وقال الامام مالك رحمه الله : ما في زماننا شيء أقل من الإنصاف .
وقال الإمام الذهبي ـ رحمه الله : فقد صرنا في وقت لا يقدر الشخص على النطق بالإنصاف ،
نسأل الله السلامة .
اين هذا الخلق الرفيع الذي اصبح نادراً كندرة الكبريت الاحمر واصبح ضرباً من انواع الخيال
والاساطير في زمن سادت فيه المداهنة والتملق والتزلف بغير الحق .
القرآن الكريم دستور العدل والانصاف والحق : قال تعالى : (( وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً عسى الله ان يتوب عليهم والله غفور رحيم )) فقد قص الله تعالى لنا عن الذين تخلفوا عن غزوة تبوك بأنهم جمعوا بين التخلف عن الغزوة وهو العمل السيء وبين الندم والاعتراف بالذنب ثم التوبة وهو العمل الصالح فأنظر الى عدل الباري عزوجل وانصافه لعباده بذكر مساوءهم ومحاسنهم .
قصة عن الانصاف : عن عمر رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ ، وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَاراً ، وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ جَلَدَهُ فِى الشَّرَابِ ، فَأُتِىَ بِهِ يَوْماً فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ اللَّهُمَّ الْعَنْهُ مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ . فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم : (( لاَ تَلْعَنُوهُ ، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ أنه يحب الله وَرَسُولَهُ )) .
نظر النبي صلى الله عليه الى جانب آخر وهو الجانب المشرق الذي تناساه من معه من الصحابة بانه يحب الله ورسوله وان كان قد شرب خمراً , وليس هنا دعوة الى كبيرة وهي شرب الخمر ولكن لا تنشر سيئاته وتدفن حسناته .
ينقسم الناس الى فريقين اليوم : فريق له عين النحلة يرصد بها الحسنات والايجابيات والجوانب المشرقة اللامعة لدى الآخرين , وفي فريق آخر ينظر بعين الذبابة التي لا تقع الا على السيئات والسلبيات والجوانب المظلمة القاتمة لدى الآخرين , فمن أي الفريقين انت ؟ .
وقد انصف الشاعر اذ قال في شعره عن الانصاف :
ولست بهاج في القري اهل منزل ×× علي زادهم ابكي وابكي البواكيا
فامـا كـرام موسـرون لقيتهـم × × فحسبي من ذي عندهم ماكفانيـا
واما كرام معسـرون عذرتهـم ×× وامـا لئـام فادخرت حيائيـا
وعرضي ابقي ماادخرت ذخيرة × × وبطني اطويـه كطـي ردائيـا
وقال الإمام ابن حزم رحمه الله : واضع الكلام في موضعه أعز من الكبريت الأحمر .
والانصاف انواع :
1)ان ينصف الانسان نفسه من نفسه , اذ كيف ينصف غيره وهو لا ينصف نفسه ؟ .
2)ان ينصف الانسان ربه عزوجل , فمن لا ينصف ربه لا ينصف عباده .
3)ان ينصف الانسان اصحاب الفضل , فمن الفضل نسبة الفضل لأهل الفضل , فمن تجاهل فضائل غيره ليس منصفاً .
فحينما يكون الانسان منصفاً فقد ارضى ربه واراح ضميره واعطى كل ذي حق حقه عاش سعيداً
ومطمئناً وهادىء البال .
هل انت انسان منصف ؟ ام ما زلت تتعامل بالازدواجية وترتدي اكثر من قناع ووجه .
ارجوك جعل الله تعالى لك وجهة واحدة ( قصد ) فلا تعبث بنفسك وتغير خلق الله وتخدع فتستحق عذابه وتأنيب الضمير , كن منصفاً ولا تزور حقائق الدنيا من اجل شهوة او نزوة او لذة عابرة , وتذكر أنك اهل لها .
م / ن