بسم الله الرحمن الرحيم
رحيق ذاك من شفتيها أرشفه . . . .
. . . . تُراني حالم والليل مني في غمم ؟
سبحان رب الغيب أنشدها . . . .
. . . . فحمداً أن الذنب لم يكن إلا في حلم
تراءى لي الدمع والحزن سائقه . . . .
. . . . جرح الأحبة للوصل كالنار والحمم
يا نديماً تسألني هل الشوق مني . . . .
. . . . أم ذاك وله والنفس منها في عدم ؟
يا رعشة في الجسد تلذ عني . . . .
. . . . ما لشوق إلا أنيس وما لحب إلا عذاب منتقم
سألتها والنفس بحبها قد ابتهجت . . . .
. . . . يا ناعس الطرف هل لي في النوم من مغتنم ؟
أسهرت مضناك بالشوق يرقبه . . . .
. . . . فحينٌ أرتعش وحينٌ بالآهة أستقم
يا عين في السهر نارٌ ولوعة . . . .
. . . . فراحة الجفون في هدوء ليلها المزدحم
صفوت قاصداً ليلها وكلنا أملٌ . . . .
. . . . فلا قمرٌ أرشدني ولا نجم بي يتأثم
فكنت بالشوق أُسدها فرحاً . . . .
. . . . يابنة الحسان والحسن منك في نهم
عذاب هذا انتشيه نحوك فلا . . . .
. . . . تكوني بالجناب نارٌ وأنت للحب لم تلم
شقاء أمري عذاب أشاطره . . . .
. . . . سهر الليل والوسن مني في سقم
فحسن هذا أم بدعة أرقبها . . . .
. . . . فالنفس في حلٍ عن هم وعن لجم
فكفي عن نثرك فالدهاء أرقبه . . . .
. . . . وإن كُنت منه حاذراً فصبرٌ كان عبرة الندم
على عذرية بات ليلي وكأنني . . . .
. . . . تناسيت أنني بشر والهم مني على قدمِ
فارقته وأنا في عسره كائنٌ . . . .
. . . . أسهرتِ جفناي بالليل فكلٌ في سباتٍ فنم
يمناك كرم وحبك نشوة . . . .
. . . . ويسراك أمسٌ واليوم منك في عجم
فكيف لي بلؤلؤ مقلتيك فإنني . . . .
. . . . خفت ألا أصفها حقاً فالليل هبة فاستلم
ولا تحسبن أنني بدونها جلد . . . .
. . . . فلا رجاءٌ بعدها ولا جمالٌ يعتزم
وخصال منك كأنها الليل حالكةٌ . . . .
. . . . فكيف الجدال والروض منك يلتهم
والقامة كالريم خاسرٌ كَشبهٍ . . . .
. . . . يا شبيه النفس فالنفس منك ترتحم
تساورني الليل وكأنها نغم . . . .
. . . . فما الإصباح منك إلا نزف يحتدم
فجُد بالنور بعد ليل قضيته . . . .
. . . . في مدحٍ بليدٍ قصوره نقدٌ كالعلم
بالغ تقديري
أبو الطيب المتنبي