأعجبه هذا النهج واتفق مع صلاحه وورعه وتقواه، وأخذ يجول ويرحل في سبيل الحديث حتى ذهب إلى الشامات والسواحل والمغرب والجزائر ومكة والمدينة والحجاز واليمن والعراق وفارس وخراسان والجبال والأطراف والثغور، وهذا فقط في مرحلته الأولى من حياته. ولقد التقى الشافعي في أول رحلة من رحلاته الحجازية في الحرم، وأُعجِبَ به، وظلَّ الإمام أحمد أربعين سنة ما ييبت ليلة إلا ويدعو فيها للشافعي. وقد حيل بين أحمد ومالك بن أنس فلم يوفَّق للقائه، وكان يقول: "لقد حُرِمتُ لقاء مالك، فعوَّضني الله عز وجل عنه سفيان بن عيينة".

أهم ملامح شخصيته وأخلاقه:

ورعه وتقواه وتعففه:
كان رحمه الله عفيفًا، فقد كان يسترزق بأدنى عمل، وكان يرفض أن يأخذ من صديق ولا شيخ ولا حاكم قرضًا أو هبة أو إرثًا لأحدٍ يؤثره به.

قال أبو داود: "كانت مجالس أحمد مجالس آخرة، لا يُذكر فيها شيء من أمر الدنيا، وما رأيت أحمد بن حنبل ذكر الدنيا قَطُّ".

ثبات الإمام رغم المحنة:
كان الإمام أحمد على موعد مع المحنة التي تحملها في شجاعة، ورفض الخضوع والتنازل في القول بمسألة عمَّ البلاء بها، وحمل الخليفة المأمون الناس على قبولها قسرًا وقهرًا دون دليل أو بيِّنة.
وتفاصيل تلك المحنة أن المأمون أعلن في سنة (218هـ/ 833م) دعوته إلى القول بأن القرآن مخلوق كغيره من المخلوقات، وحمل الفقهاء على قبولها، ولو اقتضى ذلك تعريضهم للتعذيب، فامتثلوا خوفًا ورهبًا، وامتنع أحمد بن حنبل ومحمد بن نوح عن القول بما يطلبه الخليفة، فكُبّلا بالحديد، وبُعث بهما إلى بغداد إلى المأمون الذي كان في طرسوس، لينظر في أمرهما، غير أنه توفِّي وهما في طريقهما إليه، فأعيدا مكبّلين إلى بغداد.
وفي طريق العودة قضى محمد بن نوح نحبه في مدينة الرقة، بعد أن أوصى رفيقه بقوله: "أنت رجل يُقتدى به، وقد مدَّ الخلق أعناقهم إليك لما يكون منك؛ فاتقِ الله واثبت لأمر الله".
وكان الإمام أحمد عند حسن الظن، فلم تلن عزيمته، أو يضعف إيمانه أو تهتز ثقته، فمكث في المسجد عامين وثلث عام، وهو صامد كالرواسي، وحُمل إلى الخليفة المعتصم الذي واصل سيرة أخيه على حمل الناس على القول بخلق القرآن، واتُّخذت معه في حضرة الخليفة وسائل الترغيب والترهيب، ليظفر المجتمعون منه بكلمة واحدة، تؤيدهم فيما يزعمون، يقولون له: ما تقول في القرآن؟ فيجيب: هو كلام الله. فيقولون له: أمخلوق هو؟ فيجيب: هو كلام الله. ولا يزيد على ذلك.
ويبالغ الخليفة في استمالته وترغيبه ليجيبهم إلى مقالتهم، لكنه كان يزداد إصرارًا، فلما أيسوا منه علَّقوه من عقبيه، وراحوا يضربونه بالسياط، ولم تأخذهم شفقة وهم يتعاقبون على جلد جسد الإمام الواهن بسياطهم الغليظة حتى أغمي عليه، ثم أُطلق سراحه وعاد إلى بيته، ثم مُنع من الاجتماع بالناس في عهد الخليفة الواثق (227- 232هـ/ 841- 846م)، لا يخرج من بيته إلا للصلاة، حتى إذا ولي المتوكل الخلافة سنة (232هـ/ 846م)، فمنع القول بخلق القرآن، وردَّ للإمام أحمد اعتباره، فعاد إلى الدرس والتحديث في المسجد.

شيوخه:
هشيم، وسفيان بن عيينة، وإبراهيم بن سعد، وجرير بن عبد الحميد، ويحيى القطان، والوليد بن مسلم، وإسماعيل بن علية، وعلي بن هاشم بن البريد، ومعتمر بن سليمان، وعمر بن محمد ابن أخت الثوري، ويحيى بن سليم الطائفي، وغندر، وبشر بن المفضل، وزياد البكائي، وأبو بكر بن عياش، وأبو خالد الأحمر، وعباد بن عباد المهلبي، وعباد بن العوام، وعبد العزيز بن عبد الصمد العمي، وعمر بن عبيد الطنافسي، والمطلب بن زياد، ويحيى بن أبي زائدة، والقاضي أبو يوسف، ووكيع، وابن نمير، وعبد الرحمن بن مهدي، ويزيد بن هارون، وعبد الرزاق، والشافعي، وغيرهم.

تلاميذه:
البخاري، ومسلم، وأبو داود، وابناه صالح وعبد الله، وشيوخه عبد الرزاق، والحسن بن موسى الأشيب. ومن تلاميذه أيضًا أبو بكر المروزي الفقيه، وأبو زرعة الدمشقي، وأبو بكر الأثرم، وإبراهيم الحربي، ويحيى بن معين، وغيرهم كثير.

من مؤلفاته:
كتاب المسند، وهو أكبر دواوين السنة المطهرة، إذ يحوي أربعين ألفًا من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، انتقاها الإمام أحمد من بين سبعمائة وخمسين ألف حديث.
وله من الكتب أيضًا كتاب الأشربة، وكتاب الزهد، وكتاب فضائل الصحابة، وكتاب المسائل، وكتاب الصلاة وما يلزم فيها، وكتاب الناسخ والمنسوخ، وكتاب العلل، وكتاب السنن في الفقه.

منهجه العلمي:
اشتُهِرَ الإمام أحمد أنه محدِّث أكثر من أن يشتهر أنه فقيه، مع أنه كان إمامًا في كليهما. ومن شدة ورعه ما كان يأخذ من القياس إلا الواضح وعند الضرورة فقط، وكان لا يكتب إلا القرآن والحديث، من هنا عُرِفَ فقه الإمام أحمد بأنه الفقه بالمأثور؛ فكان لا يفتي في مسألة إلا إن وجد لها من أفتى بها من قبل، صحابيًّا كان أو تابعيًّا أو إمامًا. وإذا وجد للصحابة قولين أو أكثر، اختار واحدًا من هذه الأقوال، وقد لا يترجَّح عنده قول صحابي على الآخر، فيكون للإمام أحمد في هذه المسألة قولان.
وهكذا فقد تميز فقهه أنه في العبادات لا يخرج عن الأثر قيد شعرة، فليس من المعقول عنده أن يعبد أحدٌ ربه بالقياس أو بالرأي؛ إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلوا كما رأيتموني أصلي "، وقال في الحج: "خذوا عني مناسككم".
وكان الإمام أحمد شديد الورع فيما يتعلق بالعبادات التي يعتبرها حق لله على عباده، وهذا الحق لا يجوز مطلقًا أن يتساهل أو يتهاون فيه. أما في المعاملات فيتميز فقهه بالسهولة والمرونة والصلاح لكل بيئة وعصر، فقد تمسَّك أحمد بنصوص الشرع التي غلب عليها التيسير لا التعسير. مثال ذلك: "الأصل في العقود عنده الإباحة ما لم يعارضها نص"، بينما عند بعض الأئمة الأصل في العقود الحظر ما لم يرد على إباحتها نص.
وكان شديد الورع في الفتاوى، وكان ينهى تلامذته أن يكتبوا عنه الأحاديث، فإذا رأى أحدًا يكتب عنه الفتاوى نهاه، وقال له: "لعلي أطلع فيما بعد على ما لم أطلع عليه من المعلوم فأغيِّر فتواي، فأين أجدك لأخبرك؟!".
ولما علم الله تعالى صدق نيته وقصده، قيَّض له تلامذة من بعده يكتبون فتاويه، وقد كتبوا عنه أكثر من ستين ألف مسألة. ولقد أخذ بمبدأ الاستصحاب، كما أخذ بالأحاديث المرسلة.

ما قيل عنه:
عن إبراهيم الحربي قال: "رأيت أحمد بن حنبل كأن الله قد جمع له علم الأولين والآخرين من كل صنف، يقول ما شاء ويمسك ما شاء". وعن أحمد بن سنان قال: "ما رأيت يزيد بن هارون لأحد أشد تعظيمًا منه لأحمد بن حنبل، ولا رأيته أكرم أحدًا كرامته لأحمد بن حنبل، وكان يقعد إلى جنبه إذا حدثنا، وكان يوقره ولا يمازحه، ومرض أحمد فركب إليه فعاده".
وقال عبد الرزاق: "ما رأيت أفقه ولا أورع من أحمد بن حنبل". وقال وكيع، وحفص بن غياث: "ما قدم الكوفة مثل أحمد بن حنبل". وكان ابن مهدي يقول: "ما نظرت إليه إلا ذكرت به سفيان الثوري، ولقد كاد هذا الغلام أن يكون إمامًا في بطن أمه".

وفاته:
عن بنان بن أحمد القصباني أنه حضر جنازة أحمد بن حنبل فيمن حضر، قال: "فكانت الصفوف من الميدان إلى قنطرة باب القطيعة، وحُزِر (حَزَر الشيء: قدَّره بالتخمين) من حضرها من الرجال فكانوا ثمانمائة ألف، ومن النساء ستين ألفًا. رحم الله الإمام أحمد بن حنبل رحمةً واسعةً، وأسكنَه فسيح جناته.

المراجع:
- أحمد بن حنبل إمام أهل السنة، عبد الغني الدقر، ط دار القلم.
- تاريخ التشريع الإسلامي، الخضري.
- البداية والنهاية، الحافظ ابن كثير.
- الوافي بالوفيات، الصفدي.
- وفيات الأعيان، ابن خَلِّكان.
- الإمام أحمد بن حنبل، محمد أبو زهرة.






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس
قديم 05-09-2012, 02:05 AM   رقم المشاركة : 42
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور


من علماء الفقه
الإمام الأوزاعي


نسبه وقبيلته:
هو أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو بن يُحْمَد الأَوْزَاعِيُّ. قال محمد بن سعد: "والأوزاع بطن من همدان". وقال البخاري في تاريخه: "الأوزاع: قرية بدمشق إذا خرجت من باب الفراديس". وقد وُلِد في بَعْلَبَكَّ سنةَ 88هـ/ 707م، ونشأ في البقاع، وسكن بيروت.

طفولته وتربيته:
قال ابن كثير: "نشأ - أي الأَوْزَاعِيَّ - بالبقاع يتيمًا في حجر أمه، وكانت تنتقل به من بلد إلى بلد، وتأدب بنفسه، فلم يكن في أبناء الملوك والخلفاء والوزراء والتجار وغيرهم أعقل منه، ولا أورع ولا أعلم، ولا أفصح ولا أوقر ولا أحلم، ولا أكثر صمتًا منه".

أهم ملامح شخصيته:

كثرة علمه وفقهه:
يُعَدُّ الإمِامُ الأَوْزَاعِيُّ أحد الفُقَهَاءِ الأعلام الذين أثَّرُوا في مَسِيرةِ الفِقْهِ الإِسْلاَمِيِّ، خَاصَّةً في بلادِ الشَّامِ والأَندلُسِ. قال الحافظ ابن كثير: "وقد بقي أهل دمشق وما حولها من البلاد على مذهبه نحوًا من مائتين وعشرين سنة".
ثم انتقل مذهبه إلى الأندلس وانتشر هناك فترة، ثم ضعف أمره في الشام أمام مذهب الإمام الشافعي، وضعف في الأندلس أيضًا أمام مذهب الإمام مالك الذي وجد أنصارًا وتلاميذ في الأندلس، بينما لم يجد مذهب الأَوْزَاعِيِّ الأنصار والتلاميذ.
وقد حجَّ مرةً فدخل مكة وسفيان الثوري آخذ بزمام جمله، ومالك بن أنس يسوق به، والثوري يقول: أفسحوا للشيخ. حتى أجلساه عند الكعبة، وجلسا بين يديه يأخذان عنه.

عبادته وورعه وزهده:
قال بشر بن المنذر: "كان الأَوْزَاعِيُّ كأنه أعمى من الخشوع". وقال ابن مسهر: "كان يُحيي الليل صلاة وقرآنًا". وقال الوليد بن مسلم: "ما رأيت أحدًا أشدَّ اجتهادًا من الأَوْزَاعِيِّ في العبادة".

لا يخشى في الله لومة لائمٍ:
لما سأله عبد الله بن علي - عم السفاح الذي أجلى بني أمية عن الشام، وأزال الله سبحانه دولتهم على يده - عن بني أمية قائلاً: يا أوزاعي، ما ترى فيما صنعنا من إزالة أيدي أولئك الظلمة عن العباد والبلاد؟ أجهادًا ورباطًا هو؟ فقال الأوزاعي: أيها الأمير، سمعت يحيى بن سعيد الانصاري يقول، سمعت محمد بن إبراهيم التيمي يقول، سمعت علقمة بن وقاص يقول، سمعت عمر بن الخطاب يقول، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه ".
فغضب عبد الله بن علي، ثم قال: يا أوزاعي، ما تقول في دماء بني أمية؟ فقال الأوزاعي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والتارك لدينه المفارق للجماعة ".
فاستشاط الأمير غيظًا، ثم قال: ما تقول في أموالهم؟ فقال الأوزاعي: إن كانت في أيديهم حرامًا فهي حرام عليك أيضًا، وإن كانت لهم حلالاً فلا تحل لك إلا بطريق شرعي. فأمره الأمير بالانصراف، ثم أمر له بعطيَّةٍ، فأخذها الأوزاعي ثم تصدق بها.

شيوخه:
روى عن عطاء بن أبي رباح، والقاسم بن مُخَيْمرة، ومحمد بن سيرين حكايةً، والزهري، ومحمد بن علي الباقر، وإسماعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر، وقتادة، وعمرو بن شعيب، وربيعة بن يزيد، وشداد، وأبي عمار، وعبدة بن أبي لبابة، وبلال بن سعد، ومحمد بن إبراهيم التيمي، ويحيى بن أبي كثير، وعبد الله بن عامر اليحصبي، ومكحول، وأبي كثير السحيمي، وخلق كثير.

تلامذته:
روى عنه مالك، وشعبة، والثوري، وابن المبارك، وابن أبي الزناد، وعبد الرزاق، ومحمد بن حرب، وخلق كثير. وروى عنه من شيوخه: الزهري، ويحيى بن أبي كثير، وقتادة، وغيرهم.

مؤلفاته:
1- كتاب السنن في الفقه.
2- كتاب المسائل في الفقه.
3- كتاب السير.
4- كتاب المسند.
ثناء العلماء عليه:

قال عنه أبو نعيم في الحلية: "الإمام المبجل، والمقدام المفضل، عبد الرحمن بن عمرو أبو عمرو الأَوْزَاعِيُّ، رضي الله تعالى عنه، كان واحد زمانه، وإمام عصره وأوانه، كان ممن لا يخاف في الله لومة لائم، مقوالاً بالحق لا يخاف سطوة العظائم". وقال عنه الحافظ ابن كثير: "الإمام الجليل، علامة الوقت... فقيه أهل الشام وإمامهم".
وقال عنه الإمام مالك: "كان الأَوْزَاعِيُّ إمامًا يُقتدى به". وقال سفيان بن عيينة وغيره: "كان الأَوْزَاعِيُّ إمام أهل زمانه". وقال محمد بن عجلان: "لم أر أحدًا أنصح للمسلمين من الأَوْزَاعِيِّ". وقال يحيى بن معين: "العلماء أربعة: الثوري، وأبو حنيفة، ومالك، والأَوْزَاعِيُّ".


من كلماته الخالدة:
- اصبر على السنة، وقف حيث يقف القوم، وقل ما قالوا، وكف عما كفوا، وليسعك ما وسعهم.
- العلم ما جاء عن أصحاب محمد، وما لم يجئ عنهم فليس بعلم.
- لا يجتمع حب علي وعثمان إلا في قلب مؤمن.
- إذا أراد الله بقوم شرًّا فتح عليهم باب الجدل، وسدَّ عنهم باب العلم والعمل.
- العافية عشرة أجزاء، تسعة منها صمت، وجزء منها الهرب من الناس.

وفاته:
توفي ببيروت يوم الأحد 28 من صفر سنة 157هـ/ 16 يناير 774م، وهو دون السبعين بسنة واحدة. رحمه الله، وأسكنه فسيح جناته.

المراجع:
- البداية والنهاية، ابن كثير.
- الفهرست، ابن النديم.
- حلية الأولياء، أبو نعيم.
- وفيات الأعيان، ابن خلّكان.
- العبر في خبر من غبر، الذهبي.






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس
قديم 05-09-2012, 02:08 AM   رقم المشاركة : 43
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور


من علماء الفقه
الإمام الحسن البصري


نسبه وقبيلته:
هو أبو سعيد الحسن بن يسار البصري، كان أبوه من أهل ميسان، وأمُّه (خيرة) مولاة أم سلمة زوج
النبي
صلى الله عليه وسلم. وقد وُلِد
بالمدينة المنورة سنةَ 21هـ/ 642م، وعاش في البصرة.

طفولته وتربيته:
نشأ الحسن البصري وتربَّى في بيت أم سلمة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ كانت أمُّه (خيرة) مولاة أم سلمة. وكان للبيئة الحسنة التي نشأ فيها الحسن البصري (رحمه الله) أكبر الأثر في تكوين شخصيته العظيمة وتكاملها، فقد نشأ (رحمه الله) بين الصحابة والتابعين، وتربى على أيديهم، ونهل من علمهم، وصَفَت نفسه برؤيتهم ومجالستهم والسماع منهم.

أهم ملامح شخصيته:

كثرة علمة وسعة اطِّلاعه وفقهه:
من أهم ما يميّز الحسن البصري (رحمه الله) كثرة علمة وسعة اطلاعه وفقهه؛ وقد ألّف ابن مُفَرِّج (315- 380هـ/ 927- 990م) كتابًا سمّاه (فقه الحسن البصري) ويقع في سبع مجلدات.
وفي العصر الحديث ألّف الأستاذ محمد روّاس قلعه جي (موسوعة فقه الحسن البصري)، وتقع في جزأين.

فصاحته وحسن بيانه:
قال أبو عمرو بن العلاء: ما رأيت أفصح من الحسن البصري، ومن الحَجَّاج بن يوسف الثقفي. فقيل له: فأيُّهما كان أفصح؟ قال: الحسن.

زهده وخوفه:
مع كون الحسن البصري جيد الملبس والمطعم، لكنه كان زاهدًا، كان يصوم أيام البيض، والاثنين والخميس، وأشهر الحرم. وحكى ابن شوذب عن مطر قال: "دخلنا على الحسن نعوده، فما كان في البيت شيء - لا فراش ولا بساط، ولا وسادة ولا حصير - إلا سريرًا مرمولاً هو عليه، حَشْوُهُ الرَّمْل". والسرير المرمول: الذي نسج وجهه بالسَّعَف، ولم يكن على السرير وطاء سوى الحصير، فيسمى مرمولاً.
وقال حمزة الأعمى: ذهبت بي أمي إلى الحسن، فقالت: يا أبا سعيد، ابني هذا قد أحببت أن يلزمك، فلعل الله أن ينفعه بك. قال: فكنتُ أختلف إليه، فقال لي يومًا: "يا بُنيَّ، أدِمَ الحزن على خير الآخرة؛ لعله أن يوصلك إليه، وابكِ في ساعات الليل والنهار في الخلوة؛ لعل مولاك أن يطَّلع عليك فيرحم عبرتك، فتكون من الفائزين".
قال إبراهيم اليشكري: "ما رأيت أحدًا أطول حزنًا من الحسن، ما رأيته إلا حسبته حديث عهدٍ بمصيبة"، أي كأنه قبل قليل جرت عليه مصيبة. وقال يزيد بن حوشب: "ما رأيت أحزن من الحسن وعمر بن عبد العزيز، كأن النار لم تخلق إلا لهما".

شيوخه:
سمع من عثمان (رضي الله عنه) وهو يخطب، وشهد يوم الدار، ورأى طلحة وعليًّا، وروى عن عمران بن حصين، والمغيرة بن شعبة، وعبد الرحمن بن سمرة، وأبي بكرة، والنعمان بن بشير، وجندب بن عبد الله، وسمرة بن جندب، وابن عباس، وابن عمر، وعمرو بن ثعلب، وعبد الله بن عمرو، ومعقل بن يسار، وأبي هريرة، والأسود بن سريع، وأنس بن مالك، وخلق كثير من الصحابة وكبار التابعين؛ كالأحنف بن قيس، وحطان الرقاشي، وقرأ عليه القرآن.
مؤلفاته:

له كتاب في فضائل مكة.

ثناء العلماء عليه:
قال عنه ابن خلّكان: "كان من سادات التابعين وكبرائهم، وجمع كل فن من علم وزهد وورع وعبادة". وقال محمد بن سعد: "كان الحسن رحمه الله جامعًا، عالمًا، رفيعًا، فقيهًا، ثقةً، حجةً، مأمونًا، عابدًا، ناسكًا، كثيرَ العلم، فصيحًا، جميلاً، وسيمًا". وقال الذهبي: "كان رجلاً تامَّ الشكل، مليحَ الصورة، بهيًّا، وكان من الشجعان الموصوفين".
وقال عنه الإمام الغزالي: "ولقد كان الحسن البصري رحمه الله أشبه الناس كلامًا بكلام الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وأقربهم هديًا من الصحابة (رضي الله عنهم)، اتفقت الكلمة في حقه على ذلك، وكان أكثر كلامه في خواطر القلوب، وفساد الأعمال، ووساس النفوس، والصفات الخفية الغامضة من شهوات النفس".

من كلمات الحسن البصري الخالدة:
قال الحسن رحمه الله: "إن المؤمن يصبح حزينًا ويمسي حزينًا ولا يسعه غير ذلك؛ لأنه بين مخافتين: بين ذنبٍ قد مضى لا يدري ما الله يصنع فيه، وبين أجلٍ قد بقي لا يدري ما يصيب فيه من المهالك".
وقال أيضًا: "ابن آدم، إنما أنت أيام كلما ذهب يومٌ ذهب بعضك، ويوشك إذا ذهب البعض أن يذهب الكل، وأنت تعلم فاعملْ".


وفاته:
بعد عمرٍ امتدَّ ما يقرب من تسعين سنة رحل الحسن البصري إلى الله تعالى، فقد تُوفِّي بالبصرة سنة 110هـ/ 728م، وغسَّله أيوب وحميد، وأخرج حين انصرف الناس وازدحموا عليه، حتى فاتت الناس صلاة العصر؛ لم تصلَّ في جامع البصرة. رحمه الله، وأسكنه فسيح جناته.

المراجع:
- الأعلام، الزركلي.
- وفيات الأعيان، ابن خلّكان.
- الوافي بالوفيات، الصفدي.
- إحياء علوم الدين، الغزالي.
- حلية الأولياء، أبو نعيم.






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس
قديم 05-09-2012, 02:11 AM   رقم المشاركة : 44
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور


من علماء الفقه
الإمام الليث بن سعد


نسبه وقبيلته:
هو أبو الحارث الليث بن سعد بن عبد الرحمن، إمام أهل مصر في الفقه والحديث، وكان ثقةً سريًّا سخيًّا. وقد وُلِد في قَلْقَشَنْدَة - وهي إحدى قرى محافظة القليوبية بمصر - سنةَ 94هـ/ 713م.

طفولته وتربيته:
نشأ الليث بن سعد طالبًا للعلم، حريصًا على أن يتلقاه من الشيوخ والعلماء؛ فطاف البلاد كثيرًا لأجل هذا الأمر.

أهم ملامح شخصيته

فقهه وعلمه:

لقد شهد الكثير من كبار العلماء والفقهاء للإمام الليث بن سعد (رحمه الله) بنبوغه وكثرة علمه وفقهه؛ فقال الشافعي (رحمه الله): "الليث بن سعد أفقه من مالك، إلا أن أصحابه لم يقوموا به". وقال الفضل بن زياد: "قال أحمد: ليث كثير العلم، صحيح الحديث".

كرمه وسخاؤه:
من أبرز الصفات التي تظهر لنا في هذه الشخصية العظيمة صفة الكرم والسخاء، فمع كثرة علمه وفقهه وورعه كان الليث بن سعد (رحمه الله) كريمًا معطاءً، حتى عُرف بهذه الصفة وصارت من سجاياه التي لا تنفك عنه بحال من الأحوال.
قال الصفدي: "وكان - أي الليث - من الكرماء الأجواد. ويقال: إن دخله كان كل سنة خمسة آلاف دينار، وكان يفرقها في الصلات وغيرها". وقال منصور بن عمار: "أتيت الليث فأعطاني ألف دينار، وقال: صن بهذه الحكمة التي آتاك الله تعالى". وجاءت امرأة إلى الليث فقالت: يا أبا الحارث، إن ابنًا لي عليلٌ، واشتهى عسلاً. فقال: "يا غلام، أعطها مِرْطًا من عسل". والمرط: عشرون ومائة رطل.

شيوخه:
أسند الليث عن خلق كثير من التابعين كعطاء، ونافع، وأبي الزبير، والزهري. وقيل: إنه أدرك نيِّفًا وخمسين تابعيًّا.

تلاميذه:
روى عنه خلق كثير، منهم ابن عجلان شيخه، وابن لهيعة، وهشيم، وابن وهب، وابن المبارك، وعطاف بن خالد، وأشهب، والقعنبي، وحجين بن المثنى، وسعيد بن أبي مريم، وآدم بن أبي إياس، وأحمد بن يونس، وشعيب بن الليث ولده، ويحيى بن بكير، وعبد الله بن عبد الحكم، ومنصور بن سلمة، ويونس بن محمد، وأبو النضر هاشم بن القاسم، ويحيى بن يحيى الليثي، وعمرو بن خالد، وعبد الله بن يوسف التنيسي.

بعض مؤلفاته:
كتاب التاريخ، وكتاب المسائل في الفقه.
ما قيل عنه:
قال أبو حاتم: "هو أحب إليَّ من مُفَضَّل بن فَضالة". وقال أبو داود: "حدثني محمد بن الحسين، سمعت أحمد يقول: الليث ثقة، ولكن في أخذه سهولة". وقال سعيد الآدم: "قال العلاء بن كثير: الليث بن سعد سيدنا وإمامنا وعالمنا".
وقال ابن سعد: "كان الليث قد استقل بالفتوى في زمانه". وقال ابن تغري بردي: "كان كبير الديار المصرية ورئيسها وأمير من بها في عصره، بحيث أن القاضي والنائب من تحت أمره ومشورته".

وفاته:
كانت وفاته (رحمه الله) يوم الجمعة 15 من شهر شعبان 175هـ/ 16 من ديسمبر 791م. قال خالد بن عبد السلام الصدفي: "شهدت جنازة الليث بن سعد مع والدي، فما رأيت جنازة قَطُّ أعظم منها، رأيت الناس كلهم عليهم الحزن، وهم يعزِّي بعضهم بعضًا، ويبكون؛ فقلت: يا أبتِ، كأنَّ كل واحد من الناس صاحب هذه الجنازة. فقال: يا بُنيَّ، لا ترى مثله أبدًا".

المراجع:
- صفة الصفوة، ابن الجوزي.
- سير أعلام النبلاء، الذهبي.
- وفيات الأعيان، ابن خَلِّكَان.
- الوافي بالوفيات، الصفدي.
- الأعلام، الزركلي.
- هدية العارفين، الباباني.






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس
قديم 05-09-2012, 02:14 AM   رقم المشاركة : 45
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور


من علماء الفقه
الإمام الشعبي


نسبه وقبيلته:
هو عامر بن شَراحيل بن عبد بن ذي كِبَار (وذو كبار: قَيْلٌ من أقيال اليمن) الإمام، علاَّمة العصر، أبو عمرو الهمداني ثم الشَّعْبِيُّ. ويقال: هو عامر بن عبد الله، وكانت أمُّه من سبي جلولاء.

مولده:
وُلِد بالكوفة سنةَ 16هـ/ 637م، وقيل: سنة عشرين للهجرة. وقيل: إحدى وثلاثين. وقال خليفة بن خياط: وُلد الشَّعْبِيُّ والحسن البصري في سنة إحدى وعشرين. وقال الأصمعي: في سنة سبع عشرة. وكان يسكن الكوفة، ولكنه تنقل بين الأقطار لطلب العلم.

أهم ملامح شخصيته:

سعة علمه وفقهه:
قال ابن شبرمة: سمعته - أي الشَّعْبِيَّ - يقول: "ما كتبت سوداء في بيضاء إلى يومي هذا، ولا حدثني رجل بحديث قَطُّ إلا حفظته، ولا أحببتُ أن يعيده عليَّ". وعن عاصم بن سليمان، قال: "ما رأيت أحدًا كان أعلم بحديث أهل الكوفة والبصرة والحجاز والآفاق من الشعبي".

شيوخه:
أدرك الشعبي أكابر الصحابة وأعلامهم رضي الله تعالى عنهم، ومنهم: علي بن أبي طالب، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، وابن عباس، وابن عمر، وأسامة بن زيد، وعمرو بن العاص، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وجرير بن عبد الله البجلي، وجابر بن سمرة، وعدي بن حاتم، وعروة بن مضرس، وجابر بن عبد الله، والنعمان بن بشير، والبراء بن عازب، وعقبة بن عمرو، وزيد بن أرقم، وأبو سعيد الخدري، وكعب بن عجرة، وأنس بن مالك، والمغيرة بن شعبة، وعمران بن حصين، وعبد الرحمن بن سمرة، وخلقٌ كثير.
ومن النساء: عائشة، وأم سلمة، وميمونة، أمهات المؤمنين، وأم هانئ، وأسماء بنت عميس، وفاطمة بنت قيس. قال الشَّعْبِيُّ: "أدركت خمسمائة من الصحابة أو أكثر".
ورَوَى عن مسروق، وعلقمة، والأسود، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، ويحيى بن طلحة، وعمر بن علي بن أبي طالب، وسالم بن عبد الله بن مسعود، وأبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، وأبي بردة بن أبي موسى.

تلامذته:
روى عنه الحكمُ، وحماد، وأبو إسحاق، وداود بن أبي هند، وابن عون، وإسماعيل بن أبي خالد، وعاصم الأحول، ومكحول الشامي، ومنصور بن عبدالرحمن الغداني، وعطاء بن السائب، ومغيرة بن مقسم، ومحمد بن سوقة، ومجالد، ويونس بن أبي إسحاق، وابن أبي ليلى، وأبو حنيفة، وعيسى بن أبي عيسى الحناط، وعبد الله بن عياش المَنْتُوف، وأبو بكر الهذلي، وأممٌ سواهم.

مؤلفاته:
صنَّف الكفاية في العبادة والطاعة. قاله صاحب (هدية العارفين).

ثناء العلماء عليه:
قال عنه ابن حجر: "ثقة، مشهور، فقيه فاضل". وقال مكحول: "ما رأيت أفقه منه". وقال الزهري: "العلماء أربعة: ابن المسيب بالمدينة، والشَّعْبِيُّ بالكوفة، والحسن البصري بالبصرة، ومكحول بالشام".
وقال عنه أبو نعيم في الحلية: "الفقيه القوي، سالك السمت المرضي، بالعلم الواضح المضي، والحال الزاكي الوضي... كان بالأوامر مكتفيًا، وعن الزواجر منتهيًا، تاركًا لتكلف الأثقال، معتنقًا لتحمل الواجب من الأفعال".

مواقف من حياته:
قال رجل للشعبي كلامًا أقذع فيه، فقال له: "إن كنت صادقًا غفر الله لي، وإن كنت كاذبًا غفر الله لك". وكلَّم الشَّعْبِيُّ عُمَرَ بن هبيرة الفزاري أمير العراقين في قوم حبسهم ليطلقهم فأَبَى، فقال له: "أيها الأمير، إن حبستهم بالباطل فالحق يخرجهم، وإن حبستهم بالحق فالعفو يسعهم"، فأطلقهم.
من كلماته الخالدة:


- ما ترك أحدٌ في الدنيا شيئًا لله إلا أعطاه الله في الآخرة ما هو خير له.
- ما اختلفت أُمَّة بعد نبيِّها إلا ظهر أهلُ باطلها على أهل حقِّها.
- لو أن رجلاً سافر من أقصى الشام إلى أقصى اليمن، فحفظ كلمة تنفعه فيما يستقبل من عمره، رأيت أن سفره لم يَضِعْ.
- من زوَّج كريمته من فاسق، فقد قطع رحمها.

وفاته:
عاش الشَّعْبِيُّ 87 سنة، وكانت وفاته فجأة بالكوفة، وذلك سنة 103هـ/ 721م. وقيل: سنة 104هـ. وقيل: سنة 106هـ.
ولمَّا علم الحسن البصري بوفاة الشَّعْبِيِّ قال: "إنا لله وإنا إليه راجعون، إن كان لقديم السن، كثير العلم، وإنه لمن الإسلام بمكان".
رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته.

المراجع:
- سير أعلام النبلاء، الذهبي.
- حلية الأولياء، أبو نعيم.
- الوافي بالوفيات، الصفدي.
- وفيات الأعيان، ابن خلّكان.






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس
قديم 05-09-2012, 02:17 AM   رقم المشاركة : 46
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور


من علماء الفقه
الإمام العز بن عبد السلام


نسبه وقبيلته:
هو عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن الحسن، شيخ الإسلام وبقية الأعلام، الشيخ عز الدين أبو محمد الدمشقيُّ الشافعيُّ. وُلِد بدمشق سنة 577هـ/ 1181م، ونشأ فيها.

طفولته وتربيته:
نشأ العزُّ بن عبد السلام في أسرة فقيرة، وكان هذا من الأسباب التي جعلته يطلب العلم بعد أن أصبح كبيرًا، وقد أتاح له ذلك - مع اجتهاده في طلب العلم وصبره عليه - أن يتفقه كثيرًا، وأن يعي ما يحصّله من علم أكثر من غيره.

أهم ملامح شخصيته:

فقهه وعلمه:

من أهم ملامح شخصية الشيخ (رحمه الله) علمه وفقهه، فقد تميّز الشيخ وبرع في هذه الناحية كثيرًا حتى لقبّه تلميذه الأول ابنُ دقيق العيد بسلطان العلماء. ومما يشهد بسعة علم الشيخ ما تركه للأمة من مؤلفات كثيرة عظيمة القيمة، عميقة الدقة في مادتها، والتي ما زال الكثير منها مخطوطًا ولم يطبع بعدُ.

هيبته وجرأته في الحق:
هذا الجانب أيضًا مما تميّز به الشيخ وبلغ فيه مبلغًا عظيمًا حتى اشتهر به، فلا يُذكر العز بن عبد السلام إلا وتُذكر الهيبة التي يهبها الله للعاملين المخلصين من عباده، لا يُذكر العز (رحمه الله) إلا وتُذكر معه الجرأة على كل مخالف لشرع الله، مهما علا مكانه، وارتفعت بين الناس مكانته.
ونظرة في أي مرحلة من حياة الشيخ نجد هذا الأمر ملازمًا له لا ينفك عنه بحالٍ من الأحوال، وله مواقف خالدة كثيرة في ذلك، منها:

حينما تولى (الصالح إسماعيل الأيوبي) أمر دمشق - وهو أخو الصالح أيوب الذي كان حاكمًا لمصر - فتحالف مع الصليبيين لحرب أخيه نجم الدين أيوب في مصر، وكان من شروط تحالفه مع الصليبيين أن يُعطي لهم مدينتي صيدا والشقيف، وأن يسمح لهم بشراء السلاح من دمشق، وأن يخرج معهم في جيش واحد لغزو مصر. وبالطبع ثار العالم الجليل العز بن عبد السلام، ووقف يخطب على المنابر ينكر ذلك بشدة على الصالح إسماعيل، ويعلن في صراحة ووضوح أن الصالح إسماعيل لا يملك المدن الإسلامية ملكًا شخصيًّا حتى يتنازل عنها للصليبيين، كما أنه لا يجوز بيع السلاح للصليبيين، وخاصةً أن المسلمين على يقين أن الصليبيين ما يشترون السلاح إلا لضرب إخوانهم المسلمين. وهكذا قال سلطان العلماء كلمة الحق عند السلطان الجائر الصالح إسماعيل، فما كان من الصالح إسماعيل إلا أن عزله عن منصبه في القضاء، ومنعه من الخطابة، ثم أمر باعتقاله وحبسه.

ومن مواقفه الشهيرة أيضًا والتي اصطدم فيها مع الصالح أيوب نفسه، أنه لما عاش في مصر اكتشف أن الولايات العامة والإمارة والمناصب الكبرى كلها للمماليك الذين اشتراهم نجم الدين أيوب قبل ذلك؛ ولذلك فهم في حكم الرقيق والعبيد، ولا يجوز لهم الولاية على الأحرار؛ فأصدر مباشرة فتواه بعدم جواز ولايتهم لأنهم من العبيد. واشتعلت مصر بغضب الأمراء الذين يتحكمون في كل المناصب الرفيعة، حتى كان نائب السلطان مباشرة من المماليك، وجاءوا إلى الشيخ العز بن عبد السلام، وحاولوا إقناعه بالتخلي عن هذه الفتوى، ثم حاولوا تهديده، ولكنه رفض كل هذا - مع أنه قد جاء مصر بعد اضطهادٍ شديد في دمشق - وأصرَّ على كلمة الحق.
فرُفع الأمر إلى الصالح أيوب، فاستغرب من كلام الشيخ ورفضه. فهنا وجد الشيخ العز بن عبد السلام أن كلامه لا يُسمع، فخلع نفسه من منصبه في القضاء، فهو لا يرضى أن يكون صورة مفتي، وهو يعلم أن الله عز وجل سائله. وركب الشيخ العز بن عبد السلام حماره ليرحل من مصر، وخرج خلف الشيخ العالم الآلافُ من علماء مصر ومن صالحيها وتجارها ورجالها، بل خرج النساء والصبيان خلف الشيخ تأييدًا له، وإنكارًا على مخالفيه. ووصلت الأخبار إلى الملك الصالح نجم الدين أيوب، فأسرع بنفسه خلف الشيخ العز بن عبد السلام واسترضاه، فقال له العزُّ: إن أردت أن يتولى هؤلاء الأمراء مناصبهم فلا بد أن يباعوا أولاً، ثم يعتقهم الذي يشتريهم، ولما كان ثمن هؤلاء الأمراء قد دفع قبل ذلك من بيت مال المسلمين، فلا بد أن يرد الثمن إلى بيت مال المسلمين. ووافق الملك الصالح أيوب، ومن يومها والشيخ العز بن عبد السلام يُعرف بـ(بائع الأمراء).

وقد وُصف الشيخ (رحمه الله) أيضًا بالزهد والورع الشديدين، كما وُصف بالبذل والسخاء والكرم والعطاء، والعطف على المحتاجين، مما يجعل من شخصيته (رحمه الله) نموذجًا رائعًا يُقتدى به في كل ميادين الحياة المختلفة.

شيوخه:
حضر أبا الحسين أحمد بن الموازيني، والخشوعي، وسمع عبد اللطيف بن إسماعيل الصوفي، والقاسم بن عساكر، وابن طبرزد، وحنبل المكبر، وابن الحرستاني، وغيرهم. وخرَّج له الدمياطي أربعين حديثًا عوالي. وتفقه على الإمام فخر الدين ابن عساكر.

تلاميذه:
روى عنه الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد، والدمياطي، وأبو الحسين اليونيني، وغيرهم.

مؤلفاته:
للعز بن عبد السلام (رحمه الله) مؤلفات كثيرة، منها ما هو مطبوع ومنها ما هو مخطوط، فله كتاب الإلمام في أدلة الأحكام، وترغيب أهل الإسلام في سكنى الشام، وله كتاب في التفسير، وكتاب شجرة المعارف، وله كتاب في العقيدة سمّاه عقائد الشيخ عز الدين، وشرحه الإمام ولي الدين محمد بن أحمد الديباجي، وله كتاب الفتاوى الموصلية، وله كتاب القواعد الكبرى في فروع الشافعية، قال عنه صاحب كشف الظنون: "وليس لأحدٍ مثله". وكتاب كشف الأسرار عن حكم الطيور والأزهار، وله كتاب الغاية في اختصار النهاية.

وقد شملت مؤلفات الشيخ التفسير وعلوم القرآن، والحديث والسيرة النبوية، وعلم التوحيد، والفقه وأصوله، والفتوى.

منهجه في البحث:
يدعو إلى إعمال العقل في استنباط الأحكام، وفي التعرف على المصالح. ويرى أن الأحكام إن لم يمكن استنباطها من الكتاب أو السنة أو الإجماع أو القياس، فيجب استنباطها بما يحقق مصلحة ويدرأ مفسدة، والعقل هو أداة هذا الاستنباط.

ثناء العلماء عليه:
قال عنه الذهبي: "بلغ رتبة الاجتهاد، وانتهت إليه رئاسة المذهب، مع الزهد والورع، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصلابة في الدين، وقصده الطلبة من الآفاق، وتخرّج به أئمة".
وقال عنه ابن دقيق العيد: "كان ابن عبد السلام أحد سلاطين العلماء". وقال عنه ابن الحاجب: "ابن عبد السلام أفقه من الغزالي". وقال عنه ابن السبكي: "شيخ الإسلام والمسلمين، وأحد الأئمة الأعلام، سلطان العلماء، إمام عصره بلا مدافعة، القائم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في زمانه، المطلع على حقائق الشريعة وغوامضها، العارف بمقاصدها".

وفاته:
تُوفِّي العز بن عبد السلام (رحمه الله) سنةَ 660هـ/ 1261م، عن ثلاثٍ وثمانين سنة.

المراجع:
- العز بن عبد السلام، د. محمد الزحيلي.
- كشف الظنون، حاجي خليفة.
- قصة التتار من البداية إلى عين جالوت، د. راغب السرجاني.
- أئمة الفقه التسعة، عبد الرحمن الشرقاوي.






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس
قديم 05-09-2012, 02:23 AM   رقم المشاركة : 47
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور


من علماء الفقه
ابن دقيق العيد


سيد يوسف
روى أبو داود عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : « إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها " (صحيح أبو داود 4291) . وقد دفعت قراءات الأستاذ عبد المتعال الصعيدى إلى القول بأن ابن دقيق العيد على رأس المجددين فى القران السابع الهجري ، فمن يا ترى يكون ابن دقيق العيد ؟ ما شأنه ؟

قبس من نشأته:
حين علم الشيخ مجد الدين القشيري أن زوجته قد وضعت غلاماً، رفع يده إلى السماء شاكراً حامداً نعمة الله عليه . ولما قدم مكة حمل رضيعه وطاف به البيت وهو يدعو الله سائلاً أن يجعله عالماً، وقد استجاب الله لدعائه، ووصل الفتى بجدّه وذكائه ومثابرته في الدرس وتحصيل العلوم إلى مرتبة قاضي قضاة المسلمين في العصر المملوكي.

اسمه ولقبه:
يسمى ابن دقيق العيد بمحمد بن عبد الله بن وهب، إلا أن اللقب الذي غلب عليه هو ابن دقيق العيد، وهو لقب جده الأعلى الذي كان ذا صيت بعيد، ومكانة مرموقة بين أهل الصعيد، وقد لقب كذلك لأن هذا الجد كان يضع على رأسه يوم العيد طيلساناً أبيضاً شديد البياض، فشبهه العامة من أبناء الصعيد لبياضه الشديد هذا بدقيق العيد .
نشأ ابن دقيق العيد في مدينة قوص تحت رعاية والده مجد الدين القشيري الذي تخرج على يديه الآلاف من أبناء الصعيد، وقد عاش شبابه تقياً نقياً ورعاً.

رحلة العلم:
يقول الأستاذ محمد عبده الحجاجي عن ابن دقيق العيد:
« حفظ القرآن الكريم حفظاً تاماً، وتفقه على مذهب الإمام مالك على يد أبيه، ثم رجع وتفقه على مذهب الإمام الشافعي على يد تلميذ أبيه البهاء القفطي، كما درس النحو وعلوم اللغة على يد الشيخ محمد أبي الفضل المرسي، وشمس الدين محمود الأصفهاني، ثم ارتحل إلى القاهرة التي كانت في ذلك الوقت مركز إشعاع فكري وثقافي يفوق كل وصف، تكتظ بالعلماء والفقهاء في كل علم وفن، فانتهز ابن دقيق العيد هذه النهضة العلمية الواسعة التي شهدتها القاهرة في ذلك الوقت، والتف حول العديد من العلماء، وأخذ على أيديهم في كل علم وفن في نهم بالغ » انتهى.

أساتذته وشيوخه:
لازم سلطان العلماء الشيخ عز الدين بن عبد السلام حتى وفاته، وأخذ على يديه الأصول وفقه الإمام الشافعي، وسمع الحافظ عبد العظيم المنذري، وعبد الرحمن البغدادي البقال، ثم سافر بعد ذلك إلى دمشق وسمع بها من الشيخ أحمد عبد الدايم وغيره، ثم اتجه إلى الحجاز ومنه إلى الإسكندرية فحضر مجالس الشيوخ فيهما، وتفقه. وقد جمع بين فقهي الإمامين مالك والشافعي.

آراء بعض العلماء فيه:
لقد وصفه كثير من المؤرخين وكتّاب التراجم والطبقات كالسبكي وابن فضل الله العمري والأدفوي وغيرهم: بأنه لم يزل حافظاً للسانه، مقبلاً على شأنه . وقف نفسه على العلوم وقصدها، فأوقاته كلها معمورة بالدرس والمطالعة أو التحصيل والإملاء.
1) قال عنه بن سيد الناس: « لم أرَ مثله فيمن رأيت، ولا حملت عن أجلّ منه فيما رأيتُ ورويتُ، وكان للعلوم جامعاً، وفي فنونها بارعاً، مقدماً في معرفة علل الحديث على أقرانه، منفرداً بهذا الفن النفيس في زمانه، بصيراً بذلك شديد النظر في تلك المسالك.. وكان حسن الاستنباط للأحكام والمعاني من السنة والكتاب، مبرزاً في العلوم النقلية والعقلية » . طبقات الشافعية للسبكي ج6، ص2-3
2) قال الأدفوي في طالعه السعيد: كان له قدرة على المطالعة، رأيت خزانة المدرسة النجيبية بقوص فيها جملة كتب من جملتها عيون الأدلة لابن القمار في نحو ثلاثين مجلدة وعليها علامات له، وكذلك رأيت في المدرسة السابقية السنن الكبير للبيهقي على كل مجلدة علامة له أيضاً.

من مآثره:
ويقال إنه طالع كتب المدرسة الفاضلية بالقاهرة عن آخرها،وقد كان دأبه أن يقضي الليل في المطالعة والعبادة، فكان يطالع في الليلة الواحدة المجلد أو المجلدين، وربما تلا آية واحدة من القرآن الكريم فكرّرها حتى مطلع الفجر.
استمع له بعض أصحابه ليلة وهو يقرأ فوصل إلى قوله تعالى: ( فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ) قال: فما زال يكررها إلى طلوع الفجر.

من أقواله:
« ما تعلمت كلمة ولا فعلت فعلاً إلا وأعددت له جواباً بين يدي الله عز وجل » .

من سماته:
كان مغرماً بالقراءة ، كثير النقد والتحري والتدقيق فيما يقرأ، لا يقبل الشيء من غير أن يعمل فيه فكره فيقبله أو يرفضه.
وكان رحمه الله في قضائه وآرائه وفتواه مثلاً أعلى للصدق والعدالة والنزاهة، لا يخشى في الحق لومة لائم أو بطش سلطان، فما كان يراه حقاً يطمئن عليه الشرع ينفذه ولو كان في ذلك غضباً للحكام والسلاطين.
وقد كان رحمه الله كريماً جواداً بجانب غيرته على الحق.. لا يخشى فيه لومة لائم.

من أعماله المهنية:
1) أسند إليه والي قوص منصب القضاء على مذهب الإمام مالك ، وذلك حينما أشار أحد المقربين إلى السلطان منصور بن لاجين قائلاً: « هل أدلك على محمد بن إدريس الشافعي، وسفيان الثوري وإبراهيم بن أدهم ؟ فعليك بابن دقيق العيد... » فكان أن تقلد ابن دقيق العيد هذا المنصب الذي ظل شاغلاً له مدة سبع سنوات، بلغت فيها شخصيته مكانة مرموقة في الديار المصرية .
ويقول بعض المؤرخين: « إن ابن دقيق العيد تردد في قبوله هذا المنصب حين عرض عليه وأبدى الامتناع والرفض لولا شدة الالحاح عليه » .
2) تقلد منصب التدريس بالمدرسة النجيبية ، وهي إحدى المدارس الشهيرة في قوص، وهو لم يتجاوز السابعة والثلاثين من عمره.
3) في القاهرة قام بالتدريس بالمدرسة الفاضلية، والكاملية، والصالحية، والناصرية.

من مؤلفاته:
1) كتاب الإلمام في الأحكام في عشرين مجلداً.
2) وشرح لكتاب التبريزي في الفقه.
3) وفقه التبريزي في أصوله.
4) كما شرح مختصر ابن الحاجب في الفقه.
5) كتاب الاقتراح في معرفة الاصطلاح.
6) وله ديوان شعر ونثر لا يخرج عن طريقة أهل عصره الذين عرفوا بالسجع والمحسنات البديعة.

وفاته:
توفي بالقاهرة في صبيحة يوم الجمعة لتسعة أيام بقيت من صفر 702 هـ بعد أن عمّر 77 عاماً، قضاها في خدمة الدين الإسلامي الحنيف في مختلف أنحاء العالم الإسلامي.
وقد دفن يوم السبت، وكان يوماً مشهوداً عزيزاً في الوجود، وقد وقف جيش مصر ينتظر الصلاة عليه.

رحم الله ذلك الإمام الذى عاش مجهولاً بين كثير من الأجيال التي تلته ، وإن كان حقه أن يتصدر قائمة علمائنا الذين أفاد منهم الناس والمسلمون كثيراً.






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس
قديم 05-09-2012, 02:28 AM   رقم المشاركة : 48
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور


منارات في حياة الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه
هو إمام دار الهجرة أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك بن أبى عامر بن عمرو بن الحارث بن غيمان بن خثيل بن عمرو بن الحارث، وهو ذو أصبح بن عوف بن مالك بن زيد بن شداد بن زرعة، وهو حمير الأصغر الحميري ثم الأصبحي المدني، حليف بني تيم من قريش، فهم حلفاء عثمان أخي طلحة بن عبيد الله أحد العشرة المبشرين بالجنة.
أمه عالية بنت شريك الأزدية، ولد عام موت الصحابي الجليل أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة 93 للهجرة النبوية الشريفة، وتوفي صبيحة أربع عشرة من ربيع الأول سنة تسع وسبعين ومائة.

نبغ في العلم وتأهل للفتيا والتعليم وله إحدى وعشرون سنة، فكان مقصد الطلبة من كل أقطار المسلمين. وكانت له الأولوية في تصنيف الصحيح من السنة النبوية بتأليفه "الموطأ"، والأولوية في تنزيلها على واقع الحياة الفردية للمسلم برسالته إلى هارون الرشيد، والأولوية في الدفاع عن عقيدة السلف الصالح والمحافظة على صفائها في مواجهة الفرق الضالة مجسمة ومؤلة ومعطلة وباطنية.

وقال عنه أكثر أئمة السنة أنه المعني بقوله صلى الله عليه وسلم
ليضربن الناس أكباد الإبل في طلب العلم فلا يجدون عالما أعلم من عالم المدينة
).
قال العلامة محمد حبيب الله بن ما يأبي الجكني في أبيات نظمها:
أول من ألف في الصحيح * مالك الإمـام في الصحيح
قال ابن عيينة "مالك عالم أهل الحجاز وهو حجة زمانه"؛ وقال عنه أيضا:" كان مالك لا يبلغ من الحديث إلا صحيحا ولا يحدث إلا عن ثقة، ما أرى المدينة إلا ستخرب بعد موته" يعني من العلم.
وقال الشافعي: إذا ذكر العلماء فمالك النجم.
ولم يكن بالمدينة عالم من بعد التابعين يشبه مالكا في العلم والفقه والجلالة والحفظ، فقد كان بها بعد الصحابة مثل سعيد بن المسيب والفقهاء السبعة والقاسم وسالم وعكرمة ونافع وطبقتهم ثم زيد بن أسلم وابن شهاب وأبي الزناد ويحيى بن سعيد وصفوان بن سليم وربيعة بن أبي عبد الرحمن وطبقتهم، فلما تفانوا اشتهر بها ذكر مالك وابن أبي ذئب وعبد العزيز بن الماجشون وسليمان بن بلال وفليح بن سليمان وأقرانهم، وكان مالك هو المقدم فيهم على الإطلاق.

موقف الإمام مالك من المذهبية:

روى أبو مصعب قال: سمعت مالكا يقول دخلت على أبي جعفر أمير المؤمنين وقد نزل على فرش له، وإذا على بساطه دابتان ما تروثان ولا تبولان، وجاء صبي يخرج ثم يرجع فقال لي: أتدري من هذا؟ قلت: لا، قال: هذا ابني وإنما يفزع من هيبتك، ثم ساءلني عن أشياء منها حلال ومنها حرام ثم قال لي: أنت والله أعقل الناس وأعلم الناس، قلت: لا والله يا أمير المؤمنين، قال: بلى ولكنك تكتم، ثم قال: والله لئن بقيت لأكتبن قولك كما تكتب المصاحف ولأبعثن به إلى الآفاق فلأحملهنم عليه، فقال مالك: لا تفعل يا أمير المؤمنين، فإن أصحاب رسول تفرقوا في الأمصار وإن تفعل تكن فتنة.

موقف الإمام مالك من البدع
قال ابن الماجشون[1]: سمعت مالكا يقول : من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة زعم أن محمداً صلى الله عليه وسلم خان الرسالة، لأن الله يقول: ﴿
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ
﴾ المائدة 3، فما لم يكن يومئذ ديناً فلا يكون اليوم ديناً .
قال الإمام مالك رحمه الله[2]:" من ابتدع بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة لأن الله تعالى يقول:﴿
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا
﴾ المائدة 3، وقال:" لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، فما لم يكن يومئذ دينا لا يكون اليوم دينا ".

عقيدة الإمام مالك:

يروي يحيى ابن خلف الطرسوسي وكان من ثقات المسلمين قال: كنت عند مالك فدخل عليه رجل فقال: يا أبا عبد الله ما تقول فيمن يقول القرآن مخلوق؟ فقال مالك: زنديق اقتلوه، فقال: يا أبا عبد الله إنما أحكي كلاما سمعته، قال: إنما سمعته منك، وعظم هذا القول.
ويروى عن ابن وهب قال: سمعت مالكا يقول لرجل سأله عن القدر: نعم قال الله تعالى:﴿
وَلَوْ شِئْنَا لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا
﴾السجدة13.
وقال جعفر بن عبد الله كنا عند مالك فجاءه رجل فقال يا أبا عبد الله ﴿
الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى
﴾ طه 5، كيف استوى؟ فما وجد مالك من شيء ما وجد من مسألته فنظر إلى الأرض وجعل ينكت بعود في يده حتى علاه الرضاء ثم رفع رأسه ورمى بالعود وقال: "الكيف منه غير معقول والاستواء منه غير مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة، وأظنك صاحب بدعة" وأمر به فأخرج.
وفي رواية أخرى قال:" ﴿
الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى
﴾ طه 5، كما وصف نفسه ولا يقال له كيف، وكيف عنه مرفوع، وأنت رجل سوء صاحب بدعة، أخرجوه".

محنة الإمام مالك

ناظر أبو جعفر أمير المؤمنين مالكا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له مالك: "يا أمير المؤمنين لا ترفع صوتك في هذا المسجد فإن الله تعالى أدب قوما فقال ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ﴾ الحجرات2 ، ومدح قوما فقال ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ الحجرات 3، وذم قوما فقال ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ
﴾ الحجرات 4، وإن حرمته ميتا كحرمته حيا"، فاستكان لها أبو جعفر.[3]

تعرض الإمام مالك لمحنة وبلاء بسبب حسد ووشاية بينه وبين والي المدينة جعفر بن سليمان ويروى أنه ضرب بالسياط حتى أثر ذلك على يده، قال إبراهيم بن حماد: إنه كان ينظر إلى مالك إذا أقيم من مجلسه حمل يده بالأخرى، ويقول الواقدي: لما ولي جعفر بن سليمان المدينة سعوا بمالك إليه وكثروا عليه عنده وقالوا: لا يرى أيمان بيعتكم هذه بشيء، وهو يأخذ بحديث رواه عن ثابت بن الأحنف في طلاق المكره أنه لا يجوز عنده[4]، قال فغضب جعفر فدعا بمالك فاحتج عليه بما رفع إليه عنه فأمر بتجريده وضربه بالسياط وجبذت يده حتى انخلعت من كتفه وارتكب منه أمر عظيم.






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس
قديم 06-09-2012, 06:05 PM   رقم المشاركة : 49
شمس القوايل
المشرفة العامة
 
الصورة الرمزية شمس القوايل

يعطيج العافيه قلب الزهور ع الطرح القيم

مجهود مميز عساج ع القوه

ننتظر جديدج القادم







التوقيع :


اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس
قديم 13-09-2012, 04:48 AM   رقم المشاركة : 50
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شمس القوايل
يعطيج العافيه قلب الزهور ع الطرح القيم

مجهود مميز عساج ع القوه

ننتظر جديدج القادم

هلااااااااااا وغلااااااااااا
يسعدلي قلبك ويسلمووو ع الحضور الرآئع بصفحتي
تقبلي شكري تقديري واحترامي
مع تحياتي قلب الزهور
بباي






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:01 PM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية