العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام الثقافية والأدبية ]:::::+ > المنتدى الثقافي
 
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 21-11-2012, 04:38 AM   رقم المشاركة : 11
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور


من الفوائد لابن القيم رحمه الله تعالى
أشرف الناس من كانت لذته في معرفة الله تعالى ومحبته
لذة كل أحد على حسب قدره وهمّته وشرف نفسه, فأشرف الناس نفسا وأعلاهم
همّا وأرفعهم قدرا من لذّته في معرفة الله ومحبته والشوق الى لقائه والتودد اليه بما يحبه ويرضاه.
فلذته في اقباله عليه وعكوف همته عليه ودون ذلك مراتب لا يحصيها الا الله,
حتى تنتهي الى من لذته في أخس الأشياء من القاذورات والفواحش

في كل شيء من الكلام والفعال والأشغال.
فلو عرض عليه ما يلتذ به الأول لم تسمح نفسه بقبوله ولا التفت اليه وربما تألمت من ذلك,
كما أن الأول اذا عرض عليه ما يلتذ به هذا لم تسمح نفسه به ولم تلتفت اليه ونفرت نفسه منه.
وأكمل الناس لذة من جمع له بين لذة القلب والروح ولذة البدن. فهو يتناول لذاته المباحة
على وجه لا ينقص حظه من الدار الآخرة ولا يقطع عليه لذة المعرفة والمحبة والأنس بربه.
فهؤلاء تمتعوا بالطيبات, وأولئك تمتعوا بالطيبات,
وافترقوا في وجه التمتع, فأولئك تمتعوا بها على الوجه الذي أذن لهم فيه,
فجمع لهم بين لذة الدنيا والآخرة, وهؤلاء تمتعوا بها على الوجه الذي دعاهم اليه
الهوى والشهوة, وسواء أذن لهم فيه أم لا, فانقطعت عنهم لذة الدنيا وفاتتهم لذة الآخرة,
فلا لذة الدنيا دامت لهم, ولا لذة الآخرة حصلت لهم. فمن أحب اللذة ودوامها والعيش الطيّب
فليجعل لذة الدنيا موصلا له الى لذة الآخرة, بأن يستعين بها على فراغ قلبه لله في
ارادته وعبادته, فيتناولها بحكم الاستعانة والقوة على طلبه لا بحكم مجرد الشهوة والهوى.

وان كان ممن زويت عنه لذات الدنيا وطيباتها فليجعل ما نقص منها زيادة في لذة الآخرة,
ويجم نفسه هاهنا بالترك ليستوفيها كاملة هناك. فطيبات الدنيا ولذاتها نعم العون
لمن صح طلبه لله و الدار الآخرة وكانت همته لما هناك, وبئس القاطع لمن كانت
هي مقصوده وهمته, وحولها يدندن, وفواتها في الدنيا نعم العون لطالب الله والدار الآخرة,
وبئس القاطع النازع من الله والدار الآخرة. فمن أخذ منافع الدنيا على وجه لا ينقص حظه
من الآخرة ظفر بهما جميعا والا خسرهما جميعا.

سبحان الله رب العالمين. لو لم يكن في ترك الذنوب والمعاصي ولا اقامة المروءة وصون
العرض وحفظ الجاه وصيانة المال الذي جعله الله قواما لمصالح الدنيا والآخرة,
ومحبة الخلق وجواز القول بينهم وصلاح المعاش وراحة البدن وقوة القلب وطيب النفس
ونعيم القلب وانشراح الصدر, والأمن من مخاوف الفساق والفجار, وقلة الهم والغم والحزن,
وعز النفس عن احتمال الذل, وصون نور القلب أن تطفئه ظلمة المعصية,
وحصول المخرج له مما ضاق على الفساق والفجار, وتيسير عليه الرزق من حيث لا يحتسب,
وتيسير ما عسر على أرباب الفسوق والمعاصي, وتسهيل الطاعات عليه, وتيسير العلم
والثناء الحسن في الناس, وكثرة الدعاء له, والحلاوة التي يكتسبها وجهه,
والمهابة الي تلقى له في قلوب الناس, وانتصارهم وحميتهم له اذا أوذي وظلم,
وذبهم عن عرضه اذا اغتابه مغتاب, وسرعة اجابة دعائه, وزوال الوحشة التي بينه وبين الله,
وقرب الملائكة منه, وبعد شياطين الأنس والجن منه, وتنافس الناس على خدمته وقضاء حوائجه,
وخطبتهم لمودته وصحبته, وعدم خوفه من الموت, بل يفرح به لقدومه على ربه
ولقائه له ومصيره اليه, وصغر الدنيا في قلبه, وكبر الآخرة عنده وحرصه على الملك الكبير
والفوز العظيم فيها, وذوق حلاوة الطاعة, ووجد حلاوة الايمان, ودعاء حملة العرش
ومن حوله من الملائكة له, وفرح الكاتبين به ودعاؤهم له كل وقت, والزيادة في
عقله وفهمه وايمانه ومعرفته, وحصول محبة الله له واقباله عليه, وفرحه بتوبته,
وهكذا يجازيه بفرح وسرور لا نسبة له الى فرحه وسروره بالمعصية بوجه من الوجوه.

فهذه بعض آثار ترك المعاصي في الدنيا. فاذا مات تلتقه الملائكة بالبشرى من ربه بالجنة,
وبأنه لا خوف عليه ولا حزن, وينتقل من سجن الدنيا وضيقها الى روضة من رياض
الجنة ينعم فيها الى يوم القيامة. فاذا كان يوم القيامة كان الناس في الحر والعرق,
وهو في ظل العرش.

فاذا انصرفوا بين يدي الله أخذ به ذات اليمين مع أوليائه المتقين وحزبه المفلحين:






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:49 PM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية