العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام الثقافية والأدبية ]:::::+ > منتدى القصص والروايات
إضافة رد
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-08-2013, 12:46 AM   رقم المشاركة : 1
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور
Icon7 ۩قصـــة ( أبو زيد وزوجته المُدللة ) , واقعٌ مُختلف عن الآخر !!



اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

قصـــة ( أبو زيد وزوجته المُدللة ) , واقعٌ مُختلف عن الآخر !!
( الجزء الأول )
فتاة مُدللة جداً , عاشت في قصرٍ كبير من الطُراز المُخملي
كانت هذه الفتاة أصغر أخواتها , وتحضي باهتمام خاص من أبيها وأمها
عاشت في وضعها المُدلل إلى أن بلغت عمر الزواج , وجاء النصيب ليختطفها من بين هذين الذراعين الأكثر دلالاً ورفاهية و ( دلع )
كان هذا المال والثراء الذي تعيش في نعيمه هذه العائلة من ناحية الأم , أما الأب فهو من عائلة متواضعة جداً
حيث كان له أبن أخٍ فقير يرغب في الزواج من ابنته .. وكما عُرف عن العرب أن ابنة العم لأبن عمها
وكانت الأم ترفض بشدة هذا الزواج ولكن دون أي فائدة , فالأب كان قراره صارماً لا رجعة عنه
ووافق على هذا الزواج .. فرضخت الفتاة لقرار والدها ووجدت نفسها أمام دائرة مُغلقة لا تستطيع الخروج منها
الآن أصبحت الفتاة تُفكر في هذا الزوج , عن هيئته وكيف يكون شكله .. وما هي حدود ثقافته ودراسته وعلمه , حيث أنها كانت فتاةً مُتعلمة بدرجات عالية من العلم والثقافة
عندها قررت أن تجلس مع والدها جلسة مُصارحة لتسأل عن زوجها وتتعرف عنه أكثر من خلال والدها
فسألت أبيها وقالت : أبي هل يمكنني أن أسأل بعض الأسئلة عن ابن عمي ؟
فقال لها : بالتأكيد ولكن حاولي الاختصار لأنني لستُ مُتفرغاً كفاية ولا تنسي حاولي أيضاً الاقتناع فيما سيكون جوابي عليه .. حيث أن عدم إعجابك فيه لن يُغير في قراري شيء .
فقالت : كما تشاء .. ولكن هل هو مُتعلم ؟
فقال : لا أظن ذلك !!!
فقالت : كيف لا تظن وهو ابن أخيك ؟
فقال : آخر مرة رأيته فيها , كانت قبل أكثر من خمسة عشر عاماً , وكان عمره صغير لم يتعدى حدود الثانية عشر فقط
فقالت : وكيف لي أن أتزوج من رجُل جاهل لا يعرف شيء في هذه الحياة ؟
فقال ضاحكاً : صدقيني يا ابنتي أن هؤلاء الريفيين يعلمون مالا يعلمه ابن الثقافة والكُتب عن الحياة , فهم مُتعلمين من الفطرة الطبيعية التي يمارسونها يومياً في حياتهم التي صنعت الرجال في عهودٍ ماضية
فقالت : نعم صنعت الرجال في ذلك الوقت , ولكن الآن الزمن تغير وتبدلت ضوابطه المعيشية ولابد أن يكون الشخص مُتعلم ليستطيع العيش في هذه العولمة والتطور
فقال : مثل ماذا , هذا التطور , ماذا تقصدين ؟
فقالت : أي شيء يا أبي من حولنا يطلب شخص متعلم ليستخدمه , على سبيل المثال الهاتف المحمول .. كيف يستخدمه من لم يكن متعلما القراءة والحروف على الأقل
فقال : لا بأس إذا كان الأمر مُتعلقاً بالهواتف النقالة فهو أمرٌ بسيط لأنه ليس مضطراً إلى استخدامه لأنه في الأساس يسكن بمنطقة خارج التغطية !!!!
فقالت : وهل تريديني أن أسكن في منطقة بعيدة عن التغطية لتتخلص مني يا أبي ؟
فقال : لا يا أبنتي دعي منكِ هذه الأمور , وهذا الوسواس .. وفكري كيف تُسعدين ابن عمك ...!
فقالت : أبي هل تكرهني لهذه الدرجة ؟
فقال : ولماذا تُصرين على قول هذا الكلام ؟
فقالت : لو لم تكن كذلك لزوجتني برجُل كباقي أخواتي , رجالٌ مُتعلمين ولهم مركزهم بين الناس !!
فقال : وهل تعلمين عن وضع أختكِ رُقية مع زوجها ماهر
نعم ذلك الرجل المُتعلم على حد قولك , في كل ليلة يأتي متأخر إلى المنزل وهو في حالة سُكر ومنظره يقشعرُ منه البدن
أو الآخر وليد زوج أختكِ فاتن ذلك الرجل المُثقف صاحب الكتب والمؤلفات الذي لم تراه زوجته منذُ أكثر من أربعة أشهر وعذره أنه مُسافر من أجل العمل وهو يسرح ويمرح مع الفتيات في ديار اليهود والغربة
أو عن رامي زوج أختكِ عبير تلك الفتاة الرقيقة , الذي تركها تبكي الدم وهو يخونها أمام عينها مع امرأة أخرى متزوجة !!!
حبيبتي أنا أحبكِ أكثر منهن , لذلك سوف أزوجكِ برجُل حقيقي , رجُلٌ لا يعرف المُسكرات ولم يتعدى حدود قريته من قبل وليس له علاقة بالنساء ولا يعرف منهن سوى أمه فقط
فكري جيداً يا ابنتي وحاولي أن لا تقارني بين الذهب والحديد مرة أخرى , مهما كان وزنه أو حجمه لأن الذهب سيكون أغلى في النهاية !!
فقالت وعينيها تملأنها الدموع : حسناً يا أبي سوف أفكر في الأمر .. تصبح على خير .
فقال : فكري ولكن لا تتأخري كثيراً , لأنه سوف يأتي في الأسبوع القادم ليتقدم لخطبتك
فذهبت وهي تمسح دموعها الحارة التي أحرقت وجنتيها , وهي تُفكر في حالِ عيشها مع هذا الرجُل , وكيف لها أن تنسجم مع عالم لا يُشبه عالمها على الإطلاق
تمددت على فراشها الحريري , ووضعت رأسها على مخدة ريش النعام وبدأت في التحليق نحو العالم الذي ينتظرها
ودخلت في حلّم لم تفق منه إلا الصباح , على نغمة تغريد العصافير على شباكها المُشرق بنور شعاع الشمس
فتحت عينيها وهي خائفة أن تصحو على واقعها الجديد وترى نفسها نائمة على القش في منزلٍ خشبي !!!
ولكنها بدت فرحة عندما رأت غرفتها البرجوازية تلمع بألوانها الساطعة بالثراء والأميرية
ارتدت ملابسها وذهبت لتناول الإفطار مع والديها
وعند جلوسها على الطاولة تنتظر الطعام فإذا بوالدها يأمر الخدم أن يضعوا الطعام على الأرض , ليجلسوا جلسة استثنائية من أجل أبنتهم العروس الريفية
فقالت : صباح الخير , لماذا تريدنا أن نتناول الإفطار على الأرض يا أبي ؟
فقال : صباح الخير كيف حالها عروستنا الجميلة .. كل هذا من أجلك أنتِ يا حبيبتي .
فقالت : كنتُ بخير قبل دقائق , أما الآن فلستُ بخير يا أبي !!
فقال : لماذا هل لا تردين أن نشاركك التحضير للوضع القادم ؟
فقالت : لا فمازال الوقت باكراً على هذا التحضير النفسي , هُناك خمسة أيامٍ على الموعد الموعود للقاء سيدي المحترم !!
فقال : لا بأس سنتناول الإفطار على هذا الوضع فهو يُعجبني منذُ أن كنتُ صغير , ولكن أمكِ بترفها وعزها سلبتني أصغر الأحلام البسيطة !!
فقالت : الكثير من الرجال يتمنى زوجة كأمي , فلا تُنكر أنك تُحبها وتُحب كبريائها وأنفتها وشموخها وعزها وو...
فقال : كفى كفى لم يتبقى إلا أن تقولي أنني أُحبُ مالها !!
فقالت : أليست هي الحقيقة التي صنعت مركزك بين الناس ؟
فقال : نعم , ولكنها أبشع حقيقة في حياتي ...!
فقالت : ورُغم هذا تبقى حقيقة , فلو كنتُ ذات حظٍ مثلك لتزوجني أحد أبناء إخوانها الأثرياء , ولم أكن كما أنا الآن زوجة رجُلٍ ريفي فقير لا يملك سوى الماعز وبعض الماشية
فقال : لن أُعيد كراماتكِ التي تنتظركِ في هذا الزواج , أحمدي المولى على هذا النصيب !!
فقالت : الحمد لله , ولكن هي مجرد حسرات نقولها على سبيل الفضفضة عن النفس .
جاءت الأم تخطوا بخطوتها الكبريائية وهي شامخة الرأس مُنتصبة القامة
وعندما رأتهم يجلسون في هذا الوضع المتواضع
صُعقت من هذا المنظر .. وصرخت بأعلى صوتها
ماذا تفعلون أنتم ؟
هل وصل بك الحد يا أبا سعيد أن تجلس أرضاً وتجعلنا أضحوكةً للخدم ؟!!
فقال : تعالي شاركينا الطعام , سوف لن تندمين أبداً , سوف تتذكرين أيام الطفولة عندما كُنا نجلس مجموعة أطفال مع جدتكِ وأمكِ في الصباح الباكر على تلك الحصيرة الزرقاء
أتذكرين ؟
فصرخت قائلة : لا أريد أن اذكر شيء , لا أريد أن اذكر شيء .. وذهبت تصرخ بكلام مُبهم وتتمتم بأن هذا الوضع لا يُطاق ..!
سألت الفتاة والدها , وقالت : لماذا تصرخُ أمي يا أبي ؟
فقال : هذه أمكِ منذُ أن عرفتها بزيها المُخملي , تغيرت كثيراً عن كونها تلك الطفلة التي أحببتها عندما رأيتها تعيش بين الدجاج والطيور والماعز في بيت جدها !!
فقالت : ولماذا تزوجتما إذاً وأنت غير مُقتنع بحالها هذا الذي لا يُشبه طفولتها
فقال : هو النصيب يا ابنتي , هو النصيب الذي ألقاني في حفرة النار هذه !!
سكتت الفتاة , وأكملا إفطارهما سوياً على الأرض بتواضع وقناعة منهما الاثنين بأن التواضع سمة رائعة في شخصية الإنسان مهما علا قدره بين الناس
مرت الأيام مُسرعة كالبرق , وتم التحضير للزفاف وكانت الفتاة على وهبة الاستعداد للسفر مع زوجها
وكان يومُ السفر , ودعت الفتاة أبيها وأمها في مشهدٍ تملاُه دموع الوداع إلى آجل وواقعٍ غير معلوم
أخذ الشاب الريفي زوجته المُدللة إلى قريته الريفية حيث يسكن هو وأهله , بين الماعز والإبل .. وفي بيتٍ قروي بُني من الطين لم تكن تتوقع أن تسكُن فيه يوماً بعد أن عاشت طفولتها في ذلك القصر الكبير
وبينما هما يسيران في الطريق .. أحبت أن تسأل زوجها عن أسلوب حياتهم في القرية
فقالت : حبيبي هل لي أن تُخبرني بحياتكم قليلاً لأرى هل ستكون مُناسبة لي أم لا ؟
فقال وعينيه تملأنها الغرابة وبصوته الجهوري : أسمعي يا امرأة لا تقولي لي تلك الكلمة مرة أخرى ( حبيبي )
فأنا رجُل احترميني وناديني باسم رجُل قولي يا ( مطلق ) أو يا أبو زيد !!
فقالت : لكنك زوجي الآن وحبيبي , والكلمة لا تعني عدم الرجولة و .....
فقال : لا تُجادليني نفذي فقط ما أقول ودون أي أسئلة , أنا رجُل ولا أعرف هذا الكلام السخيف , أفهمي يا امرأة !!
فقالت في نفسها : منذُ البداية فشلت في إقناعه , كيف لي أن أُقنعه بطريقة لبسي وأكلي ونومي واستيقاظي , أوووه يا إلهي ساعدني !!
فقال : كنتُ أريد أن أُجيبكِ على السؤال , لكنك أثرتي أعصابي بكلامكِ الحضري !!
أنظري .. حياتنا اليومية يا أم زيد أطال الله في عمركِ , تبدأ منذُ آذان الفجر إلى حدود المساء
وحين الاستيقاظ الباكر , وبعد الصلاة تقوم والدتي بتحضير القهوة وبعض التمر
ونجلس سوياً نتحدث إلى حدود الساعة ومن ثم تذهب أمي لصُنع الخبز على الصاج , وأنا أذهب إلى زريبة الماعز لأطعمها وأسقيها وأهتم بها
ومن ثم أعود إلى البيت لتناول الإفطار , وبعد ذلك أخرج لأسرح بالحلال وآتي بالحليب لأمي لتصنع منه الزبد اللذيذ
أبقى في المراح إلى حين وقت الغداء , أتناول الغداء مع أمي الحبيبة وأعود مرة أخرى إلى حيث ماعزي وإبلي
ولا أعود إلا حين قرب غياب الشمس .. لأجد أمي وضعت لنا العشاء بعد صلاة المغرب
وأذهب إلى فراشي , لأخلد إلى الراحة والنوم .. لكنني لا أخبئ عنكِ أنني رجُل شاعر
وأدندن بعض الأبيات قبل النوم وأجرها في موالٍ يُبكي الإبل لو سمعته !!!
هذا هو يومي , إلا في يومِ الجمعة أذهب إلى سوق المواشي أحيانا لأبيع بعض الأغنام , أو أشتري العلف !!
ما رأيكِ هل حياتنا جميلة , أنا أكيد أنكِ سوف تُحبينها جداً ؟
فقالت وعينيها يملاُها النوم : حسناً لنرى ماذا هُناك أيضاً .. هل وصلنا إلى القرية ؟
فال : لا ليس بعد , تبقى القليل .. نامي وأنا أيقظكِ عند الوصول .
فغفت الفتاة مُرهقة في السيارة القديمة التي تصدر أصوات مُزعجة كواقعها المُزعج لحلّمها المُخملي !!
وبعد أن مشوا مسافةً من الزمن , وصلوا أخيراً إلى القرية وكانت الصدمة !!!!!!!!!!!!!!

يتبع ( الجزء الثاني )






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس
قديم 01-08-2013, 12:48 AM   رقم المشاركة : 2
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور



( الجزء الثاني )
كان في استقبالهم الأهل والأقارب .. يرددون عبارات الترحيب وبعض الرقصات الشعبية احتفالاً بهم
وكانت العروس المُخملية تعيش في دهشةٍ وتتابع الحدث وكأنها نزلت في عالمٍ آخر ..!
دخلوا الناس إلى المنزل وأكملوا احتفالهم في هذا الزفاف
ووضعت العروس قدمها لأول مرةٍ في أرضِ مصيرها المستقبلي في هذه القرية
استقبلتها العجوز أم زوجها استقبالاً خاص جداً , حيث جاءت بالحناء لتزين أقدامها ويديها بلونه الأحمر الجميل
حيثُ تفاجأن النساء برفضها لوضعه ووصفه بالأمر المقرف والغير مرغوب لديها !!!!
صمتت الأم وأخبرتها برغبة زوجها في الحناء , وأن الرجال يحبون رؤيته في يدين نساءهم
وحذرتها من عواقب رفضها هذا إن رآها زوجها بلا حناء في هذه الليلة
رضخت أخيراً وبعد تدخل النساء في إقناعها بوضعه , وضعت الأم الحناء لعروس ابنها
وأكملن الاحتفال بها ورقصن أمامها رقصاتهن الشعبية والتي لم تروق لها على الإطلاق
أمسكت الفتاة بأعصابها إلى حين انتهين من الرقص حيث تناول الضيوف طعام الغداء وذهب كلاً منهم إلى منزله
كانت الفتاة متشوقة جداً لترى غرفة نومها , وتدعوا أن لا تكون كما كانت صورتها في الحلّم قشٌ وخشب !!!
أخذتها العجوز بيديها , لتريها غرفة نومها لترتاح من السفر وتنتظر قدوم زوجها
مشت قليلاً في باحة الدار إلى أن وقفت أمام ذلك الباب الخشبي القديم
وقالت العجوز : هذه غرفتكِ يا ابنتي , أدخلي وارتاحي فيها ريثما يأتي زوجك من عند الرجال
دخلت الفتاة إلى الغرفة وكلها دهشة بما رأت !!
فراشٌ على الأرض بجانبه دُرجٌ خشبي صغير جداً لا يكفي لوضع ملابسها الداخلية فقط !!!!
وتلك الحصيرة المفروشة في قاع الغرفة الطينية , فوقعت مُغمى عليها ولم تفق إلا على صوت زوجها وهو يوقظها لتصنع له الشاي !!!
فاقت وهي تبكي وتقول : أين أنا ؟ ... أين أنا ؟!!
فقال : ماذا جرى لعقلكِ يا امرأة .. أنتِ في منزل زوجكِ والذي هو أنا !!!
فقالت : أنت !!!
فقال : لا تُجبريني على استخدام القوة , هيا أغسلي وجهكِ واستيقظي وأدخلي المطبخ وحضري الشاي عاجلاً .. أنتظركِ في باحة الدار لا تتأخري !!
وخرج بعصبية فصعق صوت الباب الخشبي في وجهها ليوقظها على واقعها المُحتم
قامت وهي تمسح دموعها وتستند على الجدار لتخرج للبحث عن المطبخ !!
وجدت أمامها العجوز تنتظرها بالشاي , وقالت يا ابنتي هذا الشاي قديمه إلى زوجكِ وحاولي أن تُهدئي أعصابه .. فهو طيب القلب وسيقبل بكلامكِ معه
فأخذت الفتاة الشاي , واستمرت تمشي بخطواتها المُهتزة إلى أن وصلت إلى زوجها
وضعت الشاي أمامه , وجلست بعيداً عنه !!!!
فجاءت العجوز مُسرعة لتحل الموقف .. وسكبت الشاي بدلاً عنها وبدأت بالترحيب والتهليل بزوجة ابنها المُدللة !!!!
فنظر إلى زوجته بنظرة قوية جداً , تعني أن الحساب في الغرفة لن يكون سهلاً كما تتوقع !!!
تناولوا الشاي , وكان وقت المساء .. والعشاء , قامت العجوز بتحضيره بمساعدة زوجة ابنها التي وقفت في المطبخ للمتابعة فقط !!!
وقدمت معها الطعام على سفرةٍ من الحصير وفي أواني من المعدن القديم !!!
سموا بالله وبدأ الزوج في الأكل مع الأم , والعروس المُدللة تتابع المشهد , بعجبٍ وغرابة !!!
وبعد أن أصرت عليها العجوز أن أأكلي يا ابنتي , تناولت قطعة خبز صغيرة في يدها وجلست تعضها وتتابع ما تبقى من المشهد الغريب !!!
إلى أن انتهى وقت العشاء , ورفعت العروس السفرة مع الأم ومن ثم ذهبت راكضة لغرفة النوم .. لتختبئ عن زوجها الغاضب
وبعد دقائق سمعت تلك الزفرة القوية وبصوته الجهوري قادم إلى الغرفة !!!!!!

يتبع ( الجزء الثالث )






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس
قديم 01-08-2013, 12:54 AM   رقم المشاركة : 3
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

( الجزء الثالث )
خافت العروس واضطربت عندما سمعت الصوت قادماً نحوها ويقترب أكثر
فكرت ماذا يمكنها أن تفعل لتتدارك ردة فعله ونظرات التهديد التي رأتها في عيونه الغاضبة وهم يتناولون الشاي ...!
فقامت سريعاً وفتحت حقيبة الملابس لتلبس أي شيء يُنقذها من غضبه المُدمر
ويجعلها بعينيه امرأة أخرى لا تشبه تلك التي أغضبته

جعلت تنظر إلى هذا القميص وهذا واحتارت في الاختيار
لكنها قررت سريعاً أن ترتدي قميصاً قصير جداً ولونه أحمر , لأنها سمعت من أمه أن رجالهم يحبون هذا اللون !!!!

وبعد ثوانِ من انتهاءها فإذا بالباب يُفتح ................
وكانت دهشة كبيرة ترتسم في عيون الزوج مما رأى !!!
ولأول مرة يرى أمام عينيه وفي غرفته منظراً غريب , وجذاب كهذا المنظر !!!
جلس يُقلب شكل الزوجة بنظراته

تارة يمين , وتارة شمال .. وهُنا وهُناك وفي جميع الاتجاهات
وهو مشدوه بفمٍ مفتوح ..........!

وقال : بصوته الجهوري , ما كل هذا يا أم زيد , أين ملابسك لماذا أنتِ عارية ؟

فقالت وصوتها كله رهبة وخوف :

لا شيء , ارتديت ملابس النوم فقط , آلا تريد النوم ؟

فقال : وفمه مازال مفتوحاً من هول المنظر
نعم أريد النوم , ولكن لا تلبسي هذا مرة أخرى أمامي !!!!
الآن أخلعي هذه الملابس وألبسي شيئاً ساتر يناسبكِ
ومن ثم تعالي إلى جانبي أريدكِ في كلمة قبل أن أنام , سأذهب الآن وأعود بعد دقائق
خرج من الغرفة لتبدل ملابسها وهو يتمتم ويتحدث إلى نفسه : أنا لم أرى هذه الملابس من قبل , ولا أرغب في رؤيتها أستغفر الله .. لا حول ولا قوة إلا بالله !!


وقفت الفتاة مُتعجبة جداً , وفي عينيها يدور تساؤل .....
لماذا لم يتقبل شكلها هذا وما هو الخطأ , ألسن جميع الفتيات يلبسن لأزواجهن هذه الملابس ؟

وبعدها بحثت في حقيبتها عن ملابس ساترة تُعجبه وارتدت منها , وجلست على الأرض وهي مازالت تُفكر في غرابة وضعه وتفكيره المُنغلق !!

فإذا به يعود إلى الغرفة وفي يده إبريق شاي وابتسامته شبرين تملأ المكان

وقال مُبتسماً :

أنظري يا أم زيد ما أجملك الآن في هذا الثوب الطويل , هكذا أريدك
أحضرت الشاي بيدي , لأتحدث معكِ في أمور لابد وأن تفعليها غداً باكراً بدلاً من والدتي
بوجودكِ يا أم زيد لا أريد أن تفعل أمي أي شيء من شؤون المنزل أو الماشية
أريدك أن تقومي بكل شيء لوحدكِ وأنا سوف أساعدكِ لا تقلقي !!
فقالت في نفسها : حمداً لله أنه قد نسي أمر الغضب وغير ذلك لا يهم !!

ابتسمت في وجههِ وقالت :
أنت تأمر يا أبو زيد وأنا أفعل ما تطلب مني , أنت زوجي وتاج رأسي ولن أرفض أي أمر يجعلك مرتاح وسعيد !!

فرح كثيراً بزوجته المطيعة وأصبح ينفخ صدره أكثر أمامها ويتباهى برجولته في جلوسه وقال : إذاً أسمعيني ماذا أقول و أحفظي جيداً , لا أحب أن أكرر كلامي !!
سأبدأ من أصغر الأمور .....

ملابسكِ من الآن وصاعداً , أريدكِ أن ترتدي ثياباً طويلة تماماً ومعها غطاء الرأس و ( البرقع ) ولا تحاولي أن تخلعيهما عنكِ إلا هُنا في الغرفة فقط
وإن رأيتُ ما يُخالف قولي هذا سوف يكون أمامكِ حسابٌ عسير

والأمر الثاني أريدكِ أن تقومي باكراً وتنامي باكراً وتخدمي والدتي في كل ما تطلب من وقت نهوضها من فراشها إلى حين عودتها إليه

ويجب أن تعلمي أن كلمتي وكلمة أمي واحدة إذا أمرتكِ بأمر افعليه دون الرجوع لي وطبقيه بأي شكل كانت تُريده !!!

الأمر الثالث أريدكِ أن تتعلمي غداً صُنع الخبز على الصاج لتصنعيه لنا يومياً بدلاً من أمي .. كنتُ أريد أن أسألك هل تعرفين من الطبخ شيء ؟

لكنني أكيد بأن الشكل الأحمر العاري الذي رأيته قبل قليل , لا يعرف شيء من هذه الأمور الأصلية إطلاقاً !!!

لذلك تعلمي , وتعلمي .. من أمي أصول الحياة هُنا على وجهها الصحيح
وبسرعة وفطنة .. حاولي أن تًجيدي البعض منها على الأقل ومع الزمن ستصبحين سيدة نساء هذه القرية وأكثرهن مهارة !!

الأمر الرابع , وما يختص بالماعز خلف المنزل , الآن أنا لدي ما يُشغلني عنها ببعض الأعمال في سوق المواشي

أريد أن أبيع بعضها وأشتري البعض لأعوض خسارتي في الزواج منكِ !!
في غيابي عنها أريدكِ أن تُطعميها وتُسقيها يومياً بلا تأخير باكراً باكراً كل يوم

وأن تحلبي الحليب من الماعز وسأعلمكِ غداً على ذلك , وتأتين به إلى أمي لتُعلمكِ صُنع الزبد وحفظه وكل ما يتعلق بهذه الأمور المنزلية

الأمر الخامس أريدكِ أن تعلمين أمر واحد أنني رجُل أتعب طوال النهار , وأشقى في يومي كثيراً , ولا أجد من الراحة إلا وقت النوم في الليل , ولستُ من أهل السهر الذي اعتدتم عليه في حياتكم بالمدينة !!
لهذا أريدكِ أن توفري عليّ تعب مناجاتكِ طوال الليل كما نحن الآن .. وأنتِ مازلتِ تُسهرين عيوني في كلام ضائع .. وتهزين رأسك , أجزم أنكِ لم تفهمين شيء من كلامي أيتها المُتعلمة !!

هيا يا امرأة , ماذا تنتظرين , أرفعي هذا الشاي في المطبخ وتعالي إلى النوم لنصحوا باكراً مع آذان الفجر لدينا الكثير من العمل ...!

فقالت الفتاة بحسرة كبيرة : حاضر , سوف أذهب الآن , نم أنت وسآتي بعد قليل .
قامت وذهبت إلى المطبخ وهي تُفكر في أول ليلة سوف تقضيها خارج أسوار مملكتها المُخملية , وغرفتها الأميرية التي اعتادت النوم على فراشها المريح ومخدتها الهشة بنعومة .. وكما هو الصباح يومياً يوقظها على نغمات عصافير شباكها المطل على أجمل زهور وحدائق القصر !!

كل هذه باتت أحلام وهمية ولن تعود يوماً آخر
عادت الفتاة أدراجها إلى غرفتها الزوجية , لتنام مع زوجها إلى الصباح
اقتربت من الفراش خائفة , لأول مرة تنام على الأرض , وتخاف أن يكون هُناك شيء مختبئ في أطراف الفراش !!!

غمضت عيونها وبالقوة واستطاعت النوم , غفت عيونها الحالمة بالغد .. وهي تفكر كيف سيكون يومها وكيف ستنسجم مع أعمال لا تعرف عنها شيء ؟

وإذا بالساعات تمر سريعاً , والديك يصيح مُعلناً حلول الفجر
أستيقظ الزوج وأيقظ زوجته المُدللة إلى الصلاة
فقال : يا أم مطلق أصحي يا امرأة الصلاة , هيا أنهضي
وكعادتها كانت تحلُّم بواقع آخر , وقامت وهي تصرخ بأعلى صوتها :

من أنت !!! , من أنت وأين أنا ؟!!!!
كان صراخها عالياً جداً , فإذا بزوجها يمد يده بذلك الكف القوي على خدها , ليوقظها من صراخها الحالم

وهي تصرخ وتصرخ .. وهو يضرب ويشتم , أصمتي يا امرأة أصمتي !!!!
استيقظت الأم على صوت الصراخ والضرب
وجاءت مسرعة لترى ما الأمر ؟

طرقت الباب في عجلة من أمرها وبطرقات متواصلة , وتنادي يا مطلق , يا مطلق افتح الباب يا أبني ما بكم تصرخون ؟

فقام مطلق وفتح الباب لأمه ....
فإذا بالفتاة تأتي راكضة إلى العجوز وتتوسل عطفها بأن تعيدها إلى منزل أهلها , وأنها لا تريد العيش في هذا المكان ومع هذا الرجل

أخذت الأم تهدئ من روع الفتاة وتقول أهدئ الآن وأخبريني ماذا جرى لأساعدكِ يا ابنتي ؟
فقالت : صحوت ووجدته نائم بجانبي وأنا لم أتعود النوم مع شخص آخر حتى لو كانت أختي لا أريده يا خالتي لا أريده دعيه يُطلقني ويرسلني لأهلي لا أريده !!!!

فقال مطلق لأمه : دعيها يا أمي فهذه امرأة مجنونة

البارحة قبل النوم تقول أنت زوجي يا أبو زيد وأوامرك تاج على رأسي , والآن تقول دعيه يطلقني , بالله عليكِ يا أمي ما هذا الكلام الفارغ !!







التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس
قديم 01-08-2013, 12:55 AM   رقم المشاركة : 4
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

صرخت الأم في وجه مطلق : من اليوم زوجتك سوف تنام عندي إلى أن تتعود على المكان وعليك .. لم أتوقع أن ابني العاقل يمد يده على امرأة مكسورة وأمانة بين يديه

والآن يا بني أستغفر ربك وأذهب للصلاة
وتعوذوا من الشيطان وأتركوا هذا اليوم يمضي على خير
هيا اذهب , أذهب .. وأخذت تدفعه إلى خارج الغرفة
خرج من المنزل للصلاة , وهو نادم على ساعة هذا الزواج من هذه الفتاة المُدللة

وكان يمشي في الطريق ويقول لنفسه :

لو تزوجت يا مطلق ابنة جارنا فلان تلك الفتاة الجميلة التي كانت تجلس على قارعة الطريق تنتظرني يومياً , لتنظر إليّ فقط وتملأ عينيها برؤيتي , أليست أفضل من هذه المرأة المتوحشة !!!!
صفق كفيه ندماً وحسرة , وقال لا بأس يا مطلق لعلك في النهاية تحصل على أرث منها يعوضك عن كل هذا الصبر والتحمل .. وأكمل طريقه إلى المسجد !!

بينما كانت العجوز المسكينة تهدئ زوجة ابنها
حيث أخذتها إلى غرفتها وقالت أنا مثل أمك يا ابنتي وأنتِ هُنا في منزلكِ الآخر
قولي لي يا أبنتي هل حصل من مطلق تصرف يضايقك لتصرخي بكل هذا الصوت

أم ما هو الأمر بصراحة ؟

قالت الفتاة :

أبداً لم أرى منه شيء إلا أنني عندما صحوت قد نسيت أنني متزوجة وأنني خرجت من منزلنا إلى بيت زوجي , فصرخت عندما رأيته وضربني لأصمت عن الصراخ

الخطأ مني يا خالتي أنا المخطئة , اعذريني لأنني أيقظتكِ على هذه الأصوات وأقلقت راحتكِ
فقالت العجوز : لا عليكِ يا أبنتي أنا كنت مستيقظة من قبل الصوت

الآن سوف نذهب إلى غرفتكم وتأتين بملابسك لتبقين عندي فترة من الزمن حتى ترتاح نفسيتكِ وتتعودين على المكان والناس هُنا

ومن ثم عودي إلى غرفتكِ لزوجكِ , بالطبع إن كنتِ ترغبين بالنوم في حضن والدتكِ من جديد يا أبنتي المُدللة !!

فضحكت الفتاة وذهبتا إلى الغرفة وأخذتا ما تحتاج من إغراضها إلى غرفة العجوز

وقالت الفتاة :

ولكن يا خالتي هل مطلق سوف يوافق على نومي بعيداً عنه هذه الفترة ؟
قالت : أبني لم يتعود أن يكسر كلمتي لا تقلقي , أنا قلت تنامين معي وسوف تنامين معي وانتهى الأمر !!

وبعدها ذهبتا إلى صلاة الفجر , وبعد أن أدتا صلاتهما دخلتا معاً إلى المطبخ
وكانت الفتاة المُدللة تتساءل عن هذا الخبز الذي يصنعونه على الصاج

وبأنها أول مرة سوف تراه , وتتعلم طريقته

قربت العجوز الدقيق وأخذت تعجن العجينة وتعجن ..... والفتاة كانت تتابع وتتعلم منها
وطلبت منها أن تصنع القهوة بينما هي تحضر العجين , وبإشرافها عليها تمكنت الفتاة المُدللة ولأول مرة من إنجاز القهوة !!!!

ومن ثم جاء مطلق من الصلاة ينادي بصوته الجهوري و يطلب القهوة .. يا أهل البيت , يا أمي أين القهوة ؟

وقالت العجوز للفتاة : خذي القهوة والتمر إلى زوجكِ بسرعة , هيا قبل أن يغضب
فقالت الفتاة : دعيني أنا أكمل العجين وخذيها أنتِ بدلاً مني , أرجوكِ
وافقت العجوز على طلب الفتاة , وذهبت نيابة عنها لتقدم القهوة إلى مطلق
وضعتها أمامه , فإذا به يصرخ بتلك الصرخة !!!!

أين المُدللة إذاً بنت العز والدلال , لماذا لم تأتي بالقهوة
كنت أعلم جيداً أنها لم تفهم من كلامي البارحة شيء , فقد نبهت عليها أن تبقيكِ مرتاحة وأن تقوم هي بجميع الأمور في المنزل

ولكن ..........؟ , علاج النساء هي العصا يا أمي دعيني أربيها

قالت الأم :

اسكت يا فتى هي الآن بحمايتي ولن تستطيع أن تمد يدك عليها وأنا على قيد الحياة
جرب أن تضربها , وسترى على من سوف ترتفع العصا يا مطلق !!!!
عادت الأم للمطبخ لتتابع عمل زوجة ابنها

وجدتها قد صنعت خبزاً سميك جداً وغير مستوي وفي أشكال غريبة ومضحكة !!!
فقالت العجوز ضاحكة :

كفى كفى قفي يا ابنتي هذا ليس خبز , ماذا فعلتي .. أجلسي وتابعيني فقط , لا أريد أن يرى مطلق خبزكِ هذا ومن ثم والله لن تسلمين من لسانه السليط وكلامه الجارح !!

جلست الأم تخبز وتخبز وترق لفائف العجين إلى صفائح رقيقة جداً على الصاج وتصنع خبزها الرائع ...!

وكانت الفتاة تتابع , وتتابع وتحاول أن تتعلم ...!

يتبع ( الجزء الرابع )






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس
قديم 01-08-2013, 01:04 AM   رقم المشاركة : 5
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

( الجزء الرابع )

مرت الأيام تركض بواقعها الأليم
والفتاة تبكي حسرةً في كل ليلة على حظها وتندبُ نصيبها مع هذا الرجل في هذه القرية النائية عن أحلامها المُخملية

وما كان يهون عليها حقيقة هذا الواقع سوى حضن العجوز الطيبة
التي كانت تتعلم منها كل يوم

بأن الصبر هو مفتاح الفرج ولابد أن يأتي يوم ويكون لها هذا المكان الصغير كغيره في هذا العالم الكبير ..!
وكانت الليلة الخامسة التي تنام فيها الفتاة مع أم زوجها , بعيداً عن حياتها الزوجية


كان مطلق مُستلقياً على فراشه وحيداً يُفكر في حاله المُحزن
ويفكر إلى متى سيبقى بعيداً عن زوجته المُدللة وهو لا يجد من يراعي شعوره المُشتاق للحنان والعطف !!
دبت الأشواقُ من جديد في قلب الحياة الريفية
وعادت للعشاق أيام الخوالي !!!
ونام الليل في عيون السُكان , وكانت حكاية أخرى في حياة بطل قصتنا ( مطلق )
بعد تفكير عميق جف ريق مطلق , وأحتاج لبعض الماء ليبل ريقه العطشان

وقام ليشرب الماء من الزير الموجود في باحة المنزل
فإذا بذلك الحجر الصغير يسقطُ على الأرض ... آتياً من جهة سطح الجيران !!!
فراح يمشي باتجاهه بخطوات خفيفة جداً وكان حذراً في خطواته
مشى ومشى وصعد فوق السطح ليرى من هُناك
فإذا بصوتِ فتاة تقول أنا هُنا يا مطلق
دب الخوف في جسد مطلق وبدأ يرجف خوفاً
تراجع إلى الخلف يريد العودة إلى غرفته .. ظناً منه أنها جنية !!!!!!!!
فإذا بصوتِ بكاءٍ ينادي لا تذهب يا مطلق , لا تذهب تعال وتقدم إلى هُنا

فكانت شهامته تدفعه إلى التقدم لينقذ من تدعوه إليها
وتقدم قليلاً بخطوات راجفة من الخوف
فإذا بتلك الفتاة وبوجهها القمري تظهر نفسها أمامه
زفر مطلق بتلك الزفرة العميقة من بعد خوف كبير , وقال :
من أنتِ يا ابنة الناس وماذا تريدين مني في هذا الوقت ؟
من أنتِ , كأنني رأيتكِ من قبل !!
فقالت : أنا سلمى يا مطلق
أنا من أحببتك منذُ الصغر وأنت لا تعلم عن حبي
كنتُ أقف يومياً هُنا لأراك وأنت تمشي في المنزل
وكنت أقف على طريق ذهابك إلى السوق لألفت انتباهك لي لكنك لم تشعر بي يوماً

هل تزوجت يا مطلق , هل تركتني وأنا الأقرب منك ؟
لا تعلم كم بكيت عندما سمعت بزواجك من فتاة المدينة هذه
كم تعذبت , وكم سهرت الليالي وأنا في انتظار نبأ انفصالكما لأعود وأحلق النظر فيك من جديد وأحلم بقربك ..!
فقال : عودي إلى أهلكِ يا هذه واتركي هذا الكلام , أنا الآن متزوج وكفى كلاماً فارغ
هيا أذهبي قبل أن يرانا أحد , وتضعيني في موقف محرج مع أبيك , وأنا في غنى عنه يا مجنونة !!!
أذهبي يا ابنة الناس ولا تعودي إلى هُنا مرة أخرى ... ولا تفكري فيّ أبداً
فنزل من السطح مسرعاً وهو يفكر في حال هذه الفتاة المسكينة التي تعلقت في حبه المستحيل !!!!
وصل إلى فراشه ووضع رأسه على مخدة الأحلام , وكان حلُّم جميل ..........
رأى أنه تزوج بسلمى وهي ترقص أمامه بزيها الأخضر وشعرها الطويل الساحر
وكان سعيداً جداً في حياته معها
جاء وقت الفجر , وغردت عصافير الصباح , وأنتهت الأحلام
وبدأ يومٌ آخر , يحمل في طيات ساعاته الحزن والفرح والأمل والألم
كانت الأم تجلس صباحاً في باحة الدار
وزوجة ابنها تحضر القهوة والإفطار
ومطلق ينادي , يا أهل الدار , هل من إفطار ؟
والزوجة ترد , حاضر قادمة الآن
جاءت القهوة وجاء الخبز .. وكان لذيذاً في هذه المرة
لم يصدق مطلق مهارة زوجته في صُنع الخبز
فردد عبارات الإعجاب بالخبز , وأثنى على سرعة بديهتها ومهارتها في التعلم
وبعد أن انتهوا من إفطارهم , أخذت زوجة الابن إناء الحليب لتحلب الماعز

تفاجأ مطلق من هذا المنظر !!!
وهو يرى زوجته المُدللة تلبس البرقع وتحمل الإناء ذاهبة إلى خلف المنزل حيث الماعز

ذهب خلفها ليرى بعينه ........
رآها تحلب بمهارة وخفة , فجاء نحوها وقال :
ما هذا يا أم زيد متى تعلمتِ كل هذا ؟
أراكِ تعلمتِ بسرعة من أمي .. وأصبحتِ أفضل مني ومنها ..!
فقالت : هي امرأة طيبة جداً , تحملت جهلي وعدم وعيي وشجعتني على تكرار المحاولة إلى أن نجحت

فقد تعلمت منها الكثير والكثير , ليس هذا فقط .

هل تعلم يا أبو زيد ؟

هنيئاً لنا حقاً بأمٍ كهذه , فعندما أقارن بينها وبين أمي لا أجد أي توافق بينهما

رغم أنهما في نفس العمر تقريباً

إلا أن أمي لا تملك من الخبرة شيء ولا تعرف سوى التعالي والغرور
وأمك كنزٌ مفتوح وقريب من متناول اليد , يعطيك كل ما تريده بمجرد كلمات ونصائح

فقال : أطال الله بعمرها يا أم زيد , أتمنى أن تكوني بخير معنا فقط
ولا أريد أكثر من ذلك فأنتِ أمانة غالية علينا من عمي
أراكِ لاحقاً , أنا ذاهب لأرى أمور الحلال وأعود في المساء
ذهب إلى عمله ... ومر النهار يجري في ساعاته إلى أن غربت الشمس
وعمّ الظلام على القرية لتبدأ ليلة أخرى ....... هادئة !!
دخل زيد إلى غرفته , يحاول الراحة والنوم
فإذا بصوتِ خطواتٍ تقترب من الغرفة .... وتقترب , ففُتح الباب !!!
جاءت الفتاة المُدللة بحلةٍ أخرى , تلبس ثوباً طويل وغطاء وبرقع
ودخلت الغرفة تحمل أغراضها وتريد العودة إلى واقعٍ أصبح مُستساغاً في عالمها الجديد !!
نطقت السلام ورد أبو زيد في دهشةٍ من أمره
وسألها : ماذا تغير في الأمر يا امرأة ؟
فقالت : لاشيء أريد فقط أن أعود إلى طبيعتي كزوجة , تنام بقرب شريك حياتها ؟
اقتربت من الفراش , وكانت الأنفاس تترجم الأشواق في مشهدٍ مُظلم
وناما سوياً في هدوء وعمّ الوئام بينهما , وابتدأت حياةٌ أخرى مُختلفة
يتبع ( الجزء الخامس )






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس
قديم 01-08-2013, 01:12 AM   رقم المشاركة : 6
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور


( الجزء الخامس )

أشرق الصباح على الزوجين
وهما مازالا مُستغرقان في سعادةٍ لا نهاية لها من بعد هذا البعد والجفاء ...!
استيقظت الأم ولم تجد زوجة ابنها بقربها
فرحت كثيراً وخرجت لتراهما وتقدم لهما التهنئة
كان الوقت فجراً ولم يستيقظا بعد
فوجئت العجوز بكسل مطلق الغير معتاد , وهو من كان يوقظها لصلاة الفجر
طرقت عليهما الباب تنادي , استيقظوا حلّ الصباح يا أبنائي قوموا للصلاة
استيقظ مطلق على صوت أمه وهو مبتسم ومرتاح جداً ومستبشر بهذا اليوم السعيد
وزوجته مازالت غارقة في بحر النوم مرهقة جداً وكأنها لم تنم لمدة سنة
حاول مطلق إيقاظها لكنها لم تستيقظ , فخرج وطلب من أمه أن توقظها
دخلت إليها وأيقظتها , أستيقظت الفتاة من نومها وهي ترى العجوز بجانبها
استغربت دخولها إلى الغرفة فسألت الأم وقالت :
أين هو مطلق يا خالتي كان هُنا ليلة البارحة
هل حصل له مكروه ؟

فقالت الأم :
لا يا ابنتي كان هُنا قبل قليل يوقظكِ وأنتِ لم تستيقظي , فطلب مني أن أوقظك

أخبريني يا ابنتي كيف كانت العودة إلى زوجكِ ؟
ضحكت الفتاة في خجل وقالت :
أنا من عدتُ يا خالتي وهو لم يرفض عودتي وكأنه كان ينتظرني على أحر من الجمر
ذهبتُ من غرفتكِ عندما كنتِ نائمة , كنتُ أريد أن تفرحين في الصباح عندما ترين فراشي مطوياً بجانبكِ وقد عادت المياه إلى مجاريها بيننا
قالت الأم : أسأل الله أن يديم عليكما السعادة يا ابنتي وأن يرزقكما الذرية الصالحة

هيا الصلاة يا ابنتي ومن ثم لنذهب إلى المطبخ
سوف يعود الآن مطلق من المسجد يريد القهوة
ردت الفتاة : آتية حالاً , أبدل ملابسي فقط والحق بكِ
خرجت الأم ولحقت بها الفتاة وحضرت الإفطار والقهوة
وبينما كانتا تجلسان في باحة الدار
فإذا بمطلق يدخل وهو عابس الوجه وعينيه فيها حزنٌ كبير , سارح التفكير !!!!

ويصفق بيديه ويقول :
لا حول ولا قوة إلا بالله , إنا لله وإنا إليه راجعون
خافت الأم وصرخت : ماذا هُناك يا مطلق هل حصل لأحد جيراننا مكروه ؟

فقال : نعم يا أمي ابنة جارنا كريم قد توفيت ليلة البارحة
رأيت الرجال يعزون أبيها في المسجد قبل قليل
وكان حاله محزن يا أمي محزن جداً !!
قالت الأم : إنا لله وإنا إليه راجعون
كلنا على هذا الطريق يا بني , لا تحزن . هذا حال البشر يولد احدهم ويموت آخر

فقال : ولكن موتها كان فاجعة لأهلها يا أمي
فهي صغيرة في السن وليست مريضة بأي مرض , كما يقولون الناس

فرد على نفسه : هل هُناك أعظم من مرض الحب ؟
لابد أنني السبب في موتها , فقد ماتت من القهر والحزن .. ربِ أغفر لي فوا لله لم أكن أريد جرح مشاعرها بقولي أبتعدي عني ولا تعودي
لماذا أجد نفسي في هذا الموقف , ما هو ذنبي يا الله .. يا رب أرحمني من العقاب وأرحمها وأغفر لها وأغفر لي خطأي وأنت تعلم عن نيتي يا الله .
كانت زوجته تستمع إلى حديثهما هو وأمه , وهي ترى علامات الحزن الكبير في عيني مطلق
وتساءلت ترى ما هو سر هذا الحزن ؟
لا بد لي أن أعرف , لابد أن أسأله ولكن ليس الآن ..!
فقالت : تفضل القهوة يا أبو زيد

فقال :
لا , لا أريد أنا ذاهب لدي عملٌ كثير هذا اليوم , تأخرت على عملي لابد أن أذهب الآن

لا تنتظروني على الغداء سأعود مساءاً إن شاء الله
فقالت الفتاة للأم :
ماذا أصاب مطلق يا خالتي , هل خرج يوماً بلا قهوة ولا إفطار ؟
ردت الأم :
لا والله يا ابنتي لم أراه في هذا الحال إلا اليوم
ولكن لا تقلقي فأنه حزين لحزن جارنا فهو صديق أبيه رحمة الله عليه ويعتبره في مقامه

تناولي إفطارك يا ابنتي لنذهب لجيراننا ونؤدي الواجب معهم
كان مطلق يجلس وحيداً في مكانٍ بعيد في الصحراء يناجي الألم والحزن

ويردد بعض الأبيات الحزينة في موت هذه الفتاة
ويحاول الترويح عن نفسه الحزينة
إلى أن جاء وقت المساء , وهبط الظلام على ملامح السماء
وكان الليل .... ينادي بقدوم ليلة جديدة
عاد مطلق إلى المنزل .. وجلس في باحة الدار
ينادي أين انتم , يا أم زيد ..
خرجت زوجته من المطبخ كانت تحضر العشاء , وسألته
نعم أنا هُنا هل عدت يا أبو زيد , هل تريد أن آتي بشيء ؟
فقال : نعم هاتي لنا شاي , وبعض الماء .. وبدأ يتمتم
هذا أصعب نهار في حياتي لم أرى الحزن صعباً بهذا الشكل كما رأيته اليوم

جاءت بالشاي وسألته :
أبو زيد هل أسألك وتجيبني على سؤالي دون أي صراخ أو عصبية ؟

فقال : اسألي وسأرى .
فقالت : ما هو سر هذا الحزن في عينيك اليوم ؟
هل تعرف الفتاة هذه , هل كانت بينكما علاقة ؟
فقال : هل جُننتِ يا امرأة علاقة ماذا , ومن أين أعرفها ؟
هي ابنة جارنا فقط , ولم يسبق لي رؤيتها ولا التحدث معها
فقالت : ولماذا تحدد رؤيتها والتحدث معها , وأنا لم أتهمك بهذا الكلام !!

فقال : لاشيء , لاشيء دعينا نعيش هذه الليلة بهدوء وأكرمينا بصمتكِ
فقام إلى الغرفة بسرعة , وقالت : والشاي يا أبو زيد لا تريده ؟!!!
جاءت العجوز من منزل الجيران , وهي تردد عبارات الحزن وقالت لم أرى أم سلمى بهذه الحالة يا ابنتي

كانت ابنتها الوحيدة وهي التي تقوم على خدمتها
الآن أصبحت المسكينة وحيدة في منزلها لا معين ولا ونيس إلا الله

فردت الفتاة :
ونعم بالله يا خالتي , لا تحزني فإن الله لا يترك عباده وهو رحيم بهم وبحالهم

وأنا غداً سوف أذهب لها باكراً لأساعدها لا تهتمي
هل أسكب العشاء يا خالتي .. فقالت الأم : وأين مطلق , هل عاد من عمله ؟

فقالت : نعم وهو في الغرفة الآن , ولكنه حزين جداً ولا أعلم ماذا يحزنه لهذه الدرجة وكأنها أخته أو قريبته !!!

ردت الأم وقالت :
مطلق قلبه حنون جداً يا ابنتي ويحزن من أبسط الأمور , حاولي يا ابنتي أن تخرجيه من هذه الحالة وأدخلي إلى نفسه السعادة بالكلام الجميل
حاولي معه بوما يعود إلى طبيعته , للتو كنتما سعيدين ليلة البارحة وجاءتنا هذه المصيبة اليوم وأنقلب الحال إلى حزن آخر , ولا حول ولا قوة إلا بالله !!
هيا ابنتي , اسكبي لنا العشاء ونادي زوجكِ لنذهب إلى النوم فأنا متعبة كثيراً أريد الراحة
فقامت الفتاة وسكبت العشاء .. وذهبت لتنادي مطلق , فوجدته متغطي باللحاف وصوت بكاءه يملأ الغرفة
أغلقت الباب فوراً وعادت إلى الأم , وقالت : وجدته نائم يا خالتي , اليوم قد تعب كثيراً دعيه ينام وإذا استيقظ سوف أسكب عشاءه مرة أخرى

تناولت الأم عشائها وذهبت إلى النوم
وعادت الفتاة إلى زوجها , لترى ما هي المشكلة ؟
وجدته جالساً على فراشه , وعينيه حمراوين من البكاء والحزن
فقالت : يا أبو زيد أصدقني القول , ماذا يجمعك مع هذه الفتاة ؟
صدقني لن أغضب منك إن قلت الصراحة , فقط صارحني بالحقيقة , على الأقل تروح عن نفسك هذا الكبت

فقال : نعم أنها ابنة جيراننا قد رأيتها قبل عدة ليالي على السطح عندما ألقت بحجرة صغيرة في باحة الدار
وذهبت لأرى من أين جاءت .. ووجدتها , كانت فتاة في غاية الجمال وصغيرة لا تستحق الموت يا أم زيد
كانت تقول لي أنها تحبني وأنا ترغب في الزواج مني منذُ زمن , وأنها حزنت كثيراً لأنني الآن متزوج بغيرها , وأنا والله لا أعرفها من قبل

كنت قاسي معها كثيراً ورفعت صوتي في وجهها في تلك الليلة وقلت لا تفكري في مطلق ولا تعودي لرؤيتي مرة ثانية

وفعلاً الآن هي لن تعود يا أم زيد ولن تفكر فهي لم تعد معنا في هذه الحياة , ماتت يا أم زيد ماتت الفتاة وأنا السبب !!!!
وكان يبكي بقوة ويردد أسمها :
آه يا سلمى سامحيني , آه يا سلمى لماذا تتركيني حزين , آه لو تعودين فقط والله لن أبدلك بنساء هذا الكون كله !!!
خرجت زوجته من الغرفة , لتنام مع العجوز مرة أخرى !!!!
فتحت الباب بهدوء ودخلت إلى الغرفة وبقيت مستيقظة إلى وقت الفجر

وهي تفكر في حال زوجها النادم على زواجه منها !!!
أسرعت بالنهوض قبل العجوز حتى لا تراها نائمة بجانبها
وخرجت ومن ثم عادت لتوقظها للصلاة , ومن ثم ذهبت لتحضير القهوة

جاءت العجوز وجلست في باحة الدار , وجاءت القهوة
فقالت لزوجة أبنها : أيقظي زوجكِ يا ابنتي , هل ذهب إلى المسجد اليوم ؟
فقالت : لا أظن أنه ذهب .
فقالت : أذهبي واطمئني عليه يا ابنتي , ربما أنه يشعر بتعب أو شيء ؟

فقالت : لا يا خالتي , أذهبي أنتِ لا أرغب في رؤيته ولا في الحديث معه
فقالت : ولماذا , ماذا جرى بينكما أيضاً ؟
فقالت : لاشيء ولكن معدتي تؤلمني إن نظرت في وجهه أو شممت رائحته
فقالت : مبارك يا أبنتي , ربما تكونين حامل , لا تقلقي هي فترة وتنتهي
فقالت : لا أعتقد يا خالتي .. لكنني لا أغرب في الذهاب إليه , أعفيني من رؤيته فقط
فقالت : حسناً سأذهب أنا لإيقاظه
وقالت الفتاة : وأنا أيضاً ذاهبة لأرى الماعز , وأطعمها ..!
ذهبت العجوز لمطلق .. ودخلت إليه في الغرفة
واقتربت من فراشه , تنادي يا مطلق , يا مطلق هداك الله استيقظ يا بني

أشرقت الشمس الآن وأنت مازلت نائم , لا صلاة ولا عشاء , ولا إفطار ما بك يا بني ؟
لكنه لم يجيب بأي كلمة ..............
يتبع ( الجزء السادس )






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس
قديم 01-08-2013, 01:21 AM   رقم المشاركة : 7
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور




الجزء ( السادس )

كانت تلك هي آخر أنفاس مطلق في هذه الحياة
لفظها وهو يبكي الحسرة على عاشقته المتوفاة
ليذهب إلى العالم الآخر حيثُ تكون , ليقدم لها مراسم المحبة ويزف لها أجمل لقاء !!
توفي مطلق أثر أزمة قلبية أزهقت روحه من شدة حزنِ الفراق
وجاء عهد الأبناء ...... ليكملون المشوار الذي بدأ
كانت زوجته حاملاً بابنه , الذي لم يفرح بخبر قدومه إلى هذه الدنيا
انتهت حكاية وبدأت أخرى في حياة الفتاة المُدللة
وانتهى وقت العزاء .......
وانتقلت الفتاة للعيش في دنياها المُخملية مرة أخرى
وذهبت إلى منزل والدها وهي تحمل في أحشائها همٌ آخر
بينما ذهبت العجوز أم مطلق للعيش مع أخيها في القرية المجاورة
دخلت الفتاة المُدللة إلى قصرها بعدما تعودت على العيش في بيوت الطين وبين الماعز
كانت تستغرب الحياة المُخملية , ولم تستطع النوم في الليلة الأولى !!!
وفي الصباح بينما كان والديها يجلسان على طاولة الطعام
طلبت منهما أمراً لم يجداه عقلانياً في رأيهم
وشككوا في صحتها العقلية وبأنها أُصيبت بالجنون

حيثُ قالت :

أبي أريد أن أعود إلى القرية لأبقى مع خالتي أم مطلق وأربي أبني ( مطلق ) حيثُ تربى أبيه وعاش في تلك القرية
فقال أبيها :
هل تريديني أن أصبح علكة يلوكها الناس في كل مكان ؟
هل أنتِ أبنتي التي عرفتها , تحب حياة الرفاهية والعز وكانت ترفض الذهاب حيث البساطة والفقر !!
الآن أنتِ حرةً في مكانكِ الذي ترغبين , ماذا تردين أكثر ؟!!

فقالت :
ولماذا لم يكن كلامك هذا منذُ البداية ؟
أنت من أجبرني على تغيير حياتي في الزواج من شخصٍ يعيش في بساطته
فلا ترفض عودتي لواقعٍ أعتدت عليه وأنت السبب !!

فقال :
لا أريد نقاشاً في هذا الموضوع , الآن دعي أبنك يأتي ولكل حادثٍ حديث !!

فقالت :
لن أرضى لا أن يولد أبني إلا بقرب أبيه في قريته وفي مكان ولادته

فقال :
لن أدعكِ تذهبين , أفهمي كلامي , ولا تجادليني أكثر !!
تدخلت الأم , بكبريائها كالعادة وقالت :
دعها تذهب يا أبا سعيد , أنظر إليها وهي تلبس البرقع أمامنا وفي وسط المنزل وكأنها مجنونة !!
أبنتك هذه قد تغيرت تماماً عن سابق عهدنا بها دعها تكمل حياتها هُناك كما تريد
فهي الآن تحمل لنا أبناً قروي , لن يقوى العيش في المدينة ولا تناسبه أجواءها !!!
أذهبي أيتها البدوية , إلى حيث ماعزكِ ودجاجكِ وبيتكِ الطيني ولكن أحذري أن تعودي لنا مرة أخرى وأنتِ تشكين الفقر والحاجة !!
وضحكت ضحكة كبيرة جداً , وهي تستهزئ بالتغيير الذي طرأ على واقع أبنتهم المُدللة

قالت الفتاة :
صدقيني يا أمي أن تلك الحياة وجدتُ بها سعادة لم أجدها يوماً في زوايا قصركم هذا
وجدتُ أماً حنونة نستني أنكِ أنتِ أمي وأن هذا أبي , وأصبحت هي كل شيء !!
أتعلمان أنني لم أندم على زواجي من مطلق رحمه الله , بقدر ما ندمت أنني عشتُ معكما في هذا المكان سنين عمري كلها بعيده عن تلك السعادة !!!
قامت الفتاة من على الطاولة وهي غاضبة من تعليقات والديها وضحكاتهم المستهزئة
وصعدت إلى غرفتها , وكانت تبكي وتبكي وتفكر كيف تخرج من هذا القصر وتعود لأحضان أم مطلق تلك العجوز الطيبة .
مرت الأيام تشكوا الحزن وتبحث عن شعاع الأمل والسعادة
وكان يومٌ تاريخي في حياة ( هيا ) يحمل نبأً سار وآخر ضار
أما السار فهو ولادة أبنها الأول , والضار هو وفاة أم مطلق الطيبة
في يومٍ واحد كُتب لهيا أن تعيش الفرح والحزن معاً بدموع مُختلطة
أصبحت الآن أماً لمولود ذكر ليس له في هذه الدنيا سواها
قررت أن تُسميه على أسم والده ( مطلق ) حفاظاً على ذكرى عهده من الضياع والنسيان

كانت هيا أماً جيدة وزوجة وفيه جداً لزوجها المتوفى
كل يومٍ يمر على هيا تخسر من شبابها الكثير ساهرةً على راحة ابنها الصغير

تحملت من أجله كثيراً وذاقت المرّ في تربيته
ورفضت الزواج من أجله وضاع شبابها
وهي تربي وتربي , وتذرف من الدموع الكثير
وبعد مرور خمسة عشر عاماً

كبر أبن هيا وكبر معه الهم وتضاعفت المسئولية
وكانت ثقيلة جداً على عاتقها الهش والضعيف كأي امرأة مكسورة
كان ابناً مُشاغب كثير المشاكل في المدرسة وبين الجيران وفي مراكز الشرطة

حيثُ تربى هذا الابن في حياةٍ مُخملية ورفاهية كبيرة جداً
ولم يعرف من حياة القرية شيء , التي عاشها والده !!
ولم يتعود إلا إجابة طلباته التي لا تنتهي

من سيارات وأجهزة محمول وجوال وغيرها من أمور عصرية لم يكن ليعرفها لو ولد في القرية بين الماعز وبيوت الطين !!!
كان أبناً مُدلل يخرج أوقات كثيرة من المنزل
ولا يجد من يحاسبه على تصرفاته الخاطئة

كان جده مريض منذّ سنوات ولايقوى على المشاركة في تربيته
وجدته مازالت تعيش في كبريائها وعزتها في حياتها الخاصة البعيدة عن إهتمامات العائلة والأولاد

وكانت هيا هي من تحاول السيطرة على مراهقة أبنها والاهتمام في شؤونه وحيدة بلا عون ولا سند !!
جاء يومٌ من الأيام وكانت الفرصة ثمينة أمام هيا
حيثُ تقدم لها أحدهم طالباً يدها للزواج

وجدت أنها فرصة قد تستطيع إعانتها على تربية ابنها المراهق
ففكرت كثيراً وطلبت السماح من روح زوجها المتوفى
وتوكلت على الله ووافقت على هذا الزوج وابتدأ معه مشواراً آخر
كان زوجٌ عطوف وحنون , متعلم ووسيم .. يعمل مُعلماً في أحد المدارس ومتزوج سابقاً وقد أنفصل عن زوجته بسبب عدم إنجابها
وكان يقدر محبتها لأبنها وخوفها عليه , وكان ويخاف عليه من أجلها

رُغم أن ابنها لا يحبه ولا يطيق رؤيته على الإطلاق
حيثُ كان يسبب لزوج أمه مشاكل لا تنتهي مع الجيران وغيرهم
إلا أن هذا الرجُل كان طويل البال ويحسن التصرف مع المراهقين
حيثُ كان يمتص غضب هذا الابن في هدية ويعطيه المال ويحببه فيه إلى أن تقبل وجوده في حياته

وكان هذا من حُسن حظ هذه المسكينة
لكن كما يُقال أن الجميل أو الجمال لا يكتمل في أحيان كثيرة
وكان عيبُ هذا الزوج أنه إنسان يهوى النساء ويبحث عنهن في كل زمان ومكان

وكان يخون زوجته كثيراً وهي لا تعلم , إلى أن جاء يومٌ واكتشفت خيانته وصارحته بالأمر إلا أنه كان ينكر وينكر إلى أن تعودت هيا على خيانة زوجها الخائن !!!
لدرجة أنه تمادى في خيانته معها ووقاحته إلى أن وصل فيه الأمر إلى التحدث مع النساء أمامها في الجوال , يحدد المواعيد ويكلم هذه وتلك بكلام الحب والغزل
وكانت تعترض أحياناً على كلامه هذا , لكنه يجد الرد عليها جاهزاً
في كل مرة ويقول :
أنتِ من تحتاجين وجودي إلى جانبكِ ولستُ أنا من يحتاجكِ أنتِ وأبنكِ المراهق الذي أقلق راحتي معه !!!
فتصمت هذه المسكينة أمام الحاجة لرجُل يساندها في إكمال مشوار تربية ابنها
وكانت تتحمل الإهانة والخيانة من أجله ومن أجل مستقبله المجهول
إلى أن جاءت أبنتها الأخرى من هذا الرجُل الخائن وكانت بدايةً جديدة
وبشرى لسعادةٍ أخرى مجهولة النتائج !!!
يتبع الجزء ( السابع )






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس
قديم 01-08-2013, 01:30 AM   رقم المشاركة : 8
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور


( الجزء السابع )
وفي ليلة اكتمال القمر رزقت هيا بطفلةٍ جميلة أسمتها ( قماري )
كانت هذه الطفلة هي النسمة الباردة التي تهب على جروح هيا المشتعلة بالحزن لتطفئ لهيب نيران حزنها

كانت هيا فرحه جداً بهذه الطفلة وكانت تربيها كل شبرٍ بنذر وتكبر أمام عينها يوماً بعد يوم وبكل فرحٍ وبشرى

كما فرح زوجها بقدوم طفلته قماري بعد انتظارٍ طويل تسبب في انفصاله عن زوجته السابقة , وحمد الله وشكره على هذه الطفلة الجميلة
وأصبح قليل الخيانة وقل شغفه بالنساء , وألتزم يوماً بعد يوم إلى أن صلح حاله وكانت هدايته هي بداية الفرح في حياة هذه الأسرة

مرت الأيام مسرعة تركض خلف بعضها البعض
كبر الأبناء وأصبحت المسئولية أكبر والحمل أثقل , وأثقل !!
كانت أبنتها قماري ذات الثلاثة سنوات طفلةٌ مزاجية جداً , مزعجة وتبكي كثيراً وتصرخ , وتكسر الألعاب ولا يعجبها شيء !!

أما مطلق الذي أصبح طالباً في الثانوية العامة لازال مراهقاً يجري خلف الشهوات
ويبحث عن كل ما هو جديد في عالمه , ليعيش التجربة في كل مرة
أصبحت هيا الآن مسئولة عن شاب وطفلة هما كل حياتها , وكانت مسئوليتها صعبة
وكان زوجها يساعدها في بعض الأحيان , إلا أنه كان مشغولاً في عمله معظم الوقت ولا يجد وقتاً إلا للراحة والعودة للعمل من جديد

كان يتحمل من هيا الكثير من التقصير في حقوقه كزوج , وكان يعاتبها أحياناً
إلا أنها تقول أن أبناءها بحاجة إليها أكثر منه وهو لم يعيرها اهتمام في يومٍ ما عندما كان يركض خلف النساء وهي تركض وحيدة خلف أبنها في الشوارع !!

والآن قد زادت عليها المسئولية بقدوم ابنته , ومن المفترض أن يقدر لها تقصريها في حقوقه الزوجية لأنها تقضي جميع وقتها في تربية ابنته هو وليست ابنتها هي فقط !!!
مرت الأيام تحمل بين طياتها الكثير من مواقف الجدال والعتب , والانكسار والحزن , والفرح والحياة الهادئة , والصراخ من جديد !!
وفي صباح يوم مشرق كان موعد اللقاء مع وجهٍ جديد في هذه القصة
خرج مطلق من منزلهم قاصداً المدرسة وركب سيارته
وفي أثناء طريقه مرت من أمامه سيارة مسرعة كادت أن تنهي حياته في حادث سير طائش !!
توقفت السيارة بأعجوبة قبل وقوع الحادث ونجا مطلق من الموت إلا أنها كانت بداية لمعرفة مع أحد الشبان رفقاء السوء
نزل الشاب من سيارته ليطمئن على مطلق
وقال : سلامات يا أخي هل تضررت بشيء , هل أوصلك للمستشفى ؟
فقال : لا , شكراً أنا بخير سأكمل طريقي للمدرسة
لكنه لم يترك مطلق يذهب في طريقه , وكان أمامه كالشيطان الغاوي وقال :
وماذا جاءك من وراء هذه المدرسة سوى التعب والإرهاق ؟
أنا أيضاً مرتبط بدوام الجامعة ولم أذهب اليوم , وأنظر أنا ذاهب الآن لأبحث عن راحتي ولم أفكر في المحاضرات وفي كل سنة أنجح لم يضرني الغياب بشيء !!
تعال معي الآن وأترك المدرسة وهم الحصص خلفك , سوف تتسلى كثيراً بهذا المشوار !!
وربما قدرك السعيد يا صديقي هو من أوقعك في طريقي حتى تعيش هذه التجربة الرائعة
ما رأيك الآن , هل نذهب ؟
أنا بحاجة لأحد أصدقائي ليرافقني المشوار , وصديقي الذي يذهب معي مريضٌ اليوم
كان مطلق ينظر إلى هذا الشاب في تعجب , ويقول في نفسه كلامه صحيح .. لماذا أنا أذهب كل يوم إلى المدرسة , رغم أنني لستُ بالطالب المجتهد ؟
فقال مبتسماً : حسناً يا صديقي سوف أذهب معك
فضحك الشاب وقال : ولكن ما أسمك يا صديقي ؟ , أنا أسمي مانع .
فقال: وأنا أسمي مطلق
فقال : عاشت الأسماء يا صديقي الوسيم
هيا ألحق بي حيث أذهب إلى مكان سوف يعجبك كثيراً
فقال : ولكن هل هو بعيد من هُنا ؟

فقال : لا أبداً ثوانِ قليلة وسوف تصل إلى السعادة
وضحك ضحكة كبيرة والخبث يملأ عينيه , وقال : هيا , هيا يا مطلق لا تأخرنا أكثر , فقد تأخرنا كثيراً !!!
ركب الشاب سيارته على عجالة من أمره , ولحق مطلق بسيارته ومشى خلفه إلى أن وقفوا أمام أحد العمارات السكنية
نزل الشاب من سيارته وجاء مسرعاً باتجاه مطلق وقال : هيا أنزل يا صديقي , وصلنا حيث هي السعادة
فقال مطلق مبتسماً : وأي سعادة في هذا المكان , توقعت أن نذهب إلى احد المقاهي أو أحد الأسواق وأنت الآن أحضرتنا أمام عمارة سكنية !!

ما هو الموضوع يا مانع ؟

فقال: يا عزيزي , يا مطلق هذا المكان أجمل بكثير من المقاهي والأسواق أنزل وسترى بعينك !!
فقال مطلق : لا لن أنزل , دعني أعود للبيت أفضل فلستُ أحب هذه الأماكن
ففتح الشاب باب السيارة وأخذ مطلق من يده وقال : هيا أنزل يا رجُل , أنت تقول هذا لأنك لم ترى ما يختبئ بالداخل !!
فنزل مطلق من السيارة بعد أن أصر عليه صديق السوء مانع
وفي حين وصولهما إلى الدور الخامس طرق مانع باب الشقة , ففتحت الباب تلك الفتاة الجميلة وهي مبتسمة بابتسامةٍ كلها خبثٌ وفساد !!!
وقالت : تفضلوا أهلاً بكم !!
فقال مانع مبتسماً لها بخبث : أهلاً بكِ يا حلوه !!
وسحب مطلق إلى داخل الشقة , ودخل مطلق معه بخطواتٍ راجفة
تقدموا قليلاً في الداخل فإذا بأخرى تبتسم لهم وترحب بهم وتقول لمانع : وأين هو أحمد اليوم , لماذا لم يأتي معك ؟
فقال : أحمد مريض اليوم فجئت ومعي صديقي مطلق أعرفك عليه .
فقالت مبتسمة : أهلاً بك يا مطلق , كم أنت جميل يا هذا سعدت بمعرفتك !!
حيثُ كان يجلس مطلق صامتاً ولم ينطق بحرف وهو في عجب من أمره يفكر ما هو هذا الأمر وأين هما , ومن هن هؤلاء الفتيات ؟
فقالت : لماذا لا تتكلم يا مطلق ؟ , هل صديقك أبكم يا مانع ؟
فقال مانع ضاحكاً : لا ليس أبكماً , بل هو خجول فقط .
فقالت الفتاة مبتسمة : حسناً عن أذنكما قليلاً , وسأعود
ذهبت , فإذا بمطلق يمسك بيد مانع ويقول : أرجوك , أرجوك أريد أن أخرج من هُنا حالاً
لم أرى أشكالاً كهذه في حياتي يا مانع , دعني أذهب وأبقى أنت إن شئت البقاء !!
فقال مانع ضاحكاً : ماذا جرى يا مطلق , نحن من اليوم سوف نصبح صديقين والذي يجري عليك سوف يجري عليّ أيضاَ

لا تقلق فالوضع آمن جداَ في هذا المكان .. وأنا جئت إلى هُنا كثيراً في مرات سابقة ومعي صديقي أحمد وها أنا أمامك الآن
آلا تحب الفتيات يا رجُل لا تكن كاذباً , فمن لا يحب مذاق الحلوى !!!
فقال مطلق : نعم هن جميلات , ولكن صدقني أنني لم أرى فتاة من قبل بهذا المنظر , ولا أريد أن أرى , نعم أنا أعاكس الفتيات في الأسواق ولكن ليس بهذه الطريقة !!!
يا إلهي يا مانع لو تعلم أمي عن وجودي الآن في هذا المكان سوف يصيبها الجنون وربما تقتلني
أرجوك يا مانع دعني أخرج من هُنا
فقال : يا مطلق يا حبيبي ويا صديق دربي أعدك الساعة الواحدة ظهراً وأنت في منزلكم

وكأنك تعود من المدرسة !!
هل تريد أكثر من هذا , أستمتع الآن ودعنا نستمتع بهذه الوجوه الجميلة !!
رضخ مطلق لأمره الواقع , كان يعيش في حالة من الرعب ويديه ترتجفان خوفاً من وقوع مشكلة وتعلم أمه بالأمر .

جاءت أحد الفتيات وجلست بقرب مانع واحتضنته في مشهدٍ فاضح
وجاءت الأخرى وأخذت مطلق إلى مكان آخر حيثُ يكونان في عزلة عنهم
أمسكت بيديه وكان يرتجف , حاولت معه أن يمشي لكنه واقفٌ في مكانه ينظر إلى مانع يريد التحدث معه
ولكن مانع كان مستغرقاً في أجواء المتعة .. يقبل الفتاة التي بقربه , ولم يرد على نداءه !!!
فسحبت الفتاة مطلق إلى حيثُ العالم الآخر , عالمٌ لم يكن يعلم عنه شيء من قبل , ولم يجرب الدخول إليه
استطاعت الفتاة الغاوية أن تؤثر عليه وتغويه بكلامها الناعم , وتجعل منه شاباً يمارس الرذيلة ويتبع الشهوات بإغواء شيطانٍ لعين !!!
أصبحت الساعة الثانية ظهراً ومطلق لم يعود من المدرسة !!
كانت هيا قلقة كثيراً على أبنها تفكر بأفكار كثيرة , والشيطان يسيطر على عقلها بوساوسه بأنه قد حصل له مكروه
أصبحت تدور , وتدور في المنزل كالمجنونة وتضرب بكفيها قلقاً وتنظر إلى الساعة في كل ثانية .
وفي الساعة الثانية والنصف ظهراً
عاد زوجها من عمله , متعباً ومرهق من الدوام
وأخبرته بتأخير ابنها مطلق عن العودة من المدرسة و أنها خائفة عليه
فقال : لا تخافي فمطلق رجُل ولم يعد صغيراً سيعود بعد قليل
حضري لي الغداء الآن لأغفو برهةً من الراحة , وإن لم يعد سوف أخرج للبحث عنه .
حضرت الغداء لزوجها ولم تضع في فمها لقمة منه , وهي تنظر إلى الساعة وتنتظر دخوله مع الباب
انتهى زوجها من غداءه ودخل ليرتاح قليلاً
فإذا بمطلق يعود عند الساعة الثالثة عصراً , وعينيه مليئة بالتعب والإرهاق والخوف
لم تسأله عن تأخيره ولم تخاطبه بكلمة
عندما وقف أمامها فإذا بتلك الصفعة تهبط على وجهه لتوقظه من حلُّمٍ كان يعيشه على ذكرى تلك الفتاة الغاوية
فقال وهو يصرخ في وجه أمه : لم أعد صبياً صغيراً لتضربني امرأة
لا تمدي يدكِ عليّ مرة أخرى وإلا لن تريني أبداً يا أمي
فدخل مسرعاً إلى غرفته وأغلق على نفسه الباب
فسقطت هيا على الأرض تبكي , وتبكي بدموعٍ غزيرة , فهي المرة الأولى التي يرفع ابنها صوته في وجهها

وهو في هذه الحالة الغريبة !!
تأكدت أن هُنالك أمراً ما , قد طرأ على حاله وهو الذي تسبب في تغييره بهذه الطريقة
وقررت أن تتأكد من حاله هذا عندما يستيقظ من النوم
تماسكت وقامت من مكانها ودخلت إلى حيث ابنتها الصغيرة
وأخذت بجانبها قسطاً من الراحة
وعند المساء نهض الزوج وأيقظ هيا من نومها

وسألها : هل عاد مطلق ؟
فقالت : نعم عاد , ولكن حاله ليس بطبيعي , ولستُ مطمئنة عليه

فقال : كيف ذلك ؟
فقالت : لا اعلم ولكنني سوف أتحدث معه وأفهم منه
فقال : إذاً هيا أنهضي وأذهبي إليه فنحن الآن الساعة السادسة مساءاً
ذهبت هيا إلى غرفة ابنها , ووجدت الباب مازال مغلقاً
طرقت الباب , تنادي أنهض يا بني فقد جاء المساء , قم وذاكر دروسك كفاك من النوم
فإذا بمطلق بفتح الباب .. ويقول منزعجاً : أتركوني أرتاح يا ناس ماذا تريدون ؟
فقالت : انهض الآن وألحقني إلى الصالون سوف أحضر لك طعاماً , ألست جائع ؟
ومن ثم أريدك في حديث خاص , عمك قد خرج من المنزل وليس في الصالون سوى أنا وأختك
فقال : أذهبي أنتِ وسوف ألحقك بكِ بعد قليل
نزل مطلق ووجد الغداء على الطاولة , جلس ليتناول طعامه وهو خائفٌ من هذا الحديث الخاص الذي تريده أمه
انتهى من غداءه وجاء ليلعب مع أخته الصغيرة في الصالون
فإذا بأمه تقول : أين كنت اليوم ؟
فقال : تأخرت قليلاً مع الشباب بعد خروجنا من المدرسة ذهبنا مع أحد أصدقاءنا ليرينا سيارته الجديدة
ومضى بنا الوقت ولم نشعر بأنفسنا إلا الساعة الثالثة عصراً
لو ترين يا أمي سيارته كم كانت جميلة , ولونها غريب
كانت سيارة رائعة حقاً لم أرى مثلها من قبل !!!
فقالت وعينها يملأُها الشك : ولماذا كنت مرهق ؟

هل أنتم من صنع تلك السيارة في هذه الساعات !!
فقال ضاحكاً : لا يا أمي لم نصنع شيء إنما هي رائعة وجذبتنا كثيراً عندما رأيناها
ومن ثم جربنا السيارة في مشوار وبعدها أفترقنا وعاد كلاً إلى منزله , وعدت أنا أبحث عن حضنكِ , واستقبلتني بذلك الكف الذي يؤلمني إلى الآن !!!

فقالت : لم ترى مني شيء بعد !!
فإن أعتدت التأخير مرة أخرى دون أن أعلم عن تأخيرك وأين تذهب
سوف أطردك من المنزل , ولن تعد أبني ولا أنا أمك , هل تفهمني ؟!!
فقال : حاضر , لن أعيدها مرة أخرى , المهم أن تسامحيني فقط
فقالت : أذهب الآن إلى غرفتك وذاكر دروسك جيداً أريد علامات جيدة هذه السنة
قام مطلق وذهب إلى غرفته وعينيه تملأُها الأشواق لتك الفتاة الغاوية
وعند وصوله إلى الغرفة أخذ هاتفه وأتصل بالفتاة
وكان يردد لها عبارات المحبة والشوق , والوله وإنتظار الغد !!
وبينما كان يغازلها بهذا الكلام , صعدت أمه بكأس من العصير
وعندما اقتربت من باب غرفته سمعته وهو يقول بصوته الذائب بالآهات : سأراكِ غداً يا حلوه !!
ففتحت الباب ورأت الهاتف بيده وهو مرتبك وحالته مضطربة مفاجأً بدخولها وخائفاً من أنها قد سمعت كلامه مع الفتاة
فإذا هي تقترب منه , وعينيها تقدحان شرار ...!
يتبع ( الجزء الثامن )






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس
قديم 01-08-2013, 01:49 AM   رقم المشاركة : 9
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

( الجزء الثامن)
أمسكت هيا بهاتف ابنها ورمته على الحائط بكل قوة , فإذا بالهاتف يتحطم إلى أجزاء صغيرة متناثرة
وهي تصرخ في وجهه وتقول : لست ابني الذي ربيته وسهرت الليالي أبكي بجانبه ليكبر ويصبح رجُل , لست أنت يا هذا ابني الذي أعرفه
أنت شيطانٌ على هيئة ابني .. أخرج من هُنا أخرج حالاً لا أريد أن أرى وجهك
وأخذت تدفعه إلى خارج المنزل وهي تبكي منهارة من وضعه المخزي .
ففتحت باب المنزل ودفعت بابنها خارجاً وأغلقت الباب خلفه بقوة
وهي تتحدث مع نفسها وبصوتٍ عالي وتقول : سامحك الله يا أبي لو تركتني أذهب إلى القرية لأربي ابني هُناك لما تعرض لكل هذه المشاكل في المدينة
وأصبح كما هو والده لا يعرف شيء من هذه المخزيات .. استغفر الله استغفر الله
ماذا أفعل الآن , ماذا أقول لوالده وبأي وجهٍ تراني يا مطلق .. سامحني يا أبو زيد فقد ربيته بما استطيع وأكثر , ولكنه خذلني أمامك

يا الله هل أنا فاشلة في التربية إلى هذه الدرجة ؟
رغم تضحياتي وصبري وتحملي من أجله , ماذا يريد مني أكثر ليصلح حاله كباقي أبناء الناس ؟
لم يتبقى شيء لم أقدمه له على طبقٍ من فضة ودون أي عناء , لم أتركه يوماً يحتاج لأحد ولم يبكي يوماً ولم يجدني بجانبه
لماذا يا الله , لماذا كُتب لي أن أعيش الشقاء طوال عمري !!!
مر المساء ومطلق في الخارج , أصبحت الساعة 10 مساءاً

دخل زوج هيا ينادي ..
هل من أحد هُنا يا أهل البيت ؟
خرجت هيا من غرفة ابنتها الصغيرة , وعينيها غارقة بالدموع
تفاجأ زوجها من ملامحها الحزينة
وسألها , ماذا جرى .. لماذا أنتِ حزينة وعينيك كلها دموع ؟
فقالت بصوتها المجروح من البكاء : طردت مطلق من المنزل قبل ساعات , نعم طردته بنفسي !!

فقال : ولكن لماذا ؟
قالت : سمعته يتحدث إلى فتاةٍ في الهاتف ويواعدها في الغد , لم يذهب للمدرسة بالأمس كان ذهب إليها
أبني يمارس الرذيلة هل تصدق , ابني أنا الذي ربيته على الأخلاق وتعبت في تربيته وحرمت نفسي من كل شي لأجله يفعل هذه الأمور المُخلة بالأخلاق والتربية
فقال : هو مخطئ , ولكنك أنتِ الآن مخطئة أكثر منه
كان بإمكانك معالجة الموقف دون أن تطرديه , كنتِ أخبريني فقط وأنا أتصرف معه
هيا يا عزيزتي أبنكِ مراهق ولم ينضج بعد .. لا يعرف الخطأ من الصواب
وكلنا وقعنا في أمور كهذه عندما كنا مراهقين , رغم أن أهلنا لم يقصروا معنا في التربية
لا أحد يستطيع أن ينكر هذا الواقع الذي يمر فيه كل إنسان في بداية حياته

هل هاتفه معه ؟
فقالت : لا فقد كسرته عندما سمعته يتحدث معها , لم أكن في حال طبيعي لا تلمني
فقال : لا بأس .. الآن سوف اذهب للبحث عنه
وأنتِ جهزي لنا العشاء , وإذا جاء معي لا تتحدثي معه
اتركينا لوحدنا نتفاهم من رجُل لرجُل وأعرف لماذا تصرف بهذه الطريقة ؟
حسناً سأذهب الآن , وأعود .....
خرج زوجها للبحث عن مطلق , بحث وبحث في أماكن عديدة ولم يجده
وعند عودته من البحث وجد مطلق جالساً على عتبة المنزل وينظر إلى الشارع أمامه يتابع سير السيارات وعينيه مليئة بالحزن
فنزل من سيارته , وقال : أخيراً وجدتك يا مطلق
أين ذهبت فأمك خائفة عليك وأرسلتني للبحث عنك , وأنت هُنا تجلس وحيداً

لماذا لا تدخل للمنزل ؟
فقال : أمي لا تريدني في المنزل , فقد سحبتني من غرفة نومي وألقت بي في الشارع اليوم
خرجت وأنا لا أعلم أين أذهب .. ذهبت أدور بسيارتي في الشوارع كالمجنون ومن ثم عدت إلى هُنا
فجلست على العتبة حتى لا أضايق أمي برؤيتي .. سأبقى هُنا للصباح ومن ثم أخذ دروسي وأذهب للمدرسة

أمي لا تحبني يا عمي , لا تحبني ....
فنزلت دموعه وبكى وقال : أنا نادمٌ يا عمي أنني سببت لأمي الكثير من الحزن وجعلتها تعيش القهر والحرمان من أجلي
ليتني لحقت بأبي ومت معه , أو أنني لم أكن في حياتها من الأساس سوف يكون حالها أفضل من الآن
فقال : لا يا بني أمك تحبك وهذه مجرد أوهام ووسوسة شيطان .. تعوذ من الشيطان يا بني أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

أمك وأنا وأختك كلنا نحبك وكلنا نخاف عليك يا مطلق
أمك تخاف عليك كثيراً لهذا هي منزعجة من تصرفك اليوم وخائفة من وقوعك في مشكلة لا تخرج منها بسهولة

أخبرني , من هي تلك الفتاة التي سمعتك أمك تتحدث إليها في الهاتف وتواعدها , ومن أين تعرفت عليها ؟
فقال : والله يا عمي أنني لم أعرفها سوى اليوم فقط
وليس لي علاقة بالفتيات من قبل أبداً ولا أحبهم
حتى الشخص الذي عرفني على هؤلاء الفتيات عرفته ولم أكن أعرفه لو ما وقع ذلك الحادث

فقال : أي فتيات وأي حادث ؟!!
فقال : شخص كاد أن يصدمني بسيارته اليوم , فتوقف ونزل من سيارته يطمئن عليّ , وقلت له أنني بخير
ومن ثم حاولت الذهاب إلى المدرسة فأغواني وقال أن المدرسة كلها هم ومشاكل بلا فائدة
واقتنعت بكلامه وتعرفت إليه وقال أنه ذاهب إلى مكان توجد فيه السعادة
وإذا بنا نقف أمام عمارة , وقال أنزل وصلنا للسعادة , والله يا عمي أنني لم أرتاح للمكان وكنت أريد العودة لكنه لم يتركني لأعود للبيت

أخذنني ودخلنا سوياً وكان في الشقة فتاتين أحدهم كانت صديقة والأخرى أصبحت صديقتي .. وبعد خروجي أخذت رقم هاتفي وطلبت أن تتواصل معي
واتصلت الفتاة حيث سمعتنا أمي وكان ما كان الآن , وها أنا قد خسرت أمي كما ترى
والمشكلة أن أمي لا تريد أن تقتنع أنني أصبحت رجُل , مصره أن تحاسبني وكأنني مازلت أبنها الصغير الذي تسقيه الحليب قبل النوم !!
فقال : وهل ترى أن ما فعلته اليوم يعتبر رجولة يا مطلق ؟

قال : لا ألعم أنه سلوك خاطئ ومحرم
ولكن صديقي كان معي وهو من أجبرني على فعله وإلا سوف يقول عني أنني لستُ برجُل مثله
فقال : للتو تقول أنك تعرفت على هذا الصديق اليوم , منذُ متى تهتم لرأيه ؟
قال : عرفته اليوم صحيح ولكنني ارغب في صداقته ولن أتركه من أجل هذا السبب لأنني مطرود من المنزل كالأطفال المشردين !!
فقال : هل تعرفني علي زير النساء هذا , صديقك المحترم ؟
قال : نعم أعرفك عليه و ولكن بشرط أن لا تقول له أنك زوج أمي

فقال : ولماذا ؟
قال : لا أريد أن يراني صغير بعينه بهذا المنظر , أمي متزوجة وأعيش مع زوج أمي !!!
فقال : حسناً لن أخبره بشيء .. رغم أنني لستُ مقتنعاً بكلامك تجاه زواجي من أمك
عموماً أنت حرٌ فيما تفعل يا بني , وأنا أخبرك الآن أنني راهقت كثيراً في صغري أكثر مما أنت عليه الآن

وسببت لوالدي الكثير من المشاكل , وها أنا الآن رجُل متزوج ولدي طفلة
وهذه هي الحياة يا بني لابد أن تسقط في كل محاولة لتستطيع المشي باعتدال وتوازن

الآن دعنا ندخل إلى الداخل أمك تنتظرنا
ومن ثم أذهب غرفتك لترتاح ونتحدث في الغد ولكن بشرط أن تذهب للمدرسة !!!
فقام مبتسماً , ودخل مع زوج أمه المنزل .. وجدوا الطعام جاهز
تناولا العشاء وكلاً منهم ذهب للراحة

وعمّ الهدوء على جو الأسرة
الكل يعيش في صمت , والأضواء خافته جداً
مرت الساعات وأستيقظ الفجر وأيقظ النائمين
ليبدأ يومٌ جديد يحمل معه الكثير من الصدف والمفاجآت والأحداث
خرج زوج هيا إلى عمله في المدرسة

وعند وصوله تفاجأ بطلب المدير المفاجئ
أنه سوف ينتدب إلى أحد القرى ولابد من ذهابه لفترة غير محددة
وكان هذا القرار صادراً كعقاب على غيابه عندما كان يتغيب في فترة من الفترات
حاول أن يحل المسألة لكنه قرار صادر من جهة عليا وليس بيد المدير أن يغير شيء مما جاء فيه
فخرج وعاد للمنزل مكتئباً من هذا النقل المفاجئ وفي هذه الظروف
وعد دخوله وجد هيا تجلس في الصالون مع أبنتها الصغيرة
وجلست أمامها وقال : مصيبة يا هيا مصيبة ووقعت على رأسي !!
فقالت خائفة : ما بك , ما لأمر .. هل حصل لأبني مكروه ؟
فقال : أنا من حصل لي المكروه , لقد جاء نقلي إلى أحد القرى اليوم ؟
ولا بد أن أباشر الدوام هُناك الأسبوع القادم

ماذا أفعل ؟
ابتسمت هيا وتذكرت أيام القرية وأم مطلق الطيبة والماعز والدجاج والحياة البسيطة






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس
قديم 01-08-2013, 01:49 AM   رقم المشاركة : 10
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور




وقالت : وما المشكلة ؟
نذهب للقرية ونستقر هُناك وتباشر دوامك في عملك , الوضع لا يحتمل كل هذا الانزعاج
فقال : وهل ترضين أن تسكنين في القرية يا هيا ؟
هل تعلمين أن بيوتها طين ولا توجد بها أي خدمات ولا شيء !!
قالت : نعم أعلم هذا وأحب حياة البساطة , وسأذهب معك
فقال : حسناً إذاً أخبري ابنك وجهزي أغراضنا للسفر غداً أو بعد غد إن شاء الله
وأنا سأذهب لإنجاز بعض الأوراق ومن ثم أذهب لمدرسة مطلق وأطلب منهم نقله إلى مدرسة القرية
قالت : حسناً كان الله في عونك
خرج زوجها وضحكت ضحكة كبيرة جداً وهي تقفز فرحاً وتقول :
أخيراً سأعود للقرية , سأعود للماعز وسأصنع الزبد والخبز كما علمتني خالتي أم مطلق
وأخذت بيدي أبنتها الصغيرة وهي ترقص معها وتضحك وتقفز .... سنعود للقرية يا ابنتي سنعود , أنا سعيدة , سعيدة !!!!!!!
ذهبت تركض إلى غرفة أبنها لتجهز أغراضه , كلها نشاطٌ وفرح
وانتقلت إلى غرفتها هي وزجها وجمعت أغراضهم وأغراض أبنتها
وفي ساعتين من الزمن استطاعت إنجاز جميع ما يحتاجون
فإذا بالأغراض جاهزة للسفر , ووضعتها جميعها في مدخل المنزل
وكأنهم سوف يسافرون بعد ساعة وليس يوم أو يومين !!
وعندما دخل زوجها تفاجأ بنشاطها هذا وبالسعادة التي تملأ وجهها المُشرق بالفرح
وسألها : ما سر سعادتك بهذا النقل ؟
فقالت : مللت حياة المدينة , وبودي أن أجرب الحياة البسيطة كما كانوا أجدادنا وأهلنا في القدم
فقال : حسناً أدام الله عليكِ السعادة

هل جاء مطلق ؟
فقالت : لا لم يأتي بعد .
ولكنه لاشك في الطريق
فقال : جهزي لنا الغداء فأنا مرهق اليوم
أثرت في جسدي هذه الصدمة عندما قال المدير نقل وإلى قرية
كدت أسقط على الأرض , ولكن الحمد لله على كل حال
فضحكا وذهبت هيا لتحضر الغداء بينما جاء مطلق وكان بصحبته صديقه الجديد
الذي آتى به معه ليعرفه على زوج أمه
دخل مطلق ورأى الأغراض في مدخل المنزل
فقال : ما هذا , هل تنوون الرحلة إلى مكان ؟
فقال زوج أمه : لا سوف أنتقل للعمل في القرية وسوف نذهب جميعاً في الغد أو بعد غد
فقال : أي قرية , ومن قال لكم أنني أنوي الذهاب معكم ؟
أنا لن أذهب أقولها من الآن , أصدقائي هُنا ومدرستي التي أعتدت عليها .. هُناك لا أعرف أحد ولن أستطيع العيش بدون أصدقاء
فقالت أمه : سوف تذهب حضر نفسك , ودِع أصدقاءك وأخبرهم عن ذهابك

ربما لن نأتي إلى هُنا إلا في وقت العطلة فقط لتراهم !!
فقال زوج أمه : هدئ نفسك لن ننتقل الآن , أدخل وبدل ملابسك فالغداء جاهز
فقال : لا , صديقي الذي حدثتك عنه جاء معي ليراك , هو في الخارج الآن
فقال : دعه يدخل في المجلس يا بني
فقال : لا هو مستعجل أريدك أن تراه فقط ويذهب
هيا تعال لأعرفك عليه , فهو شاب طيب معي وأخلاقه رائعة
فخرج مطلق وزوج أمه وقال : لا تنسى قل له أنك خالي , هكذا أخبرته
فقال : وماذا لو عرفك بعد ذلك أنني زوج أمك , بماذا سوف تجيبه ؟
فقال : من أين يعرف ؟ , لا أعتقد .. أنا طلبت منك هذا ليلة البارحة ووافقت هل عدت في كلامك ؟

فقال : لا أبداً , كما تشاء
كان الشاب واقفاً أمام المنزل متكئاً على سيارته ويدخن !!!
فقال مطلق : أعرفك على خالي محمد
فقال : الشاب : أهلاً بك يا خال كيف حالك ؟
فقال : الحمد لله بخير كيف حالك انت ؟

ما أسمك ؟
فقال : بخير الحمد لله أنا أسمي مانع
وقد تعرفت بمطلق قريباً وسعدت بمعرفته
فقال : أراك تدخن يا بني
الدخان مضر بصحتك آلا تعلم هذا ؟
فضحك الشاب وقال : مجرد تسلية فقد سئمنا الفراغ والبحث عن الراحة
أجد في السيجارة راحة لا أجدها في كأس الشاي أو غيره
فقال : ولكن أحذر أن تجعل أبننا مطلق يدخن فأمه لن تسمح بهذا أبداً
تشرفت بمعرفتك يا بني , وكن ناصحاً لأخيك مطلق وليس العكس !!
مطلق يا بني ودِع صديقك وألحقني للمنزل لا تتأخر
ذهب زوج الأم , ومن ثم ضحك مانع ضحكة عميقة جداً
وهو يقول تصدق يا مطلق أن خالك هذا شيء عجيب , فقال : لماذا ؟
قال : رأيت في جيبه باكيت سجائر ويقول لي أحذر يا بني من التدخين !!
فقال : هو معلم ويرى نفسه ناصح , لذلك ينصحك !!
المهم يا صديقي مانع يقولون في المنزل أننا سوف ننتقل للقرية
فعمل خالي أصبح هُناك ولابد أن نذهب , ماذا أفعل ألحقني بالحل أرجوك
لا أريد أن أذهب معهم , ماذا أفعل ؟
فقال : لا عليك أنت أدخل الآن , وسوف يكون الحل غداً بين يديك
لا تقلق أبداً .. مع مانع لا يوجد مستحيل !!!
فضحكا سوياً ضحكة كبيرة واتحدت كفيهما في مصافحةٍ مليئة بالخبث !!!!!
يتبع ( الجزء التاسع )






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:02 PM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية