لاتسمح لأحد أن يملأ فنجانك
أملأهبإرادتك!
كانهناك شاب..عرف أن هناك رجلاً صينياً حكيماً من الممكن أن يدله على معنى الحكمة ومنالممكن أن يعرّفه كيف يتحكّم في أحاسيسه وأعصابه. قال له الناس..إن هذا الرجل يعيشفوق جبل وإذا قابلك فأنت محظوظ.
لميضيع الشاب..وقته فاستقل الطائرة وسافر وذهب إلى المكان وظل منتظراً. أخبروه أنالحكيم سيقابله فذهب إليه وطرق الباب وأخذ ينتظر. تركوه منتظراً ثلاث ساعات حتىاشتدّ غضبه وعندئذٍ فتحت الباب سيّدة عجوز وأخبرته أن الحكيم سيأتي إليه حالاً. ولكن ذلك لم يحدث بل جاءه الرجل بعد ساعة وكان الشاب قد وصل إلى قمة الضيق والغضب...
جاءالرجل العجوز ورأى الشابُ أنه بسيط جداً يلبس ملابس بسيطة،
وعندما جلس بجانبهسأله:
هل تحب أن تشربشاياً؟
اشتد غضب الشاب وقال في نفسه...هذا الرجل المجنون ...تركنيأنتظر ثلاث ساعات بالخارج ثم تركني هنا ساعةً
دون أن يعتذر ثم يسألني إن كنتُ أريدأن أشرب شاياً؟!
وظل الشاب يتكلّم وهو غاضب، فقال له الحكيم مرةً اخرى،أتحب أن تشرب شاياً؟ فلمّا رآه الشاب مصرّاً، قال له هات الشاي..فأحضرت له السيدةالشاي في إبريق كبير، وقال له العجوز...أتحب أن أصب لك الشاي؟ فقال له تفضلأرجوك!
أخذ العجوز يصب الشاي حتى ملأ الفنجان وأخذ يسيل علىالطاولة كلّها إلى أن وقف الشاب غاضباً وقالله:
ما هذا الذي تفعله معي؟ هل أنتمجنون؟!..
عندئذٍ نظر إليه الحكيم وقال..قد انتهى هذا الاجتماع. تعال إليّ عندما يكون فنجانك فارغاً. ثم نهضليتركه.
راقب فنجانك..لا تدعه يمتلئ بغيرإذنك
بدأ الشاب يدرك الأمر ويقول لنفسه..لقد أضعت كل هذاالوقت، ثم تحمّلتُ كلّ ما فعله معي، والآن أتركه يذهب؟ لا بد من أن أغيّر أسلوبيمعه..ثم قال للعجوز..أنا آسف جداً، لقد جئت إليك من آخر الدنيا فمن فضلك علّمنيشيئاً مفيداً، فقال له..لكي تستطيع العيش في الدنيا بطريقة إيجابيّة عليك أن تلاحظفنجانك
فقال له الشاب...ما معنىذلك؟
فقال له الحكيم...عندما تركناك تنتظر ثلاث ساعات كيف كانإحساسك؟
- في البداية كان إيجابياً ثم بدأت أتعصب وأغضب شيئاًفشيئاً حتى كدت أنفجر، لكننّي كنت مصمّماً علىمقابلتك.
فقال له الحكيم...وكيف كان إحساسك عندما تركناك ساعةً فيالبيت؟
- كنت غاضباً أكثروأكثر!
فقال له الحكيم..وعندما صببتُ الشاي في الفنجان؟ هل منالممكن أن نصبّ في الفنجان قدراً أكبر منحجمه؟!
- لا، لا يمكن
- وماذا حدث عندما استمرّ صبّالشاي في الفنجان؟
- سال الشاي على الطاولةكلّها
فقال له الحكيم..وهذا بالضبط ما حدث لأحاسيسك. جئتإلينا بفنجان فارغ، فملأناه إلى أن بدأ يطفح، وهذا يسبب لك أمراضاً..لو أردت انتعيش سعيداً في حياتك فعليك ان تلاحظ فنجانك، ولا تسمح لاحد أن يملأه لك بغيرإذنك.
انتهى الاجتماع، وبينما الشاب يهمّ بالمغادرة قال لهالحكيم:
مهلاً يا عزيزي، أنسيت أن تدفع ألف دولار أجرةالدرس؟
فامتلأ فنجان الشاب مرةًثانية!
وأنت، من يملأفنجانك؟
هلتسمح لكل ما حولك أن يملا فنجانك؟
نفترض أنّك استيقظت من نومكسعيداً جداً وفنجانك فارغ. أليس كذلك؟
دخلت الحمام فلم تجد ماءً،فبدأ الفنجان يمتلئ. وإذا كان الصابون في عينيك وانقطعت المياه ماذا يحدث للفنجان؟سيمتليء أكثر. جاءت المياه ولكن فجاةً شدّ أحدهم السيفون فنزل الماء مغليّاً علىرأسك.. ماذا سيحدث؟!
أخيراً أنهيت استحمامك وخرجتلتستقل سيارتك فوجدتها لا تعمل...
كيف حالالفنجان؟
اشتغلت السيارة، ركبتها وانطلقت فوجدت شرطة في الطريق. تركوا كل الناس
وأمسكوا بك أنت
فما حالفنجانك؟
أو كنت سائراً في الطريق والناس من حولك والكل ذاهب إلىعمله، وإذا بكلبٍ يترك كل الناس ليعضّك أنت بالذات...
فما حالفنجانك؟
ثم ما إن دخلت باب مكان العمل حتى قالوا لك..الآن أتيت؟المدير يسأل عنك. اذهب إليه فوراً لقد تأخّرت..
كيف حالالفنجان؟
ثم تذهب إلى المدير..فيقول لك، أعلم أنك قد تأخّرت،ولكن هذا ليس مهماً. إن الوظيفة والترقية التي طلبتها قد
تمّت الموافقة عليها. ألفمبروك..كنت أسأل عنك كي أهنّئك كيف حال الفنجانالآن!