هذه الليلة سأنوب عنكِ يا شهرزاد وسأحكي لشهريار قصة عودتي إلى الهوى بعد التوبة منه .
أيها الملك ولدت في ليلةٍ شديدة الغيهب وكأن هذا كان إشعاراً بحبي لليل وانتظاري لحلوله ولكنه لم يكن لي كما كان لمجنون ليلى وجميل بثينة وغيرهم فلم يكن لي فيه لقاء الحبيب ومناجاته وإنما أسامر نجمه وأبث همي نسائمه.
كنت طفلاً مرهف الإحساس متأجج العاطفة فغزاني الهوى واستحل قلبي أعواماً طويلة حتى أسهدني وأنهكني ولم يكن لي خلال ذلك ملاذ إلا الورق أنثر عليه ما يعتلج بصدري وعندما بلغ السيل الزبى ولم يعد لي قدرة على احتماله عاهدت نفسي على التوبة منه وعدم الأوبة إليه .
مضت أيام قليلة ابتهج فيها قلبي وشفي من الداء الأليم وعاد سليماً نقياًّ إلى أن أتتني في الحلم ترفل بثوب أبيض ممشوقة القوام منسدلة الشعر تتماوج تماوج الماء النمير المضمخ بالمسك فاندهشت من جمالها اليوسفي الذي خلب لبي وأسر قلبي فانسقت من غير شعور إليها ولا أعلم ما الذي دهاني بعدها فقد كنت فيما مضى إذا رأيت مشهد فراق أو عاشقين يتناجيان بعد طول غياب أبكي أما الآن فتعتريني حالة ذهول شديدة لا أملك لها دفعاً وفي بعض الأحيان أسقم وألازم الفراش أياماً .
يا لله من هذا الهوى الذي عاد فتياًّ كيوم بدأ لا بل عاد كالإعصار الذي يدمر كل شيء بأمر ربه .
وهكذا أيها الملك السعيد عدت للهوى مرغماً بعد رؤياي إياها في الحلم .
العرض العادي
