قالت عائشة رضي الله عنها ((نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الإَنْصَارِ, لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ)) رواه مسلم.. أي أنهن كن يسألن النبي صلى الله عليه وسلم عن أمور مُحرجة تتعلق بالنساء!. وقد جاء في الحديث الشريف عن أم سلمة رضي الله عنها (( أتَتْ أمُ سُلَيْمٍ - وهي أنصارية ـ رَسُولَ اللَّهِ صَلّىَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ: فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ الْغَسْلُ إِذَا احْتَلَمَتْ؟. قَالَ: نَعَمْ إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ. فَضَحِكَتْ أُمُّ سَلَمَةَ, وفي رواية أخرى: فَغَطَّتْ وَجْهَهَا)) رواه البخاري.
ولا أدري من قال: لا حياءَ في مسائل الدين.
أريد بهذه المقدمة أن أستبق من قد يعترض علي لأن موضوعي يشتمل على بعض الأحاديث النبوية الشريفة التي تحكي عن أمور تحدث في الخلوة بين الرجل وإمرأته!
وإني أستسخف أولئك الذين يعتبرون من سوء الأدب ذكرُ كلمات قد وردت في كتاب الله عز وجل وفي أحاديث رسوله عليه الصلاة والسلام.
وتحضرني الآن قصة رواها الشيخ علي الطنطاوي يرحمه الله في مذكراته التي قرأتها قبل فترة غير قصيرة.. أنه قال ذات يوم في خطبة الجمعة بدمشق: إن من يسمح لزوجته أو إبنته أن تلبس المايوه وتسبح في مسبح مختلط إنما هو دَيوث!. فأمر خالد العظم رئيس الوزراء في سوريا وقتئذ بتسريح الشيخ ومعاقبته, لأنه لفظ في خطبته كلمة بذيئة!. فتجمّع العلماء وذهبوا إلى خالد العظم محتجين على تصرفه, فقال لهم: إن الطنطاوي قد أساء الأدب في المسجد!. فانبرى واحد من الوفد وقال له بعنف: لقد كفرتَ يا خالد بيك, ويجب عليك أن تجدد إسلامك!. لأنك إتهمت سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم بإساءة الأدب!. فالشيخ علي لم يقل إلا ما قاله الرسول الكريم في الحديث الصحيح ((عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ثَلاَثَةٌ قَدْ حَرَّمَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَيْهِمُ الْجَنَّةَ: مُدْمِنُ الْخَمْرِ وَالْعَاقُّ وَالدَّيُّوثُ الَّذِي يُقِرُّ فِي أَهْلِهِ الْخُبْثَ)) رواه أحمد.. فاعتذر رئيس الوزراء, وألغى قراره بفصل الطنطاوي ومعاقبته.
وتشهد هذه القصة كيف أن العلماء كانوا لا يهابون الحكام, وكيف أن الحكام كانوا يخنعون للعلماء!. وقد إنعكس الوضع في الوقت الحاضر!
تذكرت الآن قصة أخرى روتها لي حفيدة الشيخ حسن حبنكة أحد كبار علماء الشام يرحمه الله, وخلاصتها أن جدها زار مرة رئيس الجمهورية تاج الدين الحسني, وأثناء الزيارة أخرج الرئيس سيجارة وأراد أن يشعلها, فأخذها الشيخ حسن من فمه ورماها وقال له: إحترم مقام العلم يا فخامة الرئيس!
والديوث في اللغة هو من ليس عنده غيرة على نسائه.. وقد وردت هذه الكلمة في حديث نبوي آخر.. ((عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ثَلاَثَةٌ لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ, وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ الْمُتَشَبِّهَةُ بِالرِّجَالِ, وَالدَّيُّوثُ)) رواه النسائي وأحمد.
و أود هنا أن أحذر الفتيات اللواتي يتشبهن بالشباب, في طريقة قصهن لشعورهن أو في لبس البنطلونات أو غير ذلك.. من أن تصيبهن لعنة النبي صلى الله عليه وسلم, فقد قال إبن عباس رضي الله عنهما ((لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَشَبِّهَاتِ بِالرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ, وَالْمُتَشَبِّهِينَ بِالنِّسَاءِ مِنَ الرِّجَالِ)) رواه الترمذي.. بالإضافة إلى أن الله لن ينظر إليهن يوم القيامة!
لك والله العظيم ما في أحلى من الأنوثة!. والبنت يللي بتحاول تقلد الشب بأي شي, بتكون عم تشوه أنوثتها!. وبيكون عقلها أصغر من حبة الفستق!
لقد خرجت عن الموضوع الأصلي, وهو الصيام!. فأرجو المعذرة.
وقد رأيت أن أعجل بالكتابة في منتصف شعبان عن صوم رمضان, لكي أنبه إلى الحديث الشريف ((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا بَقِيَ نِصْفٌ مِنْ شَعْبَانَ فَلاَ تَصُومُوا. قَالَ الترمذي: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.. وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ مُفْطِرًا, فَإِذَا بَقِيَ مِنْ شَعْبَانَ شَيْءٌ أَخَذَ فِي الصَّوْمِ.. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُشْبِهُ قَوْلَهُمْ حَيْثُ قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ تَقَدَّمُوا شَهْرَ رَمَضَانَ بِصِيَامٍ إِلاّ أَنْ يُوَافِقَ ذَلِكَ صَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ.. وَقَدْ دَلَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّمَا الْكَرَاهِيَةُ عَلَى مَنْ يَتَعَمَّدُ الصِّيَامَ)) رواه الترمذي.
وإلى اللقاء في الجزء الثاني من الحديث عن الصوم بإذن الله تعالى.
العرض العادي
