السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
ولكن لا تفقهون تسبيحهم
ثم يرسم السياق للكون كله بما فيه ومن فيه مشهدا فريدا ,
تحت عرش الله ,
يتوجه كله إلى الله ,
يسبح له ويجد الوسيلة إليه:
(تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ). .
وهو تعبير تنبض به كل ذرة في هذا الكون الكبير ,
وتنتفض روحا حية تسبح الله .
فإذا الكون كله حركة وحياة ,
وإذا الوجود كله تسبيحة واحدة شجية رخية ,
ترتفع في جلال إلى الخالق الواحد الكبير المتعال .
وإنه لمشهد كوني فريد ,
حين يتصور القلب .
كل حصاة وكل حجر .
كل حبة وكل ورقة .
كل زهرة وكل ثمرة .
كل نبتة وكل شجرة .
كل حشرة وكل زاحفة .
كل حيوان وكل إنسان .
كل دابة على الأرض وكل سابحة في الماء والهواء . .
ومعها سكان السماء . .
كلها تسبح الله وتتوجه إليه في علاه .
وإن الوجدان ليرتعش
وهو يستشعر الحياة تدب في كل ما حوله مما يراه ومما لا يراه ,
وكلما همت يده أن تلمس شيئا ,
وكلما همت رجله أن تطأ شيئا . .
سمعه يسبح لله ,
وينبض بالحياة .
(وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ )
يسبح بطريقته ولغته
(وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ )
لا تفقهونه
لأنكم محجوبون بصفاقة الطين ,
ولأنكم لم تتسمعوا بقلوبكم ,
ولم توجهوها إلى أسرار الوجود الخفية ,
وإلى النواميس التي تنجذب إليها كل ذرة في هذا الكون الكبير ,
وتتوجه بها إلى خالق النواميس ,
ومدبر هذا الكون الكبير .
وحين تشف الروح وتصفو
فتتسمع لكل متحرك أو ساكن وهو ينبض بالروح ,
ويتوجه بالتسبيح ,
فإنها تتهيأ للاتصال بالملأ الأعلى ,
وتدرك من أسرار هذا الوجود ما لا يدركه الغافلون ,
الذين تحول صفاقة الطين بين قلوبهم
وبين الحياة الخفية الساربة في ضمير هذا الوجود ,
النابضة في كل متحرك وساكن ,
وفي كل شيء في هذا الوجود .