مقالة الأستاذ (حسين شبكشي ) في عاموده الأسبوعي (طوق نجاة)في جريدة عكاظ (الخميس 4 شعبان 1423 - العدد 480
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------
صدرت مند فترة أغنية للمطرب الكويتي نبيل شعيل يقول مطلعها (السعودي طير حر والكورة عندو حضارة).
وسر الكثيرون لهذه الأغنية فكانوا يطربون لها ويرددونها في مناسبات شتى،، بينما في واقع الأمر هذه الأغنية تحمل بين طياتها غمزة اهانة بالغة،، تعكس الأولويات والاهتمامات التي تحتلها كرة القدم في حياتنا دون أمور أخرى اكثر خطورة وأهم.
تذكرت هذا وأنا اتابع انطلاقة القناة الرياضية الجديدة التي دشنتها وزارة الاعلام عن طريق التلفزيون السعودي ونتمنى أن يكون الاصدار الجديد مواكبا للنهج الاعلامي العالمي الجديد النهج الذي يبحث عن الحقيقة ويشجع الحوار ويحترم الرأي ويثري الفكر ولا يغفل الترفيه البريء في اطار يقدر ويحترم المشاهد ولا يهين ذكاءه.
والواقع أننا بأمس الحاجة لوسيلة اعلامية تلفزيونية متطورة تراعي التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الاستثنائية التي تمر بها البلاد فتقدم المادة الجادة بصورة جذابة أسوة بما يحدث في محطات دول اقليمية أخرى تمكنت من جذب المشاهدين من بلادنا لها وبالتالي اصبحت المصدر الرئيسي للأخبار لهم.
والأكيد أننا لو كانت لدينا الآلية الاعلامية الفعالة والمتطورة التي تنقل قضايانا بشفافية وعقلانية لما وصلت محطة الجزيرة وغيرها للمكانة التي هي عليها في أذهان وقلوب المشاهدين هنا.
وهذا ما هو الا مدخل واحد من العديد المشاكل المتعلقة بالذهنية والمنظومة الاعلامية في بلادنا التي تتحكم في السماح والمنع للمطبوعات والبرامج وغيرها من المنتجات الاعلامية.
فكيف نفسر منع بعض كتب وزراء سعوديين كالدكتور (محمد عبده يماني) والدكتور (غازي القصيبي) وهم أهل ثقة ومكانة لدى أعلى المستويات.ولفترة غير قصيرة كان كتاب الشيخ (عبدالمحسن التويجري) عن موحد الجزيرة العربية الملك المؤسس عبدالعزيز رحمه الله ممنوعا دون تبرير, أو يسمح بقصائد عن الصقور والمنتخب وتمنع قصائد عن الرسول،، أو السماح ولفترة (غير عادية) لموقع الساحات ليكفر من يشاء ويحل دم من يشاء ومنع مواقع أخرى أكثر تسامحا وعقلانية..
هذه وغيرها من الامثلة المتناقضة التي جعلت الخطاب الاعلامي الشمولي غير مقنع وبعيد عن ايقاع العصر المطلوب.
الرياضة جزء مهم من ثقافات الشعوب وتستحق الدعم ولا شك ولكن الخطر أن تتحول الرياضة عموما وكرة القدم خصوصا الى أفيون الشعوب الحديث فتتخدر العقول وتنعزل عن مواجهة تحدياتها الهامة والتحدث بصراحة عن مشاكلها العاجلة وايجاد الحلول اللازمة لذلك قبل تفاقم الأمور. وهذا يتطلب منا وبجدية تغييراً في العقلية التي نتناول بها المواضيع التنموية بصورة عامة والتأكد أننا بحاجة ماسة لاعادة النظر في ذلك قبل أن نغرق في أوهامنا.
العرض العادي
