العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام الثقافية والأدبية ]:::::+ > منتدى القصص والروايات
إضافة رد
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-08-2016, 12:21 AM   رقم المشاركة : 1
قلم مضطرب
( ود نشِـط )
 
الصورة الرمزية قلم مضطرب
 





قلم مضطرب غير متصل

رحلة إلى الشاطئ

رحلة إلى الشاطئ

عاصم كان شاب كثير المشاكل وضيفٌ دائمٌ على السجون وكانت عائلته تشتكي منه دائما , كان والده ينصحه على الدوام بأن يبتعد عن درب الجريمة القذر الذي لا يعلم أحد بأي السبل سينتهي به .. وكان يأمره أن يسلك طريق الصلاح ويستقيم في حياته قبل أن يغدر به العمر ويصفعه صفعة لا يقوم بعدها منها.

حينما قبض عليه في المرة الأخيرة وكأنها كانت خيرةً حسنةً له فقد كان يراجع نفسه كثيرا وبدأ يكتشف ذاته وخطأه وكيف أن الشيطان غرر به , وبدى بعدها جاهزا ليعود لصوابه وهو يلوم نفسه في عتمات الليل ووحشته خلف أسوار السجن مما جعله يتخذ موقفا في قرارة نفسه وأن يغير حياته إلى الأبد ويبتعد عن ذلك الطريق الشائك الوعر , كان عاصم بعدها مختلفً عن قبلها .. يصلي ويصوم ويقرأ ما تيسر من الذكر الحكيم في الغسق والشفق .. يندمُ على كل أفعاله وجرائمه ويحاول التكفير عن ذنوبه وخطاياه علّ الله يفغر له ما تقدم من ذنوبه وما تأخر , إلى أن مرت الأيام وخرج من السجن تائبً مُهتدا لا يعرف للخطيئة سكة ,كانت حياته بين المنزل والمسجد والبحث عن وظيفة يأكلُ منها لقمة حلالً تُغنيهِ عن طعامً كان يشتريه بأموالً مسروقة من قبل .

ذات عصرً هادئ وبينما كان جالسً على عتبة داره صادفه أحد اصدقاءه والذي قام بتحيته والسلام عليه والسؤال عن أحواله , بعدها راح يتحدث مع عاصم عن ذكرياتهم والأوقات الجميلة التي كانوا يقضونها معاً .. حتى أقترح عليه أن يذهب معه إلى البحر بعد عدة ايام مع بعض رفاقه ليستمتعوا بهواء البحر ونسيمه العليل ويبدل من حالته النفسية قليلا ويبتعد عن روتينه الممل ومنها أيضا يستعيدون بعضً من ماضيهم الذي لا ينسى , أُعجب عاصم بالفكرة كثيرً ووافق على الذهاب معهم بعد أن شكرهُ لأقتراحه فقد كان في أمس الحاجة إليه لعله يرمي بقية خطاياه وذنوبه الكبيرة التي لم ينساها في قاع البحر ليجرفها بين أمواجه ويدفنها في أعماقه .

وفي اليوم المنشود للرحلة .. خرج عاصم من منزله سعيدً وركب سيارة رفاقه الذين كانوا ينتظرونه في الخارج , كانوا يتكلمون ويتحدثون معه في الطريق ويخبرهم بأن لحظات الطيش قد ولت وأصبح شابً نظيفً الآن يبحث عن الأمان والأستقرار ويفكر في فتاة شريفة ليُكمل معها ما تبقى من نصف دينه وتنجب له ذرية صالحة تسعدهُ في حياته وتستغفر له بعد موته , توقفوا قليلا في محطة الوقود ليملئون السيارة ويشترون بعض الحاجيات , بينما عاصم ذهب إلى البقالة ليجلب بعض المشروبات الغازية ورقاق البطاطس .. وبينما هو متوقفا أمام ثلاجات المياة والمشروبات الغازية صادف بجانبه شابً بدى من الوهلة الأولى بأنه شخصً أرعن وسيء الخلق وجاف المشاعر وكان برفقته شقيقه الصغير والذي راح ينظر إلى عاصم مبستما يُسلم عليه ببرائة طفولته .

بعد لحظات أخذ الطفل مشروبً غازيً من الثلاجة .. ألا أنه لم يستمتع حتى برؤيته إذ أن شقيقه أتى إليه وصفعة بقوة شديدة وصرخ عليه وأمره أن يعيد مشروب الكبار إلى مكانه , وبالفعل أعاده الطفل إلى الثلاجة وهو في حالة بكاء وخوف وفــزع , أثار ذلك التصرف استياء عاصم كثيرا الذي خرج من البقالة , وما أن ركب السيارة حتى أخبر اصدقائه بما حصل .. فتعاطفوا جميعهم مع الطفل وابدوا غضبهم من شقيقه ألا أنهم نصحوا عاصم بعدما رأوا علامات الغضب واضحة على ملامحه وفي نبرة صوته ألا يتدخل بينهم ويتركهم وشأنهم رغم تصرف الشاب الأحمق .

وبعد أن صلوا إلى شواطئ البحر الناعمة , جلسـوا يستمتعون بأصوات المد والجزر وطيور النورس المحلقة , وبعد بضع ساعات ذهب عاصم ليغسل يديه التي أتسخت من رمال الشاطئ التي كتب عليها آلامه وتوبته والغفران التي مسحها البحر حينما جرى على كلماتهِ , وصل إلى "المغاسل" والذي صادف مرة أخرى أن يأتي بجانبه الشاب الأرعن الذي صادفه في البقالة ومعه شقيقه الصغير ليغتسلون هم أيضا .

كان الطفل متوقفا يغسل يديه بجانب عاصم الذي كان ينظر إليه بنظرات عطفا وشفقة , لحظات بعدها حتى تساقطت من يد الطفل بعض قطرات الماء على ملابس عاصم .. وبسرعة جاء الشاب وصفعة شقيقه مرة أخرى بقوة شديده حتى سقط على الأرض قام بعدها يركله في كتفه ورأسه وراح يصرخ عليه : أيها الغبي لقد بللت ملابس الرجل , لقد ندمت لأنني أحضرتك معي إلى البحر , أنك غبي ولا تفهم وهذه المرة الأخيرة التي أحضرك معي !

كان عاصم ينظر إليه بنظراتٍ كلها غضبٌ وحقدً وكراهية والشيطان هو الآخر يوسوس لــه بأن يتهجم عليه ويتشاجر معه ويدافع عن الطفل , ورغم كل ذلك الموقف ألا أن عاصم تمالك أعصابه بشدة التي كانت في لحظات ثورانً كما الصقر حينما يستعد للأنقضاض على فريسته .. أسترجع قليلا "أنا لله وأنا إليه راجعون" وتركهم وشأنهم ولم يتدخل .

عاد إلى رفاقهِ وجلس معهم دون أن يخبرهم بما جرى ألا أنه لا زال في حالة غضب ولا زال يرى الصفعات تلو الصفعات على وجه الطفل .. لا زال يرى تسلط الكبير على أخيه الصغير , كان يحاول أن يُهدء من نفسه وجوارحه , راح يمشي قليلا على الشاطئ يحاول أن يشتت أفكاره الشيطانية الأنتقامية التي بدأت تسيطر عليه .. وكأن هناك أحدً يهمس له : أذهب وأنتقم للطفل !

لحظات وهو يهدء من روع نفسه الغاضبة حتى مر بمكان فيه حشدٌ من الناس مجتمعين ويصرخون كأنهم في حالة شجار , أقترب منهم عاصم وتبين له بأنهم يحاولون أن يخلصون الطفل من قبضة شقيقه الذي كان يضربه بقوة بسبب أنه ركل الكرة بإتجاه المكان الذي يجلسون فيه .

وكأنها كانت القاضية بالنسبة لــ عاصم الذي تمكن منه الشيطان تماما وأكمل على ما به من غضب بعدما رأى هذا المنظر يتكرر أمامه للمرة الثالثة , أصبح هائجا كالوحــش الذي حرروه من قفص , ذهب إليه بسرعة وفي طريقهِ وجد "مطرقة حديدية" مرمية على الأرض فحملها في يده وما أن وصل إلى الشاب حتى نادى عليه :
- يا هــذا ؟

... وما أن ألتفت إليه الشاب حتى رفع عاصم المطرقة الحديدية عاليً أرتفعت معها أصوات الأمواج وزقزقات الطيور النوارس فــ ضربه بقوة شديدة على رأســه سقط على أثرها أرضا .

خيم صمتٌ رهيب على كل الواقفين والمتجمهرين وعلى وجوه الجميع بدى خوفٌ وصدمة , أقترب عاصم من الشاب وتوقف بجانبه ينظر إليه مستمتعاً سعيداً بسماع آهاته وصراخاته التي وصلت صداها إلى قعر البحر , وبعد ثوانً قليلة قال له عاصم وكأنه يُحذره :
- أنظر إلي , أنظر ما الذي جعلتني أفعله أيها الوضيع , اللعنة .. لقد ظننت نفسي تركت كل هذا خلفي .. لقد ظننت بأنني لن أرجع لـهذا الطريق مرة أخرى .. ظننت أنني تركت طريق الفوضى والمشاكل والشجارات .. أنظر أيها الغبي ما الذي جعلتني أفعله , ولكنني الآن لن أنتهي منك صدقني .. صدقني لم ترى شيئا بعد , فــ تبا لك .

بينما همس الرجل لــ عاصم وهو متألمً في جروحه والدماء تسيل من رأسه ويشعر بخوف شديد وفزع بعدما أيقــن بأن عاصم لم ينتهي منه بعد :
- أتوسل إليك الرحمة يا هذا .. أرجوك , أرجوك , لا تفعل بي شيء !

ألا أن عاصم الذي خرج عن عقال حلمه غضبً وكأنه لم يسمع شيئا مما قاله الشاب , فأجابه :
- ماذا , ماذا قلت , هل تطلب الشفقة , اللعنة يا رجل .. لم تشفق على شقيقك الصغير ولم تأخذك الرأفة به وتطلب الآن الشفقة , هل تعرفها حقــاً .. أيها الوضيع لقد كان صغيرا .. هل تفهم ذلك , لقد كان طفلً صغيرا .. قل لي بــربك لما كنت تضربه .. لما لم ترأف بحالته .. لما أيها الغبي تضربه لمـــا , هل تعرف أيها اللعين بأن هذه الأشياء الاطفال الصغار لا ينسونها , كنت تحرجه أمام الجميع ولم تشفق به وبسنه الصغير .. كنت تقول له بأنك نادمً لأنك أحضرته معك .. لقد تجردت من أنسانيتك .. فـ تبــا لك .. لــم يعد في قلبي أي رحمــة .. لأنني لم أعد أراك آدمــي , أطلب العفو والصفح من الله فــ هو من سيُسامحك لما فعلته بأخيك الصغير !

... رفع بعدها عاصم المطرقة الحديدية عاليً وبدأ يضرب رأسه مــرارً وتكــرارً .. يضربه بقوة يظنه مسخً ليس بشر .. يضربه بعدما تجرد هو أيضا من آدميته .. يضربه وكأني به ينتقم من كل سنينه الذي ظن نفسه يعيش وسط بشر .. يضربه ويضــربه حتى هشم رأسه وقتله .

ظل الجميع في صدمة ورهبة كأنهم يشاهدون أمامهم فيلمً مرعب ولم يستطع أحد الأقتراب منه لشدة خوفهم مما شاهدوه , لحظات بعدها جاءوا رفاق عاصم يصرخون عليه من بعيد :
- أهرب يا عاصم , أهــرب من هنا .. لقد وصلت الشرطــــــــة , أهرب !

حاول الفرار بسرعة لكنه تأخر كثيرا ولم يتمكن من ذلك حيث أحاطته الشرطه من كل جانب وأغلقت عليه طريق الشاطئ كله ولم يكن أمامه دربٌ سالك عدى دروب البحر , فدخل إليه بلا تردد وبخطوات ثقيلة جدا كأنه يحمل جبالً فوق ظهره , بينما الشرطة ظلت متوقفة للحظات بعدما أمنــوا المكان كله , ثم أخذ المحقق الميكرفون وراح يحذره :
- سلم نفسك الآن .. سلم نفسك , أنت محاصر !

وقف عاصم في حيرة لا يعرف ماذا يصنع , متهم بجريمة قتلً مع سبق الأصرار والترصد ويقف في البحر وأمامه الشرطة والغضب لا زال يعتريه في كل جسده , نظر إليهم بعدها وصاح :
- اللعنة عليكم جميعا , تبــاً لكم .. فــ لتذهبوا للجحــيم !

ظلت الشرطة تردد :
- سلم نفسك يا هذا .. سلم نفسك قبل أن نضطر ونطلق النار !

راح عاصم ينظر لما حوله .. ينظر في جميع الوجوه .. ينظر في وجوه الواقفين ورجال الشرطة , ينظر وينظـــر للحظات , ثم صرخ بعدها يرمي بشروره عليهم :
- أنتم من جعلتمونــي هكذا , سحقــاً لكم .. وسحقاً لمن يعيش بينكم , أنتم السبب لكل الشرور .. أنتم من أجبرتموني على ذلك , هل تسمعوني أيها الأنذال .. لقد تجردتم من آدميتكم .. أنكم تتسلطون على الصغار وتطلبون الشفقة للكبار .. أنكم تكسرون خاطر المساكين .. أنكم لا تعرفون الشفقة .. أنكم لا ترحمون أحد .. أنتم لا تستحقون الرحمة من أحد , أيها الأوغاد أنتم من جعلتمونــي هكذا .. هل سمعتم , أنتم من جعلتموني هكذا .. أنتم من جعلتموني هكذا .. أنتم من جعلتموني هكذا ....

.... وظل يردد ويــردد ويـــردد .. ولكن .. صوت طلقات الرصــاص أخــرس صوتـه .


قلم مضطرب






رد مع اقتباس
قديم 06-09-2016, 06:00 PM   رقم المشاركة : 2
شمس القوايل
المشرفة العامة
 
الصورة الرمزية شمس القوايل

لاحول ولاقوة الا بالله

يعطيك العافيه ع الطرح والمجهود

ننتظر جديدك القادم

دمت بود

شمس القوايل







التوقيع :


اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:59 PM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية